المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الرحمن الرحيم البر الكريم الجواد الوهاب الرؤوف هذه الاسماء الكريمة متقارب معناها وكلها تدل على انه موصوف بكمال الرحمة وسعة البر والاحسان وكثرة المواهب والحنان والرأفة فجميع ما فيه العالم العلوي والسفلي من حصول المنافع والمحاب والمسار والخيرات فان ذلك منه ومن رحمته وجوده وكرمه وفضله كما ان ما صرف عنهم من المكاره والنقم والمخاوف والاخطار والمضار فانها من رحمته وبره فانه لا يأتي بالحسنات الا هو ولا يدفع السيئات الا هو ورحمته تعالى سبقت غضبه وغلبته وظهرت في خلقه ظهورا لا ينكر حتى ملأت اقطار السماوات والارض وامتلأت منها القلوب حتى حنت المخلوقات بعضها على بعض بهذه الرحمة التي نشرها عليهم واودعها في قلوبهم وحتى حنت البهائم التي لا ترجو نفعا ولا عاقبة ولا جزاء على اولادها وشوهد من رأفة بهم وشفقتها العظيمة ما يشهد بعناية باريها ورحمته الواسعة وعمت مواهبه اهل السماوات والارض ويسر لهم المنافع والمعايش والارزاق وربطها باسباب ميسرة وطرق مسهلة فما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وعلم تعالى من مصالحهم ما لا يعلمون وقدر لهم منها ما لا يريدون وما لا يقدرون وربما اجرى عليهم مكاره توصلهم الى ما يحبون بل رحمهم بالمصائب والالام فجعل الالام كلها خيرا للمؤمن الذي يقوم بوظيفة الصبر عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك الا للمؤمن وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون وكذلك ظهرت رحمته في امره وشرعه ظهورا تشهده البصائر والابصار ويعترف به اولو الالباب فشرعه نور ورحمة وهداية وقد شرعه محتويا على الرحمة وموصلا الى اجل رحمة وكرامة وسعادة وفلاح وشرع فيه من التسهيلات والتيسيرات ونفي الحرج والمشقات ما يدل اكبر دلالة على سعة رحمته وجوده وكرمه ومناهيه كلها رحمة لانها لحفظ اديان العباد وحفظ عقولهم واعراضهم وابدانهم واخلاقهم واموالهم من الشرور والاضرار وكل النواهي تعود الى هذه الامور وايضا الاوامر سهلها واعان عليها باسباب شرعية واسباب قدرية وذلك من تمام رحمته كما ان النواهي جعل عليها من العوائق والموانع ما يحجز العباد عن مواقعتها الا من ابى وشرد ولم يكن فيه خير بالكلية وشرع ايضا من الروادع والزواجر والحدود ما يمنع العباد ويحجزهم عنها ويقلل من الشرور شيئا كثيرا وبالجملة فشرعه وامره نزل بالرحمة واشتمل على الرحمة واوصل الى الرحمة الابدية والسعادة السرمدية