فقال له المنصوح لقد صدقت فيما قلت ولكن لي على هذا المذهب اصحاب مثقفون ولي على هذا الرأي شبيبة مهذبون. قد تعاقدت معهم على التمسك بالالحاد. واحتقار المستمسكين بدين رب العباد قد اخذنا نصيبا وافرا من اللذات. واستبحنا ما تدعو اليه النفوس من اصناف الشهوات فانى لي بمقاطعة هؤلاء السادة الغرر. وكيف لي بمباينتهم وقد اتصلت بهم غاية الاتصال فالان يتنازع ندائيان داع الحق بعدما بان سبيله واتضح دليله. وداع النفس والاتصال به لهؤلاء الاصحاب المنافي للحق غاية المنافى فكيف الطريق الذي يريحني ويشفيني؟ وما الذي عن هذا الامر يسليني؟ فقال له صاحبه الناصح الم تعلم ان من اوجب الواجبات واكبر فضائل الرجل اللبيب. ان يتبع الحق الذي تبين له ويدع ما هو فيه من الباطل. وخصوصا عند المنازعات النفسية والاغراض الدنيوية. وان الموفق اذا وقع في المهالك طلب الوسيلة الى تحصيل الاسباب المنجية اما علمت ان من نعمة الله على العبد ان تقيض له الناصحين. الذين يرشدونه الى الخير ويأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر ويسعون في سعادته وفلاحه ثم من تمام هذه النعمة ان يوفق لطاعتهم. ولا يتشبه بمن قال الله فيهم. ولكن لا يحبون الناصحين ثم اعلم انه ربما كان الانسان اذا ذاق مذهب المنحرفين. وشاهد ما فيه من الغي والضلال ثم تراجع الى الحق الذي هو حبيب القلوب كان اعظم لوقعه واكبر لنفعه. فارجع الى الحق صادقا وثق بوعد الله ان الله لا يخلف الميعاد