المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله جواب مجمل مطول عما احتواه كتاب الاغلال من الضلال سؤال ورد علينا يستفهمون عما يحتوي عليه الكتاب المسمى هذه هي الاغلال على وجه الاجمال فاجبنا عن ذلك باننا قد كتبنا في موضوعاته رسالة لطيفة لا يمكننا ايرادها هنا ولكن نظرة اجمالية تفيد عن موضوعه فنقول مستعينين بالله راجين منه ان يعيننا على العلم النافع والعمل والا يزيغ قلوبنا من نظر في هذا الكتاب وتأمله حق التأمل علم انه ما صنف اعظم وطأة وعداوة للدين الاسلامي ومقاومة له من هذا الكتاب وانه ما اجترأ احد من الاجانب فضلا عمن الحد ممن يتسمى بالاسلام بمثل ما اجترأ عليه هذا الرجل ولا افترى مفتري مثل افتراءه ولا حرف محرف مثل تحريفاته وما صرح احد بالوقاحة والاستهزاء والسخرية بالدين والشرع واصوله وعلومه واخلاقه وحملته كاستهزائه وسخريته فانه احتوى على نبذ الدين الاسلامي ومنابذته ومنافقته فهو صريح في الانحلال عن الدين بالكلية وخروج تام عن عقائده واصوله فضلا عن فروعه وهو اكبر دعاية ومقاومة للدين وعداء له ولاهله وفيه من البهرجة والتزويرات التي جعلها في قالب نصر الدين ما يعد من اكبر الزندقة والنفاق والمكر والخداع فلم يبق من الشر طريقا الا سلكه فانه شارك المنحلين عن الدين النابذين له بالكلية وشايع الدعاة الى نبذه والى تحبيد الالحاد ودخل في ضمن زنادقة الملحدين وهذه الامور الثلاثة وهي نبذ ومنابذته ومخادعته التي هي مجموع طرق اعداء الدين جعلها موضوع كتابه وحشى كتابه من اوله الى اخره بها فما لا يخفى على ذي بصيرة وذلك انه تلقى عن جميع الدعاة الى الكفر برب العالمين والقدح في رسالة جميع الرسل خصوصا خاتمهم وامامهم محمدا صلى الله عليه وسلم تلقى عن الاولين والاخرين من ائمة الكفر ودعاة الالحاد كلما قالوه وزاد عليهم زيادات واستدرك عليهم استدراكات وذلك ان المعطلين للباري رأسا المنكرين لرسالة رسله لهم في ذلك اساليب والوان متنوعة فصرح زنادقة الفلاسفة وفرعون واشياعهم بانكار رب العالمين بالكلية وصرحوا بقدم العالم وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا وما يهلكنا الا الدهر ثم اظهروه بعد ذلك باسلوب اخر وهو الاسلوب الذي سلكه زنادقة الاتحادية الذين يرون الوجود واحدا بالعين فلا ثم رب ولا مربوب ولا خالق ولا مخلوق ثم اظهره هذا الرجل باسلوب نفاق ومخادعة اشنع من ذلك كله حيث زعم انه لا فرق بين الخالق والمخلوق وان من فرق بينهما من الرسل واتباعهم وجميع اهل الاديان فهو غالط عنده وقال ان جميع صفات الباري في امكان الانسان ان يتصف بها فما بعد هذا الانكار للبارئ انكار اعداء الرسل قالوا ساحر شاعر وقالوا مفتر كذاب صارحوه بهذه الاقوال الخبيثة وزنادقة المتفلسفة قالوا ان الرسل كذبوا للمصلحة وخيلوا للناس تحييلات تخالف الحقائق وزنادقة دعاة نصرانية لما بهرهم ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الدين الكامل والاخلاق والعلوم والاعمال والفتوحات الاسلامية شرعوا يموهون على الناس ويزعمون انهم حللوا حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وخرجوا من هذا التحليل الخبيث بنتيجة ان الوحي الذي جاءه ليس من الله وانما هو من نفسه لنفسه وانه رجل سياسي حكيم وهذا سلك مسلكهم بعينه حيث زعم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلو بالطبيعة ويناجيها ويناجي الليل والنهار والارض والسماء والضياء والظلام والنسيم وانه افتتح رسالته بمناجاة الطبيعة والخلو بها في غار حراء وختمها بكمال تعلقه بالطبيعة واشتياقه اليها حيث قال في حالة السياق في الرفيق الاعلى فهذا انكار صريح لرسالته وحذو لما قاله دعاة النصارى الا ان التعبير مختلف اعداء الرسل من الدهرين الطبيعيين زعموا انه ليس سوى هذه الحياة وانما هي ارحام تدفع وارض تبلع وطبيعة لا تقلع وهذا جرى مجراهم بعينه فقال ان هي الا طبيعة تفعل وتتطور وتتفاعل وتنفعل وتتنقل من حال الى حال وتدير نظام العالم فهي المدبرة عنده للامور الدقيقة والجليلة وليس لله عنده فعل ولا وصف بل ولا وجود اعداء الرسل قالوا في رد دعوته وتكذيبه ما انزل الله على بشر من شيء وهذا يزعم ان الوحي خيالي غير حقيقي اعداء الرسول واعداء سائر الرسل يقولون لرسلهم انا تطيرنا بكم وانا لم نرى الخير على وجوهكم ولم نر فيما جئتم به الا الشر وانما الخير ما نحن عليه وهذا قال ما قالوه واكثر منه عن الدين حيث زعم انه شر وانه من اعظم المصائب عنده وان اهله لا خير فيهم ولا فيهم من الفضيلة شيء بل هم محتوون على الرذيلة واهله ساقطون وانما الخير فيما جاء به الملحدون وما عليه المكذبون هو الذي به السعادة والفلاح والرقي اعداء الرسل واعداء الرسول استهزأوا بهم وبما جاءوا به وهذا سخر بالاديان السماوية كلها وملأ كتابه من الاستهزاء والسخرية بها وخص بذلك كبره دين الاسلام اعداء الرسول قالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم يعنون بذلك رؤساء الكفر والتكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وقدموا اقوالهم واراءهم على ما جاء به الرسول وهذا احتقر الرسول وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وزعم ان العظمة محصورة في زنادقة الملحدين وقدم ما قالوه ورأوه على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم اعداء الرسول من اليهود قالوا ماكرين ودبروا ما دبروه مخادعين امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجهفروا واكفروا اخره لعلهم يرجعون وهذا سلك مسلكهم فزعم انه ينصر الدين ليروج بمقالته ما قاله في هدم الدين لعل قوله يروج على ضعفاء العقول لدعوى صاحبه انه من المؤمنين اعداء الرسول من المشركين ينكرون الايمان بالله واخلاص العمل لله وحده لا شريك له ويقولون اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب وهذا سلك اخبث من هذا المسلك حيث ذم الافتقار الى الله وعبودية الله ظاهرا وباطنا فلم يقتصر على مذهب المشركين بل اختار مذهب المستكبرين الذين لم يجعلوا لله شيئا من العبادة بالكلية وانما الواجب عنده اخلاص العكوف على الطبيعة وعبادتها ظاهرا وباطنا المشركون الاولون يشركون بالله في الرخاء ويخلصون لله في الشدائد وهذا لم يجعل لله شيئا من الدعاء والعبادة لا في الرخاء ولا في الشدة وانما حظه من هذا تهكمه بالداعين لله واستهزائه بالمتعبدين اعداء الرسول يفتخرون بزخارف الدنيا ورياستها وشهواتها ويستدلون بذلك على انهم خير من المؤمنين فيقولون اي الفريقين خير مقاما واحسن نديا وهذا زاد عليهم فاوجب العكوف على جميع لذات الدنيا وان تكون هي مبلغ علم الانسان وكل همه وان اهل هذا من الملحدين خير من المؤمنين ثم مكر وخادع فكذب جميع نصوص الكتاب والسنة الواردة في الزهد تكذيبا صريحا اعداء الرسول قالوا انا وجدنا اباءنا وقومنا على امة ودين فلن نتركه لدين محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يدعو الى تحطيم الكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والى وجوب الاخذ باقوال زنادقة الدهريين زنادقة الاباحيين المتهتكين الذين لا يرون شيئا حراما وانه ما اشتهاه الانسان فعله سلك هذا مسلكهم فاباح كل ما اشتهته النفوس وسفور النساء واجتماعهن بالرجال في جميع ميادين الحياة ونقل كلام الاباحيين مستحسنا