المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله النوع الاول من علوم القرآن علم العقائد واصول التوحيد وهذا هو اشرف العلوم على الاطلاق وافضلها واكملها وبه تستقيم القلوب على العقائد الصحيحة وبه تزكو الاخلاق وتنمو وبه تصح الاعمال وتكمل وموضوع هذا العلم البحث عما يجب لله من صفات الكمال ونعوت الجلال وما يمتنع ويستحيل عليه من اوصاف النقص والعيب والمثال وما يجوز عليه من ايجاد الكائنات وانه الفعال لما يريد ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكذلك البحث عما يجب الايمان به من الرسل وصفاتهم وما يجب لهم ويمتنعوا في حقهم ويجوز والايمان بالكتب المنزلة على الرسل والايمان بما اخبر الله به واخبرت به رسله عن الحوادث الماضية والمستقبلة وعن الايمان باليوم الاخر والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار وما يتبع ذلك ويتعلق به فهذه مجملات مواضيع هذا العلم الجليل والقرآن العظيم قد بين هذه الامور غاية التبيين ووضحها توضيحا لا يقاربه شيء من الكتب المنزلة ولم يبقي منها اصلا الا بينه وجمع فيه بين البيان والبرهان بين المسائل المهمة الجليلة والبراهين القاطعة العقلية والنقلية والفطرية وهذا النوع اقسام اولها ومقدمها علم التوحيد وهو العلم بما لله من جميع صفات الكمال وان الرب تفرد بها وان له الكمال المطلق الذي لا تقدر القلوب ان تبلغ كنها ولا الالسن على التعبير عنه ولا يقدر الخلق على الاحاطة ببعض صفاته فضلا عن جميعها وهذا العلم مبني على اعتقاد وعلم وعلى تأله وعمل اما الاعتقاد والعلم فان يعتقد العبد ان جميع ما وصف الله به نفسه من الصفات الكاملة ثابت لله على اكمل الوجوه وانه ليس لله في شيء من هذا الكمال مشارك وانه منزه عن كل ما ينافي هذا الكمال ويناقضه مما نزه به نفسه او نزهه رسوله صلى الله عليه وسلم واما التأله والعمل فان يتقرب العبد الى ربه باعماله الظاهرة والباطنة الى الله ويخلصها لوجهه وينيب اليه ويتألهه محبة وخوفا ورجاء وطلبا وطمعا فيقصد وجهه الاعلى بما يعتقده من العقائد الصحيحة وبما يقصده ويريده من الارادات الصالحة والمقاصد الحسنة التابعة لاعمال القلوب وبما يعمله من الاعمال الصالحة الراجعة للقيام بحقوق الله وحقوق عباده وبما يقوله ويتكلم به من ذكر الله والثناء عليه وقراءة كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام اهل العلم الذي يرجع الى ذلك ومن الكلام الطيب والنصح للعباد في امور دينهم ودنياهم ومن ذلك تعلم العلوم النافعة وتعليمها فكل هذه الاشياء يجب اخلاصها لله وحده وبتمام الاخلاص يتم التوحيد والايمان فبهذا التقرير يكون التوحيد يرجع الى امرين توحيد الاسماء والصفات ويدخل فيه توحيد الربوبية وهذا يرجع الى العلم والاعتقاد وتوحيد الالهية والعبادة وهذا يرجع الى العمل والارادة عمل القلوب وعمل الابدان كما تقدم ويسمى توحيد الالهية لان الالهية وصف الباري تعالى ويسمى توحيد العبادة لان العبادة وصف العبد الموحد المخلص لله في اقواله واعماله وجميع شؤونه والقرآن العظيم يكاد كله ان يكون تقريرا لهذه الاصول العظيمة ودفعا لما يناقضها ويضادها من التعطيل والتشبيه والتنقيص ومن الشرك الاكبر والاصغر والتنديد