افعاله. قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما. وذكر كلامه للابوين في عدة مواضع من كتابه. قال تعالى ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر اه فهو يمهلهم ليتوبوا ولا يهملهم اذا اصروا واستمروا في طغيانهم ولم ينيبوا. ولهذا قال وهو الحليم فلا عاجل عبده بعقوبة ليتوب من عصياني. وهو العفو فعفوه وسع الورى. لو واقتداره وكذلك الجبار من اوصافه والجبر في اوصافه قسمان. جبر ضعيف وكل قلب قد غدى. ذا كسرة فالجبر منه داني. والثاني جبر القهر بالعز الذي لا ينبغي لسواه من انسان. وله مسمى ثالث وهو العلي بالجهل زلت رجله فهوى الى قعر الحضيض الداني. لاحت له انوار اثار العبادة ظنها الانوار للرحمن. فاتى بكل مصيبة وبلية ما شئت من شطح ومن هذياني. وكذا الحلول الذي هو خدنه. منها هو هنا حقا هما اخواني ويقابل الرجلين ذو التعطيل والحجب الكثيفة ما هو اماسيان ذا في كثافة طبعه وظلامه وبظلمة تعطيل هذا الساء والنور محجوب فلا هذا ولا هذا له من ظلمة يراني. بسط المصلين يشتق منه الاسم بالميزان. لكن دلالته على احداهما بتضمن ففهم همه فهم بياني وكذا دلالته على الصفة التي ما اشتق منها فالتزام دان واذا اردت لذا مثالا بينا فمثال ذلك لفظة الرحمن ذات الاله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اصل في النوع الثاني من النوع الاول وهو الثبوت. وهذا اشرف النوعين واجلها وهو المقصود لذاته. ومجمله ما ذكره المصنف في هذا البيت هذا ومن توحيدهم اثبات اوصاف الكمال لربنا الرحمن. اي من توحيد الانبياء والمرسلين واتباعهم ان يعترفوا ويثبتوا لله كل صفة للرحمن وردت في الكتب الالهية. وثبتت في النصوص النبوية يتعرفون معناها ويعقلونه بقلوبهم ويتعبدون لله تعالى بعلمها واعتقادها ويعملون بما يقتضيه ذلك الوصف من الاحوال والمعارف الربانية فاوصاف العظمة والكبرياء والمجد والجلال تملأ قلوبهم هيبة لله وتعظيما له وتقديسا واوصاف العز والقدرة والجبروت تخضع لها القلوب وتذل وتنكسر بين يدي ربها. واوصاف الرحمة والبر والجود والكرم تملأ القلوب رغبة وطمعا فيه وفي فضله واحسانه وجوده وامتنانه. واوصاف العلم والاحاطة توجب للعبد مراقبة ربه في جميع حركاته وسكناته دموع الصفات المتنوعة الدالة على الجلال والجمال والاكرام تملأ القلوب محبة لله وشوقا اليه. وتوجب له التأله والتعبد والتقرب ومن العبد الى ربه باقواله وافعاله بظاهره وباطنه لقيامه بحقه وقيامه بحقوق خلقه. وبهذه المعاني الجليلة وتحقيقها لا يرجى للعبد ان يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة. متفق عليه فاحصاؤها فهمها وعقلها والاعتراف بها والتعبد لله بها ثم شرع يفصلها فقال كعلوه سبحانه فوق السماء بل فوق كل مكان فهو العلي بذاته سبحانه اذ يستحيل الى فذا ببياني وهو الذي حقا على العرش استوى. قد قام بالتدبير للاكوان اما علو الباري تعالى فوق جميع المخلوقات ومباينته لها فقد دل عليهما العقل والفطرة مع النصوص الكثيرة المتواترة انه على بذاته فوق مخلوقاته ويستحيل الا يكون عليا فانه يمتنع ان يكون حالا في المخلوقات فيتعين ان يكون فوقها مباينا لها واما استواؤه على العرش العظيم فيستفاد من النقل الكتاب والسنة. قال تعالى كيستوى. واخبر انه العلي الاعلى وانه فوق عباده في مواضع كثيرة. وقد سئل الامام ما لك رحمه الله عن الاستواء فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب. وهكذا يجاب عن جميع ما اخبر الله به عن نفسه واخبر عنه رسوله فكما انه ثبت لله صفاته العظيمة على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. فالاستواء على العرش من جملة اوصافه. فاستوى على العرش واحتوى على الملك يدبر الامر في اقطار العالم العلوي والسفلي كما جمع بين الامرين في قوله ثم استوى على العرش يدبر امر حي مريد قادر متكلم ذو رحمة وارادة وحنان. اي هو تعالى اي حياة كاملة جامعة لجميع صفات الذات ومن كمال حياته انه كامل القدرة نافذ الارادة والمشيئة. وجمع المؤلف بين والارادة وهي المشيئة لان جميع صفات الافعال المتعلقة بذاته كالاستواء على العرش ونزوله الى سماء الدنيا على ما وردت به النصوص والمجيء والاتيان والقول ونحو ذلك. والمتعلقة بخلقه كالاحياء والاماتة والخلق وانواع التدبيرات كلها تصدر عن القدرة راده فما وجد علم ان الله اراده وما لم يوجد علم ان الله لم يرده. فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا لا قوة لاحد الا لشمول ارادته وكمال قدرته. وقوله متكلم اي لم يزل ولا يزال بالكلام موصوفا. فيكلم بما اراد فكيف اراد وحيث اراد؟ قال سبحانه وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. وسيأتي ان شاء الله القول في كلام ذو رحمة وحنان اي قد اتصف بالرحمة وعم خلقه بالنعم وشملهم بالكرم والبر والحنان والجود والامتنان هو اول هو اخر هو ظاهر هو باطن هي اربع بوزاني. ما قبله شيء اما بعده شيء تعالى الله ذو السلطان ما فوقه شيء كذا ما دونه شيء وذا تفسير ذي البرهان. فانظر الى تفسيره بتدبر وتبصر تعقل لمعاني. وانظر الى ما فيه من انواع مع رفة لخالقنا العظيم الشان اي هذا التفسير لهذه الاسماء الاربعة المباركة قد فسرها به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله انت الاول فليس قبلك كي وانت الاخر فليس بعدك شيء وانت الظاهر فليس فوقك شيء. وانت الباطن فليس دونك شيء. الى اخر الحديث ترى كل اسم بمعناه العظيم ونفى عنه ما يضاده وينافيه. فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال الطلاق والاحاطة المطلقة الزمانية في قوله الاول والاخر والمكانية في الظاهر والباطن. فالاول يدل على ان كل ما سواه بعد ان لم يكن ويوجب للعبد ان يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية او دنيوية. اذ السبب والمسبب منه تعالى. والاخر يدل على انه هو الغاية والصمد الذي تصمد اليه المخلوقات بتألهها ورغبتها ورهبتها وجميع مطالبها. والظاهر يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات وعلى علوه. والباطن يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخفايا ودقائق الاشياء كما يدل على كمال قربه ودنوه ولا يتنافى الظاهر والباطن لان الله ليس كمثله شيء في كل النعوت وهو العلي فكل انواع العلو له فثابتة بلا نكران. في القرآن من اسمائه الحسنى العلي الاعلى وذلك دال على ان جميع معاني العلو ثابتة لله من كل وجه. فله علو الذات فانه فوق المخلوق طرقات وعلى العرش استوى اي علا وارتفع وله علو القدر وعلو صفاته وعظمتها فلا يماثله صفة مخلوق بل لا يقدر الخلائق كلهم ان يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته. قال تعالى ولا يحيطون به علما. وبذلك يعلم انه اوليس كمثله شيء في كل نعوته وله علو القهر فانه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم فنواصيهم بيده وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع وما لم يشأ لم يكن فلو اجتمع الخلق على ايجاد ما لم يشأه الله لم يقدروا ولو اجتمعوا على منع ما حكمت به مشيئته لم يمنعوه وذلك لكمال اقتداره ونفوذ مشيئته وشدة افتقار المخلوقات كلها اليه من كل وهو العظيم بكل معنى يوجب التعظيم لا يحصيه من انسان. يريد ان الله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلوق ان يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصي ثناء عليه بل هو كما اثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده. واعلم ان معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان. احدهما انه موصوف بكل صفة كمال وله ومن ذلك الكمال اكمله واعظمه واوسعه. فله العلم المحيط والقدرة النافذة والكبرياء والعظمة. ومن عظمته ان السماوات والارض في كف اصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره. وقال تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا ان قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه. وقال طه يمسك السماوات والارض ان تزولا. ولئن زالتا ان امسكهما من من احد من بعده. وقال تعالى وهو العلي العظيم. تكاد السماوات يتفطرن من فوق الاية وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ان الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحد اذا منهما عذبته فلله تعالى الكبرياء والعظمة الوصفان اللذان لا يقدر قدرهما ولا يبلغ كنههما. النوع الثاني من معاني عظمته تعالى انه لا يستحق احد من الخلق ان يعظم كما يعظم الله. فيستحق جل جلاله من عباده ان يعظموه بقلوبهم وجوارحهم وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبته والذل له والانكسار له والخضوع لكبريائه والخوف منه واعمال اللسان بالثناء عليه وقيام الجوارح بشكره وعبوديته. ومن تعظيمه ان يتقى حق تقاته فيطاع فلا يعصى. ويذكر فلا ينسى يشكر فلا يكفر ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان واعمال. قال تعالى ذلك ومن يعظم عائر الله فانها من تقوى القلوب. وقال سبحانه عظم حرمات الله فهو خير له عند ربه. ومن تعظيمه الا يعترض على شيء مما خلقه او ترعة وهو الجليل فكل اوصى في الجلال له محققة بلا بطلان وهو الجميع على الحقيقة كيف لا وجمال سائر هذه الاكوان من بعض اثار الجميل ربها اولى واجدر عند ذي العرفان. فجماله بالذات والاوصاف والافعال والاسماء بالبرهان لا شيء يشبه ذاته وصفاته سبحانه عن افك بهتان. يعني ان الله تعالى هو الجليل الذي له اوصاف الجلال. وهي اوصاف العظمة والكبرياء. ثابتة محققة لا تفوته منها وصف جلال وكمال وكذلك هو الجميل بذاته واسمائه وصفاته وافعاله فلا يمكن مخلوقا ان يعبر عن بعض جمال ذاته حتى ان اهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والافراح التي لا يقدر قدرها اذا رأوا ربهم تمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم. وتلاشى ما هم فيه من الافراح. وودوا ان لو تدوم هذه الحال واكتسبوا من جماله نوره جمالا الى جمالهم وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع الى رؤية ربهم ويفرحون بيوم المزيد فرحا تكاد له القلوب وكذلك هو الجميل في اسمائه فانها كلها حسنى. بل احسن الاسماء على الاطلاق واجملها. قال تعالى ولله اهي الاسماء الحسنى فادعوه بها. وقال تعالى هل تعلم له سم يا؟ فكلها دالة لغاية الحمد والمجد والجمال لا يسمى باسم منقسم الى كمال وغيره. وكذلك هو الجميل في اوصافه. فان اوصافه كلها اوصاف كمال ونعوت ثناء وحمد. فهي اوسع الصفات واعمها واكثرها تعلقا. خصوصا اوصاف الرحمة والبر والكرم والجود ذلك افعاله كلها جميلة فانها دائرة بين افعال البر والاحسان التي يحمد عليها ويثنى عليه ويشكر وبين افعال للتي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد فليس في افعاله عبث ولا سفه ولا سدى ولا ظلم كلها خير وهدى ورحمة ورشد وعدل. ان ربي على صراط مستقيم. فلكماله الذي لا يحصي احد عليه به ثناء كملت افعاله كلها فصارت احكامه من احسن الاحكام. وصنعه وخلقه احسن خلق وصنع اتقن ما صنعه. صنع والله الذي اتقن كل شيء واحسن ما خلقه. الذي احسن كل شيء خلقه. ومن احسن من الله حكما لقومي يوقنون. ثم استدل المصنف بدليل عقلي على جمال الباري. وان الاكوان مكوية على اصناف الجمال وجمالها من الله تعالى فهو الذي كساها الجمال واعطاها الحسن فهو اولى منها. لان معطي الجمال احق بالجمال فكل جمال في الدنيا والاخرة باطني وظاهري خصوصا ما يعطيه المولى لاهل الجنة من الجمال المفرط في رجالهم ونسائهم فلو بدا كف واحدة من الحور العين الى الدنيا لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم. اليس الذي كساهم ذلك الجمال ومن عليهم بذلك الحسن والكمال. احق منهم بالجمال الذي ليس كمثله شيء. فهذا دليل عقلي واضح مسلم المقدمات على هذه المسألة العظيمة وعلى غيرها من صفاته. قال تعالى ولله المثل الاعلى. فكل ما وجد في المخلوقات من كمال لا يستلزم نقصا فان معطيه وهو الله احق به من المعطي بما لا نسبة بينه وبينهم كما لا نسبة لذواتهم الى اداته وصفاتهم الى صفاته الذي اعطاهم السمع والبصر والحياة والعلم والقدرة والجمال احق منهم بذلك. وكيف يعبر احد عن جماله وقد قال اعلم الخلق به لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك. وقال حجابه النور لو كشفه لاحرقت تبحاة وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. فسبحان الله فتقدس عما يقول الظالمون النافون لكماله علوا كبيرا. وحسبهم مقتا وخسارا انهم حرموا من الوصول الى معرفته والابتهاج بمحبته. وجمع المؤلف بين الجليل والجميل لان تمام التعبد لله هو التعبد بهذين الاسمين الكريمين فالتعبد بالجليل يقتضي تعظيمه وخوفه وهيبته واجلاله والتعبد باسمه الجميل يقضي محبته والتأله له وان يبذل العبد له خالص المحبة وصفو الوداد بحيث يسيح القلب في رياض معرفته وميادين جماله تهجوا بما يحصل له من اثار جماله وكماله فان الله ذو الجلال والاكرام وهو المجيد صفاته اوصاف تعب اقضي من فشأن الوصف اعظم شأن. المجيد الذي له المجد العظيم والمجد هو عظمة الصفات وسعتها. فكل وصف كم من اوصافه عظيم شأنه فهو العليم الكامل في علمه الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء. القدير الذي لا يعجزه شيء. الحليم الكامل في حلمه الحكيم الكامل في حكمته الى بقية اسمائه وصفاته وهو السميع يرى ويسمع كل ما في الكون من سر ومن اعلان. ولكل صوت منه سمع حاضر. فالسر والاعلان مستوي والسمع منه واسع الاصوات لا يخفى عليه بعيدها والداني وهو بصير يرى دبيب النملة السوداء تحت الصخر والصوان. ويرى مجاري القوت فيه في اعضائها ويرانيا عروقها بعياني ويرى خيانات العيون بلحظها ويرى كذلك تقلب الاجفان. هذه الابيات في شرح هذين الاسمين الكريمين السميع البصير. وكثيرا ما يقرن الله بينهما مثل قوله وكان الله سميعا بصيرا. فكل من السمع والبصر محيط بجميع متعلقاته الظاهرة والباطنة فالسميع الذي احاط سمعه بجميع المسموعات. فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الاصوات يسمعها سرها علنها وكانها لديه صوت واحد لا تختلط عليه الاصوات ولا تخفى عليه جميع اللغات والقريب منها والبعيد والسر علانية عنده سواء منكم من اسر القول ومن جهر به ومن هو استخف بالليل وسارب بالنهار. وقال سبحانه نجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير. قالت عائشة رضي الله عنها تبارك الذي وسع سمعه الاصوات. لقد جاءت المجادلة تشتكي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا في جانب الحجرة وانه ليخفى علي بعض كلامها. فانزل الله قد سمع الله قوله التي تجادلك في زوجها الاية وسمعه تعالى نوعان احدهما سمعه لجميع الاصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية واحاطته التامة بها. الثاني سمعه الاجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم. ومنه قوله تعالى الا ان ربي لسميع الدعاء. وقول المصلي سمع الله لمن حمده اي استجاب. ثم قال المصنف وهو البصير اي الذي احاط بصره بجميع المبصرات في اقطار الارض والسماوات حتى اخفى ما يكون فيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء. وجميع اعضائها الباطنة والظاهرة وسريان القوت في اعضائها الدقيقة. ويرى سريان الماء في في اغصان الاشجار وعروقها وجميع النباتات على اختلاف انواعها وصغرها ودقتها. ويرى نياط عروق النملة والنحلة والبعوضة واصغر من ذلك فسبحان من تحيرت العقول في عظمة وسعة متعلقات صفاته وكمال عظمته ولطفه وخبرته بالغيب والشهادة والحاضر والغائب ويرى خيانات الاعين وتقلبات الاجفان وحركات الجنان. قال تعالى الذي يراك حين لا تقوم وتقلبك في الساجدين انه هو السميع العليم وقال سبحانه يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. وقال سبحانه والله على كل شيء شهيد. اي مطلع ومحيط علمه وبصره وسمعه بجميع الكائنات وهو العليم احاط علما بالذي في الكون من سر ومن اعلان. وبكل شيء علمه سبحانه فهو المحيط وليس دا نسياني. وكذلك يعلم ما يكون غدا وما قد كان انا والموجود في ذا الان وكذاك امر لم يكن لو كان كيف يكون دائم كان هذا تفسير لاسمه العليم باحسن تفسير واجمعه. فهو العليم المحيط علمه بكل شيء. بالواجبات والممتنعات والممكنات يعلم تعالى نفسه الكريمة ونعوته المقدسة واوصافه العظيمة وهي الواجبات التي لا يمكن الا وجودها. ويعلم الممتنعات هادي حالة امتناعها ويعلم ما يترتب على وجودها لو وجدت كما قال تعالى لو كان فيهما الهة الا الله الله لفسدتا. وقال تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض. فهذا وشبهه من ذكر علمه ممتنعات التي يعلمها واخباره بما ينشأ عنها لو وجدت على وجه الفرض والتقدير. ويعلم تعالى الممكنات وهي التي يجوز وجودها وعدمها ما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتضي الحكمة ايجاده. فهو العليم الذي احاط علمه بالعالم العلوي والسفلي لا يخلو عن علمه مكان ولا زمان ويعلم الغيب والشهادة والظواهر والبواطن والجلي والخفي. قال الله ان الله بكل بشيء عليم. والنصوص في ذكر احاطة علم الله وتفصيل دقائق معلوماته كثيرة جدا لا يمكن حصرها واحصائه وانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر وانه لا يغفل ولا ينسى وان علوم خلائقي على سعتها وتنوعها اذا نسبت الى علم الله اضمحلت وتلاشت. كما ان قدرهم اذا نسبت الى قدرة الله لم يكن لها نسبة اليها بوجه من الوجوه فهو الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمون. واقدرهم على ما لم يكونوا عليه قادرين. وكما ان علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي وما فيه من المخلوقات ذواتها واوصافها وافعالها وجميع امورها فهو يعلم ما كان وما لا يكون في المستقبلات التي لا نهاية لها. وما لم يكن لو كان كيف كان يكون. ويعلم احوال المكلفين منذ انشأهم. وبعدما وبعدما يحييهم قد احاط علمه باعمالهم كلها خيرها وشرها. وجزاء تلك الاعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار فصل وهو الحميد فكل حمد واقع او كان مفروضا مدى الازمان. ملأ الوجوه جميعه ونظيره من غير ما عد ولا حسبان واهله سبحانه امده كل المحامد وصف ذي الاحسان. هذا تفسير لاسمه الحميد. فذكر انه حميد من وجهين. احدهما ان جميع المخلوقات ناطقة بحمده فكل حمد وقع من اهل السماوات والارض الاولين منهم والاخرين. وكل حمد يقع منهم في والاخرة وكل حمد لم يقع منهم بل كان مفروضا ومقدرا حيث ما تسلسلت الازمان واتصلت الاوقات حمدا يملأ الوجود كله له العالم العلوي والسفلي ويملأ نظير الوجود من غير عد ولا احصاء. فان الله تعالى مستحقه من وجوه كثيرة. منها ان الله والذي خلقهم ورزقهم واسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية وصرف عنهم النقم والمكاره. فما بالعباد من نعمة فمن الله ولا يدفع الشرور الا هو. فيستحق منهم ان يحمدوه في جميع الاوقات وان يثنوا عليه ويشكروه بعدد اللحظات. الوجه الثاني انه يحمد على ما له من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة. فله كل صفتك مال وله من تلك الصفة اكملها واعظمها. فكل صفة من صفاته يستحق عليها اكمل الحمد والثناء. فكيف بجميع الاوصاف المقدسة فله الحمد لذاته وله الحمد لصفاته وله الحمد لافعاله. لانها دائرة بين افعال الفضل والاحسان وبين افعال العدل والحكمة التي يستحق عليها كمال الحمد وله الحمد على خلقه وعلى شرعه وعلى احكامه القدرية واحكامه الشرعية واحكام الجزاء في الاولى والاخرة وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيط بها الافكار ولا تحصيها الاقلام وهو المكلم عبده موسى اه بتكليم الخطاب وقبله الابوان. كلماته جلت عن الاحصاء تعداد بل عن حصر ذي الحسبان. لو ان اشجار البلاد جميعها الاقلام تكتبها بكل بنان والبحر تلقى فيه سبعة ابحر لكتابة الكلمات كل زمان. نفدت ولم بها كلماته ليس الكلام من الاله بفاني. يعني انه تبارك وتعالى متكلم اذا شاء و وكيف شاء ولم يزل ولا يزال بصفة الكلام معروفا موصوفا. وكلامه تعالى من صفاته الذاتية الفعلية غير مخلوق كسائر صفات ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم. فقال سبحانه قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي لو جئنا بمثله مددا. فالكلام متعلقاته عامة عظيمة. يتكلم تعالى بما يتعلق بذاته وصفاته وافعاله عاله وبما يتعلق بجميع مخلوقاته بالاحكام القدرية والاحكام الشرعية واحكام الجزاء. وكلماته كلها عدل وصدق. صدق كن في الاخبار ومن اصدق من الله قيلا. وعدل في الاوامر والنواهي. والقرآن العظيم من اجل كلامه واشرفه واعلاه. وكذلك الكتب التي انزلها على رسله ويكلم عباده وتكليمه اياهم نوعان نوع بلا واسطة كما كلم موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم والابوين وكما خاطب محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة اسري به اليه. وكما يخاطب اهل الموقف واهل الجنة في الجنة حين يرونه ويكلمهم ويكلمونه. والنوع الثاني تكليمه لعباده بواسطة اما بالوحي الخاص للانبياء واما تابعي اليهم رسولا يكلمهم من امره بما يشاء. وقد ذكر الله هذه الانواع في قوله وما كان لبشر ان الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا توحي باذنه ما يشاء. واعلم ان صفة الكلام من صفاته الذاتية من حيث تعلقها وقيامها بذاته تصافه بها ومن صفاته الفعلية من حيث تعلقها بقدرته ومشيئته. فاذا كان من المعلوم ان الله لم يزل ولا يزال كامل القدرة نافذ المشيئة علم انه لم يزل ولا يزال متكلما اذا شاء. لان الكلام من اعظم صفات الكمال التي يستحيل نفيها عن الله وكلماته غير متناهية فلا تفنى ولا تبيد. ولم يقدر الله حق قدره من زعم ان كلامه مخلوق في جملة المخلوق التي تنتهي. وتصور هذا القول كاف في رده وهو القدير فليس يعجزه اذا ما رام شيئا قد تذو سلطاني وهو القوي له القوى جمعا تعالى الله ذو الاكوان والسلطان وهو العزيز فلن يرام جنابه ان لا يرام جناب ذي السلطان. وهو العزيز قاهر الغلاب لم يغلبه شيء هذه صفتان. وهو العزيز بقوة هي وصف فالعز حينئذ ثلاث معاني. وهي التي كملت له سبحانه من كل وجه هذه الاسماء الثلاثة العظيمة القدير القوي العزيز. معانيها متقاربة فهو على كامل القوة عظيم القدرة شامل العزة. قال سبحانه ان العزة لله جميعا. فمعاني العزة الثلاثة كلها كاملة لله العظيم. عزة القوة الدال عليها من اسمائه القوي المتين. وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب اليه قوة المخلوقات وان عظمت وعزة الامتناع فانه هو الغني بذاته فلا يحتاج الى احد ولا يبلغ العباد ضره فيضروه ولا نفعه فينفعوه بل هو الضار النافع المعطي المانع. وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لارادته. فجميع نواصي المخلوقات بيده لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف متصرف الا حوله وقوته واذنه فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة الا به. فمن قوته واقتداره انه خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام وانه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم ثم اليه يرجعون. قال سبحانه ما اخلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة. وقال وهو الذي يبدأ الخلق ثم عيده وهو اهون عليه. ومن اثار قدرته انك ترى الارض هامدة فاذا انزل عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ومن اثار قدرته ما اوقعه بالامم المكذبين والكفار الظالمين من انواع العقوبات وحلول المثلات. وانه لم يغني عنهم كيدهم ومكرهم ولا اموالهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء امر ربك. وما زادهم غير تتبيب وخصوصا في هذه الاوقات فان هذه القوة الهائلة والمخترعات الباهرة التي وصلت اليها مقدرة هذه الامم. هي من مقدار الله لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه. فمن ايات الله ان قواهم وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئا في بما اصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك ولكن امر الله غالب. وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي. ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما انه كما انه هو الخالق للعباد. فهو خالق مالهم وطاعتهم ومعاصيهم. وهي ايضا افعالهم فهي تضاف الى الله خلقا وتقديرا وتضاف اليهم فعلا ومباشرة على الحق ولا منافاة بين الامرين فان الله خالق قدرتهم وارادتهم وخالق السبب التام خالق للمسبب. قال تعالى الله خلقكم وما تعملون. ومن اثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصرة اوليائه على قلة عددهم وعددهم على اعدائهم الذي الذين فاقوهم بكثرة العدد والعدة. قال تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة باذن الله. ومن اثار قدرته ورحمته ما يحدثه لاهل النار واهل الجنة من انواع العقاب واصناف وفي النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع ولا يتناهى وهو الغني بذاته فغناه ذاتي يلهو كالجود والاحسان. قال الله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. فهو تعالى الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته التي لا يتطرق اليها نقص بوجه من الوجوه. ولا يمكن ان يكون الا الا غنيا فان غناه من لوازم ذاته كما لا يكون الا محسنا جوادا برا رحيما كريما. والمخلوقات باسرها لا تستغني عنه في حال من احوالها فهي مفتقرة اليه في ايجادها وفي بقائها وفي كل ما تحتاجه او تضطر اليه. ومن سعة غناه ان خزائن السماء والارض والرحمة بيده وان جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والاوقات. وان يده سحاء الليل والنهار وخيره وعلى الخلق مدرار ومن كمال غناه وكرمه انه يأمر عباده بدعائه ويعدهم باجابة دعواتهم واسعافهم بجميع مراداتهم ويؤتيهم من فضله ما سألوه وما لم يسألوه. ومن كمال غناه انه لو اجتمع اول الخلق واخرهم في صعيد واحد فسألوه وكل منهم ما سأله وما بلغت امانيهما نقص من ملكه مثقال ذرة ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على اهل دار كرامته من النعيم واللذات المتتابعات والخيرات المتواصلات. ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومن كمال غناه انه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا شريكا في الملك ولا وليا من الذل. فهو الغني الذي كمل بنعوته اوصافه المغني لجميع مخلوقاته وهو الحكيم وذاك من اوصافه نوعان ايضا ما هما عدما حكم واحكام فكل منهما نوعان ايضا ثابتا البرهان. والحكم شرعي وكوني ولا يتلازمان وما هما سيان. بل ذاك يوجد دون هذا مفردا والعكس ايضا ثم يجتمعان لن يخلو المربوب من احداهما او منهما بل ليس ينتفيان لكن ما الشرعي محبوب له ابدا ولن يخلو من الاكوان هو امره الديني جاءت رسله بقيامه في سائر الازمان. لكن ما الكون ولي فهو قضاؤه في خلقه بالعدل والاحسان هو كله حق وعدل ذو رضا والشأن في المقضي كلذاك نرضى بالقضاء ونسخط المقضي يحين يكون كونوا بالعصيان. فالله يرضى بالقضاء ويسخط المضي مل امران متحدان فقضاؤه صفة به قامت وما المقضي الا صنعة الانسان. والكون محبوب ومبغوض له وكلاهما بمشيئة الرحمن. هذا البيان يزيل لبسا طالما هلكت عليه الناس كل زماني ويحل ما قد عقدوه باصولهم وبحوثهم بفهمه فهم بياني من وافق الكوني وافق سخطه او لم يوافق طاعة الرحمن فلذاك لا يعدوه ذم او فوات الحمد مع اجر ومع رضوان. وموافق الدين اني لا يعدوه اجر بل له عند الصواب اثنان فصل. والحكمة العليا على وعيني اي ضمح الصلة بقواطع البرهان احداهما في خلقه سبحانه نوعان ايضا ليس يفترقان. احكام هذا الخلق اذ ايجاده في غاية الاحكام والاتقان اتقاني وصدوره من اجل غايات له وله عليها حمد كل لساني. والحكمة حكمة الاخرى فحكمة شرعه ايضا وفي هذان كالوصفان غاياتها اللائي حمدت وكونها في غاية الاحكام والاتقان. اي هو تعالى الحكيم الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم من المخلوقات الحكيم هو واسع العلم والاطلاع على مبادئ الامور وعواقبها. واسع الحمد تام القدرة غزير الرحمة فهو الذي يضع الاشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وامره فلا يتوجه اليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال وحكمته