له وزعم ان سفور الخلاعة خير من الصيانة الشرعية فاذهب شرف الدين والمروءة الانسانية وسلك في ذلك مسلك الاباحيين اهل الخلاعة اعداء الرسول قالوا نحن اكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين واحسن اثاثا ورئيا واعداؤه من اليهود قالوا عن المشركين هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا وهذا قال ما قالوه بعينه حيث يقول اي الفريقين خير الماديون الذين صنعوا المخترعات ورقوا الحياة وفعلوا كذا وكذا ام المسلمون الذين فترت هممهم وضعفت عقولهم ومرجت احلامهم وسفهت ارائهم ولم يصلوا الى ما وصل اليه هؤلاء الملحدون المكذبون للرسل واعداء الرسول يقولون اي فنتبعكم واتباعكم ضعفاء العقول الارذلون الاحقرون وهذا جعل طبقات المسلمين جميعهم خصوصا ائمة الهدى ومصابيح الدجى موصوفين بضعف العقل والرأي وهجنهم وسخر منهم وهو المسخور منه اعداء الرسول والرسل كلهم لما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم تردوا لذلك ما جاءت به الرسل وهذا فرح بعلوم الطبيعة ومعارف المنحرفين عن الدين فقدمها على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم جهارا واستهزأ بما جاء به من الدين اعداء الرسل كلهم زعموا ان الرسل لم ينفعوا الناس وهذا قال عن جميع الرسل هذه المقالة بعينها حيث صرح ان جميع الانبياء واتباعهم لم ينفعوا الناس ولم يكونوا مخلوقات متآلفة وانما الذي نفع الناس عنده ائمته من الملاحدة النابذين للدين وقد صرح بذلك مرارا اعداء الرسول يسخرون من الرسول ومن المؤمنين اذا صلوا لله واخلصوا له العبادة ودعوه متضرعين وهذا حذى حذوهم فتهكم مرات متعددة بافتقار المؤمنين ودعائهم ورجوعهم الى ربهم اعداء الرسل واعداء الرسول يستهزئون بوعد الله ووعيده ويكذبون ما قالته الرسل من العقوبات على الكفر والتكذيب والمعاصي وهذا سلك مسلكهم بعينه حيث تهكم بالوعد والوعيد وكذب بان الكفر والفسوق والعصيان اسباب العقوبات الدنيوية والاخروية اعداء الرسول من النصارى يجادلونه في دعواهم لالهية المسيح ابن مريم وهذا يستحسن ما نقله عن امثاله ان هذه الدعوة نافعة حيث كانت تدعو الى استعداد كل احد لمزاحمة رب العالمين في صفاته ان كان يثبت رب العالمين بالفاظه احيانا وانه بالامكان ان كل انسان يتمكن ان يكون كالمسيح في الهيته ولكنه ينكر تخصيص ذلك بالمسيح فقط نظير ما قاله اهل وحدة الوجود ان النصارى ضلوا بتخصيصهم هذا المعنى بالمسيح ولو عمموه في كل احد لكانوا موحدين اعداء الرسول الاولون قدحوا فيه فقالوا لم يتبعك الا عبيدنا وسوقتنا وهذا قدح في جميع اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كلهم حيث زعم ان الصحابة في طور الطفولية وانهم في طور قرد من طور الحيوان وانما العقلاء عنده الذين بلغوا رشدهم هم اولئك الملاحدة الذين كان يخضع لهم ويعظمهم غاية التعظيم اعداء الرسول مكروا به المكرات المتنوعة ليقتلوه وليطفئوا نور الله بافواههم وهذا مكر مخادعا حيث حتم الكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الدين الاسلامي وانه يجب الكفر بحملته وانهم يعدون مجرمين ليس فيهم اقل فضيلة بل هم مليئون من الرذيلة اعداء الرسول قالوا امشوا واصبروا على الهتكم ان هذا لشيء يراد وتمسكوا بدينكم واياكم ان تتبعوا محمدا على دينه وهذا سلك مسلكهم بعينه حيث زعم انه يتعين نبذ ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وان نتخذ لنا ثقافة جديدة من ارواحنا زاهدين ونابذين لجميع تعاليم الدين واخلاقه الباطنية والاسماعيلية والقرامطة حرفوا نصوص الكتاب والسنة ونزلوها على مذاهبهم التي هي اخبث المذاهب وهذا صنع اعظم من صنيعهم فحرفها ونزلها على ما دعا اليه من الالحاد زنادقة المتفلسفة قالوا اذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم العقل على النقل وهذا قدم عقول ملاحدة الزنادقة على كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقدم عقولهم على عقول اولي الالباب والنهى من ائمة الدين وعلماء المسلمين من غير مبالاة ولا خوف من رب العالمين بعض الكفار الذين تغلظ كفرهم ينكرون تعليق الامور بقضاء الله وقدره وهذا صرح بان الاجال والارزاق وجميع الامور ليس لها ارتباط بالقضاء والقدر اعداء الرسول يحتجون على المسلمين في هذه الاوقات بتأخرهم وسبق غيرهم لهم في علوم المادة والفنون العصرية ويجعلون ذلك من الشبه لهم على القدح في دينهم وهذا قال ما قالوه بعينه اعداء المسلمين من دعاة النصارى وغيرهم يريدون بحسب امكانهم ان يهضموا ائمة الاسلام وقادات المسلمين بعض حقوقهم وتبريزهم وهذا اهدر جميع محاسنهم وعلومهم واعمالهم وهدايتهم ونفعهم فلم يجعل لهم حقا اصلا ولا فضلا ولا فضيلة بعض ملاحدة الدهرين الذين يرون قدم العالم انكروا صريحا هبوط ادم وقصته وهذا كذب صريحا جميع ما الله عنه في كتابه وحكاه عنه رسوله وصرح بمقالة السفهاء حيث زعم ان مبدأ الانسان في طور شبيه بالحيوان او هو الحيوان وانهم في ذلك الوقت ليس عندهم لغة يتخاطبون بها ولا اشارات يتفاهمون بها وانما هي اصوات كاصوات البهائم ثم انتقلوا عنه بعد مدد طويلة الى ان ارتقوا الى تفهم بعضهم بعضا بالاشارات ثم انتقلوا بعد مدد طويلة الى التخاطب بالالفاظ البسيطة ولا يخفى ما في هذا من التحريف والتكذيب لجميع الرسل اعداء الرسول من المنافقين امنوا ثم كفروا وابصروا ثم عموا وهذا بعدما صنف التصانيف النافعة في نصر الدين ومقاومة المبتدعين والملحدين انقلب هذا الانقلاب الذي محى به كلما كتبه وقرره عن الدين فكان ممن خسر الدنيا والاخرة الا ذلك هو الخسران المبين الا ان يتدارك ذلك بتوبة وتنصل ونقض لما كتبه في كتابه من عداوة الدين وقدحه فيه وفي شرائعه وحملته فالله يتوب على من تاب فهذه الامور التي احتوى عليها كتابه وصورناها للقارئ تصويرا يعرف به مرتبتها وبعدها عن الدين ومقاومتها لتعاليمه العالية واخلاقه السامية واصلاحه العام واتيانه بمصالح الدنيا والدين يعجب البصير اذا تصورها كيف جمع كتابه هذا جميع ما قاله اعداء الدين ووجهوه اليه والى ما جاء به من المطاعم فحذا حذوهم وغير بعض العبارات وزوقها وروقها ثم مع ذلك يظن بسفاهة عقله انها تروج وتخفى لقد خاب اذا ظنه وبطل سعيه واضمحل امله سيعرف ويدري انها اورثته تاريخا مملوءا بالفظائع والمنكرات ونزلته من اعلى المقامات الى اسفل الدرجات وصيرته مثلة بين العقلاء في سفاهة عقله ووقاحته وانقلاب قلبه فبئس ما اشترى وبئس ما اختار لنفسه وبئس ما تعوض عن المقامات السامية باخس المتاع فنلجأ الى ربنا ونتضرع اليه الا يزيغ قلوبنا بعد اذ هدانا ونسأله ان يحبب الينا الايمان ويزينه في قلوبنا ويكره الينا الكفر والفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين وليعلم القارئ اننا لم نتجاوز ما قاله في كتابه ولم نبالغ في شيء مما نقلناه ونسبناه اليه وقد اشرنا بالرسالة المذكورة الى الصفحات من كتابه الموجودة فيها هذه المباحث الخبيثة التي لا يخفى على البصير المقصود منها ولا يخفى على العاقل الاسباب التي حملته على تأليفها والحمدلله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم قال ذلك وكتبه العبد الفقير الى الله عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين في العاشر من ربيع الاول سنة ست وستين وثلاثمائة والف