في نار لا يؤدي اليك الا ما دمت عليه قائما. ذلك بانهم قالوا ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. يخبر تعالى عن لاهل الكتاب في الوفاء والخيانة في الاموال. لما ذكر خيانتهم في الدين ومكرهم وكتمهم الحق. فاخبر ان منهم الخائن والامين. وان منهم من ان تأمنه بقنطار وهو المال الكثير يؤده. وهو على اداء ما دونه من باب اولى. ومنهم من ان تأمنه بدينار لا اليك وهو على عدم اداء ما فوقه من باب اولى واحرى. والذي اوجب اليهم الخيانة وعدم الوفاء اليكم بانهم زعموا انه ليس عليهم في الاميين سبيل. اي ليس عليهم اثم في عدم اداء اموالهم اليهم. لانهم بزعمهم الفاسد ورأيهم الكاسد قد احتقروهم غاية احتقار ورأوا انفسهم في غاية العظمة وهم الاذلاء الاحقرون. فلم يجعلوا للاميين حرمة واجازوا ذلك. فجمعوا بين اكل الحرام واعتقاده ادي حلة وكان هذا كذبا على الله. لان العالم الذي يحلل الاشياء المحرمة قد كان عند الناس معلوم انه يخبر عن حكم الله. ليس يخبر عن نفسه وذلك هو الكذب. فلهذا قال ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. وهذا اعظم اثما من القول على الله بلا علم. ثم مارد عليهم زعمهم الفاسد فقال بلى اي ليس الامر كما تزعمون انه ليس عليكم في الاميين حرج. بل عليكم في ذلك اعظم الحرج واشد الاثم. من اوفى بعهده والعهد يشمل العهد الذي بين العبد وبين ربه. وهو جميع ما اوجبه الله على العبد من حقه. ويشمل العهد الذي بينه وبين العباد. والتقوى تكون في هذا الموضع ترجع الى اتقاء المعاصي التي بين العبد وبين ربه وبينه وبين الخلق. فمن كان كذلك فانه من المتقين الذين يحبهم الله تعالى سواء كانوا من الاميين او غيرهم. فمن قال ليس علينا في الاميين سبيل فلم يوف بعهده ولم يتق الله ولم يكن ممن يحبه الله بل ممن يبغضه الله. واذا كان الاميون قد عرفوا بوفاء العهود. وبتقوى الله وعدم التجرؤ على الاموال المحترمة. كانوا هم المحبوبين المتقين الذين اعدت لهم الجنة وكانوا افضل خلق الله واجلهم بخلاف الذين يقولون ليس علينا في الاميين سبيل. فانهم داخلون هنا في قوله ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة. ولا يزكيهم ولهم ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا. ويدخل في ذلك كل من اخذ شيئا من الدنيا في قابلة ما تركه من حق الله او حق عباده. وكذلك من حلف على يمين يقتطع بها مال معصوم. فهو داخل في هذه الاية. فهؤلاء لا خلق لهم في الاخرة اي لا نصيب لهم من الخير ولا يكلمهم الله يوم القيامة غضبا عليهم وسخطا. لتقديمهم هوى انفسهم على رضا ربهم ولا يزكيهم اي يطهرهم من ذنوبهم ولا يزيل عيوبهم ولهم عذاب اليم. موجع للقلوب والابدان وهو عذاب السخط والحجاب وعذاب جهنم نسأل الله العافية احسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب. ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله آآ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. يخبر تعالى ان من اهل الكتاب فريقا يلوون السنتهم بالكتاب ان يميلونه ويحرفونه عن المقصود به. وهذا يشمل اللي والتحريف لالفاظه ومعانيه. وذلك ان المقصود من الكتاب حفظ وعدم تغييرها وفهم المراد منها وافهامه. وهؤلاء عكسوا القضية وافهموا غير المراد من الكتاب. اما تعريض واما تصريحا فالتعريض في قوله لتحسبوه من الكتاب اي يلوون السنتهم ويوهمونكم انه هو المراد من كتاب الله وليس هو المراد. والتصريح في قولهم ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله. ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. وهذا اعظم جرأ ممن يقول على الله بلا علم فهؤلاء يقولون على الله الكذب. فيجمعون بين نفي المعنى الحق واثبات المعنى الباطل. وتنزيل اللفظ الدال على الحق على المعنى الفاسد مع علمهم بذلك ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما وهذه الاية نزلت ردا لمن قال من اهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم لما امرهم بالايمان به ودعاهم الى طاعته. اتريد يا محمد ان نعبدك مع الله؟ فقوله ما كان لبشر ان يمتنعوا يستحيل على بشر من الله عليه بانزال الكتاب وتعليمه ما لم يكن يعلم. وارساله للخلق ان يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله فهذا من امحل المحال صدوره من احد من الانبياء عليهم افضل الصلاة والسلام. لان هذا اقبح الاوامر على الاطلاق. والانبياء اكمل الخلق على الاطلاق فاوامرهم تكون مناسبة لاحوالهم. فلا يأمرون الا بمعالي الامور. وهم اعظم الناس نهيا عن الامور القبيحة. فلهذا قال ان كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. اي ولكن يأمرهم بان يكونوا ربانيين. اي علماء حكماء حلماء معلمين للناس ومربيهم بصغار العلم قبل كباره. عاملين بذلك. فهم يأمرون بالعلم والعمل والتعليم. التي هي مدار السعادة وبفوات شيء منها يحصل النقص والخلل. والباء في قوله بما كنتم تعلمون. باء السببية. اي بسبب تعليمكم لغيركم تضمني لعلمكم ودرسكم لكتاب الله وسنة نبيه. التي بدرسها يرسخ العلم ويبقى تكونون ربانيين. ولا يأمركم ان ان تتخذ الملائكة والنبيين اربابا. ايأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين اربابا. وهذا تعميم بعد تخصيص. اي لا يأمركم بعبادة نفسه ولا بعبادة احد من الخلق من الملائكة والنبيين وغيرهم ايأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون؟ هذا ما لا يكون ولا تصوروا ان يصدر من احد من الله عليه بالنبوة. فمن قدح في احد منهم بشيء من ذلك. فقد ارتكب اثما عظيما وكفرا وخيما