انه لا يهاجر. فلو رآه في ظل ونحوه لم يجز له تنفيره عنه فاذا كان تنفيره لا يجوز من باب اولى واحرى وقوله ولا يلتقط لقطته الا من عرفها. اي ان لقطته ليست وكان فيها حمى. ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى المدينة. دعا الله ان ينقل حمى المدينة الى الجحفة فاجتمعت فيها حماها وحمى المدينة. وكانت بالاول قرية. والان خربت المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الحج باب المواقيت. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الحج باب المواقيت. الحج هو فزيارة البيت الحرام. لعمل مخصوص في وقت مخصوص. وهو احد اركان الاسلام الخمسة. التي لا يتم الاسلام الا باجتماعها هي شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة ايتاء الزكاة وصوم رمضان. وحج البيت الحرام من استطاع اليه سبيلا ومن فضل الله وكرمه انه يجب في العمر مرة واحدة. اذ لو وجب كل عام لما استطاع الناس. وقد فرض في اخر سنة تسع من الهجرة بعدما حج ابو بكر فلم يترك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحج بعدما فرض. فان اية فرض الحج من سورة ال عمران ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا وقد نزلت هذه السورة سنة الوفود. وهي سنة تسع وحج ابو بكر بالناس في هذه السنة قبل فرض الحج. وحج رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم سنة عشر. وهي حجة الوداع. ولم يحج بعدما هاجر غيرها وقوله باب المواقيت. اي التي يحرم منها الناس فلا يحل لاحد ان يتجاوز الميقات بغير احرام. وتوقيت المواقيت فيه لعظم حرمة هذا البيت العظيم. التاسع والمائتان الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله ان الله عليه وعلى اله وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة. ولاهل شامي الجحفة. ولاهل نجد قرن المنازل. ولاهل اليمن يلملم وقالهن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن. ممن اراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث انشأ. حتى اهل مكة من مكة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس وقت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة. وهو المسمى الان بالحساء وهو ابعد المواقيت عن مكة. فيبعد عن المدينة قدر ثلاث ساعات وعن مكة عشرة ايام. ولاهل الشام الجحفة. وفي بعض الروايات واهل المغرب. وهو موضع هجر اسمه. ولا يعرفه الا النوادر من ولكنهم يحرمون من رابغ. لانه قريب منها. وهو ابعد عن مكة منها بشيء قليل. فالمحرم منه محتاط. وهو على سيف البحر وهو عن مكة ثلاثة ايام. فهو يلي ذا الحليفة في البعد عن مكة ويحرم كثير من الحجاج القادمين من البحر من تلك الجهة اذا وازنوه ولاهل نجد قرن المنازل. وفي بعض الروايات قرن الثعالب وفي بعضها قرن. وهو الموضع المسمى الان بالسيل. وهو واد بين جبال وكل ذلك الوادي ميقات سواء المرتفع منه والنازل. اعلى ها هو اسفله سواء. وانما احتجت الى هذا التنبيه لان بعض الطلبة غتر وظن ان الميقات خاص بالموضع المطمئن الذي فيه الماء. وهذا فغلط منه. فان كل الوادي الذي بين تلك الجبال ميقات ومحل للاحرام وقوله ولاهل اليمن يلملم. وهو جبل معروف باق اسمه ويحرم من وزنه اكثر الحجاج القادمين عن طريق البحر. وفي بعض الروايات ولاهل العراق والمشرق ذات عرق. وهو واد بين جبال وفي وسطه جبل صغير. وسمي ذات عرق لاجله. وهو المسمى كان بالضريبة. وقد وقته عمر ولم يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقته. فوافق رأيه الصواب رضي الله عنه وهذه المواقيت الثلاثة متساوية في البعد عن مكة. فهي عن مكة مسيرة يومين وقوله هن لهن اي لتلك الامصار. فلا يحل لاحد تجاوز الميقات بغير