بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ذكر ما جاء في رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام الرؤية مصدر تطلق على ما يراه الانسان بعينه يقظة وتطلق ايضا على ما يراه في المنام. وهو المقصود هنا لذلك قيدها وهو المقصود هنا وختم الحديث عن الشمائل بذكر ما جاء في رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يتضمن تقرير الارتباط بين معرفة الشمائل والتحقق من الرؤية فمن لم يكن على معرفة بشمائله وصفاته صلى الله عليه وسلم فلا يمكن ان يتحقق ان الذي رآه في المنام هو النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يؤكد اهمية العلم الشرعي واهمية دراسة مناقب النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وشمائله واذا قرأ المسلم كتاب الشمائل للامام الترمذي رحمه الله او غيرهم من الكتب المعتمدة كان على بصيرة من امره في هذا الباب وسلم باذن الله من ان يغتر او يزيغ عقله بمكر الشيطان وحيله وتلبيسه فقد اغتر كثير من العوام برؤى رأوها في مناماتهم وتوهموا انهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وتحت تلك الرؤى المزعومة المتوهمة انتشرت كثير من البدع والضلالات التي ما انزل الله بها من سلطان عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بي. اخرجه الترمذي وابن ماجة قوله من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بي اي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعهودة المعروفة لا بصفة اخرى لانه قد يأتي الشيطان للانسان بصفة اخرى ويقول انه الرسول لكن لا يمكن للشيطان ابدا ان يأتي لشخص في المنام بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنى قوله فقد رآني انه رأى جسده صلى الله عليه وسلم الذي في القبر ولا روحه التي في الجنة وانما المقصود انه رآه على صورته الحقيقية لان الشيطان لا يتمثل به ابدا وقد يتمثل بصور اخرى فيأتي الانسان في منامه ويقول له انه النبي او ابو بكر او عمر او غير ذلك وهو في ذلك كاذب وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتصور او قال لا يتشبه بي متفق عليه وهو بمعنى حديث عبدالله بن مسعود السابق وعن ابي ما لك الاشجعي عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني اخرجه احمد وهو بمعنى ما سبق من حديثي ابن مسعود وابي هريرة رضي الله عنهما وعن عاصم بن كليب قال حدثني ابي انه سمع ابا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثلني قال ابي فحدثت به ابن عباس فكنت قد رأيته فذكرت الحسن بن علي فكنت شبهته به فقال ابن عباس انه كان يشبهه اخرجه احمد قوله فان الشيطان لا يتمثلني اي لا يستطيع ان يأتي على مثال النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعروفة المعهودة التي نقلها الصحابة الكرام رضي الله عنهم قال كليب والد عاصم فحددت به ابن عباس فكنت قد رأيته اي انا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فذكرت الحسن بن علي اي لما رأيته في المنام ذكرتني صفته بصفة الحسن بن علي فصفة الحسن بن علي رضي الله عنه مشابهة لصفته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه قوله فقال ابن عباس انه كان يشبهه. وهذا شاهد لما سبق تقريره من عناية الصحابة رضي الله عنهم بهذه المسألة وتحققهم ممن ادعى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام هل رآه بصفته المعروفة او بغير صفته فان كان بالصفة المعروفة فقد رأى لان الشيطان لا يتمثل به صلى الله عليه وسلم وان كان بصفة اخرى فلا يكون بذلك قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وان قال له الذي رآه في المنام انه النبي وان يزيد الفارسي وكان يكتب المصاحف قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام زمن ابن عباس قال فكنت لابن عباس اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ان الشيطان لا يستطيع ان يتشبه بي فمن رآني في النوم فقد رآني هل تستطيع ان تنعت هذا الرجل الذي رأيته في النوم قال نعم انعت لك رجلا بين الرجلين جسمه ولحمه اسمر الى البياض اكحل العينين حسن الضحك جميل دوائر الوجه ملأت