المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثاني في فوائد الصلاة. فرض الله على الامة خمس صلوات كل يوم وليلة. ومن النوافل والرواتب والوتر وغيرها ما هو تبع لها. لما في ذلك من الفوائد الضرورية والكمالية الدينية الدنيوية. قال تعالى اقم الصلاة لدنوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. فهذه الاية تدخل فيها الصلوات الخمس. وقد تواترت الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس وتفصيل اوقاتها وشروطها ومكملاتها وفي فضلها وكثرة ثوابها. فمن فضائلها انها اعظم عبادة يحصل فيها الخضوع والذل لله. وامتلاء القلب من الايمان به وتعظيمه. وذلك مادة سعادة القلب الابدية ونعيمه ولا يمكن تغذيته بمثل الصلاة. والصلاة اعظم غذاء وسقي لشجرة الايمان. فالصلاة تثبت الايمان وتنميه وتنمي ما الايمان من فعل الخير والرغبة فيه. وكذلك تنهى عن الشر. قال تعالى واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر. فاخبر ان فيها الغذاء بذكر الله والشفاء بنهيها عن الفحشاء والمنكر. واي شيء اعظم من هذا واجل واكمل ومن فضائل انها اكبر عون للعبد على مصالح دينه ودنياه. قال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة. اي على كل الامور. اما عونها على المصالح دينية فان العبد اذا داوم على الصلاة وحافظ عليها قويت رغبته في فعل الخيرات وسهلت عليه الطاعات وبذل الاحسان بطمأنينة نفس واحتساب ورجاء للثواب وتذهب او تضعف داعيته للمعاصي. وهذا امر محسوس مشاهد فانك لا تجد محافظا على الصلاة فروضها ونوافلها الا وجدت تأثير ذلك في بقية اعماله. ولهذا كانت الصلاة عونا على الفلاح. قال تعالى انما يعمر مساجد الله واليوم الاخر. والمراد عمارتها بالصلاة والقربات. وقال صلى الله عليه وسلم اذا رأيتم الرجل المسجد فاشهدوا له بالايمان فان الله يقول انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر. واما عونها على المصالح الدنيوية فانها تهون المشاق وتسلي عن المصائب ويجازي الله صاحبها بتيسير اموره ويبارك له في ماله واعماله وجميع ما يتصل به ويباشره ومن فضائلها ان من اكملها واتقنها فقد فاز وسعد. وفي حديث ابي هريرة مرفوعا اول ما يحاسب عنه العبد صلاته فان كان قد اتمها فقد افلح وانجح الحديث سنن وللصلاة خمس فوائد كل واحدة خير من الدنيا وما عليها. تكميل الاسلام الذي هي اكبر اركانه وتكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات وزيادة القرب من رب السماوات وزيادة الايمان في القلب ونوره. وقد شرع الشارع الاجتماع للصلوات الخمس والجمعة والعيد لما فيه لاجتماع من حصول التنافس في الخيرات والتنشيط عليها والتعلم والتعليم لاحكامها فان العالم ينبه الجاهل والجاهل يتعلم بالقول والفعل من العالم ويقتدي الناس بعضهم ببعض. وكذلك ما في الاجتماع من والتواصل بين المسلمين وعدم التقاطع وما في ذلك من معرفة حال المصلين والمحافظين على الصلاة والمتهاونين ومضاعفة الاجر للاجتماع وكثرة الخطى الى المساجد وما يتبع ذلك من قراءة وذكر وعبادات تفعل في المساجد باسباب الصلوات. ومن فوائدها الطيبة بدنية وهي مصلحة تابعة لغيرها ما فيها من الرياضة المتنوعة النافعة للبدن المقوية للاعضاء والحركة المذيبة للاخلاق الغليظة وذلك من وجهين احدهما ما في الصلوات ووسائلها وتوابعها من المشي والذهاب والمجيء والقيام والقعود والركوع والسجود تكرر وكذلك الطهارة المتكررة. كل هذه الحركات نفعها محسوس مشاهد لا يماري فيه الا جاهل. الوجه الثاني ان روح الصلاة ومقصود وها انا روح الصلاة ومقصودها الاعظم حضور القلب بين يدي الله ومناجاته بكلامه وذكره والثناء عليه ودعاؤه والتضرع اليه القربة عنده ورجاء ثوابه وذلك بلا ريب ينير القلب ويشرح الصدر ويفرح النفس والروح. ومعلوم عند جميع الاطباء ان السعي في راحة القلب وسكونه وفرحه وزوال غمه وهمه من اكبر الاسباب الجالبة للصحة الدافعة للامراض المخففة للالام. وذلك مجرب نشاهد خصوصا صلاة الليل اوقات الاسحار. فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث الصحيح ان العبد اذا قام من الليل ذكر الله توضأ ثم صلى ما كتب له انحلت عنه عقد الشيطان كلها فاصبح طيب النفس نشيطا. والا اصبح خبيث النفس كسلانا. ومصالح الدينية والاجتماعية والبدنية لا تعد ولا تحصى