انه جواد كريم. سنرجأ بقية الكلام الى ان يتبين لنا ولغيرنا في المستقبل. من هذه الفتنة بقية ماذا ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم فانه امر واقع ما له من دافع المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الكلام على هذه النصوص في قصة الدجال يقتضي تقديم مقدمات احداها ان المسلمين متفقون على تلقي جميع ما جاءت به النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة بالتصديق والقبول وان جميع ما اخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو واقع ما له من دافع وسواء عرفنا تأويله والمراد به بعينه او لم نعرف ذلك فهذا الاصل المتفق عليه بين علماء المسلمين لا يتم للعبد ايمان الا به بل هو اصل الايمان ومادته الثانية ان اخبارات النبي صلى الله عليه وسلم واوامره ونواهيه كلها حق وصدق ونفع للعباد وللامة من اولها الى اخرها فاخباره بالدجال وفتنته والامر بالتعوذ بالله من فتنته نافع للامة كلها فان التصديق به وبما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم عنه يزداد به ايمان المؤمن وان الالتجاء الى الله عز وجل والتعوذ به من فتنته في الصلاة وخارجها نفعه عظيم وكل مؤمن لا يستغني عن هذه الاستعاذة كما لا يستغني عن الاستعاذة بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات المقدمة الثالثة ان فتنة المسيح الدجال نوعان نوع يراد به الشخص الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصفات السابقة ونوع يراد به جنس الفتنة ووجه الحاجة الى القسم الاول من هذين النوعين ان نفس الاستعاذة بالله من فتنته عبادة وتضرع والتجاء الى الله وذلك خير محض ثم كون ذلك الشخص مجهولا زمان مجيئه كل مؤمن لا يأمن على نفسه ادراك ذلك الزمان والامر الذي تحت الامكان ويخشى من شره وفتنته معلوم حاجة العبد الى توقي فتنته بكل سبب ومن اكبر الاسباب الالتجاء الى الله عز وجل والتعوذ بالله منه وايضا فهذا الدعاء والخوف من فتنته لابد ان يسري في طبقات الامة ويتوارثوه ويصير عقيدة راسخة حتى اذا جاء وتحقق وقوعه كان عند الامة وخصوصا خواصهم من العقائد الصحيحة ما يدفع شره ويقي فتنته بخلاف ما لو زال خوفه من القلوب فانه اذا جاء ذلك الوقت ازدادت به الفتنة ولم يكن عند المؤمنين من مواد الايمان ما يبطل فتنته وشره واما القسم الثاني فالحاجة اليه اظهر فان جنس فتنة المسيح الدجال هو كل باطل زوق وبهرج وحسن فيه الباطل وقبح فيه الحق وايد بالشبه التي تغر ضعفاء العقول. وتخدع غير المتبصرين وهذا موجود وشائع بل بحره طام في كل زمان ومكان فالعبد مضطر غاية الاضطرار الى ربه في ان يدفع عنه هذه الفتن التي هي من جنس فتنة المسيح الدجال في تنشبهات والشكوك وفتن الشهوات المرضية المقدمة الرابعة ان الامور التي شاهدها الناس او شاهدوا نظيرها اذا اخبرهم بجنسها بين لهم الشارع ما يعرفون. وارشدهم الى الامر الذي يفهمونه واما الامور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا فان الشارع يضرب لهم فيها الامثال ويدخلها في العمومات اللفظية او المعنوية فان انواع المخترعات الحادثة التي لا يعرف الناس لها نظيرا فيما سبق قد دلهم الشارع عليها واخبرهم بها خبرا عموميا من دون ان يعين اعيانها واوصافها الحادثة لما في ذلك من بيان الحقائق وهدى الخلائق فادخالها في عمومات الكتاب والسنة ليعلم الموفقون ان الله عز وجل لم يهمل شيئا ولم يفرط في الكتاب من شيء واما عدم تعيينها باوصافها الخاصة فانه لا يحصل بذلك في ذلك الوقت كبير فائدة