بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله النبي الامين وعلى اله وصحبه اجمعين هذه الوحدة الثانية من مساقنا المتعلق بقواعد التفسير تأصيلا وتطبيقا والوحدة الثانية ستكون باذن الله جل وعلا عن قواعد التفسير المتعلقة بالقراءات وهذا الدرس الاول سنتكلم فيه ان شاء الله عن قاعدة القراءات يفسر بعضها بعضا وستتناول هذه القاعدة من خلال ثلاثة عناصر العنصر الاول بيان الفاظها ومعناها والعنصر الثاني سيكون في تطبيقات القاعدة عند المفسرين ثم نختم بالعنصر الثالث وهو بعض الفوائد الحاصلة من دراسة هذه القاعدة العنصر الاول في بيان الفاظ القاعدة وشرح وايضاح معناها القاعدة ان القراءات يفسر بعضها بعضا والقراءات كما درسنا في علم القراءات قالوا علم القراءات هو علم بكيفية اداء كلمات القرآن واختلافها بحسب ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى هذه القاعدة التي بين ايدينا ان القراءات يكمل بعضها بعضا ويبين بعضها بعضا ويوضح بعضها بعضا فكما ان القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا فكذلك الحال مع القراءات سواء كانت هذه القراءة قراءة متواترة او قراءة احد في القراءة المتواترة قد تفسر القراءة المتواترة. وكذلك قراءات الاحاد قد تفسر القراءة المتواترة يقول الامام السوقي رحمه الله تعالى موضحا هذه القاعدة يقول بعض القراءات يبين ما لعله يجهل في القراءة الاخرى وذكر لذلك امثلة منها ان قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن ورد بقراءتين بقراءة التشديد وقراءة التخفيف حتى يتطهرن بالتشديد وحتى يطهرن بالتخفيف وقراءة التشديد تبين معنى قراءة التخفيف فيكون معنا حتى يطهرن يعني حتى يغتسلن من انقطاع الدم فلا يجوز للرجل على هذا لا يجوز للرجل ان يقرب امرأته الا اذا انقطع الدم واغتسلت بعد ذلك فاستفدنا من مجموع القراءتين معنى جديدا وفسرت كل قراءة القراءة الاخرى وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه عذرا فسرت قراءة التشديد حتى يطهرن فسرت لنا قراءة التخفيف وهي حتى يطهر وايضا قال وقراءة ابن مسعود فامضوا الى ذكر الله. هذه قراءة احادية وهي تبين المراد في القراءة المتواترة في قوله جل وعلا فاسعوا الى ذكر الله وتبين ان المراد بالسعي هنا هو الذهاب مع الاهتمام والعناية وليس المراد المشي السريع لان الاصل في السعي في لغة العرب هو المشي السريع لكن في هذا الموضع في الاية ليس المراد المشي السريع لاننا نهينا عن الاسراع في المشي الى الصلاة وامرنا ان نأتي المساجد بسكينة ووقار كما هو معلوم فالقراءة القراءة الاحادية قراءة فامضوا الى ذكر الله تفسر المراد بالقراءة المتواترة فاسعوا الى ذكر الله. اذا عرفنا معنى هذه القاعدة القراءة يفسر بعضها بعضا والتي يعبر عنها احيانا بقولهم بعض القراءات يبين ما قد يجهل في القراءة الاخرى فهذه القاعدة اه نعم نكون قد انتهينا من العنصر الاول في بيان معنى هذه القاعدة. وننتقل للعنصر الثاني في هذا الدرس وهو نماذج من تطبيقات القاعدة عند المفسرين ولنظرب لهذا مثالين. المثال الاول في قوله تعالى لا يؤاخذكم الله لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ذكر العلامة الشنقيطي رحمه الله في اضواء البيان ان حمزة والكسائية وشعبة قرأوا هذه الاية ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان. عقدتم بالتخفيف وبدون الف وقرأها ابن ذكوان بما عاقدتم الايمان بالالف وقرأ بقية القراء بما عقدتم الايمان بالتشديد ومن غير الف ثم قال الشنقيطي رحمه الله ان قراءة التضعيف يعني عقدتم وقراءة المفاعلة يعني عاقدتم معناهما مجرد الفعل يعني مجرد العقد بدليل قراءة عقدتم بلا الف ولا تظعيف. بدليل القراءة الاخرى وهي ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ثم قال رحمه الله تعالى والقراءات يبين بعضها بعضا وهذه هي القاعدة التي ندرسها المثال الثاني في قوله تعالى من انسخ من اية او ننسها نأتي بخير منها او مثلها في قراءة ابن عامر رحمه الله ما ننسخ من اية ما ننسخ فيكون من الفعل الرباعي انسخ ينسخ والقراءة المشهورة ننسخ اما القراءة المشهورة ما ننسخ من اية فمعناها ظاهر. لان الله تعالى هو الذي ينسخ الايات واما القراءة الثانية وهي قراءة ابن عامر ما ننسخ فمعناها كما قال ابن ابي مريم في كتابه الموضح في وجوه القراءات يعني ننسخك اياها اي نأمرك بازالة حكمها وذلك بان ينزل الله جل وعلا اية ناسخة وقد ذكر الامام الالوسي رحمه الله في تفسيره هاتين القراءتين ثم قال بعد ذلك فتتفق القراءتان في المعنى وان اختلفتا في اللفظ وهذا منه رحمه الله تطبيق للقاعدة التي ندرسها العنصر الثالث نشير فيه الى شيء من فوائد هذه القاعدة هذه القاعدة تعتبر من قواعد الجمع والترجيح عند كثير من المفسرين فتستعمل هذه القاعدة للجمع بين قراءتين ظاهرهما التعارض بدلا من الترجيح وترك احدى القراءتين. هذا تمام الكلام في هذه القاعدة. والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين