وقلوبهم من التعظيم والايمان لربهم ومن التصديق والاذعان قال المصنف رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم لله اشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من احدكم براحلته حديث متفق عليه يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة. فصل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المصنف رحمه الله فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه. وما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم به ربه عز وجل من الاحاديث الصحاح التي نقلها وتلقاها اهل المعرفة بالقبول وجب الايمان بها كذلك. اي ايمانا خاليا من التعطيل والتحريف ومن التكييف والتمثيل بل اثبات لها على الوجه اللائق بعظمة الرب عز وجل وحكم السنة حكم القرآن في ثبوت العلم واليقين والاعتقاد والعمل. فان السنة توضح القرآن وتبين مجمله وتقيد مطلقه قال الله تعالى وانزل الله عليك الكتاب والحكمة اي السنة. وقال تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه عنه فانتهوا قال المصنف رحمه الله تعالى وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا الى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الاخر اخر فيقول من يدعوني فاستجيب له. ومن يسألني فاعطيه. من يستغفرني فاغفر له. متفق عليه فهذا الحديث قد استفاض في الصحاح والسنن والمسانيد. واتفق على تلقيه بالقبول والتصديق بين اهل السنة والجماعة. بل جميع المسلمين ان الذين لم تغيرهم البدع وعرفوا به عظيم رحمة ربهم وسعة جوده. واعتناءه بعباده وتعرضه لحوائجهم الدينية والدنيوية. وان نزولهم حقيقة كيف يشاء ويثبتون النزول كما يثبتون جميع الصفات التي ثبتت في الكتاب والسنة ويقفون عند ذلك فلا يكيفون ولا يمثلون ولا ينفون ولا يعطلون. ويقولون ان الرسول صلى الله عليه وسلم اخبرنا انه ينزل ولم يخبرنا كيف ينزل وقد علمنا انه فعال لما يريد. وعلى كل شيء قدير ولهذا كان خواص المؤمنين يتعرضون في هذا الوقت الجليل لالطاف ربهم ومواهبه. فيقومون بعبوديته خاضعين خاشعين داعين متضرعين عين يرجون منه حصول مطالبهم التي وعدهم اياها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ويعلمون ان وعده حق ويخشون ان ترد ادعيتهم بذنوبهم ومعاصيهم. فيجمعون بين الخوف والرجاء ويعترفون بكمال نعمة الله عليهم. فتمتلئ وهذا فرح جود واحسان. لانه جل جلاله ينوع جوده وكرمه على عباده من جميع الوجوه. ويحب من عباده ان يسلكوا كل طريق يوصلهم الى كرمه واحسانه. ويكره لهم ضد ذلك فانه تعالى جعل لرحمته وكرمه اسبابا بينها لعباده. وحثهم على فيها واعانهم عليها ونهاهم عما ينافيها ويمنعها. فاذا عصوه وبارزوه بالذنوب فقد تعرضوا لعقوباته التي لا يحب منهم ان يتعرفوا فاذا رجعوا الى التوبة والانابة فرح بذلك اعظم فرح يقدر. فانه ليس في الدنيا نظير فرح هذا الذي في ارض فلاة مهلكة وقد انفلتت منه راحلته التي عليها مادة حياته من طعام وشراب وركوب فأيس منها وجلس ينتظر الموت. فاذا هو بها واقفة على رأسه فاخذ بخطامها وكاد الفرح ان يقضي عليه. وقال من الدهشة وشدة الفرح اللهم انت عبدي وانا ربك. فهل يوجد فرح اعظم من فرح الايس من حياته اذا حصلت له على اكمل الوجوه فتبارك الرب الكريم الجواد الذي لا يحصي العباد ثناء عليه. بل هو كما اثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده وهذا الفرح تبع لغيره من الصفات. كما تقدم ان الكلام على الصفات يتبع الكلام على الذات. فهذا فرح لا يشبه فرح احد من خلقه لا في ذاته ولا في اسبابه ولا في غاياته. فسببه الرحمة والاحسان وغايته اتمام نعمته على التائبين المنيبين قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم يضحك الله الى رجلين يقتل احدهما الاخر كلاهما يدخل الجنة متفق عليه. وهذا ايضا من كمال وجمال احسانه وسعة رحمته. فان المسلم يقاتل في سبيل الله ويقتله الكافر فيكرم الله عز وجل المسلم بالشهادة. ثم يمن الله عز وجل على ذلك الكافر القاتل. فيهديه للاسلام يدخلان الجنة جميعا. وهذا من تنويع جوده المتتابع على عباده من كل وجه. والضحك يكون من الامور العجيبة التي تخرج عن نظائرها وهذه الحالة المذكورة كذلك فان تسليط الكافر على قتل المسلم في بادئ الامر امر غير محبوب ثم هذا المتجرأ على القتل يتبادر لاذهان كثير من الناس انه يبقى على ضلاله ويعاقب في الدنيا والاخرة ولكن رحمة الله عز وجل واحسانه فوق ذلك كله. وفوق ما يظن الظانون ويتوهم المتوهمون. وكذلك لما دعا النبي صلى الله عليه سلم على اناس من رؤساء المشركين لعنادهم واذيتهم بالطد عن رحمة الله عز وجل. انزل الله قوله ليس لك من الامر شيء يتوب عليهم فتاب عليهم بعد ذلك وحسن اسلام كثير منهم قال المصنف رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيثه ينظر اليكم ازلين قنيطين فيظل يضحك ويعلم ان فرجكم قريب. حديث حسن. وهذا العجب الذي وصف الرسول صلى الله عليه وسلم به ربه من اثار رحمة الله عز وجل وهو من كماله تعالى. والله تعالى ليس كمثله شيء في جميع نعوته. فاذا تأخر الغيث عن العباد مع فقرهم وشدة حاجتهم استولى عليهم اليأس والقنوط. وصار نظرهم قاصرا على الاسباب الظاهرة. وحسبوا الا يكون وراءها فرج من القريب المجيب. فيعجب الله عز وجل منهم وهذا محل عجب. كيف يقنطون ورحمته وسعت كل شيء والاسباب لحصولها قد توفرت. فان حاجة العباد وضرورتهم من اسباب رحمته. والدعاء لحصول الغيث والرجاء لله عز وجل من الاسباب ووقوع الغيث بعد امتناعه مدة طويلة وحصول الضرورة يوجب ان يكون لفضل الله واحسانه موقع كبير واثر عجيب كما قال تعالى فاذا اصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون. وان كانوا من قبل ان ينزل عليهم من قبله كمبلسين والله تعالى قدر من الطافه وعوائده الجميلة ان الفرج مع الكرب وان اليسر مع العسر. وان الضرورة لا تدوم فان حصل مع ذلك قوة التجاء وشدة طمع بفظل الله عز وجل ورجاء. وتضرع كثير ودعاء. فتح الله عز وجل عليهم من خزائن جوده ما لا يخطر بالبال وفي لفظ قرب غيره اي تغييره الشدة بالرخاء. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله وفي رواية عليها قدمه فينزوي بعضها الى بعض وتقول قط قط متفق عليه. وهذه الصفة تجري مجرى بقية الصفات. تثبت لله عز وجل حقا على الوجه اللائق بعظمته. وذلك ان الله عز وجل وعد النار ملأها كما قال لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين فلما كان من مقتضى رحمته الا يعذب احدا بغير جرم. وكانت النار في غاية القعر والسعة حقق وعده تعالى ووضع عليه قدمه فتلاقى طرفاها ولم يبق فيها فضل عن اهلها. واما الجنة فانه يبقى فيها فضل عن اهلها مع كثرة ما اللهم سعته فينشئ الله عز وجل لها خلقا اخر كما ثبت بذلك الحديث قال المصنف رحمه الله تعالى فيقول الله تعالى يا ادم فيقول لبيك وسعديك في نادي بصوت ان الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثا الى النار. متفق عليه ففي هذا الحديث اثبات القول من الله عز وجل والنداء لادم. وانه نداء حقيقة بصوت وهذا من فضل الله عز وجل لا يشكل على المؤمنين فان النداء والقول من انواع الكلام وكلام الله عز وجل صفة من صفاته والصفة تتبع الموصوف. وفيها ان قول والنداء يكون في يوم القيامة. وهذا من ادلة الافعال الاختيارية. وكم لهذه المسألة من البراهين من الكتاب والسنة قال المصنف رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان وهذا ايضا اثبات لتكليمه لجميع العباد بلا واسطة. وتكليمه لعباده نوعان. نوع بلا واسطة كما في هذا الحديث كيف وتكريم لاهل الجنة. تكليم محبة ورضوان واحسان. واما ما في الحديث فانه تكليم محاسبة. ويكون على البر والفاجر. واما قوله تعالى ولا يكلمهم الله فالمنفي كلام خاص وهو الكلام الذي يسر المتكلم ونوع بواسطة وهو كلامه تعالى لرسله من الملائكة بامره ونواهيه واخباره لانبيائه ورسله من البشر قال المصنف رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم في رقية المريض ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك امرك في السماء والارض كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الارض اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا. انت رب الطيبين. انزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ حديث حسن رواه ابو داوود وقوله صلى الله عليه وسلم الا تأمنوني وانا امين من في السماء؟ حديث صحيح وقوله صلى الله عليه وسلم والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه. حديث حسن رواه ابو داوود وغيره وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية اين الله؟ قالت في السماء. فقال من انا؟ قالت انت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة. رواه مسلم فهذه النصوص وغيرها المصرحة بانه تعالى في السماء حق على حقيقتها وفي تكون بمعنى على كما قاله كثير من اهل العلم واللغة. وقد وردت في مواضع كثيرة على هذا النحو. قال تعالى ولا يصلبنكم في جذوع النخل اي عليها. وقال طائفة من اهل العلم ان معنى في السماء اي في جهة العلو وعلى الوجهين فهي نص في علو الله عز وجل على خلقه وفي حديث الرقية المذكور توسل الى الله عز وجل بالثناء عليه بربوبيته والوهيته وقدسيته وعلوه وعموم امره الشرعي وامره القدري فان الله عز وجل له الامر القدري الذي ينشأ عنه جميع الموجودات والحوادث والتدابير القدرية. كقوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وقوله سبحانه وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر. وله الامر الشرعي المتضمن الشرائع التي شرعها لعباده على السنة رسله وتوسل الى الله عز وجل بذلك. ثم توسل اليه برحمته التي شملت اهل السماوات كلهم. ان يجعل لاهل الارض نصيبا وافرا منها ثم توسل اليه بسؤال مغفرة الحوب وهو الذنب العظيم. والخطايا وما دونها. ثم بربوبيته الخاصة وهم الانبياء واتباعهم. الذين غمرهم بنعم الدين والدنيا الظاهرة والباطنة فهذه الوسائل المتنوعة الى الله عز وجل لا يكاد يرد دعاء من توسل بها. فلهذا دعا الله عز وجل بعدها بالشفاء الذي هو شفاء الله عز وجل الذي لا يدع مرضا الا ازاله. ولا فيه تعلق بغير الله فافضل المنن منن المولى التي لا سعي لمخلوق فيها وفي شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم بالايمان بالجارية التي اعترفت بعلو الله عز وجل ورسالة رسوله صلى الله عليه وسلم دليل على ان من اعظم اوصاف الباري الاعتراف بعلوه على خلقه ومباينته لهم. وانه على العرش استوى وان هذا اصل الايمان وان من انكر علو الله المطلق من كل وجه فقد حرم هذا الايمان وقوله صلى الله عليه وسلم والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه فيه الجمع بين الايمان بعلوه على عرشه وفوق مخلوقاته وباحاطة علمه بالموجودات كلها. وقد جمع الله عز وجل بين الامرين في عدة مواضع من كتابه قال المصنف رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم افضل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت حديث حسن. وقوله صلى الله عليه وسلم اذا قام احدكم الى الصلاة فان الله قبل وجهه فلا يبصن قبل وجهه ولا عن يمينه ولكن عن يساره اليوم تحت قدمه متفق عليه. هذان الحديثان دلا على ان افضل الايمان مقام الاحسان والمراقبة. وهو ان تعبد الله كأنك انك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وتعلم ان الله عز وجل معك لا تتكلم ولا تفعل ولا تتصرف الا والله عز وجل يراك ويشاهدك. ويعلم سرك وجهرك وان تلزم الادب مع الله عز وجل. خصوصا اذا دخلت في الصلاة التي هي اعظم صلة ومناجاة بين العبد وبين ربه فتخضع وتخشع وتعلم انك واقف بين يدي الله عز وجل. فتقلل الحركات ولا تسيء الادب معه بالبصاق امامك او عن يمينك. فهذه المعية متى حصل للعبد استحضارها في كل احواله. لا سيما في عباداته. فانها اعظم عون على التي هي اعلى مراتب الايمان. فيجمع العبد بين الايمان بعلو الله عز وجل واستحضار قربه. ولا منافاة بين الامرين كما يأتي بيان ذلك ان شاء الله. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم رب السماوات السبع ورب الارض ورب رب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء. فالق الحب والنوى منزل التوراة والانجيل والقرآن. اعوذ بك من شر نفسي من شر كل دابة انت اخذ بناصيتها. انت الاول فليس قبلك شيء. وانت الاخر فليس بعدك شيء. وانت الظاهر فليس لا فوقك شيء وانت الباطن فليس دونك شيء. اقض عني الدين واغنني من الفقر. رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفع الصحابة اصواتهم بالتكبير ايها الناس اربعوا على انفسكم فانكم لا تدعون اصم ولا غائبا انما تدعون سميعا قريبا ان الذي تدعون اقرب الى احدكم من عنق راحلته. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر. لا تضامون في رؤيته. فان استطعتم الا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا متفق عليه. وقد تواترت النصوص في رؤية الله عز وجل لاهل الجنة. وانهم يرون ربهم ويتمتعون دعونا بمشاهدته. وهي تدل على امرين على علوه على خلقه. لانها صريحة بانهم يرونه من فوقهم وعلى ان اعظم النعيم نعيم النظر الى وجهه الكريم وحثه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على صلاة العصر وصلاة الفجر خصوصا فيه اشارة على ان من حافظ عليهما نال هذا الكامل الذي يضمحل عنده كل نعيم. وهذا يدل على تأكدهما. كما دل على ذلك الحديث الاخر. يتعاقبون فيكم بالليل وملائكة بالنهار. ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر. الحديث متفق عليه قال المصنف رحمه الله تعالى يا امثال هذه الاحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه بما يخبر به فان الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما اخبر الله عز وجل به في كتابه من غير تحريف ولا لا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل هم وسط في فرق الامة كما ان الامة وسط في جميع الامم والمراد بالوسط العدل الخيار. الذين جمعوا كل حق في اقوال الخلق وردوا ما فيها من الباطل. قال تعالى وكذلك فجعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. ويكون الرسول عليكم شهيدا فهذه الامة وسط بين الامم التي تميل الى الغلو الضار والامم التي تميل الى التفريط المهلك. فمن الامم من غلا في المخلوقات وجعل لهم من صفات الخالق ومن حقوقهما جعل ومنهم من جفى الانبياء واتباعهم حتى قتلهم ورد دعوتهم. وهذه الامة امنت بكل رسول ارسله الله عز وجل واعتقدت رسالتهم وعرفت مقاماتهم الرفيعة التي فضلهم الله عز وجل بها ولم يغلوا في احد من المخلوقين ومن الامم من احلت كل طيب وخبيث. ومنهم من حرم الطيبات غلوا ومجاوزة. وهذه الامة احل الله عز وجل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث ونحو ذلك من الامور التي من