بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فغفر الله لك. يقول الله تعالى واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا انام وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا اه ثم توليتم الا قليلا منكم وانتم معرضون. يقول الحافظ ابن كثير يذكر وتبارك وتعالى بني اسرائيل بما امرهم به من الاوامر واخذه ميثاقهم على ذلك وانهم تولوا عن ذلك كله قضوا قصدا وعمدا وهم يعرفونه ويذكرونه فامرهم تعالى ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وبهذا امر جميع خلقه ولذلك خلقهم كما قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. وقال تعالى قد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وهذا هو اعلى الحقوق واعظمها. وهو حق الله تبارك وتعالى ان يعبد وحده لا شريك له ثم بعده حق المخلوقين واكدهم واولاهم بذلك حق الوالدين. ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين حق وحق الوالدين كما قال تعالى ان اشكر لي ولوالديك الي المصير. وقال تبارك وتعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوا والدين احسانا الى ان قال واتي ذا القربى حقه والمسكين من السبيل. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي العمل افضل؟ قال الصلاة على وقتها. قلت ثم اي؟ قال بر الوالدين. قلت ثم اي؟ قال الجهاد في سبيل الله. قال واليتامى وهم الصغار الذين لا كاسب لهم من الاباء والمساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على انفسهم واهليهم. وسيأتي الكلام على هذه الاصناف عند اية النساء التي امرنا الله تعالى بها صريحا في قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا اية وقوله تعالى وقولوا للناس حسنى اي كلموهم طيبا ولينوا لهم جانبا ويدخل في ذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عن المنكر بالمعروف كما قال الحسن البصري في قوله تعالى وقولوا للناس حسنا فالحسن من القول يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنا كما قال الله وهو كل خلق حسن رضيه الله. وروى الامام احمد عن ابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تحقرن من المعروف شيئا وان لم تجد فالقى اخاك بوجه منطلق واخرجه مسلم في صحيحه والترمذي وصححه وناسب ان يأمرهم بان يقولوا للناس حسنا بعدما امرهم بالاحسان اليهم بالفعل فجمع بينهم ان طرفي الاحسان الفعلي والقولي ثم اكد الامر بعبادته والاحسان الى الناس بالمتعين من ذلك وهو الصلاة والزكاة واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واخبر انهم تولوا عن ذلك كله اي تركوه وراء ظهورهم واعرضوا عنه على عمد بعد العلم به الا القليل منهم. وقد امر الله هذه الامة بنظير ذلك في سورة النساء بقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا فقامت هذه الامة من ذلك بما لم تقم به امة من الامم قبلها ولله الحمد والمنة. بسم الله الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذه الاية الكريمة اخذ الله فيها الميثاق على بني اسرائيل والميثاق هو الامر المؤكد ان امرهم امرا مؤكدا امر ان يلتزموا بهذه الامور وقال سبحانه واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل وهذا الميثاق بين الله سبحانه وتعالى بانه القيام بحقه وحق عباده. القيام بحقه وحق عباده. القيام بحقوق الله وحقوق المخلوقين. بان يحسن في عبادة الله واحسن الى الخلق وبذلك يكون من المحسنين المحسن الذي احسن في عبادة الله اخلص العبادة لله عز وجل وتابع فيها نبيه صلى الله عليه وسلم واحسن الى عباد الله فند ما اوجب الله عليه هذا هو المحسن وبلغ درجة الاحسان فله الحسنى كما قال للذين احسنوا الحسنى له الجنة. من احسن في عبادة الله واحسن الى عباد الله فهو من المحسنين. الذين