المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الله هذا الاسم الجليل الجليل هو اعظم الاسماء الحسنى بل قيل انه الاسم الاعظم وسيأتي التنبيه على الاسم الاعظم عن قريب ان شاء الله ولهذا تضاف جميع الاسماء الحسنى الى هذا الاسم ويوصف بها فيقال الرحمن الرحيم الخالق الرازق العزيز الحكيم الى اخرها من اسماء الله ولا يقال الله من اسماء الرحمن الرحيم الى اخرها فمعنى الله كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين فجمع رضي الله عنه في هذا التفسير بين الوصف المتعلق بالله من هذا الاسم الكريم وهو الالوهية التي هي وصفه الدال عليها لفظ الله كما دل على العلم الذي هو وصفه لفظ العليم وكما دل على العزة التي هي وصفه لفظ العزيز وكما دل على الحكمة التي هي وصفه لفظ الحكيم وكما دل على الرحمة التي هي وصفه لفظ الرحيم وغيرها من الاسماء الدالة على ما قام بالذات من مدلول صفاتها فكذلك الله هو ذو الالوهية والالوهية التي هي وصفه هي الوصف العظيم الذي استحق ان يكون به الها بل استحق الا يشاركه في هذا الوصف العظيم مشارك بوجه من الوجوه واوصاف الالوهية هي جميع اوصاف الكمال واوصاف الجلال والعظمة والجمال واوصاف الرحمة والبر والكرم والامتنان فان هذه الصفات هي التي يستحق ان يؤله ويعبد لاجلها فيؤله لان له اوصاف العظمة والكبرياء ويؤله لانه المتفرد بالقيومية والربوبية والملك والسلطان ويؤله لانه المتفرد بالرحمة وايصال النعم الظاهرة والباطنة الى جميع خلقه ويؤله لانه المحيط بكل شيء علما وحكما وحكمة واحسانا ورحمة وقدرة وعزة وقهرا ويؤله لانه المتفرد بالغنى المطلق التام من جميع الوجوه كما ان ما سواه مفتقر اليه على الدوام من جميع الوجوه مفتقر اليه في ايجاده وتدبيره مفتقر اليه في امداده ورزقه مفتقر اليه في حاجاته كلها مفتقر اليه في اعظم الحاجات واشد الضرورات وهي افتقاره الى عبادته وحده والتأله له وحده فالألوهية تتضمن جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا وبهذا احتج من قال ان الله هو الاسم الاعظم ومنهم من قال انه الصمد الذي تصمد اليه جميع المخلوقات بحاجتها لكمال سيادته وعظمته وسعة اوصافه ومنهم من قال ان الاسم الاعظم هو الحي القيوم لوروده في بعض الاحاديث ولان هذين الاسمين العظيمين يتضمنان جميع الاسماء الحسنى والصفات الكاملة فان الصفات الذاتية ترجع الى الحي الذي قد كملت حياته فكملت صفاته وصفات الافعال ترجع الى القيوم لانه الذي قام بنفسه وقام بغيره وافتقرت اليه الكائنات باسرها وقيل في تعيين الاسم الاعظم اقوال اخر والتحقيق ان الاسم الاعظم اسم جنس لا يراد به اسم معين فان اسماء الله نوعان احدهما ما دل على صفة واحدة او صفتين او تضمن اوصافا معدودة والثاني ما دل على جميع ما لله من صفات الكمال وتضمن ما له من نعوت العظمة والجلال والجمال فهذا النوع هو الاسم الاعظم لما دل عليه من المعاني التي هي اعظم المعاني واوسعها فالله اسم اعظم وكذلك الصمد وكذلك الحي القيوم وكذلك الحميد المجيد وكذلك الكبير العظيم وكذلك المحيط وهذا التحقيق هو الذي تدل عليه التسمية وهو مقتضى الحكمة وبه ايضا تجتمع الاقوال الصحيحة كلها والله اعلم والمقصود ان هذا التفسير من ابن عباس رضي الله عنهما يدخل فيها وصفه بالالوهية التي نبهنا هذا التنبيه اللطيف على معنى الالوهية ويدخل فيها وصف العباد وهو العبودية العباد يعبدونه ويألهونه قال تعالى وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله اي يألهه اهل السماء واهل الارض طوعا وكرها الكل خاضعون لعظمته منقادون لارادته ومشيئته عانون لعزته وقيوميته وعباد الرحمن يألهونه ويعبدونه ويبذلون له مقدورهم بالتأله القلبي والروحي والقولي والفعلي بحسب مقاماتهم ومراتبهم فيعرفون من نعوته واوصافه ما تتسع قواهم لمعرفته ويحبونه من كل قلوبهم محبة تتضاءل جميع المحاب لها فلا يعارض هذه المحبة في قلوبهم محبة الاولاد والوالدين وجميع محبوبات النفوس بل خواصهم جعلوا كل محبوبات النفوس الدينية والدنيوية العادية تبعا لهذه المحبة فلما تمت محبة الله في قلوبهم احبوا ما احبه من اشخاص واعمال وازمنة وامكنة فصارت محبتهم وكراهتهم تبعا لالههم وسيدهم ومحبوبهم ولما تمت محبة الله في قلوبهم التي هي اصل التأله والتعبد انابوا اليه فطلبوا قربه ورضوانه وتوسلوا الى ذلك والى ثوابه بالجد والاجتهاد في فعل ما امر الله به ورسوله وفي ترك جميع ما نهى الله عنه ورسوله وبهذا صاروا محبين محبوبين له وبذلك تحققت عبوديتهم والوهيتهم لربهم وبذلك استحقوا ان يكونوا عباده حقا وان يضيفهم اليه بوصف الرحمة حيث قال وعباد الرحمن ثم ذكر اوصافهم الجميلة التي انما نالوها برحمته وتبوأوا منازلها برحمته وجازاهم بمحبته وقربه ورضوانه وثوابه وكرامته برحمته وقد علم بهذا ان من بذل هذه المحبة التي هي روح العبادة التي خلق الخلق لها لغير الله فقد وضعها في غير موضعها ولقد ضيعها ايضا ولقد ظلم نفسه اعظم الظلم حيث هضمها اعظم حقوقها وبذلك استحق ان يكون الشرك هو الظلم العظيم وان يكون المشرك مخلدا في النار محروما دخول الجنة محرما عليه لانها دار الطيبين الذين عبدوه حق عبادته واخلصوا له الدين وقد جمع الله هذين المعنيين في عدة مواضع مثل قوله تعالى لموسى انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكري وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا اي مساميا مماثلا في صفات الالوهية وكذلك كلمة الاخلاص وهي لا اله الا الله تتضمن نفي الالوهية عن غير الله وانه لا يستحق احد من الخلق فيها مثقال ذرة فلا يصرف لغير الله شيء من العبادات الظاهرة والباطنة وتقرر الالوهية كلها لله وحده فهو الذي يستحق ان يؤله محبة ورغبة ورهبة وانابة اليه وخضوعا وخشوعا له من جميع الوجوه والاعتبارات فهو المألوف وحده المعبود المحمود المعظم الممجد ذو الجلال والاكرام