احرام. وقوله ولمن اتى عليهن من غير اهلهن وهذا تسهيل من الله تعالى. حيث لم يكلف كل احد ان يحرم من ميقاته. فاي ميقات مر به احرم منه. كما لا يحرم اهل نجد في بعض الاحيان من ذات عرق. خصوصا اهل القصيم فانهم كثيرا ما يحرمون من ذات عرق. وكما يحرم اهل الشام ومصر ونحوهم من ميقات اهل المدينة اذا مروها. وكما يحرمون في بعض الاحيان من ذات عرق. ومن تجاوز الميقات بدون احرام لزمه ان يرجع فيحرم من الميقات المعتبر له. فان لم يرجع فعليه دم وقوله ممن اراد الحج والعمرة. هل هذا قيد مراد ام لا؟ فيه خلاف المشهور من مذهب احمد انه غير مراد. فكل من اراد دخول مكة سواء لحج او عمرة او تجارة او غير ذلك. فلا يحل له تجاوز الميقات بغير احرام. فيحرم بالعمرة. فاذا دخل مكة طاف وسعى للعمرة ثم حلق او قصر حل. والقول الثاني انه وقيد مراد فلا يلزم الانسان الاحرام الا اذا قصد الحج او العمرة واما اذا قصد التجارة ونحوها فلا يلزمه ان يحرم بعمرة لكن يتأكد جدا فلا ينبغي للانسان ان يدخل مكة بغير احرام ومن دخلها بغير احرام بعمرة او حج فهو محروم. واما الوجوب فلا يجب عليه. واختار هذا القول شيخ الاسلام وكثير من الاصحاب واستدلوا بظاهر هذا الحديث. وهو رواية عن احمد. قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث انشأ. هذا توسعة من الله. حيث لم يكلف الذي دون الميقات ان يذهب الى الميقات. بل اذا اراد الحج او العمرة فيحرم من من حيث انشأ سفره. وقوله حتى اهل مكة من مكة اي ميقات الحج واما اذا اراد العمرة فيلزم ان يخرج فيحرم من ادنى الحل فان قيل ما الفرق بينهما؟ قيل لان افعال العمرة كلها تقع داخل الحرم فلزمه ان يخرج فيحرم من الحل. ليجمع فيها بين الحل والحرم واما الحج فلا يلزم فيه ان يحرم من الحل. لان افعاله لا تقع كلها في الحرم بل يقع بعضها في الحل وهو الوقوف. العاشر والمائتان الحديث الثاني عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال يهل اهل المدينة من ذي الحليفة. واهل الشام من الجحفة. واهل نجد من قرن المنازل. قال وبلغني ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما قال ويهل اهل اليمن من يلملم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله حديث ابن عمر. يهل اهل الى اخره. فهذه المواقيت المكانية. واما المواقيت الزمانية فاشهر الحج شوال وذو القعدة وبعض ذي الحجة. كما قال تعالى الحج اشهر معلومات. الاية. واما العمرة فتصح في اي في وقت كان وليس لها وقت معين. وهي في رمضان اكد. كما ورد عمرة في في رمضان تعدل حجة. وفي لفظ تعدل حجة معي. والعمرة الفاضلة هي التي بها الافقي. واما التي يخرج لها من مكة ففيها فضل عظيم. لكن الاولى افضل. قالوا ولا ينبغي تكرارها للمكي. لان الطواف افضل باب ما يلبسه المحرم من الثياب. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله باب ما يلبسه المحرم من الثياب. اي ما الذي يحل للمحرم وما الذي يحرم عليه؟ فان المحرمات قسمان. قسم يحرم على كل حال وقسم يحرم لعارض. كالمحرمات في الصيام والصلاة والحج ونحوها قال ابن رجب ان الاصل الذي بنى عليه الامام احمد مذهبه. ان من فعله محرما في العبادة. وقد نهي عنه لخصوصها. فان العبادة تبطل بفعله ما لم يدل الدليل على عدم بطلانها بفعله. والمحرمات في الحج ثلاثة اقسام. قسم يحرم على الرجال خاصة. وقسم يحرم على النساء خاصة وقسم يحرم على الرجال والنساء وهو الاكثر. الحادي عشر والمئة الحديث الاول عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رجلا قال يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب. قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا القميص ولا العمائم ولا السراويلات. ولا البرانس ولا الخفاف. الا احد لا يجد نعلين فليلبس الخفين. وليقطعهما اسفل من الكعبين. ولا يلبس من الثياب بشيء مسه زعفران او ورس. وللبخاري ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمن المحرمات على الريح جاري خاصة. لبس المخيط وتغطية الرأس. وقد ذكره بقوله في حديث ابن عمر ان رجلا قال يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يلبس القميص وهو المعروف. سواء كان مخيطا على قدر الجسد كالقميص. او من سوجا على قدر الجسد كالفنيلة ونحوها. فيحرم ذلك على الرجل خاصة ومثل ذلك القضاء وهو الزبون ونحوه. والعباءة ونحوها من الملابس المعتادة لانه اذا نص الشارع على معين وحكم عليه بحكم دخل فيه ذلك الحكم المعين. وما هو مثله وما هو اولى منه. وقوله ولا العمائم اي ما يجعل على الرأس كالعمائم المعروفة. والشماغ ونحوها مما يجعل على رأس وهل الشمسية مثل ذلك فتحرم ام لا فتباح. فيه خلاف على كل فتركه احوط واحسن. لان المقصود ترك الترفه والملبوسات المعتادة فان كان يتضرر بكشف رأسه جاز له تغطيته بقدر الضرورة ويفدي لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا الاية وقوله السراويلات معروفة وقوله ولا البرانس وهو ما يجعل على الرأس كالقلب لا انيس الا انه يربط بالقباء. فكل هذه تحرم على الرجل اذا لبسها على معتاد فاما لو جعل القميص ازارا او القباء او العباءة ونحوها لم يحرم وبعضهم يغلو في ذلك حتى انه يحرم ربط الازار. وجعل حبل في الساعة في الرقبة ونحو ذلك. وليس على ذلك دليل. فلا هو منصوص ولا فيما عن المنصوص وقوله ولا الخفاف. وهذا ايضا مختص بالرجل. فيحرم عليه لبس الخف في الاحرام. سواء كان من جلد او قطن او وبر او غير ذلك وقوله الا احد لا يجد نعلين فليلبس الخفين. وليقطعه وما اسفل من الكعبين. اي ليظهر الكعبان فيكونان بمنزلة النعلين. ولا لكن هذا كان في اول الامر. ثم نسخ كما يأتي. وقد ورد انه يستحب ان يلبس نعلين عند الاحرام. ومن المحرمات على الذكر والانثى الطين وقد ذكره بقوله ولا يلبس من الثياب شيئا مسه زعفران او ورق بص وهما نوعان من الطيب والزعفران معروف والورس نبت ياتي من اليمن وينبت فيه. وفي معناه كل انواع الطيب التي يتطيب بها ويستحب للانسان عند الاحرام ان يتنظف ويتطيب. فاذا احرم عليه بعد ذلك مس الطيب كالمسك. والتبخر بالبخور ونحو ذلك واما الاشياء التي لها رائحة طيبة. ولكن لا يتطيب بها فلا تحرم وذلك كالهيل والقرنفل والزنجبيل ونحوها. وقوله وللبخاري ولا تنتقب المرأة. والنقاب هو الخمار الذي تغطي فيه وجهها وتنقب فيه لعينيها. فيحرم على المرأة تغطية وجهها. الا اذا برج للرجال فتغطيه للحاجة. ولا يضر لو مس الخمار وجهها. وقوله ولا تلبس القفازين. وهما دلاغات اليدين كما يجعل للبزات وسواء كان من جلد او وبر او صوف او قطن او غير ذلك. ولا يحرم على للنساء شيء من الثياب. فلا بأس ان تلبس اي نوع كان. سواء من اسفر او احمر او اخضر. ولو لم تحضره عندها حال الاحرام. واما ما ما جرت به عادتهن من تحريم نوع من ذلك. فهو من خرافاتهن ووسوستهن فيجوز لها لبس اي نوع كان من الثياب الا ما فيه طيب الثاني عشر والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما ان انه قال سمعت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخطب بعرفات من لم يجد نعلين فليلبس الخفين. ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخطب بعرفات. من لم يجد نعلين فليلبس الخفين. ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل. ففيه انه لا يجب قطع الخفين وهو منسوخ لانه لو كان واجبا لبينه في هذا الموقف العظيم. وفيه انه ينبغي للامام ان يخطب للناس. ويبين لهم جميع ما يحتاجون اليه الثالث عشر والمائتان. الحديث الثالث. عن ابن عمر رضي الله عنه عنهما ان تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. قال وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك وسعديك والخير بيديك. والرغباء اليك والعمل. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لبيك اللهم لبيك الى اخره. يحتاج في هذا الى معرفة معنى التلبية وحكمها ووقتها متى يبتدأ بها ومتى تقطع ومتى تتأكد. اما معرفة معناها فقوله لبيك اللهم لبيك. اي اجبتك يا ربي مرة بعد مرة. لا شريك لبيك اي اجبتك وحدك لا شريك لك وتكرير لفظ التلبية يدل على الاجابة مرة بعد مرة. فان الله تعالى في كل عام يدعو عباده الى زيارته وحج بيته. ليجزل لهم الاجر والثواب. وقوله ان الحمد اي المحامد كلها والمدائح كلها لله وحده لا شريك له فهو المتصف بجميع صفات الكمال. المنزه عن صفات النقائص. وقوله والنعمة اي ان الله هو المنعم على خلقه الذي له النعمة الكاملة وله المنة والفضل وحده لا شريك له. والملك اي هو المتصف بصفة الملك المالك لجميع المخلوقات. وله مملكة السماوات والارض المخلوقات العلوية والسفلية له وحده لا شريك له. وهو المتصرف فيه جميع المخلوقات كيف شاء. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فيدخل في قوله والملك ثلاثة معاني. وهي صفة الملك والمملكة والتصرف وقوله وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك وسعديك. هذا تأكيد لاجابة دعوته والمسارعة الى امتثال امره مرارا متكررة. وقوله والخير بيديك اي الخير كله من الله وحده لا شريك له. وما بكم من نعمة فمن الله. وقوله والرغباء اليك والعمل اي الرغبة والعمل اليك وحدك لا شريك لك. ففي هذا كمال الاخلاص هذا معنى التلبية. واما حكمها فقد اجمع العلماء على مشروعيتها وانها من شعائر الحج. واختلفوا في وجوبها. فمذهب الجمهور انها سنة سنة مؤكدة جدا. لا ينبغي الاخلال بها. وهذا مذهب الامام احمد فان مذهبه رحمه الله ان جميع اقوال الحج سنة وعن نه رواية انها واجبة. وهذا مذهب مالك وهو الصحيح لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يخل بها ابدا قد قال خذوا عني مناسككم. وكذلك اصحابه كانوا يداومون عليها وهي من اعظم الشعائر. ولهذا استحب رفع الصوت بها للرجل. مع ان كثيرا من الاذكار الاسرار بها افضل. فلو قدر ان يتركها الانسان مع ان تركها نادر بل متعذر فعليه دم. وهذه مسألة فرضية لا تقع واما وقتها فتستحب من حين ان يحرم بالعمرة او الحج واما اخر وقتها فيقطعها في العمرة اذا شرع في الطواف. وفي الحج اذا شرع برمي جمرة العقبة في يوم العيد. وتتأكد كل ما على نشزا اي محلا مرتفع او هبط واديا او التقت الرفاق. او ركب راحلته او نزل منها او اقبل ليل او نهار. او رأى البيت او سمع ملبيا. ونحو ذلك من قوارض. ويستحب ان يرفع الرجل بها صوته. والمرأة لا تجهر بها الا قدر ما تسمع رفيقتها. وهذا اللفظ الذي ذكره من تلبية النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم هو افضل الالفاظ في التلبية. وان زاد فيها او نقص فلا بأس. لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان يسمع الصحابة رضي الله عنهم يزيدون وينقصون. ولم ينكر عليهم رابع عشر والمائتان الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يحل لامرأة ان تؤمنوا بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة الا ومعها وحرمة وفي لفظ البخاري لا تسافر مسيرة يوم الا مع ذي رحم محرم رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة الا مع ذي حرمة. ولفظ البخاري لا تسافر مسيرة يوم الا مع ذي رحم محرم فيه انه يحرم على المرأة ان تسافر الا مع ذي رحم محرم. ويشترط في المحرم ان يكون بالغا عاقلا. وان تكون المرأة تحت نظره. فلا يكفي مجرد كونه مع الركب والسيارة. اذا لم تكن المرأة تحت نظره. لان القصد من المحرم ان يكون نظره عليها فلا يدخل عليها الاجانب. لان السفر مظنة الفتنة وليس القصد من المحرم كما يظن بعض العوام انه لاجل ان ينزلها في قبرها لو ماتت. ويحل عقد الكفن. فانه يجوز للاجنبي مع حضوره محرمها ان ينزلها في القبر. ولا بأس بذلك خصوصا ان كان في الاجنبي مرجح مثل ان يكون صاحب خبرة. واحسن من المحرم. فقد يرجح بهذا المرجح فاذا كان القصد من المحرم حفظها عن دخول الاجانب. فان لم يشترط ان يكون في الخبرة التي هي فيها فلا اقل من ان يشترط ان يباريها. وان يكون دائما عليها. فان لم تجد محرما لم يجب عليها الحج. لانها لم السبيل. فان ايست من المحرم استنابت من يحج عنها. ان كانت قادرة بمالها وان وجدت محرما ولو باجرة لزمها ان قدرت على اجرته فتجب عليها اجرته لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. واختلف العلماء هل يصح حجها لو حجت بلا محرم ام لا. والصحيح انه يصح الحج لكن عليها اثم عظيم. ويشترط المحرم ولو سافرت مع نساء. ولا يعذر تركه مطلقا سدا للباب. ومحرم المرأة هو زوجها. او من تحرم عليه على تأبيدي بنسب او سبب مباح كرضاع ونحوه. هذا المشهور من مذهب احمد رحمه والله والصحيح الرواية الاخرى عنه ان محرمها زوجها او من تحرم عليه بنسب او سبب مباح. فلا يشترط ان تحرم عليه على التأبيد. فعلى هذا اذا لم تجد محرما. وكانت قادرة على شراء عبد لزمها شراؤه. ويصف محرما لها. باب الفدية. قال الشيخ السعدي رحمه الله في الايقاته باب الفدية. وهي شرعا ما فرض جبرا للنسك بسبب فعله محظور او ترك واجب في الحج او العمرة. وفي اصطلاح الناس يشتمل الهدي والفدية. وهي اقسام. وقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع. ففي في الكتاب نوعان من الفدية. فدية الاذى في قوله تعالى فمن كان صيام الاية وقال بعضهم او به اذى رأسه اي فحلقة. والصحيح انه عام. في ترك على عمومه. لان محظور المتعلق بالرأس نوعان. حلق الرأس وتغطيته. فالاية تعمهما فاذا حلق رأسه للضرورة او غطاه للضرورة كبرد او حر ونحوه وضابط فدية الاذى هي التي تجب للترفه. كاللبس والطيب والحلق ونحوها النوع الثاني من انواع الفدية المذكورة في القرآن هي التي تجب بقتل الصيد. قالت تعالى متعمدا فجزا الاية وقد اجمع العلماء على وجوب الفدية بوجوب سببها. الخامس عشر مئتان الحديث الاول عن عبدالله بن معقل انه قال جلست كعب بن عجرة فسألته عن الفدية فقال نزلت في خاصة وهي لكم عامة حملت الى رسول الله والقمل تتناثر على وجهه فقال ما كنت الوجع بلغ بك ما ارى. او ما كنت ارى الجهد بلغ منك ما ارى. اتجد ها؟ قال لا. قال فصم ثلاثة ايام. او اطعم ستة مساكين. لكل مسكين النصف صاع. وفي رواية فامره رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان يطعم فرقا بين ستة. او يهدي شاة او يصوم ثلاثة ايام رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته دليل فدية الاذى من السنة. قوله في حديث عبد الله ابن معقل جلست الى كعب ابن عجرة فسألته عن الفدية. فقال نزلت في خاصة وهي لكم عامة. اي ان نزلت فيه والحكم عام لجميع الامة. وهذا عام في جميع الاحكام الشرعية فان القاعدة الاصولية العبرة بعموم المعنى لا بخصوص السبب فاذا كان سبب نزول الاية خاصة. فالحكم عام لجميع الامة فكل من اتصف بذلك الوصف تناوله ذلك الحكم. ما لم يدل الدليل على التخصيص كما تقدم في حديث ابي بردة ابن نيار في قوله تجزئ عنك ولن تجزئ عن احد بعدك وقوله حملت الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والقمل يتناثر على وجهي. اي لانه مرض رضي الله عنه. ومع المرض والاوساخ كثر فيه. وقوله فقال ما كنت ارى الوجع بلغ بك ما ارى. او قال ما كنت ارى الجهد بلغ بك ما ارى. اي من الشدة الاولى بضم الهمزة بمعنى انا اظن والثانية بفتحها اي الرؤية البصرية. ويطلق على رؤية القلب كان ظاهر الحديث انهم اخبروه عن حاله. وسألوه ما يصنعون به. فامر باحضارهم ليرى هل يشق عليه بقاؤه ام لا؟ وقوله اتجد شاة؟ قال لا قال فصم الى اخره. بدأ بالشاة لانها افضل انواع الفدية. وظاهر لولا الاية ان الشاة تتعين اذا وجدها. لكن الاية صريحة في انه مخير فيدل الحديث على فضل الشاة. وكذلك لفظ الرواية الاخرى صريح كن في التخيير. وقوله وفي رواية فامره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يطعم فرقا بين ستة مساكين. الى اخره الفرق ثلاثة اصواع بالصاع النبوي. وهو المعروف الان في المدينة بالمد ففي هذا الحديث انه اذا اضطر الانسان لفعل محظور جاز له فعله وتجب عليه الفدية. باب حرمة مكة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب حرمة مكة. اي لان لها حرمة على سائر البقاع بسبب حرمة هذا البيت العظيم. السادس عشر والمائتان الحديث الاول عن ابي شريح خويلد بن عمر الخزاعي العدوي رضي الله عنه انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث الى مكة اذا لي ايها الامير ان احدثك قولا. قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الغد من يوم الفتح. فسمعته اذناي ووعاه قلبي وصارته عيناي حين تكلم به انه حمد الله واثنى عليه ثم قال ان فتحرمها الله ولم يحرمها الناس. فلا يحل لامرء يؤمن بالله واليوم الاخر ان بها دما. ولا يعضد بها شجرة. فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن اذن لكم وانما اذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لابي شريح ما قال لك قال قال انا اعلم بذلك منك يا ابا شريح. ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة. رواه البخاري ومسلم. الخربة بالخاء معجمة والراء المهملة. هي الخيانة وقيل البلية وقيل التهم. واصلها في سرقة الابل قال الشاعر والخارب للص يحب الخارب قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي شريح انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص الى اخره. وهو الاشدق عمه عمرو بن العاص وكان اميرا على المدينة لمعاوية وابنه يزيد. وغلب على اشقي الشام وكان يبعث البعوث الى مكة بامر يزيد او عبدالملك صححه ابو شريح فلم يقبل. ولكنه بعد ذلك خرج على عبدالملك. فسلط عليه فيه عبد الملك فقتله صبرا. وقوله يبعث البعوث الى مكة. اي لقتال ابن الزبير وقوله ائذن لي ايها الامير الى اخره. هذا دعاء له بالحكمة فانه ينبغي ان يدعى الانسان الذي عند نفسه كبير باللطف والرفق لانه ابلغ لقبوله. ولو بلغ بالشر ما بلغ. فان الله قال لموسى وهارون اذهبا الى فرعون انه طغى. فقولا له وقوله احدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الغد من يوم الفتح فسمعته اذناي الى اخره. اي انه تيقنه بجميع الحواس. فلا لا يشك فيه ولا يمتري. فالظاهر انه اذن له لانه حدثه به. فقال انه حمد الله واثنى عليه. وهذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في في جميع خطبه. ان يبدأ بحمد الله والثناء عليه. ثم قال ان مكة حر الله تعالى. ولم يحرمها الناس. اي ان الله هو الذي حرمها. وليس تحريمها من قبل الخلق. كما يحرم بعض الملوك بعض الاماكن ويحمونها فان تحريم الله اعظم من تحريم الخلق. بل ولا نسبة بينهما بوجه. وقد حرمها يوم خلق السماوات والارض كما يأتي. ولما ابتعث الله ابراهيم امره ببناء بيته وتحديد حرمه واظهار حرمته. قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر. الى