المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المثال الرابع في احكام الحيض هل هو الدم الموجود الذي يعتاد الانثى ام له شروط وقيود؟ قال المستعين بالله ان الحيض الذي يصيب النساء في اوقاته المعتادة لابد لنا ان نربطه بامور يضبط بها ويتميز بها عن الدماء الفاسدة التي لا يثبت لها احكامه. فنقول كل انثى لم يتم لها تسع سنين او قد جاوزت في عمرها خمسين سنة. فوجود الدم منها ليس بحيض وانما يعتاد الانس الحيض في السن الذي بين هذين التقديرين من تمام تسع سنين الى تمام خمسين بان هذا هو المعتاد الموجود. وكذلك لابد ان يكون الحيض لا يقل عن يوم وليلة. ولا يزيد عن خمسة عشر يوما متى نقص عن يوم وليلة فليس بحيض. وان تكرر حتى جاوز الخمسة عشر فهو استحاضة ولو تكرر. وكذلك الطهر بين الحيض تطين لابد ان يكون ثلاثة عشر يوما فاكثر. فمتى نقص لم يعتد به؟ وذلك للاثر المروي عن شريح المشهور. وذلك اثر المروي عن شريح المشهور. وايضا اذا اختلف الدم على الانثى فتقدم او تأخر. او زاد عن عادتها لم تنتقل معه ولم يثبت لها حكم الحيض حتى يتكرر ذلك ثلاثا. فاذا تكرر ثبت له حكم الحيض وقضت حينئذ ما وجب فيه من صلاته ونحوها والدليل على ذلك والاعتماد على ان العادة لا تثبت الا بثلاث مرات. وكذلك المبتدئ بها الدم تجلس ما تيقن انه او حيض او يظهر انه حيض وهو يوم وليلة وتغتسل بعدها ولو كان الدم جاريا وتصلي وتصوم ثم اذا انقطع دون الخمسة عشر يوما اغتسل الثانية. ثم اذا تكرر ثلاثا على هذه الوتيرة قضت ما وجب فيه. وصار هذا عادة. وايضا فان ان هذه الاحوال التي ذكرناها وان كانت مشقة على النساء فان الاحتياط وطلب براءة الذمة مطلوب شرعا. ولا يخفى ما في هذه الاقوال من الاحتياط والرجوع الى حيض متيقن قد زالت عنه الشبهة كلها وهو المطلوب. فاتضح مما تقدم ان الدماء التي تصيب الانثى سوى النفاس ثلاثة اقسام. حيض وهو ما وجدت فيه تلك الشروط والقيود السابقة واستحاضة وهو ما تجاوز خمسة عشر يوما مطلقا ودم فاسد. وهو ما عدا ذلك مما اختل فيه قيد من تلك القيود. فالقسم الاول ثبت فيه احكام الحيض كلها والقسمان الاخيران لا يثبت فيهما شيء من احكام الحيض. بل تصلي فيهما المرأة وتصوم وتفعل ما تفعل الطاهرة فقال المتوكل على الله هذا القول الذي قررته وشرحته يا اخي لم يدل عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا معنى من المعاني الراجعة الى الكتاب والسنة. وانما دل الكتاب والسنة والوجود والنظر على ان الدم الذي يصيب الانثى في اوقاته يكون هو الحيض من غير فرق بين صغيرة ولا كبيرة ولا فرق بين ان يزيد عن خمسة عشر يوما او ينقص عن يوم وليلة. وبمجرد ما والدم تجلس واذا انقطع انقطاعا تام اغتسلت وتنتقل معه في زيادته ونقصانه. والدليل على هذا ان الشارع على الحيض احكاما كثيرة. واخبر ان النساء يعرفن دم الحيض بمجرد وجوده. وقد جرت عادتهن بالزيادة والنقص اختلاف الاحوال عليهن ولم يأمرهن ويرشدهن الى التقيد بتلك القيود التي لا يفهمنها. فضلا عن امكان العمل بها. وكون التي لا تثبت الا بثلاث مرات قول لا دليل عليه. بل الدليل يدل على ضده فان الاصل ان الدم الذي يصيب المرأة هو الاصلي الذي هو الحيض لا العارض الذي هو دم الفساد والاستحاضة. ولان الحيض هو دم طبيعة وجبلة. وذلك يختلف باختلاف النساء والاحوال اصول القوة والضعف وغيرها. فكونه يربط بسن معين ومقدار معين. ويلغي ما سواه مع مماثلته له مع كونه مخالفا لظاهر النصوص الشرعية فانه مناف للاحوال الطبيعية. يوضح هذا القول الصحيح ان القول الذي تقولونه مع انه لا يدل عليه كتاب ولا سنة فانه لا يمكن ان يبنى على قاعدة من القواعد. ولا اصل من الاصول. لان تلك الفروع التي فرعتموها آآ يثبت لاحدها حكم وينفى عن نظيرها المماثل ذلك الحكم. ويجمع فيها بين المتباينات. ويحكم على الانثى بها تجلس عن الصلاة ونحوها في وقت ثم تؤمر بقضاء ما تركت فيه وهي مأمورة بالترك. وقد تأمرونها ان تتقيد فيها ثم اقضي ما فعلت كما اذا عاودها النفاس في الاربعين. وكل هذه الفروع لا نظير لها في الشرع. فاذا كانت لم ترد بذاتها عن الشارع ولم تبنى على مماثل لها او مقارب علم انها غير شرعية. ثم اعلم يا اخي ان من خواص الاقوال الضعيفة وجود التناقض فيها وعدم بنائها على اصل متفق عليه وصعوبة فهمها وصعوبة العمل بها او تعذره. وهذه الفروع التي فرعتم كذلك كما ان القول الصحيح تجد فهمه في غاية اليسر والعمل به في غاية السهولة ومسائله منضبطة مبنية على الاصول الشرعية وهو قولنا الذي نصرناه انه بسيط جدا وهو ان الدم الذي تراه المرأة دم حيض مطلقا. واذا انقطع فهي طاهرة تثبت لها احكام الطاهرات ما لم يطبق عليها الدم او يزيد زيادة فاحشة. فحينئذ نعلم انه ليس كله حيضا وانما ما بعضه حيض وبعضه غير حيض. فنرجع حينئذ الى المرجحات الشرعية والمميزات. وهي الرجوع الى عادتهن. ثم الى وصف في الدم وتمييزه. فان تعذر الامران التحقت بابناء جنسها من النساء ستة ايام او سبعة للحيض. وما سوى ذلك طهر ما هو الغالب للنساء فهذا هو القول الذي يتعين القول به. فان لم يكن عندك من الترجيح لقولك سوى ما شرحته. وهو كذلك فعليك كما وجب علي اتباع القول الصحيح. فلست اقول لك قل بقولي واتبعني على ما قلت. وانما اقول انا وانت الواجب واحد وهو اتباع ما رجحه الدليل السالم عن المعارض المقاوم. وقال المستعين بالله سمعا وطاعة للبراهين الشرعية مبينة على القواعد المرضية وله الحمد على الارشاد تعلما وتوفيقا للعمل