المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله قطعة من مختصر التفسير. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ اعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهد الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم تسليما كثيرا. اما بعد فقد تكرر علي الطلب من كثير من اخواني في وضع تفسير مختصر للقرآن. فاجبته بان التفسير المختصر لا يحصل به كمال المقصود. وبان التفاسير المختصرة كثيرة تغني من كان جل قصده حل معاني الالفاظ ومفرداتها. فالحوا مع هذا الاعتذار. فاعتمدت على الله في وضع تفسير مختصر مختص بمعاني الكلام خال من تفسير المفردات. ومن تعديد القراءات. ومن الاصطلاحات اللغوية والاساليب العربية. الا اذا اقتضى بيان المعنى شيئا من ذلك. فاقول مستعينا بالله مقدمة في ضوابط نافعة. اولا ينبغي لمن اراد فهم كلام الله فهما صحيحا. ان يتدبره تدبرا صادقا. ويتفهم ما دل عليه من المعاني. ويطبقها على فلا يراعي خصوص الاسباب التي نزلت الايات بسببها. او قيل انها نزلت بسببها. بل يراعي عموم معنى كلام ويعلم ان السبب اذا ثبت فانه جزء وفرد من افراد ذلك المعنى الذي دل عليه الكلام. وكذلك الاقل الاقوال التي يقولها المفسرون اذا تعددت فان البصيرة بامكانه ان يجعل جميعها داخلة في المعنى قادة منه حيث احتملها اللفظ. ولا ينبغي له ان يحملها على التباين والتخالف. فكم ذكر في كثير من الايات متعددة ومرجعها في الحقيقة كلها الى المعنى العام. ثانيا واذا رتب الله على معنى من المعاني حكما كان ثبوت ذلك الحكم وكماله ونقصه بحسب قيام ذلك المعنى في العامل. مثال ذلك الاثار العاجلة والاجلة التي رتبها الله على اوصاف الايمان او الاسلام او الاحسان او الخوف والرجاء او الصدق او الخشوع او الصلاة والصيام والانفاق وغيرها. اذا كملت قيام العبد بها تم له الثواب. واذا نقص نقص. وضد ذلك اوصاف الكفر والنفاق والكذب الخيانة والظلم ونحوها اثارها وعقوباتها بحسب ما قام العبد منها. ثالثا اذا دخلت ال على اسماء الاجناس الانسان والانس والجن ونحوها او دخلت على الاوصاف كالبر والتقوى والخير والصدق والاحسان والعدل والظلم ونحوها فانها تفيد العموم عموم الاشخاص او عموم الاوصاف. رابعا المفرد اذا اضيف يفيد العموم كما يفيده الجمع المضاف كذلك النكرات. اذا جاءت بعد النفي او النهي او الاستفهام او الشرط. خامسا اذا امر الله بشيء كان امرا وبما لا يتم الا به. واذا نهى عن شيء كان نهيا عن جميع وسائله وتوابعه. واذا اخبر بشيء يستلزم وجود لاسباب ووسائل قبله كان خبرا به وبوسائله فاعتبر هذه الضوابط الجامعة التي لا تخلو كل سورة من القرآن تعاني من كثير منها. واعلم ان المفسرين اصطلحوا على ان السور التي نزلت كلها او معظمها قبل الهجرة تسمى وغالبها في تقرير الاصول والسور التي نزلت كلها او معظمها بعد الهجرة تسمى مدنية. وفيها تقرير الاصول ايضا وكثير من الفروع كما ستراه والله اعلم. مختصر تفسير سورة الفاتحة. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. اياك نعبد واياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هذه السورة مكية. وهي فاتحة الكتاب وام القرآن. لرجوع معاني القرآن كلها اليه على وجه التأصيل والاجمال. والبسملة اية من القرآن. وهي فاصلة بين كل سورتين. ومعناها مستعينا ومتبركا بكل اسم لله. دي الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين. وهو الموصوف بالرحمة العظيم الواسعة التي من اثارها خيرات الدنيا وخيرات الاخرة. الحمد لله اي الثناء الكامل بصفات الجمال كثرة النعم لله وحده. رب العالمين الذي خلقهم ورزقهم ورباهم بنعمه الظاهرة والباطنة. وكل من سوى الله هم العالم من انس وجن وملائكة وحيوانات ونباتات وجمادات. فالله رب الجميع اعطى كل كل شيء منها خلقه اللائق به. ثم هدى كل مخلوق الى ما خلق له. ومع ربوبيته لهم فهو الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء. وخص المتقين بالرحمة الكاملة المثمرة للسعادة الابدية. ومع انه ربهم فاليه مصيرهم. فهو مالك يوم الدين. وهو يوم القيامة يوم كل احد يدان بعمله. ان خيرا فخير وان شرا فشر. وخص يوم الدين مع انه ما لك الايام كلها. والخلائق كلها. لانه في ذلك يظهر ملكه العظيم وعظمته الكاملة. وتظهر اثار ملكه في جزاء العباد باعمالهم. ويتساوى الخلائق كلهم بالخضوع لله والفقر الكامل. ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. ولما كان الله قد خلق الجن والانس الانس ليعبدوه بكمال معرفته وعبادته قدم تعرفه الى عباده بحمده والثناء عليه وتمجيده يترتب على هذا قيام المكلفين بعبادته والاستعانة به. فلهذا قال اياك نعبد واياك نستعين كان هذا اخر ما وجد من كلامه رحمه الله