المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الخامسة درء المفاسد اولى من جلب المصالح وان تزاحم مصلحتان قدم ارجحهما وقد يعرض للمفضول ما يصيره افضل من غيره. وان تزاحم مفسدتان فعل اهونهما هذه القاعدة عظيمة النفع واسعة الفروع وهي تشتمل على اربع قواعد احدها قوله درء المفاسد اولى من جلب المصالح اعلم ان المفاسد هي المحرمات والمكروهات كما ان المصالح هي الواجبات والمستحبات فاذا دار الامر بين جلب مصلحة ودرء مفسدة كان الاولى بل المتعين درء المفسدة ولو فاتت المصلحة لان المصلحة لا تتم ولا تكمل الا بترك المفسدة فالتخلي عن الرذائل مقدم على التحلي بالفضائل ولهذا لا تصح الصلاة في الارض المغصوبة وكذلك الثوب المغصوب او المحرم كالحرير للذكر والوضوء بالماء المغصوب وان كان الوضوء والصلاة عبادة لاشتمالها على فعل المحرم فلا تصح الثانية وان تزاحم مصلحتان بالا يمكن فعلهما معا. بل ان فعل احداهما فاتت الاخرى قدم ارجحهما فان كان احدهما مسنونا والاخر واجبا فانه يقدم الواجب. ولهذا لا يصح النفل المطلق ممن عليه فوائد واذا اقيمت الصلاة او ضاق الوقت لم تصح النافلة. وكذلك من عليه قضاء رمضان لا يصح ان يصوم غيره حتى اقضي وكذلك من عليه حجة الاسلام لم يصح تنفله بالحج ولا ان يحج عن غيره وان كانا واجبين قدم اوجبهما واكدهما فيقدم الواجب باصل الشرع على الواجب بالنذر. ويقدم حق الله تعالى الواجب على طاعة من تجب طاعته من والد وزوج وامير ونحوهم ويقدم حق الزوج على حق الوالدين. ويقدم فرض العين على فرض الكفاية وان كانا مستحبين قدم افضلهما فتقدم الرواتب على غيرها ويقدم من العبادات ما فيه نفع متعد على ما نفعه قاصر الثالثة وقد يعرض للعمل المفضول ما يصيره افضل من غيره وذلك بان يقترن بالعمل المفضول سبب من الاسباب فيوجب تفضيله على الفاضل فمن اسباب التفضيل ان يكون العمل المفضول مأمورا به بخصوص هذا الموطن كالاذكار في الصلاة وبعدها. والاذكار الموظفة في اوقاتها واسبابها تكون افضل من القراءة في ذلك الموطن مع ان جنس القراءة افضل من جنس الدعاء ولكن لما اقترن به من التخصيص صار افضل ومن اسباب التفضيل ان يكون العمل المفضول مشتملا على مصلحة لا تكون في الفاضل كحصول تأليف به ونفع متعد لا يحصل بالفاضل وفي المفضول دفع مفسدة يظن حصولها في الفاضل ومن اسباب التفضيل ان يكون العمل المفضول ازيد مصلحة للقلب من الفاضل. كما قال الامام احمد رضي الله عنه لمن سأله عن بعض الاعمال فقال انظر لما هو اصلح لقلبك فافعله واسباب التفضيل كثيرة جدا وفيما اشرت اليه كفاية تنبه على ما وراءها الرابعة وان تزاحم مفسدتان فافعل اهونهما اي اخفهما فان تزاحم مكروه ومحرم بان يكون لابد من فعل احدهما فعل المكروه لدفع الحرام ارتكابا لاهون الشرين مثل ان يشتبه مال مشتبه بمال حرام. ولم يكن له بد من احدهما وان تزاحم محرمان فعل اهونهما فتقدم ثياب الحرير على الثياب المغصوبة. ويقدم في المخمصة الميتة التي تحل بالذكاة. كميتة الشاة ونحوها على الميتة التي لا تحلها الذكاة كالكلب ونحوه وان تزاحم مكروهان فعل اخفهما. فالذي فيه حرام يسير اخف من المال الذي قد كثر فيه الحرام وتقوى الكراهة وتضعف بحسب قلة الحرام وكثرته