الدرس السادس والثلاثون التحذير من حكايات مكذوبة بشأن ايوب دعاء ايوب العبر والدروس المستفادة الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين وخالق الخلق اجمعين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى اله وصحابته اجمعين. اما بعد نسب الناس الى ايوب اشياء كثيرة. نذكر هذه الاشياء ونعقب عليها ببعض الكلام. قالوا كما يوجد في بعض الكتب انه مرض حتى استقذره الناس لقذارته ونتنه. يعني زاد المرض كثر الدود امتنع جسمه تقذر الناس رائحته. وقالوا كذلك كان الدود في جسده كثيرا حتى انه خرج الدودة وسقطت في الارض فاخذها ووضعها في جسده مرة ثانية وقيل انه لما انتنت رائحته من كثرة ما انتن من لحمه ان قومه اخذوه والقوه في زبالة يعني لنثن ريحه. وقيل تساقط لحمه كله حتى لم يبقى الا العظم والعصب. وكل هذه ترهات لا ينبغي بل لا يجوز ان تقبل على الحالين. اذا قلنا انه نبي واذا قلنا انه رجل صالح. فهذا كيف يقبل الناس دعوته ان كان بهذه الحال لا يمكن هذا ابدا. والذي نؤمن به ونصدقه ان الله ابتلى ايوب. صلوات الله وسلامه عليه بمرض شديد وبفقد امواله. وطالت مدة مرضه ولكن لا يتصور ابدا ان يكون نبي به هذا الحال ان يكون قذرا مستقذرا. هذا لا يمكن ابدا ان يصدق. الا اذا قيل ان هذا كان قبل النبوة ولا حاجة لنا بهذا الاحتمال لان هذه الروايات لو كانت احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قلنا على العين والرأس وكذا لو كانت ايات لكن لما كانت من روايات بني اسرائيل فتظرب بعرظ الحائط ولا كرامة. يقول القاظي ابو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى لم يصح عن ايوب في امره الا ما اخبرنا الله عنه في كتابه. في ايتين. الاولى قول الله جل وعلا وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر. والثاني قوله اني مسني الشيطان بنصب وعذاب. بس هذا الذي صح عن ايوب واما النبي صلى الله عليه وسلم يعني محمدا فلم يصح عنه انه ذكره بحرف واحد. الا قوله بين ايوب يغتسل اذ خر عليه رجل من جراد من ذهب وهذا سيأتي انه في الصحيحين. قال ابو بكر العربي واذا لم يصح فيه في قرآن ولا سنة الا ما ذكرناه. فمن الذي يوصل السامع الى خبر ايوب؟ ام على اي لسان سمعه والاسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات. فاعرض عن سطورها بصرك. واصمم عن سماعها فانها لا تعطي فكرك الا خيال ولا تزيد فؤادك الا خبالا. هذا ما ذكره القاضي ابو بكر العربي نعم ما قال رحمه الله ورضي عنه. قال الله جل وعلا واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب. وقال الله جل وعلا وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر. طيب هل هذا قول ايوب اني مسني الشيطان اني مسني الضر. هل هذا يتنافى مع قول الله جل وعلا في شأن ايوب؟ انا وجدناه صابرا. نعم العبد انه اواب. يعني هل يتنافى قوله اني مسني الضر؟ اني مسني الشيطان بنصب وعذاب. هل يتنافى هذا مع كونه صابرا؟ او يتنافى مع الصبر هل نقول كان صابرا ثم لم يصبر؟ ام انه كان صابرا مع ذكر هذه الايات؟ هو صابر مع ذكر هذه الايات. لا تعارض ابدا. لانه لا تعارض بين الدعاء والصبر. الدعاء لا ينافي الصلاة. بل الانسان يدعو الله وهو ايضا صابر لله محتسب الذي ينافي الصبر الشكوى الى الخلق. الذي يشتكي الى الخلق الذي يظهر شكواه الى الخلق هذا الذي ينافي فعله الصبر اما الذي يشتكي الى الله فهذا هو الصابر المحتسب. ولذلك ايوب لم يشتكي الى الخلق بل لجأ الى رب الخلق سبحانه وتعالى ولذا وصفه الله جل وعلا بالصبر. وايوب كان داعيا ولم يكن شاكيا. بدليل انه لما قال هذا الكلام قال الله جل وعلا فاستجبنا له. والاستجابة لا تكون الا للدعاء. فهو دعا ولم يشتكي صلوات الله عليه. بل انه جمع في دعائه بين حقيقة التوحيد واظهار الحاجة والفاقة الى الله جل وعلا بل والتوسل الى الله جل وعلا باسمائه وصفاته بقوله وانت ارحم الراحمين طبرا ولجأ ووحد واظهر الحاجة وتوسل الى الله جل وعلا باسمائه وصفاته فاستجاب الله جل وعلا له. وهنا قوله مسني الضر. مسني الشيطان بنصب وعذاب. هل الشيطان يمس بالشر؟ او ان الامر كله بيد الله جل وعلا. ان الامر كله بيد الله جل وعلا. الله خالق كل شيء سبحانه خلق الخير وخلق الشر. بل رأس الشر الشيطان والذي خلقه هو الله سبحانه وتعالى. هو النافع الضار سبحانه وتعالى لكن هذا الكلام من ايوب صلى الله جل وعلى سلامه عليه جاء من باب الادب مع الله جل وعلا. كما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الخير كله في يديك والشر ليس اليك اي لا ينسب اليك سبحانه وتعالى. ولذا قال الله جل وعلا عن ابراهيم واذا مرضت فهو يشفين ولم يقل واذا امرضني مع ان الذي امرظه هو الله والذي يشفاه هو الله ولكنه ادبا مع الله جل وعلا قال مرظت هو يشفين. وقال كذلك سبحانه وتعالى عن الخضر قال واما الغلام فكان ابواه مؤمنين فخشينا ان يرهقنا طغيانا وكفرا فاردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة واقرب رحما. فنسب الفعل الى نفسه لان ظاهر الفعل شر قتل غلام لكن لما جاء الى الجدار قال واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوه صالحا فاراد ربك. ولم يقل فاردنا لانه خير محض وهذا من حسن الادب مع الله جل وعلا فتكون حسن مخاطبتي له جل وعلا. كيف شفي ايوب صلوات الله وسلامه عليه؟ مر علينا انه كان يخرج لحاجته مع امرأته. وانه في يوم من الايام ابطأت عليه فاوحى الله اليه ان اركض برجلك الارض. اركض برجلك. اي اضرب برجلك الارض. هذا مغتسل بارد وشراب اي هذا الماء الذي ضربت الارض برجلك فخرج ونبع من الارض هو مغتسل بارد وهو ايضا شراب نبعت من الارض عين اغتسل منها فشفي وشرب منها. فلما اغتسل منها برأ ظاهره ولما منها برأ باطنه وقيل اركض برجلك فضرب برجل الارض هذا مغتسل بارد نبعت عين باردة اغتسل منها اي وهذا شراب ضرب برجله الارض مرة ثانية فخرج منها شراب فهما عينان. عين اغتسل منها وعين شرب منها صلوات الله وسلامه عليه. قال الله جل وعلا بعد ذلك ووهبنا له اهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لاولي الالباب. اي بعد ان شافاه الله جل وعلا ووهبنا له اهله. رحمة منا لاولي الالباب. ما معنى ووهبنا له اهله ومثلهم معهم. ثلاثة اقوال. قيل رد الله عليه مالا له وولده باعيانهم يعني الذين ماتوا احياهم الله له مرة ثانية وليس ذلك على الله بعزيز سبحانه وتعالى ثم كثرهم. وقيل رد لزوجته شبابها. وقيل اجره الله فيمن بقي من اهله وجمع بينه وبين انهم في الاخرة اي في جنات النعيم. قال الله جل وعلا وذكرى لاولي الالباب في صاد. وقال في الانبياء وذكرى للعابدين فالعابدون هم اولوا الالباب اي تذكرة لمن ابتلي فصبر فان له مثل ما لايوب صلوات الله وسلامه عليه. ثم قال الله له بعد لئن شافاه ورد عليه اهله قال صابرا نعم العبد انه اواب. ذكر ان ايوب ليضربن امرأته مائة ثوب. لم؟ قالوا لانها باعت ظفائرها. غضب عليها. لماذا فعلت كذا؟ والله لاظربنك مئة او انها تأخرت عليه يوما فحلف ليضربنها. يعاقبها. او جاءها رجل وقيل انه الشيطان فقال لها ان لك ايوب هل تقولين اني انا شفيته؟ فقالت اسأل ايوب. فسألته فحلف ليضربنه. كيف تقبلين مثل هذا الكلام؟ والشافي هو الله جل وعلا. وايا كان الله اعلم بالسبب الذي من اجله حلف ايوب صلوات الله وسلامه عليه قلنا هذه كلها روايات بني اسرائيل نصدق ولا نكذب ولكن الذي جاء في كتاب الله جل وعلا قوله سبحانه وتعالى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحلف اذا حلف واراد الله الا يحنف فقال له خذ بيدك ضغثا. الضغث قيل هي اعواد النخيل يعني السعة في الجاف وقيل الضغط هو الحشيش الذي يبس. عيدان الحشيش هذه اليابسة جمع مئة عود فضرب بها زوجته ضربة واحدة بدل ان يضربها مئة سوط جمع مئة عود وظربها بها ظربة واحدة حتى لا يحنث في يمينه. وهو كما قال الله جل وعلا يتق الله يجعل له مخرجا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما ايوب يغتسل عريانا اي لوحده لم يكن عنده احد. وهذا جائز بل لا يغتسل الانسان الا عريان يقول بينما يغتسل ايوب عريانا خر عليه رجل من جراد من ذهب رجل يعني مجموعة رجل من الناس اي مجموعة من الناس واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا اي جماعات على ارجلهم. رجلا من جراد اي مجموعة من جراد من ذهب سقط عليه جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه يجمع هذا الجراد اخذ ثوبه وبدأ يجمع فيه هذا الجراد من الذهب ناداه ربه فقال يا ايوب الم اكن اغنيتك عما ترى يعني في القناعة التي جعلتها في قلبك اغنيتك انا عن هذا؟ الم اكن اغنيتك عما ترى؟ قال بلى ولكن لا غنى لي عن بركتك هذه بركة من الله جل وعلا. لا غنى لي عنها. هذه قصة ايوب صلوات الله وسلامه عليه بقي ما نخرج به من العبر من هذه القصة اولا قصة ايوب هي قصة الايمان الكامل والصبر الجميل. لا شك ثم كذلك فيه ان كفارة اليمين لم تشرع لمن قبلنا. على الاقل ايوب. والا الانسان اذا حلف يمينا فانه يكفر عنها اذا لم يستطع ان يوفيها او كانت يمين على غير خير وجد غيرها خيرا منها يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما حلفت على شيء ووجدت غيرها خيرا منها الا كفرت عن يميني واتيت هو خير ولو كان هذا مشروعا في زمنهم لكفر ايوب عن يمينه ولكن لم يجد بدا من تنفيذ ما حلف عليه ولذلك ضرب زوجته بهذا الضغط كذلك من لا يحتمل اقامة الحد عليه لضعفه فانه يقام عليه مسمى ذلك. يعني ايوب لما رأى ان هذا الضرب لا تستحقه وهذه المرأة جعل الله له مخرجا بهذه الاعواد وانت وفيتني ضربت مئة ضربة ضربت بمئة اي بهذه الاعواد فلو قدر ان مريضا لا نستطيع ان نقيم عليه الحد. اذا كان يرجى برؤه اي ننتظر ان يبرأ ويشفى فينتظر. متى ما برئ اقيم عليه الحد ولكن اذا علمنا برأي الطبيب انه لن يبرأ. لا يترك الحج بل يقام عليه مسمى الحج باقل ما يكون. لان المقصود من الحج هو التنكيل عذاب النفس لا هو لغيره حتى يرى غيره وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين. وليس المقصود من الحد الاتلاف. ولذلك كان شارب خمر انما يظرب بالسعف والنعم يعني المقصود هي الاهانة والتنكيل كما قلنا له والزجر لغيره طيب كذلك من الفوائد ان المرء يبتلى على قدر دينه. الانسان يبتلى على قدر دينه. ثم كذلك ان الله تبارك وتعالى من يتقيه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فهذه المرأة لما اتقت الله جل وعلا جعل الله لها مخرجا بان جمع هذه الاعواد وضربها بها ضربة واحدة حتى لا يحنث في يمينه قال الله لايوب ايضا مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب. كذلك من فوائد هذه القصة ان الدعاء لا ينافي الصبر لان الله مدحه في الدعاء ومدحه كذلك في الصبر كذلك لابد ان نعلم انه ما بين غمضة عين والتفاتتها يغير الله من حال الى حال ذهب معها مريضا ابطأت عليه رجعت واذا هو معافى ليس