والى ما ينزلهم ويحلل اخلاقهم وادابهم في دينهم ودنياهم. فنقبل الاول ونرفض الثاني. هلم فلنتحاكم الى ما فيه نفع ديني ودنيوي نفع حقيقي فنقبله وما فيه ضرر ديني ودنيوي فنرفضه. هلم فلنتحاكم الى ما المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثانية الدين الحق هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله. وهذا الاصل الكبير الذي صرح به الكتاب والسنة في مواضع كثيرة. مثل قوله تعالى اتل ما اوحي اليك من الكتاب وقوله اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم. وقوله واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم. وقوله ولا اتبعوا من دونه اولياء. وقوله سبحانه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقوله سبحانه اتبع ما اوحي اليك من ربك لا اله الا هو واعرض عن المشركين. وقوله سبحانه ومن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. وقوله وقد من ان الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين وقوله قل صدق الله وقوله عز وجل ومن اصدق من الله حديثا وقوله ومن اصدق من الله قيل وقوله سبحانه واطيعوا الله والرسول. والرسول في مواضع كثيرة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم الاية وقوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله. وقوله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين. نوله ما تولى ونصله في جهنم وساءت مصيرا. وقوله انا قد اوحي الينا ان العذاب على من كذب وتولى وقوله لا يصلاها الا الاشقى الذي كذب وتولى. وقوله ومن يتولى الله ورسوله له والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون. وقوله الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون. وقوله واتبع سبيل من اناب الي وقوله الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون. وقوله سبحانه ومن يعش عن ذكره الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون. وقال تعالى وانا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين. وقوله وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط اتق الله الاية فهذه الايات الكريمات واضعافها واضعاف اضعافها دلت دلالات صريحة انه يتعين على الخلق. اتباع ما انزل الله على رسوله من الكتاب والحكمة. وان الهدى فلاح والسعادة والنجاة في الدنيا والاخرة في اتباع ذلك وان في ضد ذلك الضلال والهلاك والشقاء في الدنيا والاخرة وان الصراط المستقيم الذي من سلكه في عقائده واقواله وافعاله وشؤونه الدينية والدنيوية هو سبيل الله الذي شرعه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الاخبارات والاوامر والنواهي وان وظيفة المكلفين ان يصدقوا كل كما اخبر الله به ورسوله ويطيع الله ورسوله في امتثال الامر واجتناب النهي وان السعادة والنجاة في هذا التصديق وهذه الطاعة والشقاء والعذاب في تكذيب الاخبار والتولي عن الامر والنهي ان من امن وعمل صالحا وسلك طريق الرسل فهو من اولياء الله وحزبه. ومن لم يؤمن بالله ورسوله ويعمل صالحا اهو من اعدائه وحربه وانه يتعين سلوك طريق المنيبين الى الله في ظاهرهم وباطنهم. لا طريق الغافلين ولا المعرضين ولا المعارضين الصادين عن لله فهذه النصوص ونحوها صريحة انه يجب ان يكون الاصل الذي اليه مرجع المكلفين. كتاب ربهم وسنة نبيهم وان جميع المقالات والاحوال والاعمال والعلوم توزن بهذا الاصل. فما وافقه فهو الحق والصدق والصواب. وما خالفه وناقضه فهو الضلال والشقاء. وان من جعل كلام اعداء الرسل هو الاصل. وغيره ما وافقه قبله. وما خالفه رفضه فهو محاد لرسل الله منابذ لدين الله. وان في مقدمة هؤلاء الملحدين من دعوا الى رفض كل قديم وجعلوه سلما لهم وطريقا لرفض الدين وعلومه واعماله. وان هذه دعاية الحادية. القصد منها الدعاية الى نبذ للدين واعتناق طريق الملحدين. وان اهل العقول الصحيحة والالباب السليمة هم الذين يدعون الى رفض الشرور والفساد وانواع الظلم والى الحث على الخير والصلاح والاصلاح. فهذا هو الاصل الذي يوافق عليه جميع العقلاء اهل الاديان وغيرهم وحيث كان هو الميزان الذي لا يمكن كل احد الا الاعتراف به حتى المنصفين من الاجانب. فعلينا وعلى الخلق كلهم ان يعرض القديم والحديث على هذا الاصل الجليل حيث عرض على هذا الاصل القديم والحديث وجد ما دل عليه الكتاب والسنة هو الخير. وهو الهدى والسعادة لانه يدعو الى الخير. قال تعالى ولتكن منكم امتي يدعون الى الخير. وقال ان الذين امنوا امنوا وعملوا الصالحات الاية وقال ان اريد الا الاصلاح ما استطعت. وقوله وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. وقوله سبحانه والله لا يحب الفساد. وقوله ان الله لا يصلح عمل المفسدين. فما ثم صلاح وخير ونفع ديني ودنيوي. الا والكتاب والسنة قد حث عليه ورغب فيه بين الطريق الموصلة اليه حتى الفنون والاختراعات والصناعات الحادثة التي فيها نفع للعباد. وتقيهم من الشرور والفساد وما من شر وضرر وفساد الا وقد نهى الدين الاسلامي عنه سواء كان ذلك متقدما او متأخرا. واما تعنت الملحدين الماديين بوجوب رفض القديم مطلقا واعتناق الجديد مطلقا. فهذا اصل لا يمكن ان يوافق عليه احد من العقلاء بان القديم منه طيب وخبيث. والجديد منه طيب وخبيث. فالطيب يجب قبوله مطلقا. والخبيث يجب رفضه لقى الطيب الذي في الحديث انما استفيد مما دل عليه القديم من علوم واخلاق. فاصل الخير ومنبعه ما جاءت به ونزلت به الكتب. ويقال لاهل هذه الدعاية الخبيثة. هذه دعاية لا يمكن ان يوافق عليها احد حتى ان لا توافقون عليها فانكم تقبلون ما نقلتم عن ائمتكم وتحثون على ذلك. سواء كانوا من القدماء او من الاخرين. فاصل لا يوافق عليه احد من الخلق يجب ان نرفضه وان نرجع الى الاصول الدينية والاصول العقلية اما الاصول الدينية فقد اريناكم بعض ما دل عليه اشرف الكتب وهو القرآن بوجوب اتباع كتاب الله وما دل ما جاء عن رسول الله وانه الخير والحق والهدى. وما سواه شر وضلال وشقى. واما الاصول العقلية فهلم فلنتحاكم الى هذه الاصول التي لا يمكن عاقلا ان يقدح بها. ومن قدح فيها فهو مكابر نتحاكم الى الطيب والخبيث فكل طيب من العقائد والاخلاق والاعمال والمقاصد والوسائل فعلينا ان نقبله. وكل خبيث من ذلك فعلينا ان نرفضه وهلم فلنتحاكم الى الخير والصلاح والاصلاح لا الى الشر والفساد فكل خير وصلاح واصلاح فعلينا ان نقبله وكل شر وفساد فعلينا ان نتركه. هلم فلنتحاكم الى ما يرقي الخلق. ويعليهم في دينهم ودنياهم فرأيت منهم العز الذي بهرني والتفنن الذي ادهشني فقلت في نفسي لولا ان هؤلاء هم القوم وانهم على حق والمسلمون على الباطل ما كانوا على هذا الوصف الذي ذكرت لك اثاره جليلة وعواقبه حميدة في الدنيا والاخرة. فنقبله ونقبل عليه والى ما اثاره ذميمة وعواقبه وخيمة فندعه ونرفضه. هل هم فلنتحاكم الى العدل واداء الحقوق في حقوق الله وحقوقه عباده فنقبله وندعو اليه. واما الظلم وعدم اداء الحقوق الواجبة. فهذه الاصول العقلية والشرعية وما اشبهها. لا يدعى احد للتحاكم اليها فيأبى لدلنا على سفاهته وحمقه ومكابرته الدين الاسلامي لا يأبى التحاكم في علومه واخلاقه واعماله وادابه كلها. الى قضايا العقول التي يتفق والعقلاء على صحتها وسلامتها. بل هو الذي دعا الخلق اليها وحثهم عليها. فكيف يأبى ان يحتكم الى ما تقتضيه واسسه. واما اطلاق المحاكمة الى القديم والحديث فهذا كما تقدم لا يوافق عليه هؤلاء. لانها قضية مختلة متزعزعة عند الناصرين لها. لانهم لا يتناقضون في رفض وفي قبول كل حديث. فمنه اشياء يقبلونها ومنه اشياء يرفضونها من وجه. دال على فساد من انفسهم وحججهم. ووجه اخر وهو انهم اذا كانوا يرفضون القديم ويرحبون بالجديد. فهذه قضية اول من يحظى بابطالها واصفوها. وذلك انهم اذا اسسوا لهم امورا يجرونها ويرونها هي الحق. الذي يجب وتقديمه ونصره. كانوا اذا جاء من بعدهم فاما ان يتبعوا ما اسسه الاولون فينتقد اصلهم وتصير الامور الحادثة عند النشء الحديث لا يعبأ بها وانما يحافظ على ما قاله الاولون. وهذا بعينه اكبر برهان على نفيها وان تسلسل هذه القاعدة عند النشء الذي بعدهم فيجيبون رفض ما قاله هؤلاء واعتناق الامور المتجددة. لم اثبت بايدي الناس حق يكون له الاثبات بل ما اثبته هؤلاء نفاه الاخرون. وما نفاه هؤلاء اثبته الاخرون. فصاروا في امر مريج متهافت مختل الاصول والفروع هذا من جهة ميزان هذه القضية الجائرة في عقول قائليها. واما وزنها في الشرائع الدينية وفي العقول الصحيحة فهي ارذل واخس من ان يقام لها وزن انما هي اقوال صدرت من سفهاء الاحلام ضعفاء العقول ارادوا بها التمويه على الاغرار الذين لا قلب لهم استفتونه ولا الباب صحيحة يزنون بها الامور والقضايا. وانما الموازين التي لا يقدح فيها احد من العقلاء. فتلك كالاصول التي اشرنا لها وما اشبهها فهي التي من قالها صدق قوله ومن حكم بها عدل حكمه. ومن استقام عليها هدي الى صراط مستقيم. وهي الاصول التي لا يمكن نقضها وتجري مع الزمان والاحوال لا تتغير لانها حقائق ثابتة صالحة للخليقة موضوعة لنفعهم. اما المسلمون فليس عندهم ادنى ريب بان دينه هو الحق الذي لا تعرف الحقائق الا به وهو الدين الذي رسم للخلق حقائق الاشياء ودلهم عليها وارشدهم الى منافعها ولا يستريبون ان جميع اصول الدين وفروعه وظاهره وباطنه اذا وزنت بتلك الموازين الصحيحة ظهر نورها وجلالها وكمالها ووجوب تقديمها على كل شيء واما المنحرفون عن الدين فربما يصير عندهم في هذا المقام مغالطات. ويدعون دعوتهم مجردة عن البرهان مذاهبهم هي الموافقة لتلك الاصول. فعند ذلك يقال هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين بينوا الطريق التي يعرف بها ما ادعيتم. ونحن نعلم علما مبنيا على البراهين والحقائق. انه ليس لهم طريق صحيح الى تحقيق كل قول نابذوا به الدين. ثم نقول عن طريق التقول في مقام المناظرة. ان الدعاوي اذا تعارضت والاقوال اذا تناقضت فعندنا حكمان عدلان. الدين الاسلامي والعقل الصحيح. اما الاول فان كان المجادل بالباطل يدعي انه مسلم فانه يقال له المسلم باجماع المسلمين لا يصير مسلما حتى يقدم ما جاء به الرسول من كتاب الله وسنة رسوله على ما قاله الناس. فعلينا ان نتبع ما جاء في الكتاب والسنة. وما اشكل عليك هل هو موافق او معارض؟ وضحنا لك من ادلة الشريعة ما يوجب لك الوضوح. والانقياد التام. ربما كان فهمك قاصرا عن دلالات النصوص فيبين له دخول جميع المنافع والمصالح في نصوص الشرع. فاذا انقاد لذلك فهو مسلم ويصير طريق العقل مؤيدا لطريق ديني والعقل اما الدين فانه يبين له الادلة والبراهين العظيمة. التي لا تقاوم ولا تصادم على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الوحي الذي جاء به من عند الله. وهي ادلة في اعلى ما يكون من القوة والوضوح والكثرة وايات نبوته صلى الله عليه وسلم وبراهينها متنوعة. اخلاقه العظيمة التي اقسم الله بها بقوله وانك على خلق عظيم بحيث اذا وضح بعضها عرف انه لا كان ولا يكون احد من عظماء الرجال يدانيه في الكمال والفضل والخصال الحميدة التي يستحيل معها ان يكون متقولا. بل تدل على انه اصدق الخلق وابرهم واتمهم في كل فضل وكمال وما امر به ونهى عنه وشرعه فانه محكم منتظم لا يأمر الا بكل معروف شرعا وعقلا ولا ينهى الا عن كل منكر شرعا وعقلا. لا تجد في احكامه اختلالا ولا سفها ولا عبثا ولا منافاة للحكمة. والقرآن العظيم الذي جاء به من عند الله فانه تبيان كل شيء وهدى ورحمة. وفيه من العلوم والحقائق العظيمة ما لا يمكن ان يأتي عليه وصف لا يمكن ان يأتي علم صحيح ينقض ما جاء به بوجه من الوجوه. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فيه علوم الاولين والاخرين. فبمجرد نظر المنصف الى ما جبل الله رسوله على عليه من الاخلاق والى احكام دينه وكماله والى عظمة القرآن وما احتوى عليه من المعجزات. يضطره الى تصديقه الى الخضوع لدينه وشرعه. واذا علم انه رسول الله وانه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى تعين قبول ما جاء به وان يكون هو الاصل الذي تعرض عليه الاقوال والمذاهب. فما وافقه فهو الحق. وما خالفه فهو الباطل لانه اذا علم انه رسول الله حقا كان ما جاء به حقا لا يمكن ان يعارض الحق. فماذا بعد الحق الا الضلال. فان ابى المناظر الانقياد الى شيء مما تقدم فعلى وجه التنزل في المناظرة الدال على غاية الانصات واقناع الخصم فهلم الى التحاكم الى العقول الحرة المعروفة بالاعتدال التي لم تتلوث بالتعصبات ولا بالقصود للفاسدة والاغراض السيئة التي ليس لها قصد الا طلب الحقيقة. والتسليم للحقائق ولا يستريب من وقف على اصول الدين وتعاليمه العالية والاخلاق السامية وادابه الرفيعة انه هو الذي يكفل سعادة الدنيا الحقيقية التي تعد سعادة كما كان كفيلا بسعادة الاخرة. ولا يعرف ذلك حق المعرفة الا من تتبع الحقائق الدينية وما تسمو اليه من رقي القلوب والارواح والاخلاق وما يعين على ذلك في المادة المالية والصناعية والسياسية. وما يقوي ذلك من الامور المعنوية. وبذلك يعرف مع على وجه البصيرة التي لا تردد فيها ولا ريب انه يتعين على الخلق اتباع ما انزل الله على رسوله من الكتاب سنة عقله كما تعين ذلك شرعا. وتقدمت الاشارة الى بعض ما دل على ذلك من النصوص. وانما قلنا ذلك نزلنا هذا التنزل الذي لا يبقي لمبطله شبهة لانه في هذه الاوقات تم الالحاد. وفشى الدعاية بين المسلمين وصار يدعو اليه الاجانب ويدعو اليه من تسمى بالدين. اما نفاقا وخداعا واما ان يكون صنيعة طيره واجيرا. واما ان يكون ليس له بصيرة. سمع الناس يقولون شيئا فقال وهذا كثير في اهل الصحف الذين لا بصيرة لهم في الدين ولا يبالون بسقوط صحفهم عن الاعتبار الديني. بل والادبي. ومن دعا بالطريقة التي شرحناها لم يلقى لدعوته معارضا اصلا. اللهم الا لمن عرفوا بالمكابرات وجحد الحقائق والمغالطات التي لا تسمن ولا تغني ولا تفيد شيئا. ولنذكر سورة مناظرة جرت بين رجلين كانا رفيقين وكانا مسلمين يدينان بالدين ان الحق علما وعملا فغاب احدهما عن صاحبه مدة ثم التقيا فاذا هذا الغائب قد تغيرت احواله واخلاقه فسأله صاحبه عن ذلك فاذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين. الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به سيد مرسلين فحاوله صاحبه وقلبه لعله يرجع عن هذا الانقلاب الغريب. فعرف ان هذه علة ومرض تفتقر الى استئصال الدواء وانزال الدواء على الداء. وان ذلك متوقف على معرفة الاسباب التي حولته. والى تمحيصها وتخليص وتوضيح مرتبتها ومقابلتها بما يضادها ويقمعها. فقال له مستكشفا عن الحامل له على ذلك ما هي ياء اخي الاسباب التي حملتك على ما ارى. وما الذي دعاك الى نبذ ما كنت عليه؟ فاذا كان خيرا كنت انا وانت فيه شريكين والا كان غير ذلك فاعرف من عقلك وادبك انك لا ترضى ان تقيم على ما يضرك ويثمر لك الثمرات الرديئة فقال له لا اخفيك العلم اني قد رأيت حالة المسلمين حالة لا يرضاها ذوي الهمم العالية. رأيتهم في وخمول وامورهم مدبرة واحوالهم سيئة. ورأيت في الجانب الاخر هؤلاء الاجانب قد ترقوا في هذه الحياة وتفننوا في الفنون والمخترعات العجيبة المدهشة والصناعات المتفوقة. فرأيتهم قد دانت لهم الامم خضعت لهم الرقاب وصاروا يتحكمون في الامم الضعيفة بما شاءوا ويعدونهم كالعبيد والاجراء واقل من ذلك رأيت ان سلوكي سبيلهم واقتدائي بهم خير لي واحمد عاقبة. فهذا الذي سيرني الى ما رأيت فقال له صاحبه حين ابدى له ما كان مستورا. اذا كان هذا هو السبب الذي حولك الى ما ارى. فهذا يا اخي ليس من الاسباب التي يبني عليها العقلاء واولو الالباب عقائدهم واخلاقهم واعمالهم. اما تأخر المسلمين فيما ذكرت فليس من دينهم وقد علمت وتيقنت ان دين الاسلام يدعو الى الصلاح والاصلاح والاستعداد بالقوة المعنوية والقوة المادية من كل وجه الى قوة المسلمين. ومقاومتهم لاعدائهم. والى السلامة من كل اضرارهم. وهو لا تزال تعاليمه وارشاداته قائمة لدينا تنادي اهلها. هلموا الى جميع الاسباب النافعة التي تعليكم وترقيكم في دينكم اياكم افبتفريط اهل الدين تحتج على الدين؟ اليس هذا التفريط منهم يوجب على اهل البصائر منهم ان يكون ونشاطهم وجهادهم الاكبر متضاعفا. لينالوا المقامات الشامخة ويبتعدوا من الهوة العميقة. اليس القيام التام عن المنكر ويسعون في سعادته وفلاحه. ثم من تمام هذه النعمة ان يوفق لطاعتهم ولا يتشبه بمن قال الله فيهم ولكن لا تحبون الناصحين. واعلم انه ربما كان الانسان اذا ذاق مذهب المنحرفين والجهاد من افرد الفروض والزم اللوازم في هذه الحال. فالجهاد في حال قوة المسلمين وكثرة المشاركين. له فضل عظيم يفوق سائر العبادات فكيف اذا كانوا في هذه الحال التي وصفت؟ فان الجهاد لا يمكن تعبير المعبرين عن فضائله ومناقبه. فانه في هذه الحال يكون الجهاد قسمين. قسم منه فيه تقويم المسلمين وايقاظ هممهم وبعث عزائمهم. وتعليمهم العلوم النافعة وتهذيبهم بالاخلاق الراقية. ولعل هذا اشق النوعين وافضلهما. وقسم فيه مقاومة الاعداء واعداد العدة القولية والفعلية والسياسية والداخلية والخارجية لمقاومتهم ومنازلتهم في ميادين الحياة حين صار الامر على هذا الوصف الذي ذكرت. وصار الموقف حرجا. تتخلى عن اخوانك المسلمين. تتخلف عن الجبناء الفين فكيف مع ذلك تنضم الى حرب المحاربين؟ لا تكن يا اخي ارذل ممن قيل فيهم تعالوا قاتلوا في سبيل لله او ادفعوا. قاتلوا لاجل الدين او ادفعوا لاجل الرابطة القومية. فاعيذك يا اخي من هذه الحالة التي لا يرضاها اهلك الديانات ولا اهل النجدات والمروءات. فهل ترضى ان تشارك قومك في حال عزهم وقوة عددهم وعديدهم؟ وتفارقهم في حال ذل ومصائبهم وتخذلهم في حالة اشتدت فيها الضرورة الى نصرة الاولياء وقمع عدوان الاعداء. فهل رأيت يا اخي قوما خيرا من قومك ودينا خيرا من دينك وقال ذلك المنقلب المنصوح. الامر كما ذكرت لك ونفسي تتوق الى اولئك الاقوام الذين اتقنوا الفنون والصناعات والفوا السياسات والحضارات وترقوا في هذه الحياة. وقال له صاحبه وهو يحاوره. رفضت دينا قيما كامل القواعد. نير البرهان يدعو الى الخيرات ويحث على طريق السعادة والفلاح. ويقول لاهله هلموا الى الفلاح والنجاح. دين مبني على الحضارات الراقية الصحيحة التي بنيت على العدل والتوحيد واسست على الرحمة والحكمة والشفقة واداء الحقوق بظلها الظليل وخيرها الطويل واحسانها الشامل وبهائها الكامل ما بين المشارق والمغارب. واقر بذلك الموافق والمخالف الف اتتركها راغبا في حضارات ومدنيات مبنية على الكفر والالحاد. مؤسسة على الطمع والجشع وظلم العباد لروح الايمان ورحمته. حضارة ظاهرها مزيف وباطنها خراب. وتخالها تعميرا للوجود. وهي في الحقيقة الها الهلاك والتدمير. الم تر اثارها في هذه الاوقات وما جلبته للخلق من الهلاك والفناء والافات فهل سمع الخلق منذ ان اوجدهم الله لهذه المجازر البشرية نظيرا ومثيلا؟ فهل اغنت عنهم مدنيتهم وحضارتهم من عذاب من شيء. لما جاء امر ربك وما زادتهم غير تبيب فلا يخدعنك يا اخي ما ترى من المناظر والزخرفة والاقوال المموهة. والدعاوي الطويلة العريضة. فانظر الى بواطن الاشياء ولا تغرنك الظواهر وتأمل النتائج الوخيمة. فهل اسعدتهم هذه الحضارة في دنياهم التي لا حياة لهم يرجون غيرهم الم ترهم ينتقلون من شر الى شرور وانهم لا يسكنون في وقت الا وهم الى شرور فظيعة يتحفزون ثم هب انهم متعوا في حياتهم ومتعوا بالعز والرياسات ومظاهر الحياة. فهل اذا انحزت اليهم واليتهم يشركونك في ويجعلونك كانفسهم. كلا والله انهم اذا رضوا عنك جعلوك من اخس خدامهم واقذر اجرائهم. واية ذلك انك في ليلك ونهارك تكدح في خدمتهم وتتكلم وتجادل وتخاصم على حسابهم. ولم نرهم رفعوك حتى فيك ادنى قومهم وبني جنسهم. فالله الله يا اخي في دينك. والله الله في مروءتك واخلاقك وادبك. والله في بقية رمقك فالانضمام الى هؤلاء والله هو الهلاك. فلما سمع هذا الكلام وتأمل جميع الطرق والوسائل التي تنال بها الاغراض الصحيحة من اولئك الاقوام. فاذا هي مسدودة عرف انه في محنته هذه من جملة المغرورين وان الواجب عليه متابعة الناصحين. وان الرجوع الى الحق الذي فيه سعادة الدنيا والاخرة خير من التمادي على الباطل الذي يحتوي على الضرر المبين. فقال لصاحبه كيف لي بالرجوع وان لي وقد اظهرت الانحياز الى اولئك والنزوع. فقال له صاحبه الم تعلم ان من اكبر فضائل الانسان ان يتبع الحق الذي تبين له. ويدع ما هو فيه من الباطل. وان الخطأ دلل قلما يسلم منه بشر ولكن الموفق هو الذي اذا وقع في المهالك طلب الوسيلة والطريق الى كل سبب نخلصه منها وان من نعمة الله على العبد ان يقيض له الناصحين الذين يرشدونه الى الخير ويأمرونه بالمعروف وينهون وشاهد ما فيه من الغي والضلال ثم تراجع الى الحق الذي هو حبيب القلوب. ربما كان هذا اعظم لوقعه واكبر لنفسه فارجع الى الحق ثابتا وثق بوعد الله ان الله لا يخلف الميعاد. فقال الحمد لله الذي انقذنا بلطف به وحسن عنايته من الهلاك. ومن علينا بالسعادة والهدى. فنسأل الله ان يتم نعمته علينا بالثبات على دينه انه جواد كريم. فقال الناصح لاخيه لما رأى ما يسره من رجوعه الى الحق. وازيدك يا اخي بيانا ان هذه المظاهر التي نراها من الكفار قد نبهنا الله في كتابه الا نغتر بها فلولا انه تعالى قد علم انها من طرق الغرور ووسائل الخداع لما نبهنا عليها وارشدنا وحذرنا ان نغتر بها. كما وقال تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهان وقال سبحانه فلا يغررك تقلبهم في البلاد. والايات فبين لنا ان فهذا الاغترار مصيدة للجاهلين. وان الله ارى عباده من وقائعه واياته من الامم الظالمة ما حصلت به العبرة ان من بنى امره ومسالكه على الاغترار بما متعوا به فانه جاهل احمق مقلد قاصر ونظره قاصر ايضا فقد اخبر تعالى في ايات كثيرة انه يستدرجهم فيما اعطاهم فيغترون ويغتر بهم. وهذا هو الواقع منهم وممن تعشق احوالهم وانه تعالى يمهلهم ثم يأخذهم اخذ عزيز مقتدر. ولسنا ننكر ان الله اعطاهم اسبابا عظيمة تدرك بها المطالب لكن هذه الاسباب اذا لم تبنى على الحق والدين الحق. صار ضررها اكثر من نفعها هذا بالنظر الى الحياة الدنيا. واما في الاخرة فليس لهم في الاخرة من نصيب ولا خلاق