والصحيح ان الاستجمار مطهر للمحل بعد الاتيان بما يعتبر شرعا للنص الصريح انه مطهر وايضا هو من فروع هذا القول الذي رجحناه. فعلى هذا يكون المني الخارج بعد الاستجمار غير نجس المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن باب الغسل والتيمم وازالة النجاسة. الصحيح ان التثليث لا يشرع في الغسل الا في غسل الرأس. لان ذلك هو الوارد في صفة غسله صلى الله عليه وسلم فلم يثبت عنه سوى هذا. وقياس الغسل على الوضوء غير مسلم. لوجود الفارق من وجوه كثيرة. الصحيح ايضا ان من عليه حدثان اكبر واصغر ونوى الاكبر وعم بدنه بالغسل. انه يكفي عن الاصغر ولو لم ينوه بخصوصه. لان الله قال وان كنتم جنبا فاطهروا. اي اغسلوا جميع لدينكم ولم يأمر مع ذلك بالوضوء ولا بنيته. ولان جميع ما يجب في غسل الحدث الاصغر يجب نظيره في اكبر وزيادة والله اعلم. واما التيمم فان الله تعالى شرعه عند عدم الماء او تعذر استعماله وجعله قائما مقام الماء عند عدمه. وهذا يقتضي ان حكمه حكم الماء في كل احواله. فعلى هذا القول الصحيح لا يشترط وله دخول الوقت ولا يبطل بدخوله ولا بخروجه بل اذا تيمم الانسان لم يزل على طهارة حتى يوجد من شيء من نواقض الطهارة. وعلى هذا اذا تيمم للنفل استباح به الفرض وما دونه. ومما يؤيد هذا القول ان الله ورسوله لما رخصا في التيمم لم يشترطا شيئا من هذه الامور بل اطلقا حكمه. فدل على ان حكمه حكم الماء في كل شيء من دون استثناء. مع ان الحاجة داعية جدا الى بيان ذلك لو كان كما قاله المشترطون هذا ايضا جار على القواعد المشهورة ان البدل له حكم المبدل وساد مسده في كل احكامه. ولذلك قال الامام احمد رضي الله عنه القياس ان التيمم كالماء او كما قال. فقولهم في الاستدلال على انه ليس كالماء انه وطهارة ضرورة فتقدر بقدرها. مسلم اذا اريد به انه لا يعدل الى التيمم حتى يتعذر استعمال الماء كما لا يعدل الى المحرم حتى يعدم المباح. واما كونه يدل على اشتراط دخول الوقت ونحوه فلا يدل على كذلك بعدم النص الدال عليه. ولان مقتضى هذا التعليل الذي عللوه به يقتضي انه لا يجوز ان يصلي بالتيمم واحد الا صلاة واحدة. ويقتصر فيها على مجرد الواجبات. ثم اذا اراد صلاة اخرى تيمم وهذا معلوم الفساد. واذا كان حكمه حكم الماء في كل شيء. فالصحيح انه يصح التيمم بكل ما تصاعد على وجه الارض من تراب له غبار او لا او رمل او حجر او غير ذلك. لان الظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم انه تيمم في كل موضع ادركته فيه الصلاة. تراب او رمل او غيره. ولو اشترط الغبار لنقل عنه فعله. ولا لزم نقل التراب الى الارض التي يعلم انه لا يوجد فيها تراب. وايضا فقوله صلى الله عليه وسلم فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي فعنده مسجده وطهوره. ظاهر عمومه في كل ارض. والمقصود التعبد لله تعالى تيمم الصعيد الطيب والطهارة الباطنة. وليس في التيمم من المقاصد الحسية شيء حتى يقال انه لا يحصر المقصود بغير التراب. وقولهم رحمهم الله تعالى يكفي تيمم الانسان على بعير او لبد او ثوب ونحوه. في النفس من منه شيء. فان الله امر بتيمم الصعيد. وهذا ليس منه. ولم يرد فيه شيء يجب المصير اليه والله اعلم. وفي بوجوب استعمال الماء القليل الذي لا يكفي المتوضئ ثم يتيمم بعده نظر. فانه لا يحصل بهذا لاستعمال رفع حد ولا تخفيفه بخلاف الحدث الاكبر فانه قد يقال انه يجب ذلك لانه يخف الحدث. ويرتفع الحدث عن المغسول والله اعلم والصحيح انه لا يجب التيمم ولا يشرع عن نجاسة البدن. بل اذا اضطر الى الصلاة وعلى بدنه نجاسة لم يحتج الى تيمم لان الذي ورد انما هو التيمم عن الحدث الاكبر والحدث الاصغر. ولم يرد في نجاسة البدن