وان افعاله كلها دائرة بين الحكمة بين الحكمة والرحمة والعدل والمصلحة لا يخرج شيء منها عن ذلك فاذا تدبر العبد ذلك اورثه ولا ريب زيادة في اليقين وقوة في الايمان وتماما في التوكل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال فضيلة الشيخ عبد الرزاق ابن عبد المحسن البدر في كتابه فقه الاسماء الحسنى فضل العلم باسماء الله تعالى وصفاته ان معرفة الله ومعرفة اسمائه الحسنى وصفات شيخ عبد الرحمن انا كل يوم بحط لك ملاحظة الايام الاخرى قل قال المصنف وفقه الله هذا طلبي نعم قال نصنف وفقه الله تعالى فضل العلم باسماء الله تعالى وصفاته ان معرفة الله ومعرفة اسمائه الحسنى وصفاته العليا هي غاية مطالب البرية وهي افضل العلوم واعلاها واشرفها واسماها وهي الغاية التي شمر اليها المشمرون وتنافس فيها المتنافسون وجرى اليها المتسابقون والى نحوها تمتد الاعناق واليها تتجه القلوب الصحيحة بالاشواق وبها يتحقق للعبد طيب الحياة فان حياة الانسان بحياة قلبه وروحه ولا حياة لقلبه الا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده. والانابة اليه والطمأنينة بذكره والانس بقربه ومن فقد هذه الحياة فقد فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض من الدنيا بل ليست الدنيا باجمعها عوضا عن هذه الحياة فمن كل شيء يفوت عوض واذا فاته الله لم يعوض عنه شيء البتة والعجب من حال اكثر الناس كيف ينقضي الزمان وينفد العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة وخرج من الدنيا كما دخل اليها وما ذاق اطيب ما فيها بل عاش فيها عيش البهائم وانتقل منها انتقال المفاليس. فكانت حياته عجزا وموته كمدا ومعاده حسرة واسفا فيخرج من الحياة وما ذاق اطيب ما فيها ويغادر الدنيا وهو محروم من احسن ملاذها فان اللذة التامة والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم انما هو في معرفة الله وتوحيده والانس به والشوق الى لقائه. وانكد العيش عيش قلب مشتت. وفؤاد ممزق ليس له قصد صحيح يبغيه ولا مسار واضح يتجه فيه تشعبت تشعبت به الطرق وتكاثرت امامه السبل وفي كل طريق كبوة وفي كل سبيل عثرة حيران في الارض لا يهتدي سبيلا. ولو تنقل في هذه الدروب ما تنقل لن يحصل لقلبه قرار ولا يسكن ولا ايطمئن ولا تقر عينه حتى يطمئن الى الهه وربه وسيده ومولاه. الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين والامر كما قيل نق الفؤاد حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول. كم منزل في الارض الفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزلي. فمن حرص على ان يكون همه واحدا وهو الله وطريق واحدة وهو بلوغ رضاه نال غاية المنى وحاز مجامع السعادة. الا ان حال اكثر الخلق في نأي عن هذا المرام كما قال بعض السلف مساكين اهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا اطيب ما فيها قيل وما اطيب ما فيها؟ قال معرفة الله ومحبته والانس بقربه والشوق الى لقائه فهذه المعرفة والمحبة والانس هي السبيل الامنة للثائرين. والطريق الرابحة للمشمرين فالسير الى الله من طريق فالسير الى الله من طريق الاسماء والصفات شأنه عجب وفتحه عجب صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلق على فراشه غير تعب ولا مكدود ولا مشتت عن وطنه ولا وغادي نعنسك عن سكنه فلا يزال مترقيا في هذه المعالي ماضيا في هذه الطريق الى ان يبلغ عالي الرتب ورفيع المنازل وسبيل هذه المعرفة يكون باستحضار معاني الاسماء الحسنى وتحصيلها في القلوب حتى تتأثر القلوب ومقتضياتها وتمتلئ باجل المعارف فمثلا اسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة تملأ القلب تعظيما لله واجلال الله واسماء الجمال والبر والاحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة محبة لله وشوقا له وحمدا له وشكرا واسماء العز والحكمة والعلم والقدرة تملأ القلب خضوعا لله وخشوعا وانكسارا بين يديه واسماء العلم والخبرة والاحاطة والمراقبة والمشاهدة تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات وحراسة وحراسة للخواطر عن الافكار الردية والايرادات الفاسدة واسماء الغنى واللطف تملأ القلب افتقارا واضطرارا اليه والتفاتا اليه كل وقت في كل حال فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد باسمائه وصفاته وتعبده بها لله لا يحصل العبد في الدنيا اجل ولا افضل ولا اكمل منها وهي افضل العطايا من الله لعبده. وهي روح التوحيد وروحه. ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص والايمان الكامل وها هنا ينبغي ان يعلم ان معرفة الله سبحانه نوعان الاول معرفة اقرار وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي والثاني معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق الى لقائه وخشيته اليه والانس به والفرار من الخلق اليه وهذه المعرفة هي المصدر لكل خير والمنبع لكل فضيلة. ولهذا فان طريقة القرآن في الدعوة الى والهدى والتحذير من مواطن الهلاك والردى قائمة على فتح ابواب هذه المعرفة ففي القرآن يذكر سبحانه من صفات كماله وعلوه على عرشه وتكلمه وتكليمه واحاطة علمه ونفوذ مشيئته ما يدعو العباد الى لزوم الاخلاص وتحقيق التوحيد والبراءة من اتخاذ الانداد والشركاء ويذكر لهم من اوصاف كماله ونعوت جلاله ما يجلب قلوبهم الى المبادرة الى دعوته والمسارعة الى طاعته والتنافس في القرب منه ولزوم ذكره وشكره وحسن عبادته ويذكر صفاته ايضا عند ترغيبهم لهم عند ترغيبه لهم وترهيبه وتخويفه ليعرف من تخافه وترجوه وترغب اليه وترهب منه ويذكر صفاته ايضا عند احكامه واوامره ونواهيه ليعظم العباد امره ويلزم شرعه مما لا ينبغي له ولا يليق به سبحانه وتدبر ايامه وافعاله في اوليائه واعدائه التي قصها على عباده واشهدهم اياها ليستدلوا بها على ان الههم الحق ان الههم الحق المبين الذي لا تنبغي العبادة الا فقل ان تجد اية فيها حكم من احكام المكلفين الا وهي مختتمة بصفة من صفاته او صفتين وقد يذكر الصفة في اول الاية ووسطها واخرها كقوله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير ويذكر صفاته عند سؤال عباده لرسوله عنه ويذكرها عند سؤالهم له عن احكامه. واحكامه كلها قائمة لذكر اسماء الرب وصفاته. حتى ان صلاة لا تنعقد الا بذكر اسمائه وصفاته فذكر اسمائه وصفاته روحها وسرها يصحبها من اولها الى اخرها. وانما امر ليذكر باسمائه وصفاته وهكذا الشأن في جميع الطاعات وانواع القرب. فمعرفة الاسماء والصفات اساس السعادة. والمدخل لكل الخير والتوفيق بيد الله وحده فضل العلم باسماء الله تعالى وصفاته ان العلم باسماء الله وصفاته علم مبارك. كثير العوائد غزير الفوائد ومتنوع الثمار والاثار تجلى لنا فضل هذا العلم وعظيم نفعه من خلال امور عديدة اهمها ما يلي اولا ان هذا العلم اشرف العلوم وافضلها واعلاها مكانة وارفعها منزلة وشرف العلم من شرف معلومه. ولا اشرف وافضل من العلم بالله واسمائه وصفاته الواردة في كتابه العزيز رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ولذا فان الاشتغال به والعناية بفهمه اشتغال وفي مطلوب واجل مقصود ثانيا ان معرفة الله والعلم به تدعو الى محبته وتعظيمه واجلاله وخشيته وخوفه ورجائه واخلاص العمل له وكلما قويت هذه المعرفة في العبد عظم اقباله على الله واستسلامه لشرعه ولزومه لامره وبعده عن نواهيه ثالثا ان الله سبحانه يحب اسماءه وصفاته ويحب ظهور اثارها في خلقه وهذا من كماله فهو وتر يحب الوتر. جميل يحب الجمال. عليم يحب العلماء. جواد يحب الاجواد قوي والمؤمن القوي احب اليه من المؤمن الضعيف. حيي يحب اهل الحياء. تواب يحب التوابين. شكور يحب الشاكرين صادق يحب الصادقين محسن يحب المحسنين رحيم يحب الرحماء وانما يرحم ومن عباده الرحماء ستير يحب من يستر على عباده عفو يحب من يعفو عنهم. بر يحب البر واهله. عدل يحب العدل. ويجازي عباده بحسب وجود بهذه الصفات وجودا وعدما. وهذا باب واسع يدل على شرف هذا العلم وفضله رابعا ان الله خلق الخلق واوجدهم من العدم وسخر لهم ما في السماوات وما في الارض ليعرفوه ويعبدوه كما قال سبحانه الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن. يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير. وان الله قد احاط بكل شيء علما. وقال سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين فاشتغال العبد بمعرفة اسماء الله وصفاته اشتغال بما خلق له العبد. وتركه وتضييعه اهمال لما خلق له ولا ينبغي لعبد ولا ينبغي لعبد فضل الله عليه عظيم ونعمه عليه متوالية ان يكون جاهلا بربه معرضا عن سبحانه خامسا ان احد اركان الايمان الستة بل افضلها واجلها واصلها الايمان بالله وليس الايمان مجرد قول العبد امنت بالله من غير معرفته بربه بل حقيقة الايمان ان يعرف ربه الذي ليؤمنوا به ويبذلوا جهده في معرفة اسمائه وصفاته. حتى يبلغ درجة اليقين. وبحسب معرفته بربه يكون ايمانه فكلما ازداد معرفة باسمائه وصفاته ازداد معرفة بربه وازداد ايمانه وكلما نقص فمن عرف الله عرف ما سواه ومن ومن جهل به فهو لما سواه اجهل. قال الا ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون. فمن نسي الله ان ذاته ونفسه ومصالحه واسباب فلاحه في معاشه ومعاده سادسا ان العلم به تعالى اصل الاشياء كلها حتى ان العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما عرف من صفاته وافعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الاحكام لانه سبحانه لا يفعل الا ما هو مقتضى اسمائه وصفاته. فافعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة ولذلك لا يشرع من الاحكام الا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله فاخباره كلها حق وصدق واوامره ونواهيه كلها عدل وحكمة. ولهذا فان العبد اذا تدبر كتاب الله وما تعرف به سبحانه الى عباده على السنة رسله من اسمائه وصفاته وافعاله وما نزه نفسه عنه ويستدلوا بها على انه على كل شيء قدير. وانه بكل شيء عليم. وانه شديد العقاب. وانه غفور رحيم وانه العزيز الحكيم وانه الفعال لما يريد وانه الذي وسع كل شيء رحمة وعلما الاقبال على الله سابعا ان معرفة الله ومعرفة اسمائه وصفاته تجارة رابحة ومن ارباحها سكون النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر. وسكنى الفردوس يوم القيامة. والنظر الى وجه الله الكريم والفوز برضاه والنجاة من سخطه وعذابه. والقلب اذا اطمأن بان الله ربه والهه ومعبوده ومليكه وان مرجعه اليه حسن اقباله عليه لو اجتهد في نيل محابه والرغباء اليه والعمل بما يرضيه ثامنا ان العلم باسماء الله وصفاته هو الواقي من الذلل والمقيل من العثرات والفاتح باب الامل والمعين على الصبر والمبعد عن الخمول والكسل والمرغب في الطاعات والقرب والمرهب عن والمرهب من المعاصي والذنوب والسلوان في المصائب والالام والحرز الحامي من الشيطان المحبة والتواد والدافع للسخاء والبذل والاحسان الى غير ذلك من الثمار والاثار فهذه جملة من الاسباب العظيمة الدالة على فضل العلم باسمائه وصفاته وشدة حاجة العباد اليه بل ليس هناك حاجة اعظم من حاجة العباد الى معرفة ربهم وخالقهم ومليكهم شؤونهم ومقدر ارزاقهم. الذي لا غنى لهم عنه طرفة عين. ولا صلاح لهم ولا زكاء الا معرفته وعبادته والايمان به وحده سبحانه. ولهذا فان حظ العبد من الصلاح واستحقاقه من والثناء انما يكون بحسب معرفته بربه سبحانه وعلمه بما يرضيه ويقرب اليه من الاقوال وصالح الاعمال. نسأل الله عز وجل ان ينفعنا بما سمعنا وان يوفقنا لكل خير وان ييسرنا لليسرى وان يجنبنا العسر اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولولاة امرنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين الاحياء منهم والاموات اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما هون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا. واجعله الوارث منا واجعل تارنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا. ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا. ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. جزاكم الله خيرا