فيه شيء اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فكان كأن لم يكن شيء ثم كذلك جواز الاستكثار من الحلال لما قال ايوب لا غنى لي عن بركتك والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ان كان احد عنده سؤال في الموضوع من ضمن الانبياء الذين اوحي اليهم. نعم نعم ولذلك قلنا صحيح انه نبي لكن كونه لم تذكر يعني دعوته يعني كما قلنا القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ. ولذلك ذكر الله ما ينتفع به من قصة ان يبعث واما دعوته فيستفاد منها من دعوة غيره من الانبياء. نعم مس الشيطان له اي ابتلي عن طريق الشيطان. والشيطان قد يتسلط اما ان يكون هذا الابتلاء من الشيطان قبل النبوة او نقول ان ايوب لم يكن نبيا اصلا يعني اذا قلنا انه لم يكن نبيا الامر واضح. واذا قلنا انه قبل النبوة كذلك الامر واضح. وانما يشكل اذا قلنا بعد النبوة فكيف تسلط الشيطان على نبي من الانبياء. فالذي قال اهل العلم ان هذا التسلق من الشيطان تسلط على البدن بتسليط الله له. وهذا جائز كما يقع المرء للانبياء ومتوقعة السحر عليهم وما شابه ذلك والقتل الذي وقع عليهم فكذلك هنا من مس المرض فهذا جائز في حق الانبياء نعم نعم انا اعرضت عن كثير من الروايات الاسرائيلية في حق ايوب عليه الصلاة والسلام لان الباطل فيها ظاهر. ولذلك اعرضت عنها عرضت صفحا عنها وما هو الذي يعني ذكره اهل العلم في هذا الامر. واما قصة ان ايوب عليه الصلاة والسلام يعني الشيطان جربه واراد ان يبتليه ويختبر هذا كله باطل. هذا لم يثبت منه شيء ثم قلنا حنا صبر ايوب قلنا هو المثل الاعلى في الصبر على الابتلاء في الجسد يعني في المرض. والا النبي صلى الله عليه وسلم لما اذاه قومه قال اوذي موسى اكثر من فصبر فذكر موسى ولم يذكر ايوب. فكل واحد صبره في شأن معين نعم نعم الاسرائيليات ذكرن نحن في اول محاضرة ان الاسرائيليات على ثلاثة انواع النوع الاول ما يقبل وهو ما جاء في الكتاب او في السنة من قصص بني اسرائيل كما ذكر الله عن اهل الكهف او ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة جريج العابد هذه اسرائيليات من قصة بني اسرائيل هذه مقبولة وهناك من الاسرائيليات ما يكذبها القرآن او تكذبها السنة او فيها طعن في الله او فيها طعن في الانبياء فهذه مرفوضة. وهناك من الاسرائيليات ما ليس فيها شيء من ذلك. لا جاءت في الكتاب والسنة ولا ايضا ما فيها ما ينافي وانما فيها تفصيلات كذكر مثلا اسم زوجة ايوب انها بنت يعقوب عليه الصلاة والسلام او بنت لوط صلوات الله وسلامه عليه وفيها مثلا يوسف اسماؤهم او الكلب الذي دخل مع اهل الكهف لونه او مكان الكهف او ما شابه ذلك. هذه تجوز روايتها ولكنها ايضا لا تصدق ولا تكذب نعم الصبر كما ذكرت ثلاثة انواع الصبر على الطاعة والصبر على البلاء والصبر عن المعصية. والذي ذكر اهل العلم ان اشدها الصبر على الطاعة. الانسان يصبر نفسه على الطاعة. هذا لعله هو اشد انواع الصبر لانه قد يصبر على البلاء الصالح والطالح. بعض الناس فيهم شدة وصبر على البلاء بحيث انه لا يتأثر بمثل هذه الاشياء حتى فقال ولقد ابيت على الطوى واضله حتى انال به كريم المأكلي مثلا عادات الناس تصبر عليها والصبر عن المعصية كذلك قد يصبر الانسان عن المعصية انفا يأنف عن هذه المعصية كما قال ايضا الظاهر ما عندنا الا عنترة حنا واغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها. طيب اما الصبر على الطاعة فهذا لا يكون الا للصالحين. فلعل هذا هو اشد انواع الصبر لا اذا عجز ليس عليه شيء حتى يستطيع. والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم