المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تهنئة وترحيب الى الحجاج الكرام. لا تهنئة اعظم ولا اجل ولا اكمل من قوله صلى الله عليه وسلم. من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. وهذا في الصحيحين ان الوافدين لبيت الله ما وعدوا به من مغفرة الذنوب وستر العيوب. وليهنهم ما رتب على الحج المبرور من هذا الجزاء الجزيل ورضا الرب الجليل ليهنهم ما تضمنه هذا النسك العظيم من الخير والفضل الجسيم وما فيه من التمتع والتعبد في تلك المشاعر الكريمة والمواقف وما احتوت عليه هذه العبادة من الاسرار والحكم واللطائف. اليس الاحرام ونزع اللباس المعتاد ورفض المخيط عنوانا على الخضوع والخشوع للرب المحيط. اليس تكرار التلبية في تضاعيف النسك وجميع اوقاته برهانا على ملازمة العبد بطاعة ربه في حركاته وسكناته وانه فقير اليه مضطر الى رحمته في مهماته وجميع حاجاته. يقول بلسانه حاله ومقاله يا رب دعوتني على لسان خليلك ونبيك محمد طه. فاجبتك وناديتني لمحض مصلحتي بمنتك وفضلك فلبيتك كلي لك باطني وظاهري عمري وبشري ومخي وعظمي. طالما وقعت في الذنوب والغفلات اعرضت عن سيدي وحبيبي مقبلا على الاغراض والشهوات. فالان تبت اليك من الهفوات وانبت اليك طامعا في عفوك عن المجرمين والعصاة راجيا من كرمك ان تجيب دعوتي وان تقبل معذرتي وفدا على بيتك وحرمك طامعا في خيرك وبرك وكرمك لان رددتني من يؤويني ولئن اقصيتني فمن يقربني ويدنيني لا مانع لما اعطيت ولا منجى ولا ملجأ منك الا اليك ولا معول الا عليك. اما الطواف بالبيت وبالمروة والصفا فبرهان والتزام التردد والتقلب في طاعة المولى. وفي في ذلك اقتداء وتذكر للمصطفين من انبيائه واصفيائه وانهم حين تملقوا لله في هذه المواطن الشريفة غمرهم من جوده وكرمه ونعمائه في تنقلهم من عرفات الى مزدلفة. غمرهم من جوده وكرمه ونعمائه في تنقلهم من من عرفات الى مزدلفة ومنها الى مشاعر منى ورمي الجمرات دليل وبرهان على خضوعهم في خدمة الرب الجليل. وتزودهم من اسباب التعبدات والخير الجزيل. هناك تسكب العبرات وتضج الخليقة بالدعوات المستجابات. وينيلهم الكريم بافضل الهبات واكمل الكرامات. هنالك تنكسر النفوس وتخشع وتهيب القلوب الى ربها وتخضع. مواقف يهون النصب والتعب متى قال العبد اليها ومشاعره تهوي القلوب الموفقين اليها. وكرامات وخيرات تأتي وكرامات وخيرات التي فاز بالخير والسعادة من نالها. ولمثلها فليعمل العاملون. ولتلك العرصات الفاضلة فليتنافس المتنافسون هذه الفضائل العظيمة تشد الرحال ولمثلها يسهل انفاق نفائس الاموال. مع ان الله قد وعد بالخلف العاجل وحسن الثواب في المآل هنيئا لكم ايها الوافدون لزيارة البيت العتيق القادمون من كل فج عميق. لقد وجب اجركم على الله وحق احترامكم واكرامكم على عباد الله. فيا سكان بيت الله الحرام ويا من من عليهم بجوار المشاعر الكرام. كونوا رحمكم الله غير قدوة في الخير ليقتدي بكم اخوانكم في فعل الخيرات وترك المنكرات. كونوا على جانب كبير من تقوى الله واحترام الكريم فانتم احق واولى من اتصف بكل خلق جميل. اغتناما منكم لمضاعفة الاجر والثواب في هذه البقعة الشريفة واحتراما لحرمة بيته وشكرا لنعم الله عليكم التي لا تعد ولا تحصى. واعلموا رحمكم الله ان من افضل الاعمال واشرفها الحجاج بكل خلق جميل ومعاملتهم بكل معاملة طيبة واغتنام الاحسان اليهم على اختلاف مراتبهم فانهم الله ثم ضيوفكم ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. فكيف بمثل هؤلاء الضيوف الكرام الذين ادعيتهم ويرجى ما عمله العبد معهم من الاحسان القولي والاحسان الفعلي. يرجو ثوابه من الله ويرجون ان ينصرفوا عن انهم راضين ولمعروفهم شاكرين. وبحسن افعالكم ومكارم اخلاقكم مقتدين. يا سكان بيت الله ما احسن الاحسان من كل احد وخصوصا الاحسان الصادر منكم. وما اقبح الاساءة فيه من كل احد. لا سيما اذا حصلت على الحجاج منكم. وكم فيها هذا البلد الحرام من البررة الاخيار. وكم فيها من التجار الصادقين الحائزين الشرف والاعتبار. الذين يرون من اعظم الفرص امينة مراعاة حجاج بيت الله والقيام بحقوقهم طلبا للثواب من الله. كم فيهم من يرعونهم عند البيع والشراء والاخذ عطاه كم فيهم من يبذل للفقراء منهم الاحسان والصدقات وييسر على الموسرين عند المعاملات. كم فيهم من يحترمهم عند المشاعر الكريمة ويعتقد ان الاساءة اليهم من اقبح الخصال الذميمة. اعلموا ان الاسلام يحث على هذه الخصال وخير منها. وان كل بر واحسان يقابل به الحجاج فانه مما حث عليه الدين. ومما يتقرب به الى رب العالمين. ان من اكرم اضياف الله اكرمه الله والله يحب المحسنين ويجزي الصادقين