بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. حلقات تبث في اذاعة القرآن الكريم الدرس الخامس. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. على فضله واحسانه كتب على نفسه الرحمة انه من عمل سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح ان يغفر له ويرحمه مهما بلغت ذنوبه وعظمت عيوبه اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له يفرح بتوبة عبده وهو غني عنه وعبده يعرض عنه وهو فقير اليه واشهد ان محمدا عبده ورسوله كان يتوب الى ربه ويستغفره في اليوم اكثر من سبعين مرة صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتحدث اليكم في موضوع حديث قدسي عظيم وهو ما رواه انس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا. لاتيتك بقرابها مغفرة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وقد تضمن هذا الحديث امورا ثلاثة تحصل بها المغفرة. الامر الاول الدعاء مع الرجاء وهو في قوله تعالى انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا ابالي ففيه انه لا بد من الجمع بين الدعاء ورجاء الاجابة فلو دعا بدون رجاء لم يستجب له. لان ذلك قنوط من رحمة الله والقنوط من رحمة الله ضلال. كما قال تعالى ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وان رجا المغفرة بدون دعاء لم ينفعه رجاؤه لانه لم يفعل السبب الذي يحصل به المطلوب. والله قد ربط الامور باسباب لابد من فعلها. من تركها كان عاجزا مهملا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني وفي قوله تبارك وتعالى غفرت لك ما كان منك ولا ابالي بيان سعة مغفرة الله وان التوبة تمحو كل ذنب وانه مهما كثرت ذنوب العبد فان الله يغفرها له ولا يتعاظم كثرتها. لانه سبحانه لا يتعاظمه شيء ما دام العبد قد اتى بسبب المغفرة اما من يكثر من الذنوب ويترك التوبة اعتمادا على سعة مغفرة الله وعفوه فانه خاسر ومغرور لانه امن من مكر الله والله تعالى يقول افأمنوا مكر الله الا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ومكر الله سبحانه هو استدراجه للعاصي ثم اخذه بالعقوبة على غرة وغفلة قال الحسن البصري رحمه الله المؤمن يعمل المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف والفاجر يعمل بالمعاصي وهو امن الامر الثاني مما تضمنه الحديث بيان ان الاستغفار وهو طلب المغفرة لا يبقي من الذنوب شيئا بل يمحوها ولو كبر حجمها وبلغ ارتفاعها العنان هو السحاب فان الله يغفرها قد امر الله بالاستغفار في مواضع من كتابه ومدح اهله ووعدهم بمغفرة ذنوبهم وتكفير خطاياهم ولابد مع الاستغفار من عدم الاصرار على الذنب بمعنى ان المستغفر يترك الذنوب المستغفر منها فان لم يتركها لم ينفعه الاستغفار. لانه حينئذ يكون استغفارا باللسان فقط الله تعالى يقول والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ولم يصروا على ما فعلوا ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون وللاستغفار ساعات يرجى قبوله فيها اكثر من غيرها. كادبار الصلوات ووقت الاسحار. قال تعالى والمستغفرين بالاسحار وقال تعالى وبالاسحار هم يستغفرون وافضل انواع الاستغفار ان يبدأ العبد بالثناء على الله ثم يثني بالاعتراف بذنبه ثم يسأل ثم يسأل الله كما ثبت في الصحيح عن شداد ابن اوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيد الاستغفار ان يقول العبد اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت وينبغي الاكثار من الاستغفار اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله اني لاستغفر الله واتوب اليه في اليوم في اكثر من سبعين مرة وينبغي ان يقن الاستغفار بالتوبة فيقول استغفر الله واتوب اليه. كما في هذا الحديث وكما في قوله تعالى واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه. وذلك ليجمع بين الاستغفار باللسان والاقلاع عن الذنب بالقلب والجوارح. وهذا معناه عدم الاصرار على الذنب الامر الثالث مما تضمنه هذا الحديث ان التوحيد هو الشرط الاعظم بل هو بل هو الاساس لمغفرة الذنوب فمن فقده فقد المغفرة قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قال تعالى انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار وفي هذا الحديث يقول الله تعالى يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لا بقرابها مغفرة وقراب الارض بضم القاف ملؤها او ما يقارب ملئها فدل الحديث على ان الموحد ترجى له المغفرة ولو كثرت ذنوبه فانما معه من التوحيد يكفر الله به الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت وهذا مقيد بمشيئة الله عز وجل. كما قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء اي ما دون الشرك ففيه التقييد بالمشيئة وفيه فضل التوحيد وبيان ما يكفر من الذنوب. وان من لقي الله به ومات عليه فانه ترجى له المغفرة وفيه التحذير من الشرك لانه لا يغفر لصاحبه ولو اتعب نفسه بالعمل ولسانه بالاستغفار ولو انفق جميع ما في الدنيا من ذهب فلن يقبل منه ولن يغفر له ما دام على الشرك ولكن ما هو الشرك الذي هذا خطره فكثير من المنتسبين الى الاسلام يظنون ان الشرك يقتصر على عبادة الاصنام التي كان اهل الجاهلية يعبدونها مثل اللات والعزى ومناه. واما عبادة القبور والاستغاثة بالاموات ودعاؤهم من دون الله. وطلبوا المدد من الحسين والبدوي والشاذلي والعيدروس فهذا ليس بشرك عندهم بل هو من افضل الاعمال وكأن الشرك امر اصطلاحي يتغير من عرف الى عرف وما دروا ان اول شرك حدث في العالم هو هذا الذي يقولون عنه انه ليس بشرك وانما هو توسل بالصالحين فقد كان الشرك الذي في قوم نوح هو من هذا النوع وذلك انهم لما غلوا في الصالحين وتوسلوا بهم ونصبوا صورهم على مجالسهم محبة لهم فيما يزعون ال بهم ذلك الى الشرك وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق نصرا قد روى البخاري عن ابن عباس ان هذه اسماء رجال صالحين في قوم في قوم نوح ماتوا فعبدوهم من دون الله. اسأل الله ان يرزقنا البصيرة في دينه ومعرفة الحق والعمل به ومعرفة الحق والعمل به. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. والحمد لله رب العالمين