المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الرابع ومنها ان الاخلاص لله تعالى اكبر الاسباب لحصول كل خير واندفاع كل شر. كما قال تعالى وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء. انه من عبادنا المخلصين. وفي القراءة الاخرى المخلصين اي الذين اخلصهم الله بخالصة ذكر الدار وهما متلازمتان فاخلصهم لاخلاصهم له. فمن اخلص لله اخلصه وخلصه من الشرور وعصمه من السوء والفحشاء. ومنها ما دلت عليه القصة من العمل بالقرائن القوية من عدة وجوه. منها حين ان ادعت امرأة العزيز ان يوسف راودها وقال هي راودتني عن نفسي فشهد شاهد من اهلها اي حكم حاكم بهذا الحكم واضح. وكانت قد شقت قميص يوسف وقت مراودتها اياه. ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين لانه يدل على اقباله عليها. وان المراودة صادرة منه. وان كان قميصه قد من دبر فكذب وهو من الصادقين. فكان هذا هو الواقع لانها تريده وهو يفر منها ويهرب عنها. فقدت قميصه من خلفه تبين لهم انها هي المراودة في تلك الحال. وبعد ذلك اعترفت اعترافا تاما حيث قالت الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين. ذلك ليعلم اني لم اخونه بالغيب. وان الله لا يهدي كيد الخائنين. ومن العمل بالقرائن وجود الصواع في رحل اخيه. وحكمهم عليه باحكام السرقة بهذه قرينة القوية ومنها ينبغي للعبد ان يبتعد عن اسباب الفتن ويهرب منها عند وقوعها. كما فعل يوسف حين راودتهم امرأة العزيز. واعلم ان كثيرا من المفسرين ذكروا في تفسير البرهان الذي رآه يوسف حين اعتصم عن الفاحشة اسرائيليات تنافي العقل والدين وتنافي ما عليه الرسل من الكمال. حيث قال بعضهم تبدى له جبريل في الهواء او تبدى له يعقوب عاضا ابهامه او ما شابه ذلك من الامور التي لو حصلت على رجال الناس لامتنع من فجوره. فكلها باطلة كذلك من الاقوال الباطلة ما قاله بعضهم في قوله ولقد همت به وهم بها اي هم ان يضربها. وهذا تحريف ظاهر. وصاحب هذا القول اراد الفراق من الهم المعروف خشية ان يكون فيه نقص. وتنقيص الانبياء محذور في ذلك. فان الهم والهوى ونحوهما اذا قوامه العبد وقدم عليه الخوف والايمان فهو كمال. كما قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنة وكما ثبت في الصحيح مرفوعا من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة. فانه انما تركها من جرائي اي تركها لاجل الله خوفا من عقابه ورجاء لثوابه. من اكبر العبادات والله اعلم. ومنها ما عليه يوسف صلوات الله عليه من الجمال الظاهر الذي اخذ بلب امرأة العزيز وشغفها حبا وحين رأته النسوة قد طعن ايديهن واكبرنه وقلن حاشا لله ما اهذا بشر؟ ان هذا الا ملك كريم. ومن الجمال الباطن وهو العفة والاخلاص الكامل والصيانة ومنها انه ينبغي للعبد ان يلتجأ الى الله عند خوف الوقوع في فتن المعاصي والذنوب مع الصبر والاجتهاد في البعد عنها. كما فعل يوسف ودعا ربه قال والا تصرف عني كيدهن اصب اليهن واكن من الجاهلين وان العبد لا حول ولا قوة ولا عصمة له الا بالله فالعبد مأمور بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور مع الاستعانة بالملك الشكور