الله عز وجل على هذه الامة الكاملة بالتوسط فيها وكذلك اهل السنة والجماعة. متوسطون بين فرق الامة المبتدعة. التي انحرفت عن الصراط المستقيم قال المصنف رحمه الله فهم وسط في باب صفات الله تعالى بين الجهمية اهل التعطيل وبين المشبهة اهل التمثيل كما تقدم بيان ذلك وان اهل السنة يثبتون جميع ما ثبت في النصوص من صفات الله عز وجل على حقيقتها اللائقة بعظمة الباري قال المصنف رحمه الله تعالى وهم وسط في باب افعال الله عز وجل بين الجبرية والقدرية. فان الجبرية يزعمون ان العبد جبور على افعاله. لا قدرة له عليها. وان افعاله بمنزلة حركات الاشجار. كل هذا غلو منهم في اثبات القدر القدرية قابلوهم فنفوا تعلق قدرة الله عز وجل بافعال العباد تنزيها لله بزعمهم. فافعال العباد عندهم لا تدخل تحتها بمشيئة الله وارادته. وكل من هاتين الطائفتين ردت طائفة كبيرة من نصوص الكتاب والسنة. وهدى الله عز وجل اهل السنة والجماعة للتوسط بين الطائفتين المنحرفتين. فامنوا بقضاء الله عز وجل وقدره وشمولهما للاعيان والاوصاف والافعال التي من جملتها افعال المكلفين وغيرهم وامنوا بانه ما شاء الله عز وجل كان وما لم يشأ لم يكن. وامنوا مع ذلك بان الله تعالى جعل للعباد قدرة وارادة تنتقع بها اقوالهم وافعالهم على حسب اختيارهم وارادتهم فامنوا بكل نص فيه تعميم قدرته ومشيئته لكل شيء. وبكل نص فيه اثبات ان العباد يعملون ويفعلون كل افعال الكبيرة والصغيرة بارادتهم وقدرتهم وعلموا ان الامرين لا يتنافيان بل يتساعدان كما سيأتي توضيح ذلك ان شاء الله عز وجل. قال المصنف رحمه الله في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم وذلك ان المرجئة جعلت الايمان فقط تصديق القلب. واخرجت عنه جميع الاعمال الباطنة والظاهرة. وجوزوا على الله عز وجل ان يعذب المطيعين وان ينعم العاصين واما الوعيدية من القدرية فخلدوا في النار كل من مات مصرا على الكبائر التي دون الشرك فانحرفت كل واحدة وردت لاجل ذلك من النصوص ما ردت. وهدى الله عز وجل اهل السنة والجماعة. فتوسطوا وقالوا ان الايمان اسم لجميع العقائد الدينية والاعمال القلبية والبدنية. وانه قد يبقى ناقصا اذا تجرأ المؤمن على المعاصي بدون التوبة وان الله عز وجل لا يظلم من عباده احدا ولا يعذب الطائعين بغير جرم ولا ذنب وانه لا يخلد في النار من في في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان ولو فعل الكبائر. كما تواترت بذلك النصوص في الكتاب والسنة قال المصنف رحمه الله وفي اسماء الايمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين الجهمية والمرجئة وقد تقدم ذلك لكن الفرق بين الحرورية والمعتزلة ان الحرورية وهم الخوارج يطلقون الكفر على العصاة من المؤمنين ويخلدونهم في النار اما المعتزلة فلا يطلقون عليهم الكفر. بل يقولون انهم لا مسلمون ولا كفار. ولكنهم يخلدونهم في النار كما تقول الخوارج والنصوص ترد قولهم جميعا قال المصنف رحمه الله وفي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج. فان الرافضة تسبهم وتلعنهم وربما كفرتهم او كفرت بعضهم واما الرافضة الغالية فانهم مع سبهم لطائفة من الصحابة وللخلفاء الثلاثة. فانهم يغلون في علي ويدعون فيه الالوهية وهم الذين حرقهم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه بالنار. وقابلهم الخوارج فقاتلوه وقاتلوا الصحابة رضي الله عنهم وكفروهم واستحلوا دماء الصحابة والمسلمين وهدى الله عز وجل اهل السنة والجماعة. فاعترفوا بفضل الصحابة جميعا. وانهم اعلى الامة في كل خصلة كمال ومع ذلك فلم يغلو فيهم ولم يعتقدوا عصمتهم. بل قاموا بحقوقهم واحبوهم لما لهم من الحق الاكبر على جميع الامة كما سيأتي ان شاء الله تعالى