المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الف كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور تخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. الله الذي اله ما في السماوات وما في الارض وويل للكافرين من عذاب شديد اخبر تعالى انه انزل القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في وقت تراكم فيه الجهل والظلم. والظلمات وانواع الشرور ليخرج الناس به من هذه الظلمات المتراكمة. فيعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. ويحرك عزائمهم ويثيرهم هممهم وحواسهم الى الخير والى الايمان به. وبرسله وطاعته وطاعة رسوله. فتستنير معارفهم اتضح طريقهم ويستقيم سلوكهم تتم لهم بذلك الخيرات وتندفع عنهم الشرور والمضرات فمن تلقى هذا الكتاب الذي هو اكبر النعم بفهم وقبول وانقياد لاوامره وارشاداته المتفرعة المصلحة للدين والدنيا فقد استقام على الصراط المستقيم ومن اعرض عنه او عارضه فهو الكافر الذي فسدت احواله وويل للكافرين من عذاب شديد فانه لم يكن كفرهم عن اشتباه وخفاء للحق او اتباع طريق هدى. بل كفرهم صدر عن رغبة في الترف وحب الدنيا الذي صدهم عن الهدى والحق احب الحياة الدنيا على الاخرة. اولئك في ضلال بعيد واي ضلال اعظم من ضلال من اثر الهوى على الهدى شقاء على السعادة والشر على الخير وقال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد وذلك ان العقل وحده لا يستقل بمعرفة الله ولا يعرف عبادته وتفاصيلها. ولا تفاصيل اليوم الاخر حتى يهتدي بنور الوحي الذي اوحاه الله الى رسوله ويكون له قلب يجعل الافكار والتصورات ايرادات وهمما تحث صاحبها على اختيار النافع على الضار والخير على الشر والهدى على الضلال والاخلاق الجميلة على ضدها فالقلب الحي اذا نظر في الوحي وتأمل ما جاء به الرسل من الحق بعقائده واخلاقه واعماله لم يؤثر على ذلك شيئا فانه يعلم انه ليس بعد الحق الا الضلال فالتصورات والعلوم وحدها بلا قلب يتطلع الى الخير والحق. لا تكفي وحدها بل قد يكون ضررها كثيرا لخلوها عن الايمان وخلوها عن التوجيهات الصحيحة ولتكبر اهلها بها كما قال الله تعالى عن امثال هؤلاء وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. فجحدهم لايات الله واستكبارهم عنها ازائهم بها واحتقارهم لاهلها او جبلهم فقد الانتفاع باسماعهم وابصارهم وافئدتهم فلم يزل هذا دأبهم حتى حق عليهم العقاب فانظر كيف كانت علومهم التي لم تبنى على الايمان. وانما هي علوم جافة منحرفة صارت سببا لمعارضة بهم الرسل وبقائهم على ما هم عليه من الكفر والتكذيب بالحق. فنعوذ بالله من علم لا ينفع