هم في اعلى مراتب الاسلام. لان الاسلام ثلاث مراتب الاسلام هذا الدين ثلاث مراتب الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان. ولهذا قال سبحانه واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله. بين هذا الميثاق ما هو هذا لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا. فاولها واعظمها واكدها حق الله عز وجل هو توحيده واخلاص الدين له لا تعبدون الا الله هذا اعظم الحقوق واولى الحقوق واعظم الحقوق حق الله عز وجل وهو الحق الذي من اجله الله الجن والانس الثقلين كما قال سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وبذلك ارسل الله الرسل وانزل الكتب كما قال سبحانه ولقد بعثنا في كل ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. قال سبحانه وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا نفعوا له. الا انه لا اله الا نفعوا قل الله هو ان يخلص العبد له العبادة. ولهذا قال النبي لمعاذ الحديث الصحيح في الصحيحين اتدري ما حق الله على العباد؟ قال وهذا الله ورسوله قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا اشركوا به شيئا. هذا حق الله عبادته واخلاص الدين له والبعد عن الشرك. ثم بعد ذلك حقوق العباد. والعباد يتفاوتون. اعظم العباد حقوقا هم الوالدان هو اللذان السبب في وجود الانسان الاب والام وهما الرحم اعظم الارحام واقرب الارحام واولى الارحام واولى الناس بصلة الانسان وبره ولهذا قال وبالوالدين احسانا لا تعودوا الى الله وبالوالدين احسانا. والله تعالى يقرن حقه يقرن حق الوالدين بالحق في مواضع الكتابة كما قال سبحانه وتعالى اشكر لي ولوالديك. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه احسانا وهكذا وفي هذه الاية الله تعالى واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا. ثم يلي الوالدين بالاحسان القرابات. ولهذا قال وذي القربى الاقرب فالاقرب. والاقرب بعدا الوالدين الاخوة الاخوة الاشقاء ثم الاخوة لاب ثم ابناء الاخوة الاشقة ثم ابناء الاخوة للاب ثم الاعضاء من الاشقاء ثم الاعمام الاب ثم بناء الاعمام بالاشقاء ثم ابناء الاعمام وكذلك ايضا قربت من جهة الام الاخوال والخالات وابناء الاخوال وابناء الخالات والعمات وابناء العمات ذكورا واناثا الاقرب فالاقرب. كل من قرب كان حقه اشد واعظم. وذي القربى. فاذا كان سنه قريب غير الوالدين اخ قريب عليه ان يحسن اليه اذا كان محتاج يصل عليه ان يصله وينفق عليه ان كان محتاجا ويصل ويصله ويواليه ويكون معه وكذلك انا والاخوة وكذلك الاعمام وابناؤهم وهكذا. ثم بعد ذلك الحق الثالث حق بعد الوالدين وبعد القرابات اليتامى. واليتامى جمع يتيم وهو الذي فقد اباه وهو صغير دون البلوغ. لان الفتاوى لا كاسب لهم. فامر الله تعالى المؤمن بالاحسان اليهم والعطف عليهم. ورغب الاسلام في كفالتهم قال عليه الصلاة والسلام انا وكافل اليثيم كهاتين ومسح رأس اليتيم من اسباب لين القلب ومن اسباب المغفرة واليتامى والمساكين والمساكين جمع المسكين وهو الفقير الذي لا ما يكفيه فيعطى من الزكاة ما يعطيه لمدة ما يكفيه لمدة سنة نفقة وكسوة وسكنى والمسكين اذا اطلق دخل فيه الفقير والفقير اشد حاجة من المسكين واذا اطلق احدهما دخل فيه الاخر ثم قال سبحانه وقولوا للناس حسنا امر الله تعالى بالاحسان بالقول بعد الاحسان بالفعل فالاحسان الى الوالدين والاحسان الى القرابات والاحسان الى اليتامى سلمت المساكين هذا احسانهم بالفعل. ثم الاحسان بالقول وقولوا للناس حسنا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله والبشاشة في في وجه اخيك والاعتذار اليه. قال الفقير اذا طلب شيئا ولم يكن عندك شيء. لان الكلمة الطيبة تقوم بقضاءها. الصدقة عند بها. كما قال عليه الصلاة اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة. وقولوا للناس حسنى. ثم ختم هذا الميثاق بالامر بالعبادتين العظيمتين وهما الصلاة والزكاة. فالصلاة هي احسان العبادة عبادة الخالق. والزكاة فيها الاحسان الى الخلق. الجمع بين الاحسان. فمن جمع بينهما فهو المحسن. واقيموا الصلاة يقول وصلوا لان اقامة الصلاة غير الصلاة. لان الانسان قد يصلي صلاة صورية ولكنه لا يقيمها. الله تعالى امر بالاقامة. الثواب انما مرتب على الاقامة واقامة الصلاة يقال اقام الشيء اذا اعطاه معطيا حقوقه وادى حقوقه اقيموا الصلاة يعني اقيموها افعلوها عن اخلاص وصدق ورغبة ونية افعلوها بشروطها للوضوء واستقبال القبلة وستر العورة والنية وغير ذلك. افعلوها باركانها وهيئاتها وواجباتها ومتابعة الامام فيها وحضور القلب فيها. كل هذا دخل في اقامة الصلاة. واقيموا الصلاة. وليس المراد فعل الصلاة الصورية لان المصلي كثير والمقيم للصلاة قليل كما ان الركب كثير والحاج قليل فكذلك المصلي كثير والمقيم للصلاة قليل. واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واتوا الزكاة اعطوها. اعطوها لمستحقيها عن طيب طواعية وانشراح صدر لا عن تبرم وتكره وقول واقيموا الصلاة هذا هو الميثاق الذي اخذه الله على بني اسرائيل هو توحيد الله والاحسان في عبادة الله والاحسان الى الوالدين والاحسان الى القرابات والاحسان الى اليتامى والاحسان الى المساكين وقولوا للناس حسنا الكلام الحسن والقول الحسن من الدعوة والنصح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقام الصلاة وايتاء الزكاة. هذا الميثاق الذي اخذه الله اخذه الله على هذه الامة. كما في قوله تعالى في سورة النساء في اية الحقوق العشرة واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وبالوالدين احسانا وبذي القربى وذي القربى واليتامى والمساكين. والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن وما باركت في امانكم. ان الله لا يحب من كان مختالا. فهذا الميثاق مأخوذ على بني اسرائيل وهو مأخوذ على هذه الامة. فبلى فمن ادى هذا الميثاق واقام واستقام عليه فهو من اهل الجنة والكرامة وهو من اولياء الله المتقين وهم من احباب الله وهم من اهل محبة الله ومن ضيعه وتركه فهو من اعداء الله ومن نقص شيئا منه فاته شيء من فاته من محبة الله وفاته من التقوى بقدر بحسب ما فرط فيه. وقد اخبر الله سبحانه وتعالى ان اسرائيل تولوا واعرظوا ولم يلتزموا بهذا الميثاق. وفي هذا تحذير لهذه الامة ان تفعل مثل ما فعلهم فيصيبهم ما اصابهم. الا القليل بين الله انه لم نلتزم بهذا الميثاق الا القليل والكثير تولوا واعرضوا لا عن نسيان ولا عن ذهول ولا عن جهل ولكن على علم وقصد وهذا هو المصيبة ان يعرض الانسان كانوا يتركوا شيء عن قصد اما اذا كان عن نسيان او عن تأويل فهذا قد يكون معذور ثم توليتم الا قليلا منكم وانتم معرضون. وهذا خطاب لبني اسرائيل الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لان الاحفاد يخاطب بخطاب الاباء فلهم حكمهم فاذا كانوا مقرين لهم وموافقين لهم فحكمهم حكمهم يصيبهم ما اصابوا ثم توليتم بالله قليلا منكم وانتم معرضون. وفي هذه الاية الكريمة بيان حقوق الله وحقوق العباد. وان المسلم امره الله واوجب عليه ان يؤدي حقوقا له وحقوقا لعباده فحق الله هو التوحيد وحق عباده الاتيان بما اوجبه الله عليه وفيه ان من احسن في عبادة الله واحسن الى عباد الله فهو من المتقين المؤمنين. وفيه التحذير من ترك الاوامر والنواهي. وفيه التحذير بمشابهة بني اسرائيل في توليهم واعراضهم فان الله تعالى قص علينا خبرهم لتحذيرا لنا منهم. كما قال مضى القوم ولم يعنى فيه سواك وتحذير ايضا للمخاطبين في تحذير لاحفادهم ان يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما اصابهم. نعم. احسن الله اليك يخرجون انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهدون انتم هؤلاء تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان. وان يأتوكم اسارى تفادوهم وهم هو محرم عليكم اخراجهم. افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ومن يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا. ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب. وما الله بغافل عما تعملون. اولئك الذين اشتروا اتى الدنيا بالاخرة. فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون يقول تبارك وتعالى منكرا على اليهود الذين كانوا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وما كانوا يعانونه من القتال مع الاوس والخزرج وذلك ان الاوس والخزرج وهم الانصار كانوا في الجاهلية عباد اصنام وكانت بينهم حروب كثيرة وكانت المدينة الثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النضير حلفاء الخزرج وبنو قريظة حلفاء الاوس. فكانت الحرب اذا نشبت بين قاتل كل فريق مع حلفاءه فيقتل اليهودي اعداءه وقد يقتل اليهودي الاخر من الفريق الاخر وذلك حرام عليهم في دينهم ونص كتابهم ويخرجونهم من بيوتهم وينتهبون ما فيها من الاثاث والامتعة والاموال. ثم اذا وضعت الحرب اوزارها استفكوا الاسارى من الفريق المغلوب عملا بحكم التوراة. ولهذا قال تعالى افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ولهذا قال تعالى واذا اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم اي لا يقتل بعضكم بعضا ولا يخرجه من منزله ولا يظاهر عليه كما قال تعالى فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم وذلك ان اهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة كما قال عليه الصلاة والسلام مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. وقوله تعالى ثم اقررتم وانتم تشهدون اي ثم اقررتم بمعرفة هذا الميثاق وصحته وانتم تشهدون به. ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم الاية. روى محمد بن اسحاق بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم. الاية قال انبأهم الله بذلك من فعلهم. وقد حرم عليهم في التوراة سك دمائهم. وافترض عليهم فيها فداء اسراهم فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج والنظير وقريضة وهم حلفاء الاوس فكانوا اذا كانت بين الاوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج. وخرجت النظير وقريضة مع الاوس. يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على اخوانه حتى تسافكوا دماءهم بينهم وبايديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم والاوس والخزرج اهل شرك يعبدون الاوثان ولا يعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قيامة ولا كتابا ولا حلالا ولا احراما فاذا وضعت الحرب اوزارها افتدوا اسراهم تصديقا لما في التوراة واخذا به. بعضهم من بعض يفتدي بنو اي نقاع ما كان من اسراهم في ايدي الاوس. ويفتدي النظير وقريظة ما كان في ايدي الخزرج منهم. ويطلبون ما اصابوا من دمائهم وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لاهل الشرك عليهم. يقول الله تعالى ذكره حيث انبأهم بذلك تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض اي تفادونهم بحكم التوراة وتقتلونهم وفي حكم التوراة الا يقتل ولا يخرج من داره ولا يظاهر عليه امن يشرك بالله ويعبد الاوثان من دونه ابتغاء عرض الدنيا. ففي ذلك من فعلهم مع الاوس والخزرج فيما غني نزلت هذه القصة والذي ارشدت اليه الاية الكريمة وهذا السياق ذم اليهود في قيامهم بامر التوراة التي يعتقدون صحتها ومخالفة شرعها مع معرفتهم بذلك وشهادتهم له بالصحة. فلهذا لا يؤتمنون على ما فيها ولا على خليها ولا يصدقون فيما كتموه من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعته ومبعثه ومخرجه ومهاجره لذلك من شؤونه التي اخبرت بها الانبياء قبله عليهم الصلاة والسلام واليهود عليهم لعائن الله يتكاتمونه بينهم ولهذا قال تعالى فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا اي بسبب مخالفتهم شرع الله وامره ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب جزاء على مخالفتهم كتاب الله الذي بايديهم. وما الله بغافل عما تعملون. اولئك الذين اشتروا حياة الدنيا بالاخرة اي استحبوها على الاخرة واختاروها. فلا يخفف عنهم العذاب. لا يفتر عنهم ساعة واحدة. ولا هم ينصرون اي وليس لهم ناصر ينقذهم مما هم فيه من العذاب الدائم السرمدي ولا يجيرهم منه. في هذه الاية الكريمات نعي من الله وعتاب وتوبيخ لبني إسرائيل اليهود الذين خالفوا كتاب الله عن عمد وقصد فإن الله تعالى امرهم في التوراة التي انزلها الله على موسى الا يسفك الواحد منهم دم اخيه ولا يخرجه من من داره فخالفوا فسفك كل واحد منه دم اخيه واخرجه من دياره ثم فادوه مرة اخرى فعملوا بحكم من احكام التوراة وهو المفادات مفادات مفادات اخيه الاسرائيلي وتخليصه من الاسر وخالفوا التوراة في قتله واخراجه من داره. فعملوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض الكتاب. فنعى الله عليهم. هذا في هذا تحرير الامة ان تسلك مسلكهم فيصيبهم ما اصابهم. تحرير الامة من عمل ببعض الكتاب وترك البعض الاخر. وفيه من الملايات والفوائد والاحكام ان من امن ببعض الكتاب ولا مؤمن ببعض الاخر فهو كافر بالجبين. الحكم واحد. فمن امن ببعض ببعض القرآن وخالف بعضه وكفر ببعضه فهو كافر بالجنة كما ان من امن برسول وكفر بالرسل دون الرسل الاخرى فهو كافر بالجميع. ومن امن بكتاب من كتب الله ولا مؤمن بالكتب الاخرى فهو كافر بالجميع وذلك ان الرسل متضامنون. فالمتقدم بشر بالمتأخر. والمتأخر صدق المتقدم. ولهذا لما قوم نوح برسولهم وكذبوه جعل الله تكذيبه نوح تكذيب لجميع المصيب. وكذلك هود جاء الله تكبير وتكبير لجمع المرسلين. وكذلك صالح قوم صالح ثبوت جعل الله او تكذيبه للصالح تكذيب جميع الرسل وكذلك شعيب قال الله تعالى كذبت قوم نوح المرسلين وهم ما كذبوا الا واحد لكن ما كذبوا احد فقد كذب بالجبين كذبت المرسلين وهم كذبوا نبيهم كذب الثمود المرسل. كذب اصحاب ملائكة المرسلين. وهم كذبوا نبيهم ولكن ما كذبوا بنبيهم فكأنما فقد كذب بالجميل. لان الانبياء كلهم دينهم واحد هم متضامنون كلهم يدعوا الى التوحيد ورسالتهم واحدة وان كانت الشرائع تختلف لكن الدين واحد توحيد كلهم امروا بالتوحيد كلهم امر امه بالالتزام بالاوامر. فلهذا بنو اسرائيل هنا اخبر الله انهم كفروا لانهم امنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض الاخر. عملوا ببعض وهو انهم فادوا الاسير منهم هذا عمل بالتوراة. وقتلوا وقتلوه واخرجوه من داره. وهذا ترك للعمل. ويعتبر كفر بالتوراة فامنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه فكانوا كافرين بالجميع. وكانت الحرب هناك في الجاهلية كانت حروب طاحنة بين الاوس والخزرج اصل الاوس والخزرج رجلان امهم واحدة. وابوهم واحد لكنه تفرع هذا الحيحيين وكثروا فصاروا حيين سكنوا المدينة الاوس قد وكانوا في الاصل نزحوا من اليمن وهو اخوان احدهما سوى الاوس الخزرج فكانت في الجاهلية تقوم بينهم حروب طاحلة حروب طاحنة وهم كانوا اهل الاوثان يعبدون الاصنام والاوثان وفي المدينة يسكن ثلاث قبائل فبنو بنو النظير وبنو قينقاع وبنو وبنو قريظة وكان هذه القبائل بعظها فحالف الاوس بعضها حالفها الخزرج فمنو قريظة حلف الاوس وابن النظير وابن حالف الخزرج فاذا قامت الحروب بين الاوس والخزرج ساعد ساعدت هذه الطوائف من اليهود كل واحد منهم يساعد حلفاءه ويعاونهم ويقاتلون معهم فبنو قريظة ينضمون الى الى الاوس وبنو النظير وابن القير القاع ينضمون الى الخزرج فاذا قاتل مثلا الاوس والخزرج يقاتل بنو قريظة مع مع الاوس فيقتل الخزرجي ويقتل اخاه الاسرائيلي معه يسفك دمه يسفك دمه دم الاسرائيلي ودم آآ الخزرجي وكذلك ايضا طرق ويخرجه من من داره وينهب امواله. وكذلك الخزرجي يقاتل الاوسي ويسفك دمه ويأخذ ماله ويقاتل معه حلفاؤه من يهود بن النظير وبنو قير القاعة فيقاتل الاوسي ويقاتل ايضا اخاه يسلك دم اخاه القرضي ويأخذ ماله فاذا انتهت الحرب ووضعت الحرب اوزارها صار هناك اسارى اسارى من اليهود مع الاوس. واسارى من اليهود مع الخزرج. فحين اذ يفسدونه. فالقرظى مثلا يفتدي اخاه الاسير مع الخزرج بالمال حتى يخلصه. وكذلك ايضا بنو النظير وبنو يخلص يفتي اخاه القروي في ايدي الاوس ويخلصه وهذا عمل بحكم التوراة. يكون يخلصه ويفديه هذا عمل بحكم التوراة. وكونه يقاتله ويسفك دمه ويخرج ويأخذ ماله هذا بالتوراة فكفروا ببعض احكامها وهو انهم كل واحد يقاتل اخاه وسفك ادبه واخذ ماله وامنوا بالبعض ببعضها وهو انه يفادي فجعل الله سبحانه وتعالى ذلك كفرا بالجميع ولا يفيدهم. كونهم يعملون ببعض الكتاب ويكفرون البعض. ولهذا قال الله تعالى افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا. قال في اول الاية وان اخذنا ميثاقكم الامر المؤكد. لا تسفكون دماءك هذا الميثاق. الميثاق عدم لا تسلكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم. يعني لا يخرج بعضكم بعضا. قال لا تخرجون انفسكم ولا تسفكون دماءكم لا يسفك احدكم دماء اخيه. وقال لا ولا اخرجوا انفسكم لا تسفون دماءكم لان اهل الملة واهل الدين الواحد كأنهم نفس واحدة لا يسفك الواحد منهم دم اخيه ولا تخرجون انفسكم من دياركم يخرج احدكم اخاه من ذي يعني والمعلوم ان الانسان لا يسفك دم نفسه ولا يخرج نفسه. لكن المراد لا يسفك دم اخيه ولا يخرج اخاه. لان اهل الدين واهل الملة الواحدة كأنهم نفس واحدة شيء واحد كما قال الله تعالى في ولا تقتلوا انفسكم يعني لا يقتل بعضكم بعضا واذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم يعني يسلم على من وجد في في الدار فسلامه على اخيه سلام على نفسه. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى توعدهم الله تعالى بقوله اولئك الذين فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب. وقد فعل سبحانه فلهم الخزي في الدنيا فهم امة الغضب مغضوب عليهم يلعنون لعنة الله على اليهود والنصارى الى يوم القيامة هذا خزي عظيم واعد لهم العذاب العظيم في الاخرة المهيب ويوم القيامة يرد الى اشد العذاب واغلظه لانهم كفروا عن عناد وعن عبد فلهم اشد العذاب بخلاف من ترك الامر عن جهل فهو اخف وما الله بغافل عما تعملون تهديد ووعيد اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاحياء يعني اعتاضوا اعتاضوا الحياة الدنيا عن الاخرة واخذوا الحياة الدنيا بدلا عن الاخرة جعلوها عوظا لها فكانه واشتروها بالثمن فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون في هذا تحذير لهذه الامة ان تسلك مسلكهم فيصيبهم ما اصابهم تحذير من هذه الامة ان تكفر بشيء من كتابها فان من كفر في بعض الكتاب وقد كفر بالجميع فيه دليل على ان من كفر ببعض الكتاب فهو كافر بالجميع. فالواجب على الامة الاسلامية ان تعمل بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم. وان تتحاكى كما الى شرع الله ودينه وان تحكم هذا الكتاب في كل شأن من شؤونها وان تعمل به في جميع شؤون الحياة في الاحوال الشخصية وفي القصاص وفي الحقوق وفي الاموال وفي غيرها. نعم سميع لا هذا فيه تفصيل هذا فيه تفصيل من من عطل يعني جاحدا له ها نعم كافر نعم فهو كافر اما من عطل عن تأويل او عطل عن عن هوى هذا قد لا يكفر نعم عن عناد نعم نسأل الله العافية نعم