لحيته ما بين هذه الى هذه قد ملأت نحره قال عوف ولا ادري ما كان مع هذا النعت فقال ابن عباس لو رأيته في اليقظة ما استطعت ان تنعته فوق هذا. اخرجه احمد قول ابن عباس هل تستطيع ان تنعت هذا الرجل الذي رأيته في النوم اراد رضي الله عنه بهذا ان ينظر في الوصف فان كان مطابقا لما يعرفه من وصف النبي صلى الله عليه وسلم فانه يكون قد رآه لان الشيطان لا يتمثل به وان كان رأى رجلا بصفة اخرى فلا يكون رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انعت لك رجلا بين الرجلين اي متوسطا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير جسمه ولحمه اسمر الى البياض اي ليس بالابيض الامهق الخالص بل هو بياض مشرب بحمرة اكحل العينين اي ان جفونه فيها شيء من السمار كانه وضع كحلا ولم يكتحل حسن الضحك جميل دوائر الوجه ملأت لحيته ما بين هذه الى هذه اي ما بين اذنه اليمنى الى اذنه اليسرى قد ملأت نحره من كثافتها وكانت لحيته صلى الله عليه وسلم كثة حتى ان الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعرفون قراءته في الصلاة السرية باهتزاز لحيته وهم صفوف خلفه قوله قال عوف اي ابن ابي جميلة الراوي عن يزيد ولا ادري ما كان مع هذا النعت. يعني من صفات اخرى ذكرها لعله لم يحفظ منها الا هذا فقال ابن عباس لو رأيته في اليقظة ما استطعت ان تنعته فوق هذا اي ان هذا النعت الذي ذكرته للرجل الذي رأيته في المنام مطابق تماما لصفة النبي عليه الصلاة والسلام بحيث لو انك رأيته يقظة ونعته ما تستطيع ان تزيد عن هذا الوصف وعن النظر ابن سميل قال قال عوف الاعرابي انا اكبر من قتادة هذا تعريف بعوف ابن ابي جميلة الاعرابي الذي سبق في الرواية المتقدمة يروي ان يزيد الفارسي وذكر انه اكبر سنا من قتادة وعن ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني يعني في النوم فقد رأى الحق متفق عليه وبمعنى الاحاديث المتقدمة وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتخيل بي وقال ورؤيا المؤمن جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة. اخرجه البخاري قوله فان الشيطان لا يتخيل بي اي لا يتمثل بي ولا يتصور بي ولا يتشبه بي كلها بمعنى واحد قوله ورؤيا المؤمن جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة في هذا فضل الرؤيا الصالحة التي يكرم الله سبحانه وتعالى بها عبده المؤمن وهي من المبشرات قال عبدالله ابن مبارك اذا ابتليت بالقضاء فعليك بالاثر اي اذا وليت القضاء فعليك بالاثر والمراد بالاثر اي المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة الكرام بالاسانيد الصحيحة اراد الترمذي رحمه الله ان يبين مكانة الاثر ومكانة الروايات المسندة وان الواجب على من اراد لنفسه صحة دينه وسلامة معتقده وعبادته وذكره لله ان يرتبط بالاثر فدين النبي صلى الله عليه وسلم اثار تروى بالاسانيد في دواوين السنة والمصنفات المعتمدة المعروفة وعن ابن سيرين قال هذا الحديث دين تنظر عمن تأخذون دينكم ختم الترمذي رحمه الله الكتاب بهذا الاثر عن محمد ابن سيرين رحمه الله انه قال هذا الحديث دين اي هذا الحديث الذي يرفع يضاف الى النبي صلى الله الله عليه وسلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم قال عبد الله بن مبارك الاسناد من الدين. ولولا الاسناد لقال من شاء ما شاء. رواه مسلم فليس كل من يروي الاحاديث تقبل روايته. بل لابد ان يتأكد من عدالته وظبطه ولهذا عظمت عناية العلماء رحمهم الله قديما وحديثا باحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فالفوا كتبا خاصة في الاحاديث الصحيحة وكتبا خاصة في الاحاديث الضعيفة وكتبا ايضا خاصة في الاحاديث المكذوبة التي لا تحل روايتها الا لبيان حالها والترمذي رحمه الله ختم بهذين الاثرين لينبه ان المسلم في دراسته للشمائل او في دراسته لاي امر من من امور الدين الاخرى يجب عليه ان يعتني بالاثار الصحيحة الثابتة وهي الاحاديث المرفوعة الى النبي عليه الصلاة سلام او الموقوفة على الصحابة الكرام رضي الله عنهم وارضاهم ونسأل الله الكريم ان يوفقنا اجمعين لكل خير انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته