ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف قال تعالى واصبروا ان الله مع الصابرين من الاسباب التي تزيل الهم والغم والقلق. الاحسان الى الخلق بالقول والفعل امور عظيمة تضمحل معها المكاره وتحل محلها المسار والامال الطيبة والطمع في فضل الله وثوابه كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح انه قال عجبا لامر المؤمنين المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل واعظم الاسباب لذلك وصلها واسها هو الايمان والعمل الصالح قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولناجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون اخبر تعالى ووعد من جمع بين الايمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة في هذه الدار. وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار وسبب ذلك واضح فان المؤمنين بالله الايمان الصحيح المثمر للعمل الصالح. المصلح للقلوب والاخلاق والدنيا والاخرة معهم اصول واسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من اسباب السرور والابتهاج واسباب القلق والهم والاحزان يتلقون المحاب والمسار بقبول لها وشكر عليها واستعمال لها فيما ينفع فاذا استعملوها على هذا الوجه احدث لهم من الابتهاج بها. والطمع في بقائها وبركتها. ورجاء ثواب الشاكرين امورا عظيمة بخيراتها وبركاته هذه المسرات التي هذه ثمراتها ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته. وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه والصبر الجميل بما ليس لهم منه بد وبذلك يحصل لهم من اثار المكاره. من المقاومات النافعة والتجارب والقوة. ومن الصبر واحتساب الاجر والثواب ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لاحد الا للمؤمن اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات اعماله في كل ما يطرقه من السرور لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير او الشر فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها وذلك بحسب تفاوتهما في الايمان والعمل الصالح هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما فيحدث له السرور والابتهاج. وزوال الهم والغم والقلق وضيق الصدر وشقاء الحياة. وتتم له الحياة الطيبة في هذه الدار والاخر يتلقى المحاب باشر وبطر وطغيان فتنحرف اخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع ومع ذلك فانه غير مستريح القلب بل مشتته من جهات عديدة مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالبا ومن جهة ان النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقة لامور اخرى قد تحصل وقد لا تحصل وان حصلت على الفرض والتقدير فهو ايضا قلق من الجهات المذكورة ويتلقى المكاره بقلق وجزع وخوف وضجر فلا تسأل عما يحدث له من شقاء الحياة ومن الامراض الفكرية والعصبية ومن الخوف الذي قد يصل به الى اسوأ الحالات. وافظع المزعجات انه لا يرجو ثوابا ولا صبر عنده يسليه ويهون عليه وكل هذا مشاهد بالتجربة ومثل واحد من هذا النوع اذا تدبرته ونزلته على احوال الناس رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى ايمانه وبين من لم يكن كذلك وهو ان الدين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله. وبما اتى العباد من فضله وكرمه المتنوع فالمؤمن اذا ابتلي بمرض او فقر او نحوه من الامراض التي كل احد عرضة لها فانه بايمانه وبما عنده من القناعة والرضا بما قسم الله له يكون قرير العين لا يتطلب بقلبه امرا لم يقدر له ينظر الى من هو دونه ولا ينظر الى من هو فوقه ربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع المطالب الدنيوية. اذا لم يؤتى القناعة كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الايمان اذا ابتلي بشيء من الفقر او فقد بعض المطالب الدنيوية تجده في غاية التعاسة والشقاء ومثل اخر اذا حدثت اسباب الخوف والمت بالانسان المزعجات تجد صحيح الايمان ثابت القلب مطمئن النفس متمكنا من تدبيره وتسييره لهذا الامر الذي داهمه بما في وسعه من فكر وقول وعمل وقد وطن نفسه لهذا المزعج الملم وهذه احوال تريح الانسان وتثبت فؤاده كما تجد فاقد الايمان بعكس هذه الحال اذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره وتوترت اعصابه وتشتت افكاره وداخله الخوف والرعب واجتمع عليه الخوف الخارجي والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنهه وهذا النوع من الناس ان لم يحصل لهم بعض الاسباب الطبيعية التي تحتاج الى تمرين كثير انهارت قواهم توترت اعصابهم وذلك لفقد الايمان الذي يحمل على الصبر خصوصا في المحال الحرجة. والاحوال المحزنة المزعجة البر والفاجر والمؤمن والكافر. يشتركان في جلب الشجاعة الاكتسابية. وفي الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها ولكن يتميز المؤمن بقوة ايمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه واحتسابه لثوابه امورا تزداد بها شجاعته وتخفف عنه وطأة الخوف وتهون عليه المصاعب. كما قال تعالى ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون. وترجون من الله ما لا يرجون وانواع المعروف وكلها خير واحسان وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها ولكن للمؤمن منها اكمل الحظ والنصيب ويتميز بان احسانه صادر عن اخلاص واحتساب لثوابه فيهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير ويدفع عنه المكاره باخلاصه واحتسابه قال تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما فاخبر تعالى ان هذه الامور كلها خير ممن صدرت منه والخير يجلب الخير. ويدفع الشر. وان المؤمن المحتسب يؤتيه الله اجرا عظيما ومن جملة الاجر العظيم زوال الهم والغم والاكدار ونحوها