المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب غصب عن سعيد بن زيد رضي الله عنه مرفوعا من اقتطع شبرا من الارض ظلما طلقه الله اياه يوم القيامة من سبع اراضين متفق عليه فيه الوعيد الشديد على غصب اراضينا وغيرها. وهذا الوعيد يشمل اقتطاعها من ملك الغير او ما يختص به الغير ويشمل اقتطاعها من الشوارع العامة واستدل به على ان الارض يتبعها قرارها وهواؤها فليس لاحد ان يتصرف في قرار ملك غيره ولهوائه بغير اذنه ورضاه. وقوله تعالى ومن يغلو ليأتي بما غل فيوم القيامة يراد بها الغلول من غنيمة المجاهدين ويراد بما هو اعم من ذلك وهذا الحديث من هذا المعنى العام وان من ظلم فاخذ شيئا بغير حق طوقه يوم القيامة من عقار وحيوان واثاث اليها. وفي هذا ان الاراضين سبع بعضها فوق بعض. متواصلة متصلة. واذا كان هذا الوعيد في اقتطاع شبر من الارض. فمضى ظنوا بما هو اكثر من ذلك وفي ان الانسان بملكه للارض يملك ما في باطنها من حجارة ومعدن وغيرها وعن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فارسلت احدى امهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال كلوا ودفع الصحفة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة. رواه البخاري والترمذي. وزاد طعام بطعام واناء باناء وصححه هذا فيه ضمان المتلف لغيره مالا اي يضمنه بالمثل. وان المثل هو الشبيه والنظير. ليس خاصا بالمكيل والموزون وفيه انه ينبغي الانتفاع بالمتلف اذا بقي فيه انتفاع. لانه صلى الله عليه وسلم ضم الطعام في الاناء المكسور. وامرهم ان يأكلوا وفيه كمال خلقه صلى الله عليه وسلم حيث لم يغضب على الكاسرة. لعلمه ان الذي دفعها الى هذا العمل الخيرة التي تكاد ان تكون بغير اختيارها. وهي شبيهة بالمكرهة. وفيه انه لا يشترط في التضمين رضا من وجب عليه الضمان لانه دفعها ولم يسترضها في دفع صحفتها الصحيحة في هذا الحديث والذي قبله ان الضمان سببه احد امرين اما اليد المتعدية بغير حق على مال الغير فتضمن العين والمنافع واما اليد المتلفة لمال الغير عمدا او سهوا او خطأ الله اعلم وعن رافع بن خديج مرفوعا من زرع في ارض قوم بغير اذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته. رواه احمد والاربعة الا النسائي. وحديث عروة عن رجل من الصحابة وفيه ليس لعرق ظالم حق في اختصام الرجلين في الفرس. رواه ابو داوود ظاهر ذلك انه لا فرق بين ان يحصد الزرع او لم يحصده. وان صاحب الارض التي زرعت بغير اذنه له الزرع وعليه مؤنة ما انفق الزراع لان الزرع انما تولد وصار مالا من ارضه وعمل الزراع. ولكن هذا اذا كان صاحب الارض يختار ذلك فان كانت نفقة الزرع اكثر من حاصله فهو لا يختار الزرع ويعطي اكثر منه والزارع متعد بزرعه بغير اذن المالك وعموم القاعدة الشرعية ان النقص يكون على المتعدي لا يلزم صاحب الارض اكثر من نفقة الزرع. والمتعدي قد استغل ارضه وملكه بغير اذنه فيقتضي ان يكون الزارع عليه الاجرة لرب الارض او بسهم من الزرع على ما جرت به العادة. فهذا العموم يتقيد بهذا الاصل الذي دل عليه الشرع في مواضع ولم يلغ الشارع حق الزارع اذا اختار صاحب الارض تملك الزرع بل اوجب له النفقة فالشارع راعي الطرفين وقوله ليس لعرق ظالم حق يدل على ان غرس الغاصب وبناءه في الارض المغصوبة غير محترم فاذا اختار صاحب الارض ان يقلعه الغاصب مجانا فله ذلك لانه ليس له حق في الارض ولهما ان يتراضيا على ابقائه في الارض باجرة او مغارسة. كما ان لصاحب الارض تملكه قيمته. فتقوم الارض مغروسة او مبنية وتقوم خالية من الغراس والبناء. فما بينهما فهو قيمة الغرس والبناء ومفهوم الحديث ان من غرس او بنى وهو غير ظالم له حق. فيدخل في ذلك غراس المستأجر والمستعير ونحوهم كذلك على الصحيح المغرور الذي انتقلت اليه الارض من الغاصب بغير علمه. فكل هؤلاء لهم حق. فاما ان يتملكه صاحب الارض بقيمته او يتفقا على ابقائه باجرة ونحو ذلك. وعن ابي بكرة مرفوعا قال في خطبته يوم النحر ان دماءكم واموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا متفق عليه. هذا اصل كبير كان صلى الله عليه وسلم يقرره في المجامع العظام. وقد تقررت حرمة دماء المسلمين واموالهم واعراضهم عند جميع الامة. فلا يحل شيء منها الا بحقها الشرعية اما بمعارضة شرعية او تبرع لفظي او عرفي