المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الجنائز. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الجنائز الجنازة اسم للسرير اذا كان عليه ميت. واذا لم يكن عليه ميت فان انه يقال له سرير. وذكروه في هذا الموضع. لان اهم ما يفعل بالميت الصلاة اه والا فله تعلق في الوصايا والفرائض. ويذكرون فيها الكتاب احوال المريض والطب وتغسيل الميت وتكفينه. والصلاة عليه ودفنه وزيارته القبور. واما غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فهي فرض كفاية ان قام به من يكفي سقط عن الباقي. والا اثم من علم من الناس بحاله وقدر على ذلك. وهكذا فروض الكفاية. وعبارة بعضهم في فرض الكفاية ان قام به من يكفي سقط عن الباقين. والا اثم الناس كلهم. في في نظر لان الاثم خاص بمن علم وقدر على ذلك. وهذا من اكرام الله لعبده المؤمن فانه اولا ينظف بدنه نظافة تامة ثم يطيب. ثم ثم يلبس اثوابا جددا لم يعصي الله فيها ثم يصلى عليه. والحكمة في الصلاة عليه انها شفاعة له. لانه احوج ما كان في هذه الحال. واعظم اركان الصلاة عليه هو الدعاء للميت. فان اركانها التكبيرات الاربع وقراءة الفاتحة. والصلاة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وافضل انواعها كما في التشهد والدعاء للميت والتسليم. وهل يستحب الاستفتاح ام لا؟ قيل لا يستحب لان مبنى صلاة الجنازة على التخفيف. ولهذا خالفت غيرها من الصلوات في اشياء كثيرة من عدم الركوع والسجود وغيرهما. ومن التخفيف فيها انه لا يزاد فيها على قراءة الفاتحة. وقيل يستحب لانه لم يرد النهي عنه. ولان انها كغيرها من الصلوات الا فيما ورد خاصا بها. ولعل هذا اصح ومن اكرام الله لعبده المؤمن دفنه. فانه لو بقي على وجه الارض لاكلته السباع ولتضرر الاحياء برائحته. ولتضرر هو بذلك اذا علم انه اذا ما متى القيك كما تلقى جي في الحيوانات. ولكن الله اكرمه وستره بالدفن ولهذا قال ابن عباس عند قوله تعالى اي اكرمه بدفنه. وهذا من منة الله تعالى على عباده لهذا قال تعالى اي احياء في الدور والقصور. وامواتا في القبور الرابع والخمسون والمئة. الحديث الاول عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال نعى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه. وخرج الى المصلى فصف بهم وكبر اربعا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث في ابي هريرة نعى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم النجاشي في اليوم الذي فيه الى اخره النعي هو الاخبار بموت الانسان. وهو وقسمان قسم محرم وقسم جائز. فالمحرم ما كان بفعل الجاهلية ذلك انه اذا مات ميتهم صعدوا على رأس كل شاهق في البلد من بيت او جبل ونحوهما وجعلوا ينعونه ويتجاوبون في ذلك. ويقولون ننعى فلانا الذي من اوصافه كذا وكذا. ففي هذا من المفاسد انه نياحة وتسخط من قضائه الله وقدره. وفيه من الكذب شيء عظيم. لان اكثرهم ينعى بالاجرة عدون من اوصاف الميت ما ليس فيه. وفيه تهييج للحزن. وعندهم ان الميت الذي لا لا ينعى ليس بشيء. واما النعي الجائز فهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو الاخبار بموت الانسان لاجل الصلاة عليه. ونحو ذلك من المصالح الدينية من دون صعود الى رؤوس الشواهق. ومن دون نياحة ونحوها مما تفعله الجاهلية فانه لما مات النجاشي اخبرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم بموته وخرج بهم الى المصلى اي مصلى العيد. وقيل مصلى الجنائز. فانه وكان في ذلك الوقت محل قرب المسجد النبوي. معد للصلاة على الجنائز. ولكن الظاهر ان المراد بذلك مصلى العيد. فانه خرج بهم اليه لكثرة الناس واجتماعهم والنجاشي هو ملك الحبشة الملك الصالح. الذي امن على يد الصحابة انهم لما اذاهم المشركون هاجروا الى الحبشة. فاواهم النجاشي واكرمهم فشكر الله له صنيعه وهداه على ايديهم. كما هو مبسوط في السير. وكل كل من ملك الحبشة يسمى النجاشي. ففي هذا الحديث عدة فوائد. منها المعجزة العظيمة والاية الجسيمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه اخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه. مطمئنا بذلك قلبه. وبين المدينة وارض الحبشة نحو خمسين يوما تقريبا. ومنها ان النعي الذي هو الاخبار المجرم الردع لاجل الصلاة على الميت ونحو ذلك من المصالح بدون نياحة ونحوها جائز ومنها مشروعية الصلاة على الغائب. اذا كان صاحب علم او فضل او ملكا كن صالحا ونحو ذلك. واختلف العلماء في الصلاة على الميت الغائب. فقيل تشرع اطلق وقيل لا تشرع مطلقا. وقيلة تشرع لمصلحة. كما اذا كان الميت ملكا من صالحا او كان عالما او صاحب خير وفضل. ونحو ذلك واما اذا كان من سائر الناس فلا تشرع. فانه لم يكن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصلي على كل غائب يموت. وانما كان يصلي على واصيك النجاشي ونحوه. وهذا القول اصح الاقوال. وهو الذي عليه عمل اهل نجد يوم ومنها مشروعية التكبيرات الاربع. فيقرأ بعد الاولى الفاتحة وبعد ثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في التشهد. وبعد يدعو للميت بما ورد. اللهم اغفر لحينا وميتنا الى اخره. ثم الرابعة ويمكث بعدها قليلا ولا يدعو بشيء. ثم يسلم. وفيه مشروعية في الصفوف في الصلاة على الميت. الخامس والخمسون والمئة. الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على النجاة فكنت في الصف الثاني او الثالث. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على النجاشي. فكنت في الصف الثاني او الثالث فيه مشروعية الصلاة على الميت كما تقدم. فان الصلاة على اليه مصلحة له وللحي. فهي دعاء له وشفاعة. وهو في هذه الحالة احوج ما كان الى الدعاء وفيها مصلحة للحي. فقد ورد كما يأتي انه من صلى على الميت فله قيراط ومن صلى عليه وتبعه حتى يدفن فله قيراطان. وورد ان اصغرهما مثل احد. ومثل الجبل العظيم. ويختلف الاجر باختلاف المصلين واخلاصهم وباختلاف المصلى عليه. فقد ورد عن بعض الصالحين انه غفر لجميع من من صلى على جنازته وفيه مشروعية الصفوف والا تنقص عن ثلاثة كما ورد الحث على ذلك. وقد ورد ما من مسلم يصلي عليه اربعون لا يشركون بالله شيئا الا شفعهم الله فيه. السادس والخمسون والمئة. الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم صلى على قبر بعدما دفن. فكبر عليه اربعا. رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على قبر بعدما دفن. فكبر عليه اربعا. فيه دليل على جواز الصلاة على القبر. وقال الاصحاب تستحب حب الصلاة عليه الى شهر او شهر وشيء. لانه يبلى بعد. ولانه لم اريد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على القبر بعد شهر. ولكن في هذا تحديد نظر لانه لم يرد التحديد بالشهر. ولا مانع من الصلاة عليه بعده. لان ان الصلاة على الروح لا الجسد. وفيه مشروعية التكبير اربعا كما تقدم السابع والخمسون والمئة. الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كفن في ثلاثة اثواب بيض يمانية سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كفن في ثلاثة اثواب بيض يمنية اي منسوبة الى اليمن. سحولية قيل الى بليدة في اليمن. تعمل فيها هذه الثياب وقيل الى ساحل البحر. ليس فيها قميص ولا عمامة. اي انها ففي هذا الحديث استحباب ان يكون الكفن ابيض. سواء كان ذكرا او انثى. وان يكون كفن الرجل ثلاث لفائف. تبسط ويجعل الحانوت فيما بينها ثم يوضع عليها بعدما ينظف ويبخر وينشف. وكل موضع يتطهر فيه بالماء فلا يستحب له التنشيف الا في هذا الموضع. لان في تكفينه وفيه رطوبة ضررة اه لانه يسرع اليه الفساد. ويوضع عليها مستلقيا. ويجعل من الحنوط في من على منافذ وجهه ومواضع سجوده ثم يدرج فيها. وتلف كل واحدة وحدها بان يوضع طرف كل واحدة على طرفها الاخر. ويجعل اكثر الفاضل عند رأسه لشرفه ثم يعقدها ليكون اكمل في الستر. ثم تحل في القبر لانها حاجة موقتة ولا معنى في بقاء العقد بعد وضعه في القبر. الثامن والخمسون والمئة الحديث الخامس عن ام عطية الانصارية انها قالت دخل عليك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك. ان رأيتن ذلك بماء وسدر. واجعل في الاخيرة كافورا او شيئا من كافور. فاذا فرغتن فاذنني. فلما فرغنا اذنناه فاعطانا حقوه فقال اشعرنها اياه تعني وفي رواية او سبعا وقال ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها وان ام عطية قالت وجعلنا رأسها ثلاثة قرون. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام عطية دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين توفي ابنته هي زينب. وقوله غسلنها ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك فان رأيتن ذلك الى اخره. ففيه ان الغسل على قدر المصلحة والتنظيف فانه ان كان المرض ممتدا. وفي الميت اوساخ او خارج فيكثر الغسل بقدره ويكره الاسراف. لانه يفسد الجسد ويسرع اليه التعفن وفيه انه ان احتيج الى ذلك كما لو كان ثم خارج فلا بأس به. ولو جاوز السبع فان لم ينقطع سد المحل. وفيه انه يستحب قطعه على وتر وفيه انه يستحب ان يغسل بسدر. او ما يقوم مقامه من ونحوه ان لم يولد فان وجد السدر فهو اولى. لانه ابلغ في النظافة وتصليب الجسد ويستحب ان يغسل برغوة السدر رأسه لشرفه. ولانها اسرع في الخروج من شعر الرأس واما الوفل فيعسر تخلصه من الشعر. فيغسل به المواضع التي ليس فيها شعر وقوله واجعلن في الغسلة الاخيرة كافورا او شيئا من كافور. وهو طيب معروف والحكمة في ذلك لانه يصلب الجسد. ويطرد الهوام. والميت محتال جدا الى ما يصلب جسده. وقوله فاذا فرغتن فاذنني اعلمنني فلما فرغنا اذنناه اي اعلنناه. وقولها فاعطانا حقوه فقال اشعرنها اياه. الى اخره. فسر الحق بانه الازار. وتسميته ذلك مأخوذة من حقو الانسان. واشعارها اياه بان يجعل مما يلي جسدها. فان ان الشعار الثوب الذي يلي الجسد. وادثار الثوب الظاهر. ففي هذا فضلها رضي الله عنه منها ولاجل التبرك بازاره. وقوله في الرواية الاخرى ابدأن بميامن ومواضع الوضوء منها. فيه استحباب تقديم الميامن. لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله كما تقدم. واما استحباب البداءة بمواضع الوضوء فلشرفها ايضا وقول ام عطية وجعلنا رأسها ثلاثة قرون فيه انه يستحب احب ان يجعل ثلاثة قرون ويسدل وراءها. ويستحب الا يكثر بالمشط لان لا يسقط منه شيء. فان سقط منه شيء جعل معها داخل الكفن وفيه انه لا يغسل المرأة الا النساء. فلا يغسلها حتى اقرب ما يكون ابوها وابنها ها ويستثنى من ذلك الزوج فيغسل زوجته. والسيد يغسل امته. ولو ما امرأة مع رجال لا زوج ولا سيد معهم ولا نساء معهم يممت. ولا يجوز ان تغسل. وقال الاصحاب اذا كان في هذه الحالة فيغسلها محرمها. لكن من وراء ثيابها ولا يجوز خلع ثيابها. فلا يغسل الرجال النساء ولا النساء الرجال فان الزوج والسيد والا الصغير الذي دون سبع سنين. فيجوز للنساء تغسيله وكذلك الصغيرة دون السبع يجوز للرجال تغسيلها والله اعلم التاسع والخمسون والمئة. الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال بينما رجل واقف بعرفة اذ وقع عن راحلته فوقسته. او قال قال فاوقفته. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اغسلوه ماء وسدر وكفنوه في ثوبيه. ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه. فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. وفي رواية ولا تخمروا وجهه ولا رأسه رواه البخاري ومسلم. الوقف كسر العنق. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس بينما رجل واقف بعرفة اذ وقف عن راحلته الى اخره. استنبط من هذا الحديث احكام عديدة منها تغسيل الميت. وانه فرض كفاية. فان فرض الكفاية هو الامر الذي الشارع ايجاده فقط. وفرض العين هو الذي يطلب الشارع ايجاده من كل مكلف فلا يكفي فيه مجرد ايجاده. ومنها بالخصوص ان المحرم يغسل وان كان حكمه حكم الشهيد. فانه ليس مثله في هذا. فيجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه. ومنها ان الميت يغسل بماء وسدر لكمال النظافة ومنها ان تغير الماء في محل التطهير وغيره لا يضر. اما في للتطهير فبالاتفاق. واما في غير محل التطهير ففيه خلاف. والصحيح انه لا يضر فانه يلزم من قوله اغسلوه بماء وسدر خلطهما. ومنها وجوب الكفن في مال الميت. وانه مقدم على كل شيء حتى على الدين. لانه قال قال وكفنوه في ثوبيه. ولم يستفصل هل عليه دين ام لا. والقاعدة الاصولية هي ترك الاستفسار في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. وهذه من كلام الشافعي رحمه الله تعالى. فانه قالها واخذها عنه الاصوليون لانه رحمه الله تعالى اشتهر في هذا الفن اشتهارا عظيما. فان الانسان اذا مات فتتعلق في ماله اربعة حقوق مرتبة. اولا مؤن التجهيز. وهي مقدمة على يا سائر الحقوق. لانها من ضرورياته. ثم الديون التي لله او للادميين ويقدم منها الذي فيه رهن. ثم الوصية من الثلث فاقل لغير وارث. فان زادت عن الثلث او كانت لوارث لم تنفذ الا باجازة الورثة. ثم حق الورثة وهو الحق الرابع ومنها ان المحرم يحرم عليه الطيب حيا وميتا. ومنها انه يحرم تغطية رأسه حيا وميتا. وكذلك وجهه. اما تحريم الطيب وتغطية الرأس والوجه بعد الموت فظاهر. واما في حال الحياة فيؤخذ من نهيه عن ان يفعل به ذلك ومن تعليله بقوله فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. وكذلك المرأة لا يغطى وجهها اذا ماتت في حال الاحرام. فان احتيج الى ذلك كما اذا كان يصلي عليها اجانب. او خيف ان يروها. فانه يغطى وجهها كما في حال الحياة اذا ارادت ان تبرز للرجال ولا يضر لو مس الغطاء وجهها. فاذا نزلت من القبر كشف وجهها. ومنها البشارة العظيمة لمن مات في هذه الحال. وانه يؤجر على عمله. الى ان يبعث يوم القيامة في هذه الحالة المحمودة. ومنها انه يؤخذ من المعنى ان كل مسلم يشرع بعمل من الاعمال الصالحة. ومن نيته ثم تحترمه المنية قبل تكميله. فانه يجري له عمله الى يوم ياما وتبلغ النية مبلغ العمل اذا حال القدر. ومن نية الانسان تكميل العمل وهذا عام في جميع الاعمال الصالحة. الستون والمئة الحديث السابع عن ام عطية الانصارية رضي الله عنها انها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليمه قوله في حديث ام عطية نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا اين هان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لان القاعدة الاخرى اذا قال الصحابي امرنا او نهينا او من السنة. فالحديث مرفوع. وهذا النهي اما للتحريم او للكراهة. فان علم وتيقن وقوع المحظور فهو للتحريم وان خيف وقوع المحذور ولم يتيقن فهو للكراهة. وهذا النهي للنساء خاصة لان ام عطية تخبر عن نفسها وعن النساء. واما الرجال فسيأتي انه حثهم على الجنائز والحكمة في نهي النساء عن اتباع الجنائز انه لضعف عقولهن ورقة لا يؤمن من وقوع منكر من افعال الجاهلية. كتهييج الحزن او التسخط من قضاء الله وقدره ونحو ذلك. ولهذا يحرم على النساء زيارة القبور. فقد ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لعن زوارات القبور من النساء. والمتخذ عليها المساجد والسرج. وهذا لا يقصر عن التحريم. واستثنى العلماء قبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقبر صاحبيه فقالوا يباح لهن زيارة وقد تعبنا بطلب الدليل على استثنائه فلم نجد لذلك دليلا ولكن قال شيخ الاسلام رحمه الله لا تمكن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. لأن دونه ثلاث حوائل. ولا يمكن احدا الوصول اليه. ومن توهم انه زاره فهذا وهم خيالي. ويعتضد لقول شيخ الاسلام بقول عائشة لولا ذلك اي خشية ان يتخذ مزارا او عيدا. لابرز قبره فعلى هذا قولي يزول الاشكال. ولكن يحصل للانسان زيارة المسجد. والوصول الى اثار الرسول والقرب من قبره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الحادي والستون والمئة الحديث الثامن عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اسرعوا بالجنازة فان تك صالحة فخير تقدم تقدمونها اليه. وان تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة رضي الله عنه اسرعوا بالجنازة الى اخره. فيه استحباب الاسراع بها وليس الاسراع بها خاصا بالاسراع بحملها فقط. كما يظن ذلك بعض الناس بل المراد بذلك الاسراع في تغسيلها والصلاة عليها وحملها ودفنها رغبة عن الميت. بل لهذه المصلحة التي نبه عليها الشارع. واما ما يفعله الجميع تهال من تباطؤهم في ذلك. فاذا حملوه مشوا الهوينا. بل ربما تقهقروا الى وراء ويظنون ذلك اكراما للميت ورغبة فيه. فذلك من جهلهم. فانه ليس له ولا لهم مصلحة في بقائه بعد موته. والعقل ايضا ينكر ذلك. فانه انما كان انسانا بروحه. فاذا فارقت روحه جسده لم يبقى مصلحة في بقاء جسده ويستحب الاسراع فيه ما لم يعارظ ذلك مصلحة راجحة. فان عارض تارك مصلحة راجحة رعيت. كما اذا انتظر به كثرة من يصلي عليه ونحو ذلك ويستحب الاسراع فيه ما لم يمت فجأة. وموت الفجأة هو الذي لم يتقدمه سبب ظاهر فينتظر به حتى يتيقن موته. فكم من انسان اصابته سكتة فظن انه ميت كما جرى للهمذاني صاحب المقامات. فانه اصابته سكتة فظن انه ميت فلما دفن وكان الليل افاق من سكتته فجعل يصيح. وسمعه اناس في المقبرة لكن استوحشوا فلم ينبشوه. فلما كان من الغد نبشوا ذلك القبر فاذا هو الهمد اذاني واذا شعره ابيض وهو حين مات لم يكن فيه شعرة بيضاء. واذا هو قابض على لحيته. وقد وقع نحو هذا كثيرا. فاذا كان موته فجأة فانه ينتظر به. حتى يتيقن موته بالعلامات الظاهرة. فمنها انخساف صدغين وميل انفه وارتخاء مفاصله رجليه ويديه. فاذا تيقن موته استحب اسراع به. الثاني والستون والمئة. الحديث التاسع عن سمرة بن جندب رضي الله عنه انه قال صليت وراء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سمرة بن جندب صليت وراء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقط قام وسطها فيه استحباب وقوف الامام وسط الانثى. قال العلماء رحمهم الله تعالى يستحب للامام ان يقف وسط الانثى. وحذاء صدر الرجل او رأسه فاذا اجتمع رجال ونساء جعل صدر الرجل حذاء وسط الانثى. واما المأمومون فعلى صفوفهم. وقال بعضهم الحكمة في ذلك لاجل سترها وفي ذلك نظر الثالث والستون والمئة. الحديث العاشر عن ابي موسى عبدالله ابن قيس رضي الله عنه عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم برئ من الصادقة والحالقة والشاقة. رواه البخاري ومسلم. الصادقة التي ترفع صوتها عند المصيبة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم برئ من الحالقة والشاقة. فسر المؤلف رحمه الله الصادقة فقال هي التي صوتها عند المصيبة. والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة. والشاق هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. وكل هذه من اعمال الجاهلية في هذا برئ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ممن فعل هذه الافعال وخص النساء في ذلك لانهن اللواتي يفعلن ذلك لضعف عقولهن ورقتهن وكانوا والعياذ بالله يمدحونهن على ذلك. كما قال شاعرهم يمدحهن ومنهن والايام تعثر بالفتى. نوادب لا يمللنه ونوائح وعندهم والعياذ بالله من ذلك. ان الذي لا يندب ولا يشق عليه الجيب فليس بشيء ولهذا يوصون بذلك كما قال شاعرهم. اذا مت فاني بما انا اهله وشقي علي الثوب يا ام معبدي. وفي هذه الافعال والعياذ بالله من التسخط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره شيء عظيم. وهي بافعال مجانين اشبه فلهذا برئ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ممن فعلها فهي من كبائر الذنوب. الرابع والستون والمئة. الحديث الحادي عشر شر عن عائشة رضي الله عنها انها قالت لما اشتكى النبي صلى الله عليه وعلى على آله وسلم ذكر بعض نسائه كنيسة رأتها بارض الحبشة يقال لها ماريا وكانت ام سلمة وام حبيبة اتتا ارض الحبشة. فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها. فرفع رأسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقال اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا. ثم صوروا فيه تلك الصور اولئك شرار الخلق عند الله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ سعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة رضي الله عنها لما اشتكى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذكر بعض نسائه. ولم يسميها ولعلها ام سلمة او ام حبيبة. كنيسة وهي معبد النصارى في ارض الحبشة يقال لها اي الكنيسة مارية. وكانت ام سلمة وام حبيبة ارض الحبشة اي مع ازواجهن حين هاجرن الى الحبشة مع ازواجهن اما ام حبيبة فتنصر زوجها في ارض الحبشة. ومات والعياذ بالله نصرانيا ولما جاءت ام حبيبة الى المدينة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم. وهي ابنة ابي سفيان بن حرب. وكذلك ام لما جاءت مع زوجها من ارض الحبشة الى المدينة توفي زوجها ابو سلمة. ثم فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقولها فذكرتا من وتصاوير فيها. فرفع رأسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الى اخره فيه نصحه العظيم صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حال الضراء والسراء وفيه النهي عن الصور والبناء على القبور. وفيه ان الذين يفعلون هذه افعال هم شرار الخلق يوم القيامة. الخامس والستون والمئة الحديث الثاني عشر عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه. لعن الله اليهود والنصارى النصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. قالت ولولا ذلك لابرز قبره غير انه خشي ان مسجدا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة رضي الله عنها الله اليهود والنصارى. اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. الى اخره فيه النهي العظيم لامته ان يفعلوا مثل افعالهم. وفيه ان دفنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بيت عائشة. كان بايعاز منه. ان كان قولها وخشي مبنيا للفاعل. ويشهد لذلك الحديث الذي ورد. انه امر ان يدفن في المكان الذي مات فيه وان كان قولها خشي مبنيا للمفعول فيكون ذلك اتفاقا من الصحابة وفيه كما تقدم انه لا يمكن زيارة قبره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لانه دونه ثلاثة جدران. شباك من حديد والشباك الداخلي مصمت لا يدخله خاص ولا عام. واسفله الى الماء. فلا لا يمكن احد الوصول اليه ابدا. السادس والستون والمئة. الحديث ثالث عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم انه قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ليس منا من ضرب وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. اي نحو قولهم وويلاه. وانقطاع ظهراه وسيداه وفلان الذي يفعل كذا وكذا. وكذا وكذا وهذا الحديث كحديث ابي موسى المتقدم. وها هنا فائدة عظيمة ينبغي التنبه لها وهي ان العلماء كثرت اقوالهم واختلفوا في هذه الايات والاحاديث الواردة بنصوص الوعيد. مثل الخلود في النار لمن معه اصل الايمان. اذا فعل ذلك الامر المذكور. ومثل التبري ممن فعله. كقوله في حديث ابي موسى انه برئ من الصالقة الى اخره. ومثل نفي الايمان كقوله لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. ومثل التبري منه كقوله. ليس منا من غشنا وكقوله في هذا الحديث ليس منا من ضرب الخدود الى اخره ونحو ذلك من النصوص التي يظهر منها الخلود في النار خروج من دائرة الاسلام. بفعل ذلك الذنب الذي لا يكفر الانسان بفعله. وسبب اختلافهم ان السلف الصالح اجمعوا على انه لا يخلد في النار من معه اصل الايمان وانه لا يخرج من الدين جملة. وهذا مذهب اهل السنة والجماعة. وهو الذي ان دل عليه الكتاب والسنة. ومن خرج عن هذا المذهب فقد دخل بمذهب احدى الطائفتين المفرطين او المفرطين. اما مذهب الخوارج واما مذهب المعتزلة فلهذا اختلف الائمة رحمهم الله في معنى هذه الاحاديث اختلاف طويلا عريضا. ولكن الصواب الذي لا صواب غيره. وهو الذي يجمع النصوص كلها ولا يضرب بعضها ببعض هو ان يقال ان الايمان نوعان. نوع يمنع من دخول النار نار ونوع لا يمنع من دخولها. ولكن يمنع من الخلود فيها. فمن كمل ايمانه فهو الذي حصل له النوعان. والايمان المنفي في هذه الاحاديث هو الايمان الكامل الذي يمنع من دخول النار. ولهذا قال شيخ الاسلام رحمه الله ان الاشياء لها شورى وموانع. فلا يتم الشيء الا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه. فاذا رتب العذاب على عمل كان ذلك العمل موجبا لحصول العذاب. ما لم يوجد مانع تمنع من حصوله واكبر الموانع وجود الايمان الذي يمنع من الخلود في النار. فالقاتل دخل النار فانه لا يخلد فيها. ما دام معه اصل الايمان. لان القتل وان كان موجبا للخلود فيها. فالايمان مانع من الخلود فيها والبراءة منه. وقوله ليس منا اي في هذه الاحوال المخالفة لاحوال المؤمنين. السابع والستون والمائة. الحديث الرابع عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليه فله قيراط. ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين. ولمسلم اصغرهما مثل جبل احد. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابي هريرة من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط. ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. الى اخره. فيه الفضل العظيم لمن صلى على الجنازة وتبعه قال بعض العلماء القيراط على اصطلاح الحساب هو جزء من اربعة وعشرين جزءا. فيكون للمصلي على الجنازة جزء. ولمن صلى عليها وشهدها حتى تدفن جزءان من اربعة وعشرين جزءا من اجر المصاب. وهذا في غاية الضعف فان هذا الاصطلاح حادث بعد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وايضا فان انهم امة امية لا يحسنون الحساب والكتابة. وايضا فانهم لما خفي عليهم قدر قيراط سألوا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عنه. فاخبرهم به مثل لهم بالامور الحسية المشاهدة فقال مثل الجبلين العظيمين. ولمسلم اصغرهما مثل احد. ولو كان المراد بذلك انه جزء من اربعة وعشرين جزءا لبيت لهم. وايضا فهذا من العبادات التي يكون الثواب فيها على قدر نية العاملين واخلاصه. فقد يكون ثوابه اكثر من ثواب المصاب لقلة اخلاص هذا اوهوني المصيبة عليه او لقلة صبره ونحو ذلك. وهذا الثواب عام. ثواب كان الميت صغيرا او كبيرا ذكرا او انثى. وقد يزيد الاجر على قدر نفع العمل ومصلحته ونية العامل. قال بعض العلماء اذا نوى الانسان باتباعه الجنازة طاعة ربه بامتثال امره واداء حق اخيه باتباع جنازته والصلاة عليه فانه في هذه الحال مفتقر الى ذلك جدا. ونوى ايضا جبر خواطر اهله واقاربه ومساعدتهم على ذلك. وهذا بر. وقد قال تعالى وتعاونوا ولا تعاونوا على الاثم والعدوان فيؤخذ من لازم هذا الحديث انه يستحب تعزية المصاب بالميت. والتعزيب ليست كما يظن بعض العوام انها مجرد قول. اعظم الله اجرك واحسن عزاك وغفرك ولميتك بل هي كما قال ابو الوفاء ابن عقيل. قال رحمه الله كلاما معناه ان التعزية هي ان تأتي الى قلب قد هدته المصيبة وغيرته. فلا تزال تلقي عليه من الآيات والأحاديث والترغيب والترهيب. حتى ترده الى الحق. فهذه تعزية حق سواء كانت مشافهة او بكتابة اذا كان بعيدا. واما ما يفعله بعض النساء اليوم بل كلهن الا النادر فليست بتعزية. وهي لتهييج بالحزن اقرب منها للتعزية. وينبغي للمصاب ان يستعين الله ويصبر عند المصيبة فان الصبر المحمود هو الصبر عند الصدمة الاولى. والانسان ان لم يصبر ويحتسب في اول فلابد له من السلو. لان هذه طبيعة الانسان وجبلته. ولهذا قال علي رضي الله عنه للاشعث ابن قيس انك ان لم تصبر صبر الكرام سلوت فسلو البهائم. ومن اعظم ما يعين على الصبر هو النظر فيما اعد الله تعالى للصبر قابرين من الجزاء في الدنيا والاخرة. وليس الجزع والتسخط يرد فائتا انما هو عذاب عاجل قبل العذاب الاجل. فان القضاء تم وليس بمردود. فمن رضي فله الرضا. ومن سخط فله السخط. ومما يعين على الصبر تحقيق معنى قوله تعالى حكاية عن الصابرين من قولهم عند المصيبة. انا لله وانا اليه راجعون فمعنى قوله انا لله اي عبيد مملوكون مدبرون ليس لنا من الامر شيء. بل الامر كله لله. يفعل ما يريد. وانا اليه راجعون اي من جميع احوالنا. واذا علم الانسان انه راجع الى الله. وانه موقوف بين يديه اوجب له ذلك الاحتساب. وان يعلم ان ما عند الله خير وابقى وهذا عام لجميع المصائب. سواء بالانفس او الاموال