المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الرسالة السادسة في الصفات والفرق بين الفعلية والذاتية والمعنوية والسمعية بسم الله الرحمن الرحيم الخامس عشر من جمادى سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة عبر الجنابل اخي الحاج محمد العبد المحسن الدعيج المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتبت لك قبله كتابي على يد عبدالرحمن المنصور جواب كتابك وذكرت فيه جواب سؤالك عن الصفات والفرق بين الفعلية والذاتية والمعنوية والسمعية واظنه ما يكفيك لانه جواب مجمل مختصر لهذا احببت ان اعيد الجواب على وجه التفصيل والبسط. فاقول مستعينا بالله قد تقرر من مذهب اهل السنة والجماعة المبنية على الكتاب والسنة انه يجب الايمان باسماء الله الحسنى. وما دلت عليه من الصفات وما اقتضته من الافعال فنثبت لهم الاسم كالعليم الحكيم الرحيم القدير ونثبت لهم الصفة كالعلم والحكمة والرحمة والقدرة ونثبت له مقتضى ذلك ومتعلقه وانه يعلم كل شيء وهو حكيم في شرعه وقدير ويقدر على كل شيء ويرحم من يشاء من خلقه وعلى هذا جميع الاسماء والصفات وهذه الصفات كلها تشترك انها قائمة بالله الله موصوف بها وتشترك كلها بانه يثبت لله منها غايتها. وكمالها ونهايتها. وتشترك كلها بان الله تعالى الا لم يزل موصوفا بها ازلا وابدا في جميع الاوقات الا ان صفات الافعال قديم نوعها لا ابتداء لذلك ولا انتهاء ولكنها تبع لقدرته ومشيئته لا تزال تتجدد شيئا فشيئا بحسب حكمة الله وحمده فمثلا نوع الكلام قديم يعني انه يجب علينا ان نؤمن بانه تعالى لم يزل متكلما وموصوفا بالكلام ولكن كلماته التي لا تفنى ولا تبيد لم تزل تتجدد. فيتكلم كل وقت اذا شاء بالكلام القدري والشرعي بحسب مشيئته وقدرته ومن كلامه العظيم الكتب التي انزلها الله على رسله كالتوراة والانجيل والزبور والقرآن وان الله تكلم بها وقت نزولها على رسله وكلماته التي يكلم بها ملائكته وانبيائه وما شاء من خلقه كلها لا تزال تتجدد كل وقت بحسب ارادته وحكمته ومن ذلك الرحمة فانه لم يزل رحيما وبالرحمة موصوفا. والرحمة صفة ذاتية وصفة فعل. لتعلقها بالمشيئة والقدرة ومع ان رحمته الواسعة لم يزل بها موصوفا وبالاحسان معروفا فانه لا يزال يجدد على عباده من انواع رحمته الدينية والدنيوية. التي لا يزال الخلق كلهم في كل وقت يحبطون بها ويتنعمون برحمته واحسانه. وقد ملأت العالم العلوي والسفلي الدنيا والاخرة كذلك من صفات افعاله انه لم يزل فعالا لما يريد. ولم يزل بالفعل موصوفا وبكمال القدرة معروفا. ولا يزال يفعل الافعال المتعلقة بنفسه الاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا والاتيان في ظلل من الغمام يوم القيامة ولا يزال يفعل الافعال المتعلقة بخلقه كانواع التصاريف والشؤون فكل يوم هو في شأن يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويسعد ويشقي ويغني ويفقر ويرفع اقواما ويضع اخرين ويغفر الذنوب ويفرج الكروب اجيب الدعوات ويغيث اللهفات وصفات الافعال نوعها قديم لم يزل ولا يزال. وافرادها وجزئياتها لا تزال تتجدد كل وقت حسب ارادته وحكمته التي يحمد عليها اما الصفات الذاتية فهي التي لم تزل ولا تزال ولكن ليس لها مفعولات تتجدد وتحدث عنها وذلك كالحياة والسمع والبصر والعلم والعظمة والكبرياء وانه الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء العلي العظيم الكبير المجيد الحميد الذي له كل مجد وجلال وحمد وثناء وبهذا عرفت الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية وان الجميع اشترك بان الله موصوف بها وافترقا بان صفات الافعال لها اثار ومفعولات تتجدد عنها وكلها اي صفات الافعال تدخل في معنى ان الله فعال لما يريد وانه لم يزل ولا يزال متكلما فعالا متصرفا واما الفرق بين الصفات السمعية والعقلية فعند اهل الكلام ما دل عليه السمع وحده اي الكتاب والسنة قيل لها سمعيات وما دل عليه السمع مع العقل قيل لها صفات عقلية بهذا التعبير نظر ان جميع الصفات التي يدل عليها السمع وحده عند اهل الكلام التي يدل عليها العقل مع السمع كلها سمعيات عقليات ان الله ورسوله اخبر به اخبرا بها في الكتاب والسنة فكانت بذلك سمعيات نقليات الله ورسوله نبه العباد على التفكير في اياته المخلوقة واياته المتلوة ليستدلوا بذلك على مال الله من صفات الكمال مثال ذلك على وجه ضرب المثل اننا اذا فكرنا في هذا الكون العالم العلوي والسفلي وجزئياته وكلياته وامعنا النظر والفكر ورأينا عظمة هذه المخلوقات عرفنا بذلك عظمة خالقها ومبدعها واذا رأينا ما فيها من الاحكام والانتظام العجيب الباهر استدللنا بذلك على سعة حكمة الله وشمول علمه. واذا رأينا ما فيها من المنافع والنعم السابغة. والخير الكثير الذي لا يعد ولا يحصى استدللنا بذلك على سعة رحمة الله ومواهبه وكرمه وجوده واحسانه واذا رأيناها على نظام واحد تصرف متقن يبهر عقول الناظرين. عرفنا بذلك ان خالقها رب واحد وملك عظيم. وانه لا يستحق العبادة والشكر والثناء الا هو وان له جميع صفات الملك الذي يتصرف فيه في المملكة تقديرا وتشريعا وجزاء وثوابا وعقابا ومن كان كذلك فهو الحي السميع البصير الحميد المجيد. الذي له كل اسم حسن وصفة عليا وفعل حسن فانظر كيف نبه الله العقول وهداها الى الاعتراف له بكل كمال فصارت صفاته كلها سمعية نقلية عقلية فطرية ليس بعضها سمعية وبعضها عقليا. كما يقوله كثير من اهل الكلام وانما الفرق الصحيح بين الصفات الذاتية وصفات الافعال كما تقدم فاحفظ هذا التفصيل الذي لا تكاد او لا تجده مسطرا في كتاب على هذا الوجه ولكن معانيه موجودة في كتب المحققين فسلكناه في هذا الاسلوب الواضح الجلي. والله تعالى هو الميسر لك والله اعلم بلغ سلامي الاخ والعيال وام عبدالمحسن وجميع الاخوان. كما منا الولد عبدالله واخواته ووالدتهم وجميع الاصحاب والله يحفظك ويتولاك برعايته وتوفيقه والسلام محبكم عبدالرحمن الناصر السعدي