ولم يقم به من امر به كان الحكم الشرعي موجودا لوجود الامر دون القدري فانه لو وجد لحصلت فانه ما شاء الله كان فالحكم الكوني هو قضاؤه على خلقه بالعدل والاحسان قال تعالى وان الى ربك المنتهى وقال تعالى ولو انما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل وهو المكلم عبده موسى بتك لي من خطاب وقبله الابوان كلماته جلت عن الاحصاء تعداد بل عن حصر ذي الحسبان لو ان اشجار البلاد جميعها اقلام تكتبها بكل بنان والبحرة تلقى فيه سبعة ابحر لكتابة الكلمات كل زمان نفذت ولم تنفذ بها كلماته ليس الكلام من الاله بفاني يعني انه تبارك وتعالى متكلم اذا شاء وكيف شاء ولم يزل ولا يزال بصفة الكلام موصوفا وبالبر والاحسان معروفا وهو الذي يتكلم بالكلام القدري الذي يوجد به الاشياء كما قال تعالى انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون ويتكلم بكلامه الشرعي الديني الذي منه الكتب التي انزلها الله على رسله فهو الذي يتكلم بها حقا ونزل بها جبريل من عنده صدقا. ليست بمخلوقة بل هي من جملة صفاته تعالى وتكليمه لعباده نوعان. نوع بلا واسطة كما كلم موسى بن عمران قال تعالى وكلم الله موسى تكليما وكما كلم الابوين ادم وحواء وناداهما ربهما الم انهكهما عن تلكما الشجرة وكما نادى محمدا صلى الله عليه وسلم وخاطبه حين اسرى به وكما يخاطب الله اهل الموقف واهل الجنة في الجنة حين يرونه ويكلمهم ويكلمونه النوع الثاني تكليمه لعباده بواسطة اما بالوحي الخاص للانبياء واما بارساله اليهم رسولا يكلمهم من امره بما شاء وقد ذكر الله هذه الانواع في قوله وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء واعلم ان صفة الكلام لله تعالى من صفاته الذاتية من حيث تعلقها بذاته واتصافه بها ومن صفاته الفعلية حيث كانت متعلقة بقدرته ومشيئته فاذا كان معلوما ان الله لم يزل ولا يزال كامل القدرة نافذ المشيئة علم انه لم يزل ولا يزال متكلما اذا شاء لان الكلام من اجل صفات الكمال التي يستحيل على الله الا يوصف بها وكلماته تعالى غير متناهية فلا تفنى ولا تبيد فلو ان اشجار الارض جميعها من عمرانها وقفارها وبحارها اقلام والبحر تمده من بعده سبعة ابحر مداد فكتب بتلك الاقلام بذلك المداد لتكسرت الاقلام ونفذ المداد وكلام الله لا يفنى ولا ينفد وذلك ان المخلوق متناه له غاية وحد وصفات الله ليس لها غاية ولا حد وهذا كله من باب تقريب المعنى العظيم الواسع الذي لا تدركه الاذهان اليها بهذا المثال الذي يبهر العقول ولهذا قال المؤلف ليس الكلام من الاله بفاني ولم يقدر الله حق قدره من زعم انك كلامه مخلوق من جملة المخلوقات التي تنتهي وكيف يكون الوصف المضاف الى الله تعالى مخلوقا يلزم منه ان يكون كلاما للخلق فاذا كان علم الله وقدرته ونحو ذلك من اوصافه يستحيل ان تقوم بغير الله وان تكون مخلوقة فكلامه كذلك وهو القدير فليس يعجزه اذا ما رام شيئا قط ذو سلطان وهو القوي له القوى جمعا تعى لله ذو الاكوان والسلطان يعني انه تعالى القدير كامل القدرة فكلما اراده فعله من غير عجز ولا معارض له ولا مضاد فاذا اراد ايجاد شيء او اعدامه فلو اجتمعت الخليقة كلها على معارضته في شيء من ذلك لم يكن لهم قدرة على معارضته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس انه قال لابن عباس واعلم ان الخلق لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء اي قليل او كثير لم ينفعوك الا بشيء قدره الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قدره الله عليك وقال تعالى ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها وهو القوي الذي له القوة كلها قال تعالى ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فما بالخلق من قوة ظاهرة او باطنة الا من الله تعالى قال تعالى ان الله على كل شيء قدير وقال تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وقال تعالى فاما عادوا فاستكبروا في الارض بغير الحق وقالوا وقالوا من اشد منا قوة اولم يروا ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة فمن قوته وقدرته انه خلق السماوات العظيمة والارض وما بينهما في ستة ايام وانه خلق الخلق ثم يميتهم ثم يحييهم بعدما يفرقهم البلاء بل خلقهم وبعثهم عليه كنفس واحدة ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه وقال تعالى لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ومن قدرته انه يحيي الارض الهامدة اليابسة بعد موتها قال تعالى ومن اياته انك ترى الارض خاشعة فاذا انزلنا فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت ان الذي احياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير ومن اثار قدرته ما فعله بالامم المكذبين من انواع العقوبات وحلول المثلات وانهم لم يغني عنهم كيدهم ولا مكرهم ولا اموالهم واولادهم وجنودهم وحصونهم من عذاب الله شيئا قال تعالى الم يأته النبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعادوا وثمود وقوم ابراهيم وقوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات اتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون وقال تعالى في سورة الشعراء بعد كل قصة يذكر فيها نجاة الرسل واتباعهم واهلاك من كذبهم ان في ذلك لاية اي على كمال رحمته التي منها ان جاء المؤمنين وعلى كمال عزته وقدرته حيث اباد المكذبين ولهذا قال وان ربك لهو العزيز الرحيم ومن تمام قدرته وشمولها انه كما انه هو الخالق للعباد فهو خالق اعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم وهي ايضا افعالهم فهي تضاف الى الله خلقا وتقديرا وتضاف اليهم فعلا ومباشرة على الحقيقة من غير منافاة ولا مناقضة فان الاعمال يضيفها الله اليهم وينسبها لهم وهم الفاعلون لها. وهذا معروف عقلا وشرعا وحسا والله خالق قدرتهم ومشيئتهم التي لا يوجد فعل الا بهما وخالق السبب التام خالق للمسبب قال تعالى والله خلقكم وما تعملون وقال تعالى لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين فاثبت لهم مشيئة وفعلا. وذكر ان مشيئتهم تابعة لمشيئته وارادته ومن اثار قدرته ورحمته نصره لاوليائه على قلة عددهم وعددهم بالنسبة الى اعدائهم قال تعالى وان جندنا لهم الغالبون وقال تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله وقال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ومن اثار قدرته ورحمته ما يحدثه لاهل النار واهل الجنة من انواع العذاب واصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع ولا يتناهى وقد اخبر عن كثير من الاشياء انه قادر على فعلها ولكنه لا يفعلها لان الحكمة تقتضي عدم ايجادها قال تعالى قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعا قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به ولو شاء لهداكم اجمعين فقدرة الله تعالى لا يستعصي عليها شيء ان ربك فعال لما يريد وهو العزيز فلن يرام جنابه انى يرى مجناب ذي السلطان وهو العزيز القاهر الغلاب لم يغالبه شيء هذه صفتان وهو العزيز بقوة هي وصفه فالعز حينئذ ثلاث معاني هذه الابيات الثلاثة مشتملة على معنى اسمه العزيز فذكر له ثلاثة معان الاول العزيز بمعنى الممتنع الذي لا يرام جنابه لعظمة سلطانه وجليل كبريائه قال تعالى في الحديث القدسي يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني. ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني والمعنى الثاني انه العزيز بمعنى القاهر لكل شيء الذي قهر جميع الاشياء فما من دابة الا هو اخذ بناصيتها ولا حول ولا قوة باحد الا بالله العلي العظيم فلا يتحرك متحرك الا باذنه ولا يسكن ساكن الا بمشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فهو الذي قهر كل شيء وذل له كل حي ونفذت ارادته في كل شيء والمعنى الثالث انه العزيز بمعنى القوي المتين فله القوة الكاملة التي لا عجز ولا نقص فيها بوجه من الوجوه فصار معنى العزيز بمعنى القوي الممتنع القاهر قال تعالى ان العزة لله جميعا. وقال وهو العزيز الحكيم فالتفيض الاستغراق والعموم لجميع معاني العز ولهذا قال المؤلف وهي التي كملت له سبحانه من كل وجه عادم نقصان اي هذه المعاني الثلاثة قد كملت لله من جميع الوجوه فلا نقص في شيء منها وهو الغني بذاته فغناه ذا تي له كالجود والاحسان قال الله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد فهو تعالى الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه والاعتبارات لكماله وكمال صفاته بحيث لا يتطرق اليها نقص بوجه من الوجوه ولا يمكن ان يكون الا غنيا وان غناه من لوازم ذاته كما لا يكون الا خالقا رازقا محسنا جوادا كريما رحيما فلا يكون الا غنيا عن الخلق لا يحتاج اليهم بشيء من الاشياء بل هم الفقراء اليه في جميع امورهم لا يستغنون عن احسانه وكرمه وتدبيره طرفة عين ومن كمال غناه ان خزائن السماوات والارض بيده وان جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والانفاس وان يديه سحاء الليل والنهار ارأيتم ما انفق منذ خلق السماوات والارض فانه لم يغض ما في يمينه ومن كمال غناه ان يدعو عباده الى سؤاله ويعدهم بالاجابة ويؤتيهم من كل ما سألوه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وما بكم من نعمة فمن الله ومن كمال غناه انه لو اجتمع اهل السماوات والارض واول الخلق واخرهم وانسهم وجنهم في صعيد واحد فسأله كل واحد منهم ما بلغت امنيته ما نقص ذلك من ملكه شيئا ومن كمال غناه وسعة عطاياه ما يبسطه على اهل دار كرامته من اللذات المتتابعات والشهوات المتواصلات مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فهو الغني بذاته المغني لجميع مخلوقاته ومن غناه انه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا عوينا قال تعالى قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الارض وقال تعالى وانه هو اغنى واغنى تبارك وتعالى وتقدس وهو الحكيم وذاك من اوصافه نوعان اي ضماهما عدمان حكم واحكام فكل منهما نوعان ايضا ثابتا البرهان والحكم شرعي وكوني ولا يتلازمان وما هما سيان بل ذاك يوجد دون هذا مفردا والعكس ايضا ثم يجتمعان لن يخلو المربوب من احداهما او منهما بل ليس ينتفيان لكنما الشرعي محبوب له ابدا ولن يخلو من الاكوان هو امره الديني جاءت رسله بقيامه في سائر الازمان لكن ما الكوني فهو قضاؤه في خلقه بالعدل والاحسان هو كله حق وعدل ذو رضا والشأن في المقضي كل الشأن فلذاك نرضى بالقضاء ونسخط نقضي حين يكون بالعصيان فالله يرضى بالقضاء ونسخط مضيما الامران متحدان فقضاؤه صفة به قامت ومل مقضي الا صنعة الانسان والكون محبوب ومبغوض له وكلاهما بمشيئة الرحمن هذا البيان يزيل لبسا طالما هلكت عليه الناس كل زمان ويحل ما قد عقدوا باصولهم وبحوثهم فافهمه فهم بياني من وافق الكونية وافق سخطه او لم يوافق طاعة الرحمن فلذاك لا يعدوه ذم او فواء الحمد مع اجر ومع رضوان وموافق الدين لا يعدوه اجر ربا له عند الصواب اثنان اطال المؤلف رحمه الله الكلام على هذا الاسم المبارك الحكيم لاقتضاء الحال للاطالة والبسط فانه كما قال في اخر هذا الكلام هذا البيان يزيل لبسا الى اخر ما ذكره فذكر ان الحكيم من اوصاف الله تعالى نوعان احدهما حكم والثاني احكام وكل واحد منهما نوعان فتصير الاقسام اربعة حكم قدري كوني وحكم شرعي ديني وحكمة في خلقه وحكمة في امره فذكر ان الحكم القدري والحكم الشرعي لا يتلازمان اي لا يلزم من وجود احدهما وجود الاخر ومن عدمه عدم الاخر كما هو شأن كل متلازمين بل قد يوجد الشرعي دون القدري. وقد يوجد القدري دون الشرعي وقد يجتمعان ولكنهما لا يرتفعان. اي لا يفقدان كلاهما ولهذا قال لن يخلو المربوب اي المخلوق وهذا شامل للمخلوقات كلها اي لن يخلو شيء من المخلوقات من احد الحكمين او منهما بل ليس ينتفيان اي لا يعدمان فيصير المربوب خاليا منهما فان هذا محال وبيان ذلك ان الحكم الشرعي هو الحكم الذي تعلقت به محبة الله تعالى وهو الحكم الذي شرعه وحكم به على السنة رسله ودعوا اليه العباد فقام به من استجاب لهم واذا وجد الحكم الشرعي فعلا فانه لا يخلو من الاكوان اي لا يخلو من الحكم القدري وذلك ان الايمان والطاعات الصادرة من المؤمنين بقضاء الله وقدره وتوفيقه فاذا وجدت الطاعات وجد الحكمان معا واذا وجد الكفر والفسوق والمعاصي وجد الحكم القدري لكونها واقعة بقضاء وقدر دون الحكم الشرعي لعدم تعلق الامر والمحبة بها واذا كان الامر بالخير والايمان والطاعة موجودا اي لان افعاله تعالى لا تخلو من هذين الامرين اما احسان ونعم واما عدل وهو تقديره ما يقدره من وقوع الشر من اهل الشر ومن عقوباتهم في الدنيا والاخرة فانه عدل يحمد عليه لموافقته الحكمة ووضعه العقوبة موضعها وذكر المصنف الفرق بين القضاء والمقضي وان القضاء وصف لله تعالى وفعله الذي يتعين الرضاء به لكونه غير خارج عن العدل والفضل وان المقضي صنعة الانسان وفعله وذلك ينقسم الى قسمين محمود ومذموم فيرضى بالمحمود من المقضي كالطاعات والايمان الصادر من اهل الخير ويسخط المذموم من ذلك كالمعاصي الواقعة من فاعليها وذلك كله موافقة لمحبة الله وكراهته فان الله يرضى ويحب من عباده الايمان والشكر وانواع الخير ويكره منهم الكفر والفسوق والمعاصي فالكون بالنسبة الى الحكم الشرعي ينقسم الى قسمين محبوب لله ومبغوض له وبالنسبة الى الحكم القدري كله واقع بمشيئة الله وقدرته ولهذا قال وكلاهما بمشيئة الرحمن فبهذا التفصيل الذي ذكره المصنف ينكشف الامر ويتضح ويزيل لبسا اي اختلاطا واشتباها طالما هلكت عليه الناس منذ زمان بسبب اشتباه الحق بالباطل وعدم تمييز الامور وتفصيلها فان كثيرا من المتكلمين اصلوا لهم اصولا فاسدة ينبني عليها عقائد باطلة كما قرر كثير من اهل التصوف واهل الكلام ان الحكم القدري مرادف للحكم الديني وان الله يحب كل ما قدره وقضاه وهذا من اعظم الباطل واشده فانه يتضمن التسوية بين الابرار والفجار وبين البر والفجور ويلزم منه ابطال الشرع وعذر من ظلم وعصى لانه موافق للقضاء والقدر وهذا تكذيب لله ولكتبه ورسله ولهذا قال المصنف هذا البيان يزيل لبسا طالما هلكت عليه الناس منذ زمان اي بسبب اختلاط الحق بالباطل ويحل ما قد عقدوا من الاغلال والعقائد الباطلة باصولهم التي بنوها وبحوثهم التي هي نتائج ارائهم الفاسدة وعقولهم الضعيفة ومقاصدهم السيئة فافهمه فهم بياني لانه موضع مهم خطير لا يكاد يوجد هذا التفصيل بغير كتب المصنف وشيخه شيخ الاسلام ابن تيمية اذا تقرر ما تقدم من ان الاحكام نوعان احكام قدرية موافقة للقضاء والقدر وان لم توافق محبة الله واحكام دينية موافقة للمحبة والامر الديني وان لم يوجد معها الحكم القدري وانهما قد يجتمعان او ينفرد احدهما فمن وافق في فعله وقوله ونيته الحكم القدري وحده بالا يكون ما فعله او قاله او نواه محبوبا لله فانه لا يخلو اما ان يوافق سخطه اي سخط الله اذا كان ذلك معصية واما الا يوافق مرضات الله وذلك اذا كان ما فعله امرا مباحا غير طاعة ولا معصية فلذلك لا يعدوه ذم اذا كان معصية او فوات الاجر ان كان مباحا وموافقوا الديني وهو الذي امتثل ما امر الله به واجتنب ما نهى عنه بحسب قدرته وامكانه لا يعدوه اجر ان اجتهد فاخطأ الحق بل له عند الصواب اي اذا اجتهد فاصاب اثنان اي اجران كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران. واذا اجتهد فاخطأ فله اجرا لان نيته الحق وسعى لتحصيله وذلك عمل صالح ولكن فاته ادراكه بغير تفريط منه وحاصلوا ما ذكره المصنف في هذا الفصل ان الحكيم هو من له الحكم وله الاحكام وان الحكم نوعان حكم كوني شامل لجميع ما قدره وقضاه وكونه من خير وشر وحكم ديني مختص بما يحبه الله ويرضاه وان من وجد منه الخير بالفعل واجتمع في حقه الحكمان مع ومن وجد في حقه الشر بالفعل انفرد في حقه الحكم الكوني لانه بقضاء وقدر والله لا يحب الشر والفساد ومن توجه اليه الامر الديني فلم ينقد له وجد فيه في تلك الحال الحكم الديني لانه وجه اليه ولم يوجد الحكم القدري لانه لم ينقد له ولو شاء الله لفعله وان القضاء غير المقضي فالقضاء فعل الله يجب الرضاء به من غير تفصيل لانه عدل واحسان لا يخرج عن الحمد والحكمة والمقضي فعل العبد وفي الرضاء به تفصيل. فان كان خيرا وطاعة وايمانا تعين الرضاء به وان كان شرا ومعصية وكفرا تعينت كراهته وان لم يكن لا خيرا ولا شرا لم يتعين فيه الرضاء ولا الكراهة ثم ذكر الاحكام والحكمة فقال