نوعان احدهما الحكمة في خلقه فانه خلق الخلق بالحق ومشتملا على الحق. وكان غايته والمقصود به الحق. خلق المخلوقات كلها باحسن نظام ورتبها اكمل ترتيب. واعطى كل مخلوق خلقه اللائق به. بل اعطى كل جزء من اجزاء المخلوقات الطرقات وكل عضو من اعضاء الحيوانات خلقته وهيئته. فلا يرى احد من خلقه خللا ولا نقصا ولا فتورا. فلو اجتمعت عقول الخلق من اولهم الى اخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن او ما يقارب ما اودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والاتقان لم يقدروا وانى لهم القدرة على شيء من ذلك. وحسب العقلاء الحكماء منهم ان يعرفوا كثيرا من حكمه. ويطلعوا على بعض ما فيها من الحسن وهذا امر معلوم قطعا بما يعلم من عظمته وكمال صفاته وتتبع حكمه في الخلق والامر. وقد تحدى عباده وامرهم ان انظروا ويكرروا النظر والتأمل هل يجدون في خلقه خللا او نقصا وانه لابد ان ترجع الابصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء ان من مخلوقاته النوع الثاني الحكمة في شرعه وامره فانه تعالى شرع الشرائع وانزل الكتب وارسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه فاي حكمة اجل من هذا واي فضل وكرم اعظم من هذا فان معرفته تعالى وعبادته وحده لا شريك له واخلاص العمل له له وشكره والثناء عليه افضل العطايا منه لعباده على الاطلاق. واجل الفضائل لمن يمن الله عليه بها. واكمل سعادة وسرور للقلوب والارواح كما انها هي السبب الوحيد للوصول الى السعادة الابدية والنعيم الدائم. فلو لم يكن في امره وشرعه الا هذه الحكمة العظيمة التي هي اصل الخيرات واكمل اللذات ولاجلها خلقت الخليقة وحق الجزاء وخلقت الجنة والنار لكانت كافية شافية. هذا وقد اشتمل شرعه ودينه على كل خير فاخباره تملأ القلوب علما ويقينا وايمانا وعقائد صحيحة. تستقيم بها القلوب ويزول انحرافها وتثمر كل خلق جميل وعمل صالح وهدى ورشد واوامره ونواهيه محتوية على غاية الحكمة والاصلاح للدين والدنيا فانه لا يأمر الا بما مصلحته خالصة او راجحة ولا ينهى الا عما مضرته خالصة او راجحة ومن حكمة الشرع الاسلامي انه كما انه هو الغاية لصلاح القلوب والاخلاق والاعمال والاستقامة على الصراط المستقيم فهو الغاية لصلاح الدنيا فلا تصلح امور الدنيا صلاحا حقيقيا الا بالدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا مشاهد محسوس كل عاقل فان امة محمد لما كانوا قائمين بهذا الدين اصوله وفروعه وجميع ما يهدي ويرشد اليه كانت احوالهم في غاية الاستقامة والصلاح ولما انحرفوا عنه وتركوا كثيرا من هداه ولم يسترشدوا بتعاليمه العالية انحرفت دنياهم كما انحرف دينهم. وكذلك انظر الى امم الاخرى التي بلغت القوة والحضارة والمدنية مبلغا هائلا. لكن لما كانت خالية من رح الدين ورحمته وعدله كان ضررها اعظم من من نفعها وشرها اكبر من خيرها وعجز علماؤها وحكماؤها وساستها عن تلافي الشرور الناشئة عنها. ولن يقدروا على ذلك ما داموا على حالهم ولهذا كان من حكمته تعالى ان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الدين والقرآن اكبر البراهين على صدقه وصدقه بما جاء به لكونه محكما كاملا لا يحصل الصلاح الا به. وبالجملة فالحكيم متعلقاته المخلوقات والشرائع. وكلها في غاية الاحكام فهو الحكيم في احكامه القدرية واحكامه الشرعية واحكامه الجزائية. والفرق بين احكام القدر واحكام الشرع ان القدر متعلق بما وجده وكونه وقدره وانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. واحكام الشرع متعلقة بما شرعه. والعبد المربوب لا يخلو منهما او من احدهما فمن فعل منهم ما يحبه الله ويرضاه فقد اجتمع فيه الحكمان. ومن فعل ما يضاد ذلك فقد وجد فيه الحكم القدري ان ما فعله واقع بقضاء الله وقدره. ولم يوجد فيه الحكم الشرعي لكونه ترك ما يحب الله ويرضاه. فالخير والشر والطاعات عاصي كلها متعلقة وتابعة للحكم القدري. وما يحبه الله منها هو تابع للحكم الشرعي ومتعلقه. والله اعلم والحيي فليس يفضح عبده عند التجاهر منه بالعصيان. لكنه يلقي على ايه ستره فهو الستير وصاحب الغفران. هذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم ان الله ها حيي يستحي من عبده اذا مد يديه اليه ان يردهما صفرا. وهذا من رحمته وكرمه وكماله وحلمه ان العبد يجاهره وبالمعاصي مع فقره الشديد اليه حتى انه لا يمكنه ان يعصي الا ان يتقوى عليها بنعم ربه. والرب مع كمال غناه عن الخلق من كرمه يستحي من هتكه وفضيحته واحلال العقوبة به فيستره بما يقيض له من اسباب الستر ويعفو عنه ويغفر له فهو يتحبب الى عباده بالنعم وهم يتبغضون اليه بالمعاصي. خيره اليهم بعدد اللحظات نازل وشرهم اليه صاعد ولا يزال الملك الكريم يصعد اليه منهم بالمعاصي وكل قبيح. ويستحيي تعالى ممن شاب في الاسلام ان يعذبه. وممن يمد يديه اليه ان يردهما صفرا. ويدعو عباده الى دعائه ويعدهم بالاجابة. وهو الحيي الستير. يحب اهل الحياء والستر. ومن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والاخرة. ولهذا يكره من عبده اذا فعل معصية ان يزيعها. بل يتوب اليه فيما بينه وبينه. ولا يظهرها للناس وان من امقت الناس اليه من بات عاصيا والله يستره فيصبح يكشف ستر الله عليه. وقال تعالى ان الذي حين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة اخره. وهذا كله من معنى اسمه الحليم الذي وسع حلمه اهل الكفر والفسوق والعصيان. ومنع عقوبته ان تحل باهل الظلم عاجلا ولاه غار الارض بالسكان. يعني انه تعالى الحليم الذي له الحلم الكامل. العفو الذي له العفو الشامل متعلق هذين الوصفين العظيمين معصية العاصين وظلم المجرمين. فان الذنوب تقتضي ترتيب اثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة وحلمه تعالى يقتضي امهال العاصين وعدم معاجلتهم ليتوبوا وعفوه يقتضي مغفرة ما صدر منهم من الذنوب خصوصا اذا اتوا باسباب المغفرة من الاستغفار والتوبة والايمان والاعمال الصالحة وحلمه وسع السماوات والارض. فلولا عفوه ما ترك كعلى ظهرها من دابة وهو تعالى عفو يحب العفو عن عباده ويحب منهم ان يسعوا بالاسباب التي ينالوا بها عفوه من السعي في مرضاته والاحسان الى خلقه ومن كمال عفوه ان المسرفين على انفسهم اذا تابوا اليه غفر لهم كل جرم صغير وكبير. وانه جعل الاسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها وهو الصبور على اداء اعدائه شتموه بل نسبوه للبهت تاني قالوا له ولد وليس يعيدنا شتما وتكذيبا من الانسان. هذا وذا بسمعه وبعلمه لو شاء عاجلهم بكل هواني لكن يعافيهم ويرزقهم وهم يؤذونه بالشرك والكفران. وهذه الابيات في تفسير اسمه الصبور مأخوذة من قوله صلى الله عليه سلم في الحديث الصحيح لا احد اصبر على اذى سمعه من الله يجعلون له الولد وهو يعافيهم ويرزقهم. وبما ثبت ايضا في الصحيح قال الله تعالى كذبني ابن ادم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن ادم ولم يكن له ذلك. فاما تكذيبه اياي فقوله لن كما بدأني وليس اول الخلق باهون علي من اعادته. واما شتمه اياي فقوله ان لي ولدا. وانا الواحد الاحد الفرد ضد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فالله تعالى يدر على عباده الارزاق. المطيع منهم والعاصي لا يزالون في محاربته وتكذيبه وتكذيب رسله والسعي في اطفاء دينه. والله تعالى حليم صبور على ما يقولون وما يفعلون يتتابعون في الشرور وهو يتابع عليهم النعم. وصبره اكمل صبر. لانه عن كمال قدرة وكمال غنى عن الخلق وكمال واحسان فتبارك الرب الرحيم الذي ليس كمثله شيء. الصبور الذي يحب الصابرين ويعينهم في كل امورهم وهو الرق قيبوا على الخواطر واللواحظ كيف بالافعال بالاركان. الرقيب والشهيد مترادفان وكلاهما يدل على احاطة سمع الله بالمسموعات وبصره بالمبصرات وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية وهو الرقيب على ما دار في وما تحركت به اللواحظ. ومن باب اولى الافعال الظاهرة بالاركان. قال تعالى ان الله كان عليكم رقي قيبا وقال والله على كل شيء شهيد. ولهذا كانت المراقبة التي هي من اعلى اعمال القلوب هي التعبد لله باسمه الرقيب الشهيد. فمتى علم العبد ان حركاته الظاهرة والباطنة قد احاط الله بعلمها واستحضر هذا العلم في بكل احواله او جبله ذلك حراسة باطنه عن كل فكر وهاجس يبغضه الله وحفظ ظاهره عن كل قول او فعل يسخط الله فتعبد مقام الاحسان فعبد الله كانه يراه. فان لم يكن يراه فانه يراه. وهو الحفيظ عليه وهو الكفيل بحفظه من كل امر عاني. ذكر رحمه الله للحفيظ معنيين احدهما انه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير شر وطاعة ومعصية فان علمه محيط بجميع اعمالهم ظاهرها وباطنها وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ ووكل بالعباد ملائكة كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون. فهذا المعنى من حفظه يقتضي احاطة علم الله باحوال العباد كلها ظاهرها وباطنها كتابتها في اللوح المحفوظ وفي المصحف الذي في ايدي الملائكة وعلمه بمقاديرها وكمالها ونقصها ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بفضله وعدله. والمعنى الثاني من معنيي الحفيظ انه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون. ولهذا قال وهو الكفيل بحفظهم من كل امر عاني اي مشق مكروه. وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص. فالعام حفظه لي جميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها وتمشي الى هدايته والى مصالحها بارشاده وهدايته العامة التي قال عنها اعطى كل شيء خلقه ثم هدى. اي هدى كل مخلوق الى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته. كالهداية المأكل والمشرب والمنكح والسعي في اسباب ذلك. وكدفعه عنهم اصناف المكاره والمضار. وهذا يشترك فيه البر والفاجر بل الحيوانات وغيرها فهو الذي يحفظ السماوات والارض ان تزولا. ويحفظ الخلائق بنعمه. وقد وكل بالادمي حفظة من الملائكة الكرام يحفظون انه من امر الله ان يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد ان يضره لولا حفظ الله. والنوع الثاني حفظه الخاص لاوليائه سوى ما تقدم يحفظهم عما يضر ايمانهم او يزلزل ايقانهم من الشبه والفتن والشهوات فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية ويحفظهم من اعدائهم من الجن والانس فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم. قال الله تعالى دافعوا عن الذين امنوا وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم. فعلى حسب ما عند العبد من الايمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه. وفي الحديث احفظ الله يحفظك. اي احفظ اوامره بالامتثال ونواهيه بالاجتناب وحدوده بعدم يحفظك في نفسك ودينك ومالك وولدك وفي جميع ما اتاك الله من فضله وهو اللطيف بعبده ولعبده واللطف في اوصافه نوعان. ادراك اسرار الامور بخبرة. واللطف عند موانع الاحسان فيريك عزته ويبدي لطفه والعبد في الغفلات عن ذا الشان. يعني ان الله لطيفة من اسمائه الحسنى وهو الذي يلطف بعبده في اموره الداخلية المتعلقة بنفسه ويلطف لعبده في الامور الخارجية عنه فيسوق يسوقه ويسوق اليهما به صلاحه من حيث لا يشعر. وهذا من اثار علمه وكرمه ورحمته. فلهذا كان معنى اللطيف انه الخبير الذي احق اطعمه بالاسرار والبواطن والخبايا والخفايا ومكنونات الصدور ومغيبات الامور وما لطف ودق من كل شيء. النوع ثاني لطفه بعبده ووليه الذي يريد ان يتم عليه احسانه ويشمله بكرمه ويرقيه الى المنازل العالية فييسره لليسر راء ويجنبه العسر ويجري عليه من اصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه وهي عين صلاحه والطريق الى سعادته كما امتحن الانبياء اباذى قومهم وبالجهاد في سبيله؟ وكما ذكر الله عن يوسف صلى الله عليه وسلم وكيف ترقد به الاحوال ولطف الله به وله بما قدره عليه من تلك الاحوال التي حصل له في عاقبتها حسن العقبى في الدنيا والاخرة. وكما يمتحن اولياءه بما يكرهونه لينير لهم ما يحبون. ولهذا قال المصنف فيريك عزته اي بامتحانك بما تكره ويبدي لطفه في العواقب الحميدة السارة. فكم لله اه من لطف وكرم لا تدركه الافهام ولا تتصوره الاوهام. وكم استشرف العبد عن مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية او رئاسة او وسبب من الاسباب المحبوبة فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمة به. لان لا تضره في دينه. فيظل العبد حزينا من جهله عدم معرفته بربه ولو علم ما زخر له في الغيب واريد اصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك. فان الله بعباده رؤوف رحيم لطيف باوليائه. وفي الدعاء المأثور اللهم ما رزقتني مما احب فاجعله قوة لي فيما تحب. وما زويت عني مما احب فاجعله فراغا لي فيما تحب. اللهم الطف بنا في قضائك وبارك لنا في قدرك حتى لا نحب تعجيل ما اخرت ولا تأخير ما عجلت وهو الرفيق يحب اهل الرفق بل يعطيهم بالرفق فوق امان هذا قد اخذه المؤلف من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ان الله رفيق يحب اهل الرفق وان الله يعطي على الرفق بما لا يعطي على العنف. فالله تعالى رفيق في افعاله خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه. مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة. ومن تدبر المخلوقات وتدبر الشرائع كيف يأتي بها شيئا بعد شيء كاهد من ذلك العجب العجيب فالمتأني الذي ياتي الامور برفق وسكينة ووقار اتباعا لسنن الله في الكون واتباعا لنبيه صلى الله عليه وسلم فان هذا هديه وطريقه تتيسر له الامور. وبالاخص الذي يحتاج الى امر الناس ونهيهم وارشادهم فانه مضطر الرفق واللين وكذلك من اذاه الخلق بالاقوال البشعة وصان لسانه عن مشاتمتهم ودافع عن نفسه برفق ولين. اندفع عنه من اذى ما لا يندفع بمقابلتهم بمثل مقالهم وفعالهم. ومع هذا فقد كسب الراحة والطمأنينة والرزانة والحلم. وهو القريب وقربه المختص وعابده على الايمان. من اسمائه القريب وقربه نوعان قرب عام وهو احاطة علمه بجميع الاشياء وهو اقرب الى الانسان من حبل الوريد وقرب خاص بالداعين والعابدين والمحبين وهو قرب يقتضي المحبة والنصرة والتأييد في الحركات والسكنات. والاجابة للداعين والقبول والاثابة للعابدين. قال تعالى واذا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة الداع اذا دعان وهو المجيب يقول من يدعو اجبه انا المجيب لكل من ناداني وهو المجيب لدعوة المطر اذ يدعوه في سر وفي اعلان. من اسماءه المجيب لدعوة الداعين وسؤال السائلين وعبادة المستجيبين. واجابته نوعان اجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة او دعاء مسألة. قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم. فدعاء المسألة ان يقول العبد ثم اعطني كذا او اللهم ادفع عني كذا فهذا يقع من البر والفاجر ويستجيب الله فيه لكل من دعاه بحسب الحال المقتضى وبحسب ما تقتضيه حكمته وهذا يستدل به على كرم المولى وشمول احسانه للبر والفاجر ولا يدل بمجرده على حسن قال الداعي الذي اجيبت دعوته ان لم يقترن ذلك بما يدل عليه وعلى صدقه وتعين الحق معه. كسؤال الانبياء ودعائهم وعلى قومهم فيجيبهم الله فانه يدل على صدقهم فيما اخبروا به وكرامتهم على ربهم. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو بدعاء يشاهد المسلمون وغيرهم اجابته. وذلك من دلائل نبوته وايات صدقه. وكذلك ما يذكر عن كثير من اولياء الله من اجابة الدعوات فانه من ادلة كراماتهم على الله. واما الاجابة الخاصة فلها اسباب عديدة منها دعوة المضطر الذي وقع في شدة وكربة عظيمة فان الله يجيب دعوته. قال تعالى واذا دعاه. وسبب ذلك شدة الافتقار الى الله وقوة الانكسار وانقطاع تعلقه بالمخلوقين. ولسعة التي يشمل بها الخلق بحسب حاجتهم اليها. فكيف بمن اضطر اليها؟ ومن اسباب الاجابة طول السفر والتوسل الى الله باحب سائل اليه من اسمائه وصفاته ونعمه. وكذلك دعوة المريض والمظلوم والصائم والوالد على ولده اوله وفي الاوقات والاحوال الشريفة فهو الجواد فجوده عم الوجود جميعه بالفضل والاحسان وهو الجواب فلا يخيب سائلا. ولو انه من امة الكفران. يعني انه تعالى الجواد المطلق الذي عم بجوده الكائنات وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة. وخص بجوده السائلين بلسان المقال او لسان الحال. من بر وفاء اجر ومسلم وكافر. فمن سأل الله اعطاه سؤله واناله ما طلب فانه البر الرحيم. قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون. ومن به الواسع ما اعده لاوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وهو المغيث لكل مخلوقاته وكذا يجيب اغاثة لهفان. فالمغيث يتعلق بالشدائد والمشقات فهو المغيث لجميع المخلوقات عندما تتعسر امورها وتقع في الشدائد والكربات. يطعم جائعهم ويكسوا عاريهم ويخلص مكروبهم وينزل الغيث عليهم في وقت الضرورة والحاجة. وكذلك يجيب اغاثة اللهفان اي دعاء من دعاه في حالة لها والشدة والاضطرار. فمن استغاثه اغاثه. وفي الكتاب والسنة من ذكر تفريجه للكربات وازالته الشدائد وتيسيره للعسير شيء كثير جدا معروف وهو الودود يحبهم ويحبه احبابه والفضل للمن وهو الذي جعل المحبة في قلوب بهم وجازاهم بحب ثابت هذا هو الاحسان حقا لا معاذة ولا لتوقع الشكران لكن يحب شكورهم وشكورهم لاحتياج منه للشكران. وهو الشكور فلن يضيع سعيهم لكن يضاعفه بلا حسبان. ما للعباد عليه حق ان واجب هو اوجب الاجر العظيم الشاني كلا ولا عمل لديه ضائع ان كان بالاخلاص والاحسان ان عذبوا فبعدله او نعموا فبفضله اي والحمد للمنان. هذه الابيات في تفسير الودود الشكور. فالودود هو المحب المحبوب. بمعنى واد معنى مودود فهو الواد لانبيائه وملائكته وعباده المؤمنين وهو المحبوب لهم بل لا شيء احب اليهم منه ولا محبة الله من اصفيائه محبة اخرى لا في اصلها ولا في كيفيتها ولا في متعلقاتها. وهذا هو الفرض والواجب ان تكون محبة الله في قلب العبد سابقة لكل محبة. غالبة كل محبة. ويتعين ان تكون بقية المحاب تبعا لها. ومحبة الله هي رح الايمان وجميع العبودية الظاهرة والباطنة ناشئة عن محبة الله ومحبة العبد لربه فضل من الله واحسان ليست بحول العبد ولا قوته فهو تعالى الذي احب عبده فجعل المحبة في قلبه ثم لما احبه العبد بتوفيقه جازاه الله بحب اخر فهذا هو الاحسان المحض على الحقيقة اذ منه السبب ومنه المسبب. ليس المقصود منه المعاوضة وانما ذلك محبة منه تعالى للشاكرين من عباده ولشكرهم فالمصلحة كلها عائدة الى العبد. فتبارك الذي جعل واودع المحبة في قلوب المؤمنين. ثم لم يزل ينميها ويقويها حتى وصلت في قلوب الاصفياء الى حالة تتضاءل عندها جميع المحاب وتسليهم عن الاحباب وتهون عليهم المصائب وتلذذ لهم مشقة طاعات وتسمر لهم ما يشاؤون من اصناف الكرامات التي اعلاها محبة الله والفوز برضاه والانس بقربه. فمحبة العبد لربه محبوبة بمحبتين من ربه فمحبة قبلها صار بها محبا