ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا. وبما اشبه من الايات الدالة على كمال العلم والمجازاة وخاصة لمن قام بمحبوبات الله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله يؤخذ من نهي الله عن نكاح المشركة وانكاح المؤمنة للمشرك تعليل الله لذلك انه ينبغي اختيار الخلقاء والاصحاب الصالحين الذين يدعون الى الجنة باقوالهم وافعالهم تجنب ضدهم من الاشرار الذين يدعون الى النار بحالهم ومقالهم. ولو كانوا ذوي جاه واموال وابهة ولو كان الاولون فقراء ولا جاهلهم ولا قدر عند كثير من الناس. لان اختيار السعادة الابدية اولى بالعاقل من حصول حظ عاجل يعقب اعظم الحسرة واشد الفوت خير الخلطاء والاصحاب من شيم اولي الالباب قال تعالى الم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا. اي اذا كانوا انما حملهم على تزكية نفوسهم ومدحهم خوف الا يعرف مقدارهم ومنزلتهم فليعلموا ان الله هو المزكي لمن يشاء من خلقه. وهو الذي تزكى بترك القبائح وفعل الخيرات. والله تعالى شكور حكيم فان كانوا اذكياء حقيقة فلابد ان يظهر الله ذلك ان لم يظهروه فانه لا يظلم قتيلا. ولكن قد علم ان الحامل لهم على هذه التزكية الدعوة الباطلة والافتراء والكذب. فلهذا قال انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا. اتفاق المقاصد والاجتماع من اكبر الاسباب لحصول المطالب المهمة كما ان اختلاف الارادات فحصول التنازع من اسباب الفشل وتفويت المصالح ويدل على هذا قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا الى قوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين واذا كان هذا في قتال الاعداء الذي هو اشد الاشياء واصعبها فغيره من الامور من باب اولى واحرى من المناسبات الحسنة ان اكبر البراءة وهي براءة الله ورسوله من المشركين قد امر الله باعلانها في يوم الحج الحج الاكبر فالذنوب والمعاصي جميعها تشترك في البراءة من الله ورسوله وعدم الموالاة. ولكن البراءة التامة التي ليس معها من الموالاة مثقال ذرة انما هي من كل مشرك وكافر بالله العظيم. وتمام موالاة المؤمن بالله ورسوله الموافقة التامة على هذه البراءة ولهذا كانت سورة قل يا ايها الكافرون الى اخرها متضمنة لهذه البراءة. مستلزمة للاخلاص لله تعالى في جميع الدين. قوله تعالى لا يرقبوا فيكم الا ولا ذمة في الاية الاخرى لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة. واولئك هم المعتدون دليل على معاداتهم للصحابة خصوصا وعموما. فخصوصا لما بينكم وبينهم من العداوة واثارها وعموما لايمانهم فلم تكن هذه العداوة لهم الا لاجل الايمان. فهم اعداء الايمان واعداء كل مؤمن وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد وهذا هو الاعتداء التام فلذلك حصر الاعتداء فيهم بقوله واولئك هم المعتدون قوله تعالى وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون. اوقعت ظاهر وهو قوله ائمة الكفر موقع المضمر فلم يقل فقاتلوهم يدل على الحض على قتالهم. وانهم تمكنوا من الكفر ودل على ان بهذه الاشياء يكون الانسان من ائمة الكفر هو نقض العهود والدعوة الى دين الكفر. والطعن في دين الاسلام. ويدل هذا على ان ائمة الايمان ضدهم فهم المؤمنون الملتزمون لشرائع الايمان الموفون بعهوده الداعون الى الله الذائبون عنه المبطلون لما ناقضه ظاهرا وباطنا وانهم الموثوق بهم ومحل القدوة والامانة. نسأل الله تعالى من فضله. قوله تعالى انما المشركون دليل على ان قوله تعالى وطهر بيتي للطائفين. عام لتطهيره من النجاسات الحسية والنجاسة اثاث المعنوية. قوله تعالى يا ايها الذين امنوا ان كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون اموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم ذكر الله فيها جماع الاموال المحرمة وان الاكلين لها صنفان. احدهما من اخذها بغير حقها. واخذ اموال الناس بالباطل من الغصوب ونحوها والرشاء ونحوها. وتناول من له مستحق يبذل له ويأخذه بحسب قيام الوصف به وليس به. تدخل في ذلك مصارف الصدقات والاوقاف والزكوات والكفارات والنفقات ونحو ذلك والصنف الثاني من منع الحق الذي عليه من ديون الله وديون الادميين. وكلاهما اكل للمال بالباطل قوله تعالى يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون قال يوم يحمى عليها ولم يقل يوم تحمى في نار جهنم ليدل على انها مع حرارة نار جهنم تعمل لها الالات المحمية كالمنافيخ ونحوها. فيضاعف حرها ويشتد عذابها وذكر المفسرون رحمهم الله تعالى مناسبة لتخصيص كي جباههم وجنوبهم وظهورهم وذلك لانه اذا جاءهم الفقير السائل قعر احدهم بوجهه فاذا اعاد عليه ولاه جنبه. فاذا الح عليه ولاه ظهره. فاختصت هذه الثلاث جزاء وفاقا وظهر لي معنى اولى من هذا وهو ان كي هذه المواضع الثلاثة هي اشد على الانسان من غيرها فهي متضمنة لجهاته الاربع الامان والخلف واليمين والشمال وهذه الوجوه التي يخرج منها الانسان فلما منعوا الواجب عليهم منعا تاما من جميع جهاتهم جوزوا بنقيض مقصودهم ان مقصودهم من المنع التمتع بتلك الاموال اصول النعيم بها وخوف وحرارة فقدها لو بذلوها فصار المنع هو عين العذاب فلو انهم اخرجوها وقت الامكان لسلموا من كيها وفازوا باجرها ويدل على هذا المعنى قوله تعالى هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون. ويدل عليه ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الاكثرين هم الاقلون يوم القيامة الا من قال هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وفي اللفظ الاخر هم الاخسرون ورب الكعبة. فمن خسارتهم انهم فاتهم ربح اموالهم سلامتهم من تبعتها وكيها. ويؤيد هذا ان المعنى الذي ذكره المفسرون ليس في اللفظ ما يدل عليه وليس ايضا لازما لكل مانع. فقد يمنع الفقير والسائل وهو بغير تلك الصفة. وقد يكون عنده حق واجب. لا يطلب ويسأل ان يعطاه فيستحق بهذا الجزاء. والله اعلم. قوله تعالى ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر عشر شهرا في كتاب الله دليل على ان هذه الشهور المعروفة قد الهم الله العباد لها وفطرهم عليها وان ذلك موافق لقدره وشرعه فيستدل بها من قال ان اللغة الهام من الله لا اصطلاح اصطلح عليه العقلاء. والله اعلم قوله تعالى وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا ان الله مع المتقين في هذه الاية الكريمة فوائد احداها وجوب قتال المشركين لان الامر الاصل فيه الوجوب. الثانية ان ذلك فرض على جميع المؤمنين فهو مأخوذ من قوله وقاتلوا لا من قوله كافة فان كافة حال المشركين على الصحيح. فخطاب الله للمؤمنين جميعا بقوله وقاتلوا يدل على ذلك. ولكن هذا الغرض على الكفاية على القادر لقوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة وقوله ليس على الاعمى حرج الاية. الثالثة ان هذا القتال لجميع المشركين لا يختص به احد دون الرابعة ان المستكبرين عن عبادة الله من انواع الملاحدة والدهرية اولى بالقتال من المشركين الخامسة ان قتالهم مستحق بشرطين. كونهم مشركين وكونهم مقاتلين. فمتى زال احد الوصفين