بل ربما حصل فيه مضرة على بعض الناس كما ذكرنا هذا المعنى عند قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن. في التفسير وفي بعض الرسائل التي كتبناها قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى في رسالته السبعينية وفتنة الدجال لا تختص بالموجودين في زمانه بل حقيقة فتنته الباطل المخالف للشريعة المقرون بالخوارق فمن اقر بما يخالف الشريعة لخارق فقد اصابه نوع من هذه الفتنة وهذا كثير في كل زمان ومكان. لكن هذا المعين فتنته اعظم الفتن. فاذا عصم الله عز وجل عبده من انها سواء ادركه ام لم يدركه كان معصوما مما هو دون هذه الفتنة الى ان قال ومعلوم ان ما ذكر معه من التعوذ من عذاب جهنم والقبر وفتنة المحيا والممات امر به كل مصل اذ هذه الفتن مجرية على كل احد ولا نجاة الا بالنجاة منها فدل على ان فتنة الدجال كذلك ولو لم تصب فتنته الا مجرد الذين يدركونه لم يؤمر بذلك كل الخلق مع العلم بان جماهير العباد لا يدركونه ولا يدركه الا اقل القليل من الناس المأمورين بهذا الدعاء. وهكذا انذار الانبياء اياه اممهم حتى انذر نوح قومه يقتضي تخويف عموم فتنته وان تأخر وجود شخصه حتى يقتله المسيح ابن مريم عليه السلام وكثيرا ما وقع في قلبي ان هؤلاء الاتحادية احق الناس باتباع الدجال ومع هذا فقد جرت للمسلمين مع اتباعهم من المحن ما هي اشهر المحن الواقعة في الاسلام ومعلوم ان هذه الفتنة هي نتيجة محنة الدجال بل هذه النتيجة اقرب الى محنة الدجال من غيرها قلت وهؤلاء الملحدون العصريون الذين ذكر الشيخ اشباههم هم اعظم الناس قياما بفتنته دعوة واستجابة وفي صفحة ست وخمسين وسبعمائة من المجلد الثامن والعشرين من المنار بعد كلام كثير والظاهر من مجموعها اي احاديث الدجال انه يظهر في اليهود دجال بل اكبر دجال عرف في تاريخ الامم فيدعي انه هو المسيح الذي تنتظره اليهود فيفتتن به خلق كثير لما يظهره من الغرائب والعجائب التي هي اغرب من جميع معجزات الانبياء او مثل اعظمها. وفي اخر مدته يظهر المسيح الذي هو عيسى ابن مريم ويكون نزوله في المنارة البيضاء شرقي دمشق ويلتقي بالمسيح الدجال بباب لد وفي فلسطين بلد يسمى باللد فهنالك يقتل المسيح الصادق عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام عدو الله المسيح الدجال بعد حرب طويلة تكون بين المسلمين واليهود وفي المجلد التاسع والعشرين من المنار صفحة خمس وخمسين ومئة لما ذكر ما تعده اليهود في شأن فلسطين قال لا شك عندنا ان كلا من اليهود والانجليز يكيد للاخر ليستعمله في الوصول الى غرضه المنافي لغرض الاخر ولا شك عندنا في ان الفتنة المنتظرة هي من اعظم فتن الارض او اعظمها على الاطلاق وهي محاولة اعادة ملك اليهود المعبر عنها بالاحاديث بفتنة المسيح الدجال وقال في المجلد الثامن والعشرين صفحة عشرين بعد كلامه على احاديث الدجال وانتقاده لكثير من تفاصيلها قال ويدل القدر المشترك منها على ان النبي صلى الله عليه وسلم كشف له وتمثل له ظهور دجال في اخر الزمان يظهر للناس خوارق كثيرة وغرائب يفتن بها خلق كثير. وانه من اليهود الى ان قال ولا يبعد ان يقوم طلاب الملك من اليهود الصهيونيين بتدبير فتنة في هذا المعنى يستعينون عليها بخوارق العلوم والفنون العصرية كالكهرباء والكيمياء وغير ذلك وكان يقول هذا قبل احتلال اليهود لفلسطين بعدة سنين فوقع كما ظن رحمه الله وفي صفحة اثنتين وتسعين ومئة من الجزء السادس من الفتح الرباني في شرح المسند قال الشارح ويلوح لي ان اليهود الان يحشدون الى بيت المقدس ليلقوا حتفهم مع