تيمم كنجاسة الثوب والبقعة. واما قياسها على طهارة الحدث فغير صحيح بان طهارة الخبث لا يمكن قياسها على طهارة الحدث. لفروق كثيرة بينهما كاشتراط النية لطهارة الاحداث وكونها معنوية وغير ذلك. الصحيح ان الذي يعجز عن الطهارتين ويصلي على حسب حاله انه يصلي ما شاء من فروض ونوافل ويزيد على ما يجزئ. لانها كاملة في حقه لا نقص فيها. وليس للاقتصار على مجرد الواجبات نظير في العبادات يقاس عليه. والله اعلم. والصحيح في غسل النجاسات كلها غير الكلب انه في فيها غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة واثرها. فان لم تذهب زاد حتى يذهب اثرها. ولو جاوزت السبع وسواء كانت على الارض او الثياب او البدن او الاواني او غير ذلك ويدل على هذا وجوه منها ان جميع النصوص الواردة في غسل النجاسات مطلقة لا قيد فيها ولا عدد. وذلك يدل على ان المقصود ازالتها فقط. وان العدد فيها غير مقصود. ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بصب ذنوب او سجل من ماء على بول الاعرابي. ولم يأمر بزيادة على ذلك. والتفريق بكونها على الارض دون غيرها غير صحيح اذ الفرق غير واضح ومنها ان ازالة النجاسة من باب التروك التي القصد تركها وازالتها دون عدد ما تغسل به ومنها ان غسل النجاسة لا يحتاج الى نية فلا يحتاج الى عدد. ومنها انها لو لم تزل بسبع غسلات وجب على ذلك بالاتفاق. فدل على عدم اعتبار السبع الا فيما جعله الشارع شرطا فيه. كنجاسة الكلب واما الحديث المروي عن ابن عمر امرنا بغسل الانجاس سبعا فهذا لم يثبت ولا يصح الاحتجاج به ومما يدل على ذلك ايضا مسألة الاستحالة فان العلماء اختلفوا هل اذا استحالت النجاسة وانتقلت من صفة الخبث الى صفة الطيب هل ذلك مطهر لها ام لا بعد اتفاقهم على انه مطهر في بعضها كاستحالة الخمر خل والعلقة ولدا والماء المتغير الكثير بالنجاسة اذا زال بغيره واختلفوا فيما سوى ذلك والصحيح ان النجاسة اذا زالت باي شيء يكون بماء او غيره انها تطهر وكذلك لو انتقلت صفاتها الخبيثة وخالفتها الصفات الطيبة فانها تطهر بذلك كله لان النجاسة تدور مع الخبث وجودا وعدما كما ان الطيب اذا انقلب خبيثا صار نجسا فعكسه كذلك وبالحقيقة الصور المتفق عليها لا فرق بينها وبين الصور المختلف فيها والله اعلم وعلى هذا القول الصحيح فيمكن تطهير الادهان المنتجسة بمعالجتها حتى يزول الخبث الذي فيها لونه وريحه وطعمه كذلك لو اصاب المحل رطوبة لم يضر ذلك والله اعلم. الصحيح الذي لا ريب فيه ان البغل والحمار طاهران في الحياة حياتك الهر فيكون ريقهما وعرقهما وشعرهما طاهرا. وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يركبهما كثيرا ويركبان في زمنه. ولا يمكن المستعمل لهما التحرز من ذلك فلم يغسل ما اصابه منهما ولا امر بذلك مع ان المشقة في وجوب غسل ما اصابه منها شديدة. والحرج منفي شرعا. وقد قال صلى الله عليه وسلم في الهرة انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات تعلل بكثرة طوفانها ومشقة التحرز منها ومن المعلوم ان المشقة في الحمار والبغل اشد من ذلك وقد اعتبر الشارع المشقة في امور كثيرة من الشرع وعفا عنها مع قيام المقتضي للمنع لاجل المشقة. وايضا الاصل الطهارة في الاشياء. والعفو عما لم يرد المنع منه. وهذا منه واما قوله صلى الله عليه وسلم في لحوم الحمر يوم خيبر انها رجس. فنعم هو كما قال صلى الله عليه وسلم ثومها خبيثة واكلها خبيث. والقدور التي تطبخ فيها او تباشر لحومها نجسة. واما العرق والريق والشعر فلم يدل الحديث عليها بوجهه. فالنبي صلى الله عليه وسلم امر باجتناب لحومها واخبر عن خبثها. ورخصت استعمالها وركوبها ولم يأمر بالتحرز من ذلك فهذا هو الصواب