لم يقاتلوا. فالمسلم لا يقاتل لوصفه الذي اتصف به من الظلم والمعاصي وانما يقاتل المفسد منهم كالبغاة والخوارج ونحوهم. فكذلك من لم يقاتل المسلمين من المشركين لا يقاتلون اما لكونه ليس اهلا للقتال النساء والاطفال والشيوخ والرهبان ونحوهم. واما لكونه اخلد للمسلم واقر بالجزية ففيه دليل ايضا على ان الجزية تقبل من كل مشرك بذلها ولو صح لم يكن من اهل الكتاب لهذا العموم. وهذه الفائدة السادسة. والسابعة فيه التنبيه على الاخلاص في الجهاد وانهم يقاتلون لوجه الله ولكونهم اتصفوا بما يبغضه الله وهو الشرك فليكن الحامل لكم ايها على قتالهم موافقة ربكم في بغضه وعداوته لهم لاجل ان تكون كلمة الله هي العليا. الثامنة التهييج للمؤمنين على قتال المشركين. وذلك انهم يقاتلون المؤمنين كافة فكل من اتصف بالايمان فطبعهم الخبيث معاداته وقتاله لاجل ايمانه. افلا تقاتلون ايها المؤمنون من كفروا بما جاء من الحق وعاندوه وحاربوه فلتكونوا في عداوتهم متفقين. وعلى حربهم جاهدين التاسعة الاجتهاد على التحقق بتقوى الله لتنال بذلك معونة الله ومعيته العاشرة ان معية الله نوعان عامة يدخل فيها البر والفاجر كقوله ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم من الايمان والاحسان والصبر والتقوى. كقوله وان الله لمع المحسنين. مع الصابرين ومع المؤمنين وهذه المعية هذه المعية تقتضي مع العلم والجزاء الحسن العون والنصرة والتأييد والقربى الخاص الحادية عشرة بلغ فيها التنبيه على اسباب الانتصار على الاعداء وهو الاتفاق على قتالهم وعدم المنازعة والاخلاص لله تعالى وشدة العداوة التي من لازمها ان يبذل ما يستطاع ويمكن في قتالهم ويدخل في ذلك اعداد السلاح والخيل والقوة بجميع انواعها. وكذلك حصول اليقين بمعية الله والاتصاف تقوى فمتى اجتمعت هذه الاسباب لم يتخلف عنها النصر. وبحسب ما يفوت منها يفوت من النصر وبهذا ونحوه يعلم ان الشريعة الاسلامية كاملة من جميع ابوابها منتظمة لمصالح الدنيا والاخرة وبالله التوفيق قوله تعالى انما النسيئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه له عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله. فيه دلالة على تحريم الحيل المتضمنة تغيير دين الله. باسقاط الواجبات واحلال محرمات بالتوصل الى ذلك بصورة المباح ووجه هذا ان الله تعالى ذم اهل النسيء وجعل هذا من زيادة كفرهم وهم يقدمون شهرا او يؤخرونه ويبدلون الشهر الحرام الشهر الحلال وبالعكس ويجعلونه العدد الذي يصطلحون عليه ويسمونها بالاشهر الحرم. ويتجنبون فيها ما يتجنبون في الاشهر الحرم فهم غيروا صورها واسماءها وعلقوا التحريم والتحليل على الصورة والاسم لا على الحقيقة والمعنى وهذه الحيل بعينها من غير فرق. والله اعلم الداعي الى الله والى دينه له طريق ووسيلة الى مقصوده وله مقصودان فطريقه الدعوة بالحق الى الحق للحق. فاذا اجتمعت هذه الثلاثة بان يكون يدعو بالحق اي بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة التي هي احسن وكان يدعو الى الحق وهو سبيل الله تعالى وصراطه الموصل لسالكه الى كرامته وكانت دعوته للحق اي مخلصا لله تعالى قاصدا بذلك وجه الله حصل له احد المقصودين لا محالة. واما المقصود الاخر وهو ثواب الداعين الى الله واجر ورثة الرسل بحسب ما قال ما به من ذلك واما المقصود الاخر وهو حصول هداية الخلق وسلوكهم لسبيل الله الذي دعاهم اليه فهذا قد يحصل وقد لا يحصل فليجتهد الداعي في تكميل الدعوة كما تقدم وليستبشر بحصول الاجر والثواب. واذا لم يحصل المقصود الثاني وهو هداية الخلق او حصل منهم معارضة او اذية له بالقول او بالفعل فليصبر وليحتسب ولا يوجب له ذلك ترك ما ينفعه. وهو القيام بالدعوة على وجه الكمال ولا يضيق صدره بذلك فتضعف نفسه وتحضره الحسرات فليقوموا بجد واجتهاد ولو حصل ما حصل من معارضة العباد وهذا المعنى تضمنه ارشاد الله بقوله تعالى فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك ان يقولوا لولا انزل عليه كنز او جاء معه ملك انما انت نذير والله على كل شيء وكيل فامره بالقيام به بجد واجتهاد مكملا لذلك غير تارك لشيء منه ولا حرج صدره ولا لاذيتهم. وهذه وظيفته التي يطالب بها. فعليه ان يقوم بها اما هداية العباد ومجازاتهم فذلك الى الله الذي هو على كل شيء وكيل قوله تعالى واذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين اليه ثم اذا اذاقهم منه رحمة اذا فريق منهم بربهم يشركون ونحوها من الايات التي فيها هذا المعنى اذا كان هذا ثابتا في اصل الدين ان الناس اكثرهم اذا مسهم الضر انابوا الى الله لعلمهم انه كاشف الكربات وحده لا شريك له وللضرورة التي تضطرهم اليه ثم اذا زالت الضرورة عادوا الى شركهم فكذلك الامر ثابت في فروع الدين. وفي سائر الامور تجد الناس مستجيبين لداعي الغفلة. مقيمين على ما يكرهه الله غافلين عن ذكر ربهم ودعائهم اذا مستهم نائبة من نوائب المحن اقبلوا الى ربهم متضرعين. ولكشف ما بهم داعين فاقبلوا وانابوا ثم اذا ازال الله شدتهم وكشف كربتهم عادوا الى غفلتهم وغيهم يعمهون ونسوا ما كانوا يدعونه اليه من قبل كأنه ما كان وهذه الحال من اعظم الانحرافات واشد البليات التي يبتلى بها العبد لا يعرف ربه الا في الضرورة وهذه شعبة من شعب الشرك ومن كان فيه هذا الامر ففيه شبه ظاهر من حال المشركين وانما المؤمن الكامل الذي يعرف ربه في السراء والضراء العسر واليسر فهذا هو العبد على الحقيقة وهذا الذي له العاقبة الحسنة والسعادة الدائمة وهذا الذي يحصل له النجاة من الكروب اذا وقع فيها قال تعالى بعدما ذكر عن ذي النون انه بسبب عبادته في الرخاء عرفه الله في الشدة فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون. وقال ونجيناه من الغم. وكذلك ننجي المؤمنين مين؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. وقريب من هذا المعنى ما ذكر الله من حال المترفين الراضين لدعوة المرسلين حيث قال وما ارسلنا في قرية من نذير الا قال مترفوها انا بما ارسلتم به كافرون فاخبر ان السبب في ردهم لدعوتهم كونهم مترفين فدل على ان الترف هو الانغماس في نعيم الدنيا ولذاتها والانكباب عليها والتنوق في مآكلها ومشاربها ومراكبها. والاسراف في ذلك يحدث في الانسان خلقا خبيث اذا يمنعه من سرعة الانقياد لامر الله. والاستجابة لداعي الله. وكما انه ثابت واقع في اصل الدين فانه واقع ايضا في شرائعه وفروعه فكم منع الترف من عبادات وكم فوت من كربات وكم كان سببا للوقوع في المحرمات فان الترف وكثرة الارفاه تصير الانسان شبيها بالانعام التي ليس لها هم الا التمتع في الاكل والشرب فذلك يرهن البدن ويكسله ويثقله عن الطاعات ويشغل القلب في مرادات النفس مراداتها كم حملت صاحبها على جمع الاموال من غير حلها. وحملت النفس على الاشر والبطر والرياء والفخر والخيلاء اه والاستكثار من قرناء السوء. وفي الجملة في هذا الترف والسرف من المضار اضعاف اضعاف ما ذكرنا. فعلى العبد ان يكون مقتصدا في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وغير ذلك من حوائجه التي لابد منها. فلا يعلق قلبك الا بما يحتاجه منها ولا يستعمل زيادة عن حاجته. ويعود نفسه على ذلك لتتمرن النفس على الاخلاق الجميلة ويسلم من كثير من الافات والشرور المترتبة على الترف. ولهذا لما الدنيا على المسلمين ايام عمر رضي الله عنه. وكثرت الاموال. كان رضي الله عنه ينهى المسلمين اشد النهي عن الترف. ويأمرهم بالخشونة والاقتصاد. الذي هو صلاح المعاش والمعاد. وبالله التواب توفيق قوله تعالى فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى وهو على فكل شيء قدير. فاذا كانت الارض الخاشعة الخالية من كل نبت اذا انزل الله عليها المطر اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج. واختلط نبتها وكثرت اصنافه ومنافعه. جعله الله تعالى من اعظم جعله الله تعالى من اعظم الادلة الدالة على سعة رحمته وكمال قدرته. وانه سيحيي الموتى للجزاء. فالدليل وفي القلب الخالي من العلم والخير حين ينزل الله عليه غيث الوحي فيهتز بالنبات وينبت من كل زوج بهيج من العلوم المختلفة النافعة والمعارف الواسعة والخير الكثير والبر الواسع والاحسان الغزير والمحبة لله ورسوله واخلاص الاعمال الظاهرة والباطنة لله وحده لا شريك له. والخوف والرجاء والتضرع والخشوع لله وانواع اعي العبادات واصناف التقربات. والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم. وغير ذلك من من العلوم والاعمال الظاهرة والباطنة والفتوحات الربانية مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اعظم من الارض بكثير على سعة رحمة الله وواسع جوده وتنوع هباته وكمال اقتداره وعزته وانه يحيي الموتى للجزاء. وانه عنده في الدار الاخرى من الخيرات والفضل ما لا يعلمه احد غيره. وقد فهى الله على ان حياة القلوب بالوحي بمنزلة حياة الارض بالغيث. وان القلوب الخالية من الخير بمنزلة الارض الخبيثة. فقال تعالى والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا. كذلك نصرف الايات لقومي يشكرون. نية العبد تقوم مقام عمله. واذا احسن العبد في عبادة ربه ووطن نفسه على الاعمال الفاضلة الشاقة سهل الله له من وهون عليه صعابها. وربما انقلبت المخاوف امنا. وتبدلت المحنة منحة. وربما حصل من ذلك خير الدنيا والاخرة. ويدل على ذلك قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما ما اصابهم القرح الى قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله. والله ذو فضل عظيم. فلا يستنكر هذا الخير على ذي الفضل العظيم بهذه الاية دليل ايضا على ان الله يحدث لعبده اسباب المخاوف والشدائد ليحدث العبد التوكل على ربه به والاخلاص والتضرع فيزداد ايمانه وينمو يقينه كما قال تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قوله تعالى وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم. ليس فيه نقص كما توهمه بعضهم وجعل الخوف بمعنى العلم وانما فيه زيادة معنى النفيس. وهو انه كما كان العلم نوعين. علم لا يثمر عمل بمقتضاه وانما هو حجة على صاحبه وهو غير نافع. وعلم يثمر العمل وهو علم المؤمنين بان الله فسيبعثهم ويجازيهم باعمالهم. فاحدث لهم هذا العلم الخوف. فخافوا مقام ربهم وانتفعوا الرسل وعلموا انه ليس لهم من دون الله ولي ولا شفيع. فهؤلاء الذين امر الله رسوله بنذارتهم لانهم يعرفون قدرها ويقومون بحقها. واما حالة المعرضين الغافلين والمعرضين المعاندين هؤلاء لا ينفع فيهم وعظ ولا تذكير لعدم المقتضى والسبب الموجب. وهذا المعنى يأتي بما اشبه هذا موضع من القرآن والله ولي الاحسان