لربه ومحبة بعدها شكرا من الله له على محبة صار بها من اصفيائه ايه المخلصين واعظم سبب يكتسب به العبد محبة ربه التي هي اعظم المطالب. الاكثار من ذكره والثناء عليه وكثرة الانابة اليه وقوة التوكل عليه والتقرب اليه بالفرائض والنوافل وتحقيق الاخلاص له في الاقوال والافعال ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم مظاهرا وباطنا. كما قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله اه ومن اسمائه تعالى الشاكر الشكور الذي لا يضيع سعي العاملين لوجهه بل يضاعفه اضعافا مضاعفة. فان الله لا يضيع اجر من احسن احسن عملا وقد اخبر في كتابه وسنة نبيه بمضاعفة الحسنات. الواحدة بعشر الى سبعمئة الى اضعاف كثيرة. وذلك من شكره عباده فبعينه ما يتحمل المتحملون لاجله. ومن فعل لاجله اعطاه فوق المزيد. ومن ترك شيئا لاجله عوضه خيرا منه والذي وفق المؤمنين لمرضاته ثم شكرهم على ذلك واعطاهم من كراماته ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وكل هذا ليس حقا واجبا عليه وانما هو الذي اوجبه على نفسه جودا منه وكرما. ولهذا قال المصنف ما للعباد حق واجب واوجب الاجر العظيم الشامي. وهذا القيد الذي قيده المصنف احسن من اطلاق من قال ما للعباد عليه حق واجب. كلا ولا سعي لديه ضائع. وكذلك تقييد المؤلف للسعي بقوله كلا ولا سعي لديه بضائع ان كان بالاخلاص والاحسان اي جامعا للاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول. وبذلك يكون العمل الصالح كما قال في موضع عن اخر وقيام دين الله بالاخلاص والاحسان انهما له اصلان. فما اصاب العبادة من النعم ودفع النقم فانه من الله تعالى فضلا منه وكرما. وان نعمهم فبفضله واحسانه. وان عذبهم عدله وحكمته وهو المحمود على جميع ذلك فصل وهو الغفور فلو اتى بقرابها من غير شرك بل من العصيان لاقاه بالغفران من اقربها. سبحانه هو واسع الغفران وكذلك من اوصافه والتوب فيه اوصافه نوعانين اذن بتوبة عبده وقبولها بعد المتاب بمنة المنان. فهو تعالى الغفور التواب الذي لم يزل يغفر الذنوب ويتوب على كل من يتوب. ففي الحديث ان الله يقول يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة. وقال تعالى ان ربك واسع المغفرة. وقد فتح الله الاسباب لنيل مغفرة بالتوبة والاستغفار والايمان والعمل الصالح والاحسان الى عباد الله والعفو عنهم وقوة الطمع في فضل الله وحسن الظن بالله وغير ذلك مما جعله الله مقربا لمغفرته وتوبته على عبده نوعان احدهما انه يوقع في قلب عبده التوبة اليه والانابة اليه فيقوم توبة وشروطها من الاقلاع عن المعاصي والندم على فعلها والعزم على الا يعود اليها واستبدالها بعمل صالح. والثاني توبته على عبد بقبولها واجابتها ومحو الذنوب بها فان التوبة النصوحة تجب ما قبلها فصل وهو الاله السيد الصمد الذي صمدت اليه الخلق بالاذعان الكامل الاوصاف من كل الوجوه كماله وما فيه من نقصان. هذا معنى اسمه الصمد. المعنى الجامع الذي يدخل فيه كل ما فسر به هذا الاسم الكريم هو الصمد الذي تصمد اليه اي تقصده جميع المخلوقات بالذل والحاجة والافتقار. ويفزع اليه العالم باسراره. وهو الذي قد كمل في علمه حكمته وحلمه وقدرته وعظمته ورحمته وسائر اوصافه. فالصمد هو كامل الصفات وهو الذي تقصده المخلوقات في كل الحاجات ذلك القهار من اوصافه فالخلق مقهورون بالسلطان. لو لم يكن حيا عزيزا قادرا ما كان من قهر ولا سلطان. القهار وهو الذي قهر جميع الكائنات له جميع المخلوقات ودانت لقدرته ومشيئته مواد وعناصر العالم العلوي والسفلي. فلا يحدث حادث ولا يسكن ساكن الا باذنه وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وجميع الخلق فقراء الى الله عاجزون. لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا ولا خيرا ولا شر ثم ذكر المصنف ان قهره مستلزم لحياته وعزته وقدرته فلا يتم قهره للخليقة الا بتمام حياته وقوة عزته فليس يدنو منه من انسان. من قولهم جبارة للنخلة العليا التي فاتت لكل بناني. يعني ان للجبار من اسمائه الحسنى ثلاثة معان كلها داخلة باسمه الجبار. فهو والذي يجبر الضعيف وكل قلب منكسر لاجله. فيجبر الكسير ويغني الفقير وييسر على المعسر كل عسير. ويجبر المصاب بتوفيقه للثبات والصبر يعيده على مصابه اعظم الاجر. اذا قام بواجبها ويجبر جبرا خاصا قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله وقلوب المحبين بما يفيض عليها من انواع كرامته واصناف المعارف والاحوال الايمانية. فقلوب المنكسرين لاجله امرها دان قريب. واذا دعا الداعي فقال اللهم اجبرني فانه يريد هذا الجبر الذي حقيقته اصلاح العبد ودفع جميع كاره عنه. والمعنى الثاني انه القهار لكل شيء. الذي دان له كل شيء. وخضع له كل شيء. والمعنى الثالث انه العلي على كل شيء فصار الجبار متضمنا لمعنى الرؤوف القهار العلي. وقد يراد به معنى رابع وهو المتكبر عن كل سوء ونقص وعن مماثلة لاحد وعن ان يكون له كفو او ضد او سمي او شريك في خصائصه وحقوقه. وهو الحسيب حماية وكفاية تاية والحسب كاف العبد كل اواني. فالحسيب هو الكافي للعباد جميع ما اهمهم من امر دينهم ودنياهم من طول المنافع ودفع المضار والحسيب بالمعنى الاخص هو الكافي لعبده المتقي المتوكل عليه كفاية خاصة يصلح بها دينه ودنياه. والحسيب ايضا هو الذي يحفظ اعمال عباده من خير وشر. ويحاسبهم عليها ان خيرا فخير وان شرا فشر. قال تعالى حسبك الله ومن المؤمنين. اي كافيك وكافيك في اتباعك فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به من متابعة الرسول ظاهرا وباطنا. وقيامه بعبودية الله تعالى وهو رشيد فقوله وفعاله رشد وربك مرشد الحيران. وكلاهما حق اهذا وصفه والفعل للإرشاد ذاك الثاني. يعني ان الرشيد هو الذي قوله رشد وفعله كله رشد وهو مرشد الحيران الضال فيهديه الى الصراط المستقيم. بيانا وتعليما وتوفيقا. فالرشد الدال عليه اسم الرشيد وصف لطفه تعالى والارشاد لعباده فعله. فاقواله القدرية التي يوجد بها الاشياء ويدبر بها الامور. كلها تستحق. كلها حق اكتمالها على الحكمة والحسن والاتقان واقواله الشرعية الدينية هي اقواله التي تكلم بها في كتبه وعلى السنة رسله المشتملة على الصدق التام في الاخبار والعدل الكامل في الامر والنهي. فانه لا اصدق من الله قيل ولا احسن منه حديثا. قال سبحانه وتم تمت كلمة ربك صدقا وعدلا. في الامر والنهي وهي اعظم واجل ما يرشد بها العباد. بل لا وصول الى وشال بغيرها. فمن ابتغى الهدى من غيرها اضله الله. ومن لم يسترشد بها فليس برشيد. فيحصل بها الرشد العلمي. وهو الحقائق والاصول والفروع والمصالح والمضار الدينية والدنيوية. ويحصل بها الرشد العملي فانها تزكي النفوس وتطهر قلوب وتدعو الى اصلح الاعمال واحسن الاخلاق. وتحث على كل جميل وترهب عن كل ذميم رذيل. فمن استرشد بها فهو والمهتدي ومن لم يسترشد بها فهو ضال. ولم يجعل لاحد عليه حجة بعد بعثه للرسل وانزاله الكتب المشتملة على الهدى اطلاق فكم هدى بفضله ضالا وارشد حائرا وخصوصا من تعلق به وطلب منه الهدى من صميم قلبه. وعلم انه المنفرد بالهداية والعدل من اوصافه في فعله ومقاله والحكم بالميزان. على الصراط المستقيم الى هنا قولا وفعلا ذاك في القرآن. يعني ان الله هو الحكم العدل في بوصفه وفي فعله وفي قوله وفي حكمه بالقسط. وهذا معنى قوله ان ربي على صراط مستقم قيم فان اقواله صدق وافعاله دائرة بين العدل والفضل. فهي كلها افعال رشيدة وحكمه بين عباده فيما اختلفوا فيه احكام عادلة لا ظلم فيها بوجه من الوجوه. وكذلك احكام الجزاء والثواب والعقاب فصل هذا ومن اوصافه القدوس ذو التنزيه بالتعظيم للرحمن. وهو السلام على الحقيقة سالم من كل تمثيل ومن نقصان. هذا تفسير القدوس السلام فهو المقدس المعظم المنزه عن كل سوء. السالم من كل مماثلة احد من خلقه. ومن النقصان ومن كل ما ينافي كماله. فهذا ضابط ما ينزه عنه ينزه عن كل نقص بوجه من الوجوه. وينزه ويعظم ان يكون له مثيل او شبيه او كفؤ او سمي او ند او مضاد. وينزه عن نقص صفة من صفاته التي هي اكمل الصفات واعظمها واوسعها. ومن تمام تنزيهه عن ذلك اثبات صفات الكبرياء والعظمة له. فان التنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظنون السيئة. كظن الجاهلية الذين يظنون به ظن السوء ظن غير ما يليق بجلاله. واذا قال العبد مثنيا على ربه سبحان الله او تقدس الله او تعالى الله ونحوها كان مثنيا عليه بالسلامة من كل نقص. واثبات كل كمال. والبر من وفيه سبحانه هو كثرة الخيرات والاحسان. صدرت عن البر الذي هو وصفه فالبر حينئذ له نوعان. وصف وفعل فهو بر محسن. مو للجميع ودائم الاحسان. وكذلك الوهاب من اسمائه فانظر مواهبه الازمان اهل السماوات العلا والارض عن تلك المواهب ليس ينفك من اسمائه تعالى البر الوهاب الذي شمل الكائنات باسرها ببره وهباته وكرمه. فهو مول الجميل. ودائم الاحسان ان وواسع المواهب وصفه البر واثار هذا الوصف جميع النعم الظاهرة والباطنة. فلا يستغني مخلوق عن احسانه وبره هذه طرفة عين واحسانه عام وخاص فالعام المذكور في قوله ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلم وفي قوله ورحمتي وسعت كل شيء. وفي قوله سبحانه وما بكم من نعمة فمن الله. وهذا يشترك فيه البر والفاجر واهل السماوات واهل الارض والمكلفون وغيرهم. والخاص رحمته ونعمه على المتقين حيث قال فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الامي. الاية وقال ان رحمة الله قريب من المحسنين. وفي دعاء سليمان وادخلني رحمتك في عبادك الصالحين. وهذه الرحمة الخاصة التي يطلبها الانبياء واتباعهم تقتضي التوفيق للايمان العلم والعمل وصلاح الاحوال كلها والسعادة الابدية والفلاح والنجاح. وهي المقصود الاعظم لخواص الخلق. وكذلك الفتاح من اسمائه والفتح في اوصافه امران. فتح بحكم وهو شرع الهنا والفتح بالاقدار فتح ثاني. والرب فتاح بذينك اليهما عادلا واحسانا من الرحمن. فالفتاح هو الحكم المحسن الجواد وفتحه تعالى قسمان. احدهما فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي. والثاني الفتاح بحكمه القدري. ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على السنة رسله جميع ما يحتاجه المكلفون ويستقيمون به على الصراط المستقيم. واما فتحه بجزاءه فهو فتحه بين انبيائه ومخالفيهم وبين اوليائه واعدائه باكرام الانبياء واتباعهم ونجاتهم. وباهانة اعدائهم وعقوباتهم. وكذلك فتح يوم القيامة وحكمه بين الخلائق حين يوفي كل عامل ما عمله. واما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع. قال تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك اله وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم. فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه ويفتح على اعدائه ضد ذلك وذلك بفضله وعدله وكذلك الرزاق من اسمائه والرزق من افعاله نوعان. رزق على يد عبده ورسوله نوعان ايضا ذان معروفان رزق القلوب وبالعلم والايمان والرزق المعجل هذه الابدان. هذا هو الرزق وربنا رزاقه والفضل للمنان. والثاني سوق القوت للاعضاء تلك المجاري سوقه بوزاني. هذا يكون من الحلال كما يكون من الحرام كلاهما رزقان. والرب رازقه بهذا الاعتبار وليس بالاطلاق دون بياني. قال تعالى ان الله هو الرزاق. وقال دابة في الارض الا على الله رزقها. ورزقه لعباده نوعان عام وخاص. فالعام ايصاله لجميع الخليقة جميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها. فسهل لها الارزاق ودبرها في اجسامها وساق الى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت. وهذا عام للبر والفاجر والمسلم والكافر. بل للادميين والجن والملائكة والحيوانات كلها. وعام ايضا من وجه آخر في حق المكلفين. فانه قد يكون من الحلال الذي لا تبعة على العبد فيه وقد يكون من الحرام ويسمى رزقا ونعمة بهذا الاعتبار. ويقال رزقه الله سواء ارتزق من حلال او حرام وهو مطلق الرزق. واما الرزق المطلق فهو النوع الثاني وهو الرزق الخاص وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والاخرة. وهو الذي على يد الرسول صلى الله عليه وسلم رزق القلوب بالعلم والايمان وحقائق ذلك فان القلوب مفتقرة غاية الافتقار الى ان تكون عالمة بالحق مريدة له متألهة لله متعبدة وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها ورزق البدن بالرزق الحلال لا للذي لا تبعة فيه فان الرزق الذي خص به المؤمنين والذي يسألونه منه شامل للامرين فينبغي للعبد اذا دعا ربه في للرزق ان يستحضر بقلبه هذين الامرين. فمعنى اللهم ارزقني اي ما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الايمان الشامل لكل عمل صالح وخلق حسن وما به يصلح بدني من الرزق من الرزق الحلال الهني الذي لا صعوبة فيه ولا تبعة تعتريه اذا ومن اوصافه القيوم والقيوم فيه اوصافه امران. احداهما قيوم قام بنفسه والكون قام به هما الامران. فالاول استغنائه وعن غيره والفقر من كل اليه الثاني. والوصف بالقيوم ذو الشان كذا اوصوفه ايضا عظيم الشأن. والحي يتلوه فاوصاف الكمالهما لاف في سمائه قطباني. فالحي والقيوم لن تتخلف الاوصاف اصلا عنهما اه بياني. هذا تفسير الحي القيوم وجمعهما في غاية المناسبة. كما جمعهما الله في عدة مواضع من كتابه كقوله الله لا اله الا هو الحي القيوم. وذلك انهما محتويات على جميع صفات الكمال. فالحي هو كامل الحياة وذلك كيتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم والعزة والقدرة والارادة والعظمة والكبرياء وغيرها من صفات الذات المقدسة والقيوم هو كامل القيومية الذي قام بنفسه وعظمت صفاته واستغنى عن جميع مخلوقاته وقامت به الارض والسماوات وما فيهما من المخلوقات فهو الذي اوجدها وامدها واعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها. فهو الغني عنها من كل وجه. وهي التي افتقرت اليه من كل لوجهه. فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعال لما يريد. هو قابض هو باسط هو خافض ان هو رافع بالعدل والميزان وهو المعز لاهل طاعته وذا عز حقيقي ينبلى بطلان وهو المذل لمن يشاء بذله الدارين ذل شقى وذل هوى هو مانع معط فهذا فضله. والمنع عين العدل للمنان. يعطي برحمته ويمنع من يشاء بحكمة والله ذو سلطان. هذه الاسماء الكريمة من اسماء المتقابلات التي لا ينبغي ان يثنى على الله بها الا كل واحد منها مع الاخر. لان الكمال المطلق من اجتماع الوصفين فهو القابض للارزاق والارواح والنفوس والباسط للارزاق والرحمة والقلوب. وهو الرافع لاقوام قائمين بالعلم والايمان الخافض لاعدائه وهو المعز لاهل طاعته وهذا عز حقيقي. فان المطيع لله عزيز. وان كان فقيرا ليس له اعوان. المذل اهل معصيته واعدائه ذلا في الدنيا والاخرة. فالعاصي وان ظهر بمظاهر العز فقلبه حشوه الذل. وان لم يشعر به الانغماس في الشهوات فان العز كل العز بطاعة الله والذل بمعصيته. ومن يهن الله فما له من مكر قال سبحانه من كان يريد العزة فلله العزة جميعا. وقال العزة ولرسوله وللمؤمنين. وهو تعالى المانع المعطي فلا معطي لما منع ولا مانع لما اعطى هذه الامور كلها تبع لعدله وحكمته وحمده فان له الحكمة في خفض من يخفضه ويذله ويحرمه ولا حجة لاحد على الله ما له الفضل المحض على من رفعه واعطاه وبسط له الخيرات. فعلى العبد ان يعترف بحكمة الله. كما عليه ان يعترف بفضله ويشكره لسانه وجنانه واركانه. وكما انه هو المنفرد بهذه الامور. وكلها جارية تحت اقداره. فان الله جعل لرفعه وعطائه واكرامه اسبابا ولضد ذلك اسبابا. من قام بها ترتبت عليها مسبباتها. وكل ميسر لما خلق له. اما اهل السعادة فييسرون لعمل اهل السعادة واما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة. وهذا يوجب للعبد القيام بتوحيد الله والاعتماد على ربه في حصول ما يحب ويجتهد في فعل الاسباب النافعة فانها محل حكمة الله. فصل والنور من اسمائه ايضا ومن اوصافه سبحان ذي البرهان. قال ابن مسعود كلاما قد حكاه الدارمي عنه بلا نكران. ما عنده ليل يكون ولا نهار قلت تحت الفلكي يوجد زاني. نور السماوات العلا من نوره. والارض كيف الشمس والقمران من نور وجه الرب جل جلاله. وكذا حكاه الحافظ الطبرا فبه استنار العرش والكرسي مع سبع الطباق وسائر الاكوان. وكتاب به نور كذلك شرعه نور كذا المبعوث بالفرقان. وكذلك الايم ما نفي قلب الفتاة نور على نور مع القرآن. وحجابه نور فلو وكشف الحجاب لاحرق السبحات للاكوان. واذا اتا للفصل يشرق نوره في الارض يوم قيامة الابدان. وكذا كدار الرب جنات العلا نور تلى لا اليس ذا بطلاني؟ والنور ذو نوعين مخلوق ووصف ما هما والله وكذلك المخلوق ذو نوعين محسوس ومعقول هما شيئا اني احزر تزل فتحت رجلك هوة كم قد هوى فيها على الازمان من عابد الكلام على هذا الاسم الكريم لشدة الحاجة الى معرفته ومعرفة متعلقاته. ووقوع الاشتباه الكثير في ذلك. وحاصل ذلك ان من اسمائه جل جلاله ومن اوصافه النور الذي هو وصفه العظيم فانه ذو الجلال والاكرام وذو البهاء والهيبة والسبحات التي لو كشف الحجاب عن وجهه الكريم لاحرقت سبحاته ما انتهى اليه بصره من خلقه. وهو الذي استنارت به العوالم كلها. فبنور وجهه اشرقت الظلمات واستنار به العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الاكوان. والنور نوعان حسي كهذه التي لم يحصل لها نور الا من نوره ونور معنوي يحصل في القلوب والارواح بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة نبيه. فعلم الكتاب والسنة والعمل بهما ينير القلوب والاسماع والابصار. ويكون نورا للعبد في الدنيا والاخرة قال سبحانه يهدي الله لنوره من يشاء. لما ذكر انه نور السماوات والارض الله كتابه نورا ورسوله نورا ووحيه نورا. ثم ان المؤلف حذر من اغترار من اغتر من اهل التصوف. الذين لم يفرقوا بين نور الصفات وبين انوار الايمان والمعارف. فانهم لما تألهوا وتعبدوا من غير فرقان وعلم كامل. ولاحت انوار التعبد في بقلوبهم لان العبادات لها انوار في القلوب فظنوا هذا النور هو نور الذات المقدسة. فحصل منهم من الشطح والكلام ما هو اثر هذا الجهل والاغترار والضلال. واما اهل العلم والايمان والفرقان فانهم يفرقون بين نور الذات والصفات وبين نور المخلوق الحسي منه والمعنوي ايعترفون ان نور اوصاف الباري ملازم لذاته لا يفارقها ولا يحل بمخلوق. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. واما النور المخلوق فهو الذي تتصف به المخلوقات بحسب الاسباب والمعاني القائمة بها اؤمن اذا كمل ايمانه انار الله قلبه فانكشفت له حقائق الاشياء وحصل له فرقان يفرق به بين الحق والباطل. وصار هذا النور وهو مادة حياة العبد وقوته على الخير علما وعملا. وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم اليقين. والشهوات الناشئة عن الغفلة وكان قلبه نورا وكلامه نورا وعمله نورا. والنور محيط به من جهاته. والكافر او المنافق او المعارض او المعارض الغافل كل هؤلاء يتخبطون في الظلمات. كل له من الظلمة بحسب ما معه من موادها واسبابها والله الموفق وحده. فصل وهو المقدم والمؤخر ذلك الصفتان للافعال تابعتان وهما صفات الذات ايضا اذ هما بالذات لا بالغير قائمتان. ولذاك قد غلط المقسم حينا ظن صفاته نوعان مختلفان. اذ لم يرد هذا ولكن قد اراد قيامها بالفعل ذي الامكان والفعل والمفعول شيء واحد عند المقسم ما هما شيئان فلذاك وصف الفعل ليس لديه الا نسبة عدمية ببياني فجميع اسماء الفعال لديه ليست قط ثابتة ذوات معاني. موجودة لكن امور كلها نسب ترى عدمية الوجدان هذا هو التعطيل الافعال كالتعطيل للاوصاف بالميزان. فالحق ان الوصف ليس بمورد التقصير تيم هذا مقتضى البرهان. بل مورد التقسيم ما قد قام بالذات التي للواد احد الرحمن فهما اذا نوعان اوصاف وافعال فهذه قسمة التبيان فالوصف بالافعال يستدعي قيام الفعل بالموصوف بالبرهان كالوصف المعنى سوى الافعال ما ان بين دينك قط من فرقاني. ومن العجائب انهم على من اثبت الاسماء دون معاني. قامت بمن هي وصفه هذا محال غير معقول لذي الاذهان واتوا الى الاوصاف باسم الفعل قالوا لم تقم بالواحد للدياني. فانظر اليهم ابطل الاصل الذي ردوا به اقوالهم بوزاني ان كان هذا ممكنا فكذاك قول لخصومكم ايضا فذو ان كان. والوصف التقديم والتأخير كوني وديني هما نوعان. وكلاهما امر حقيق قي ونسبي ولا يخفى على الاذهان. والله قدر ذاك اجمعه واتقان من الرحمن فصل هذا ومن اسمائه ما ليس يفرد بل يقال اذا اتى بقران وهي التي تدعى بمزدوجاتها افرادها خطأ على الانسان اذ ذاك موهم نوع نقص جل رب العرش عن عيب وعن نقص طاني كالمانع المعطي وكالضار الذي هو نافع وكماله الامران ونظير هذا القابض المقرون باسم الباسط اللفظان مقترنان. وكذا المعز مع المذل وخافض مع رافع لفظان مزدوجان. وحديث افراد اسم منتقم من فموقوف كما قد قال ذو العرفان ما جاء في القرآن غير مقيد المجرمين وجابذو نوعان. ذكر المصنف هذه الابيات في تفسير اسمه المقدم المؤخر. وهما كما تقدم من الاسماء المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله الا مقرونا بالاخر. فان الكمال من اجتماعهما فهو تعالى المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته. وهذا التقديم يكون كونيا كتقديم بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعض بها عن بعض وكتقديم الاسباب عن مسبباتها والشروط عن مشروطاتها. وانواع التقديم والتأخير في الخلق والتقدير بحر لا ساحل له. ويكون كون شرعية كما فضل الانبياء على الخلق وفضل بعض عباده على بعض وقدم في العلم والايمان والعمل والاخلاق وسائر الاوصاف واخر من اخر منهم بشيء من ذلك وكل هذا تبع لحكمته. وهذان الوصفان وما اشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله والله متصف بهما ومن صفات الافعال لان التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها وافعالها ومعانيها واوصافها وهي ناشئة عن ارادة الله وقدرته فهذا هو التقسيم الصحيح لصفات الباري. وان صفات الذات متعلقة بالذات وصفات افعاله متصفة بهذا الذات ومتعلقة بما ينشأ عنها من الاقوال والافعال. واما تقسيم بعض اهل الكلام الباطل ان صفات الافعال لا تقوم ذات الله بل الفعل عندهم عين المفعول فهذا قول باطل بالكتاب والسنة والاجماع من السلف. وهو مخالف لما يعقله العقلاء في قلوب فان صفات الافعال قائمة بمن فعلها ومتصف بها من قالها او عملها. ولا يتصور في العقل مفعول من غير فعل ولا مخلوق من غير خلق كما لا يتصور احد اسما مشتقا دالا على غير صفة في المحل المسمى بها. والذي اوجب لهم هذا الغلط الفاحش زعموا انهم اذا لم يقولوا بهذا اقتضى حلول الحوادث في ذات الله. فنفوا بهذا كل صفة فعلية لله فانكروا استواءه على عرشه ونزوله وافعاله التي يوجدها شيئا فشيئا. واقواله التي يتكلم بها شيئا بعد شيء. وهذا التعطيل لافعاله نظير طيل الجهمية ومن تبعهم لجميع صفات الله الذاتية والفعلية ولا فرق بين الامرين. فاذا كان هذا التعطيل لصفاته الذاتية باطلة فكذلك التعطيل لصفاته الفعلية باطل. اما اهل السنة والجماعة فانهم اثبتوا كل ما جاء به الكتاب والسنة من صفات الله اعترفوا بها لا فرق عندهم بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية المتعلقة بمشيئته وقدرته. وكلها قائمة بالله. والله موصوف قم بها وهو القول الذي دل عليه النقل والعقل. ومن اوصاف الافعال الاسماء المزدوجة كالمقدم والمؤخر والضار والنافع والمعطي المانع ونحوها وتقدمت فصل. واعلم ان المصنف رحمه الله قد استوفى معظم شرح الاسماء الحسنى المذكورة في الكتاب شرحا جامعا بصرا كما تقدم وما لم يذكره فانه ذكر نظيره من الاسماء الحسنى او ما يدل عليه ويستلزمه فانه لم يذكر المتين وهو داخل بلون في القوي القدير ولم يذكر الاعلى وهو في معنى العلي كما تقدم ولم يذكر الرحمن الرحيم الرؤوف الكريم وهو في معنى البر الجواد الوهاب ولم يذكر الرب والله والملك والمالك وقد ذكر في البدائع انها متضمنة لكثير من الاسماء الحسنى. فقال الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم السميع العليم البصير المحسن المنعم الجواد المعطي المانع الضار النافع الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء. الى غير ذلك من معاني التي له منها ما يستحقه من الاسماء الحسنى. واما الملك فهو الآمر الناهي المعز المذل الذي يصرف امور عباده كما حب ويقلبهم كما يشاء. وله من معنى الملك ما يستحقه من الاسماء الحسنى. كالعزيز الجبار المتكبر الحكم العدل الخافض رافع المعز المذل العظيم الجليل الكبير الحسيب المجيد الوالي المتعالي مالك الملك المقسط الجامع الى غير ذلك من الاسماء عائدة الى الملك. واما الاله فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال. فقد دخل في هذا الاسم جميع الاسماء الحسنى. ولهذا اكان القول الصحيح ان الله اصله الاله وانه اسم الله وان اسم الله هو الجامع لجميع الاسماء الحسنى والصفات العلى والله اعلم اعلم فصل ودلالة الاسماء انواع ثلاث كلها معلومة ببيان. دلت مطابقة كذاك تضمنا وكذا التزاما واضح البرهان. اما مطابقة الالة فهي ان الاسم يفهم منه مفهومان. ذات الاله وذلك الوصف الذي ورحمة مدلولها فهما لهذا اللفظ مدلولان. احداهما بعض لذا الموضوع يتضمن ذا واضح التبيان. لكن وصف الحي لازم ذلك المعنى لزوم العلم للرحمن. فلذا دلالته عليه بالتزام بين حق ذو تبيان دلت مطابقة كذاك تضمنا وكذا التزام واضح هذه قاعدة ذكرها المصنف نافعة في الاسماء الحسنى. وذلك ان الدلالة نوعان لفظية ومعنوية عقلية فان اعطيت اللفظ جميع ما دخل فيه من المعاني فهي دلالة مطابقة. لان اللفظ طابق المعنى من غير زيادة ولا نقص. وان اعطيت بعض المعنى فتسمى دلالة تضمن لان المعنى المذكور بعض اللفظ وداخل في ضمنه. واما الدلالة المعنوية العقلية فيه خاصة العقل والفكر الصحيح. لان اللفظ بمجرده لا يدل عليها. وانما ينظر العبد ويتأمل في المعاني اللازمة لذلك اللفظ الذي لا يتم معناها بدونه وما يشترط له من الشروط. وهذا يجري في جميع الاسماء الحسنى. كل واحد منها يدل على الذات. وتلك كالصفة دلالة مطابقة. ويدل على الذات وحدها او على الصفة وحدها دلالة تضمن. ويدل على الصفة الاخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام. مثال ذلك الرحمن يدل على الذات وحدها. وعلى الرحمة وحدها دلالة تضمن. وعلى الامرين دلالة مطابقة تدل على الحياة الكاملة والعلم المحيط والقدرة التامة ونحوها دلالة التزام لانه لا توجد الرحمة من دون حياة الراحم قدرته الموصلة لرحمته للمرحوم وعلمه به وبحاجته. وكذلك ما تقدم من استلزام الملك جميع صفات الملك الكامل الزام الرب لصفات الربوبية. والله لصفات الالوهية. وهي صفات الكمال كلها. وكثير من اسمائه الحسنى يستلزم عدة اوصاف كالكبير والعظيم والمجيد والحميد والصمد. فهذه قاعدة نافعة. ومن القواعد المتعلقة باسمائه الحسنى ما ذكره المصنف بقوله اسماؤه اوصاف مدح كلها مشتقة قد حملت لمعاني والالحاد فيها انه كفر معاذ الله من كفراني. وحقيقة الالحاد ادي فيها الميل بالاشراك والتعطيل والنكران. فالملحدون اذا ثلاث طواب طائفا فعليه مو غضب من الرحمن. يعني ان اسمائه الحسنى كلها اعلام واوصاف دالة على وكلها اوصاف مدح وحمد وثناء. ولذلك كانت حسنى فلو كانت اعلاما محضة لم تكن حسنى. ولهذا ان كان الاسم منقسم الى حمد ومدح وغيره لم يدخل بمطلقه باسماء الله كالمريد والصانع والفاعل ونحوها. فهذه ليست من الاسماء الحسنى فصفاته كلها صفات كمال محض. فهو موصوف باكمل الصفات. وله ايضا من كل صفة كمال احسن اسم واكمله واتمه والواجب في اسمائه الحسنى وصفاته العليا ان تثبت على ما جاء به الكتاب والسنة على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته فلا ينفى منها اسم ولا ينفى من معانيها صفة ولا تشبه بصفات المخلوقين. ولهذا توعد الله الملحدين في اسمائه. اما ان يسموا بها بعض المخلوقات كتسمية الهتهم اللات من الاله والعزى من العزيز ومنات من المنان. واما ان تمثل بصفات المخلوق قين واما ان تنفى وتعطل كما يفعل الجهمية ومن تبعهم من كل معطل لصفات الله او بعضها. واعظم انواع الملحدين فيها الملاحدة الاتحادية الذين سموا باسمائه وصفاته كل موجود في الوجود. وهذا تعطيل لذاته وصفاته وافعاله. ولنقتصر في الاشارة الى الالحاد باسمائه وصفاته على ما ذكرنا. مع ان المؤلف بسط الكلام لكننا اتينا بالجمل الكلية فيها