رئيسهم الدجال في هذه الارض ولو بعد حين. مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم اما ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ففي غاية الحسن والمطابقة لفتنة الدجال وانها نوعان احدهما فتنة الدجال اي جنسها وهي الشبهات المزوقة المموهة التي يفتتن بها الخلق الكثير ومتى تأملت احوال البشر وكيف سرى الالحاد فيهم بصورة هائلة وزخرفت له الاقوال وروج باساليب متنوعة ونصر بالقوى المادية وجرف بتياره وفتنته الخلق الكثير ولم يسلم من فتنته الا اليسير ممن عصمهم الله عز وجل وحفظهم بالبصيرة النافذة والبعد عن هذه الفتنة ويؤيد كلام الشيخ ويقربه من الاحوال الواقعة ما ذكرناه من كلام صاحب المنار بقوله ولا شك عندنا ان الفتن فتنة المنتظرة من اعظم فتن الارض او اعظمها على الاطلاق وهي محاولة اعادة ملك اليهود المعبر عنها بالاحاديث بفتنة الدجال وانهم يستعينون على ذلك بالاعتماد على الانجليز الذي هو من اكبر الدجالين وبخوارق العلوم والفنون العصرية والمخترعات هائلة ويكون على هذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لبعض تفاصيل فتنته في الاحاديث السابقة على وجه التقريب والتمثيل ويدل على ما قاله الحديث السابق وهو ما رواه مسلم عن نافع بن عتبة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم انه قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عز وجل ثم تغزون فارس فيفتحها الله عز وجل ثم تغزون الروم فيفتحها الله عز وجل ثم تغزون الدجال فيفتحه الله عز وجل فدل هذا الحديث وترتيب الفتوحات المذكورة بحسب قربهم من المسلمين وانهم بعد فتح فارس والروم يغزون الدجال فيفتحه الله انهم الامم الذين وراء فارس والروم من الفرنجية وتوابعهم وكونهم السبب الوحيد الذي مهد لليهود ملك فلسطين وساعدوهم بالقوة المادية والسياسية. كما هو معروف لا يخفى على احد ولولا ذلك لم يطمع اليهود بتملك شبر من بلاد العرب. تصديقا لقوله تعالى الا بحبل من الله وحبل من الناس فهؤلاء الناس هم الذين مهدوا لهم الملك وتداعوا من كل قطر الى بلاد العرب من فلسطين كما تقدم في الحديث الصحيح ان الدجال يتبعه من يهود اصبهان سبعون الفا وهذا معناه انهم يستدعون الى فلسطين من اقطار الارض بسبب دعوة الدجال لهم ومن عرف كيف عملت اليهود مع الانجليز وتأكد بينهم الوعد المسمى بوعد بلفور وكيف حاولوا المحاولات العظيمة وسخروا الامم القوية لتمهيد مصالحهم لم يستبعد ان هذه فتنة الدجال الخاصة التي هي اكبر فتن الارض كما ورد في الحديث السابق الصحيح ما بين خلق ادم الى قيام الساعة امر اكبر من الدجال وهل اعظم من فتنة جرفت تيارها جمهور الناشئة الحديثة بالحاده وصير من يرجى منهم نصرة الاسلام بالقول والفعل من اكبر الاعوان على هدمه وزواله. وهم يسعون استجابة لفتنة الدجال على القضاء عليه. ونرجو الله ان يلطف ويدفع عن المؤمنين بحوله وقوته ورحمته. فانهم لا سبب لهم مادي ولا قوة حسية تدافع بها قوات المحتشدة المصممة على القضاء عليه. ولكن سيأتي من لطف الله ما لا يخطر بالبال وهل اعظم من فتنة اجتمع العرب وحكوماتهم على مقاومتها ومدافعتها عن بلادهم فقاومتهم السياسات ولعبت بهم الفتن حتى فرقتهم وشتتتهم ومكنت عدوهم من جوف بلادهم وذهب اهلها مشردين في كل قطر منهم طائفة. وهي في سعيها وجدها الان لا تزداد الا قوة. ولا يزداد ذو العرب الا وهنا وضعفا ماديا ومعنويا دينيا ودنيويا ولابد ان تتوسع سيطرة اليهود ولابد لهم من التضييق على جيرانهم من الحكومات العربية. ولابد ان يتبين من يخص منهم الذي هو المسيح الدجال المعين بذاته. وتجري بقية ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم على يده. حتى ينزل عيسى ابن مريم ويعين الله عز وجل المسلمين فيقاتلونهم فيقتلون اليهود ويقتل عيسى صلى الله عليه وسلم مسيحهم الدجال ومما يؤيد ان العلوم العصرية المتنوعة هي من خوارق الدجال ما تقدم في حديث النواس ابن سمعان رضي الله عنه قلنا يا رسول الله وما اسراعه في الارض؟ قال كغيث استدبرته الريح. وهذا باسباب مراعاة حديثة من المراكب البرية والهوائية. وقد قال كثير من اهل العلم في قوله صلى الله عليه وسلم عن الدجال انه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ان هذا على جهة التمثيل وان معناه ان امره واضح لا يخفى على كل مؤمن انه كافر وان ما معه ومع اتباعه من الخوارق لا تدل على صحة قوله وانما هي صناعات مادية يشترك فيها البر والفاجر ومما يدل على انها تمويهات ما تقدم في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين قال سأل احد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال اكثر مما سألته. وانه قال لي ما يضرك. قلت انهم يقولون ان معه جبل خبز ونهر ماء. قال صلى الله عليه وسلم هو اهون على الله عز وجل. الحديث هو اهون على الله اي من ان يكون لهذه المذكورات حقائق صحيحة تدل على صدقه. وانما معه امور ومخترعات موجودة مشتركة ولكن فتنته على العرب والمسلمين عظيمة وتفوقه عليهم بالمخترعات امر معلوم والواقع الان يشهد بما ذكرنا. وهذه الفتنة الصهيونية لها توابع كثيرة الى الان لم تتم هم يسعون فيها فمن قارن بين هذه الفتنة العظيمة وتوسعها وضررها وبين غيرها من الفتن التي جرت على المسلمين. علم انها اكبر قارعة حلت واعظم مصيبة اصابتهم. وان فتنتها السابقة واللاحقة اعظم الفتن فلا حول ولا قوة الا بالله ولا ملجأ منه الا اليه وفي الحديث السابق من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله ان الرجل ليأتيه فيحسب انه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات. فكم قد شاهد الناس ممن افتتن في هذه الاوقات بدعايات الالحاد ودعوة المستعمرين ومما يدل على الحال الواقعة الحديث السابق في صحيح مسلم عن ام شريك رضي الله عنها مرفوعا لا يفرن الناس من جال حتى يلحقوا بالجبال. قالت ام شريك يا رسول الله فاين العرب يومئذ؟ قال هم قليل ففي هذا الحديث بيان ان الضرر الاكبر سيصيب العرب وانه لم يبق منهم الا القليل اي لم يبق من الذين عصموا من فتنته الا القليل. واما من افتتن به فتبعه. او صار من دعاتهم او خدرت اصابه عن المقاومة او استسلم لهم فهم كثير. وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح اشد امتي على الدجالين بنو تميم فهذا يدل على ان عرب الجزيرة الذين جمهورهم بنو تميم هم اسلم الناس من فتنته وهم اشد الناس جهادا له بالحجة والبيان وبالسلاح والسنان. فنرجو الله ان يوفقهم ويؤيدهم بنصره. ويأخذ بايديهم ان واصوله ومقدماته قد وضحت وبانت لكل احد له بصيرة. في السابع من شعبان عام سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة ومن كتاب الاسلام المفترى عليه لمحمد الغزالي في الصفحة الحادية والعشرين وها قد مضت اربعة عشر قرنا ثم عادت إسرائيل مرة أخرى باسم التوراة تريد الحكم والسيادة فهل سمعت أو لم حتى في عودة اسرائيل قبسا من فرقان او قطرة من حنان ام هو التمهيد للنسف والطغيان والكبر وكذلك قيل لكنائس الغرب استيقظي ثم اصغينا للدجالين من ساسة اوروبا يبشرون بالدين الى اخر عبارته