اخره. اي ان ايمانه ينهاه عن هذه الافعال. ولا فيجتمع الايمان الكامل معها. وقوله ان يسفك بها دما. وهذا عام لدم مسلم والكافر. ولا يعضد بها شجرة. اي جميع الاشجار. ويستثنى من ذلك الاذن يبخرك ما ياتي والكمأة وما زرعه الادمي وما يبس حتى كان حطبا وترك البهائم ترعى بنفسها لا بأس به. وقوله فان احد ترخص بقتال رسول الله. اي يوم فتح مكة. فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن له وانما اذن لي ساعة من نهار. اي انه ليس اذنا عاما له كل وقت بل في تلك الساعة فقط. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس. فليبلغ شاهدوا الغائب. ففي هذا نصحه وانه بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان والله اعلم علم انه يأتي قوم يترخصون بقتاله فلهذا رد تأويلهم. وقوله فقيل لابي شريح ما قال لك اي لانه علم انه استمر على تجهيزه. ولكن ما رد عليك فقال قال انا اعلم بهذا منك يا ابا شريح ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم. ولا فارا بخربة اي خيانة او بلية او تهمة. ومراده بذلك ابن الزبير. وقد كذب والحق مع ابي شريح. ولكن تأول وتستر ان يرد كلام سول ردا بينا فاوله. وكلامه صلى الله عليه وعلى اله وسلم عام وحاشى ان يكون ابن الزبير اعظم اثما من كفار قريش. ومع ذلك لم يحل لرسول الله الا ساعة من نهار. مع ان الحق مع ابن الزبير رضي الله عنه. فكيف جعل بهذه الحال. ولكن والعياذ بالله اسكره خمر الرياسة حتى قال ما قال ولم يقبل النصح. ففي هذا الحديث نصح الائمة رضي الله عنهم وانهم لا تأخذهم في الله لومة لائم. ولا يخافون في تبليغ ما امروا به احدا فان ابا شريح بلغ ما امر به. ولم يبقى عليه تبعه. وفيه حسن دعوتهم وفيه انه اذا دعا الى امر متيقن يخبر انه لا يشك فيه. ولا يمتري ليكون ابلغ لقبوله. وفيه انه لا يجوز قتال احد في الحرم. ولا ان يسفك فيه دم. فلو عصى خارج الحرم ثم لجأ اليه اعاذه. ولم يتعرض له ما دام فيه قال العلماء ولا يخرج منه قهرا. لكن يلجأ الى الخروج بالا يبايع ولا يشارى. ولا يعان على شيء حتى يخرج فيستوفى منه الحق واما لو انتهك حرمة الحرم فقتل فيه. او زنى فيه ونحو ذلك. فمن تمام احترام في الحرم الاقتصاص منه وحده. واخذ الحق منه. لانه هو الذي انتهك حرمة الحرم السابع عشر والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم في مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية. واذا استنفرتم فانفروا وقال يوم فتح مكة ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض ارض فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة. وان انه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي. ولم يحل لي الا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة. لا يعضد شوكه ولا تنفر صيده. ولا يلتقط لقطته الا من عرفها. ولا يختلى فقال العباس يا رسول الله الا الاذخر فانه لقينهم وبيوتهم بيوتهم فقال الا الاذخر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم فتح مكة. لا هجرة الى اخره. الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام وهي واجبة على من لم يقدر على اظهار دينه. او يخشى الفتنة على دينه ومن قدر على اظهار دينه وامن الفتنة عليه فهي مستحبة له لما اذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن امن معه هاجر الى المدينة. فاوجب الله تعالى الهجرة على كل مؤمن يقدر عليها. وكثيرا ما يقرن ذكرها مع العبادة العظيمة. كالايمان والجهاد ونحوهما. فانها من اكبر لما يترتب عليها من نصر الله ورسوله. واظهار الدين وتكثيره في سواد المسلمين. وغير ذلك من المصالح. وذم الله تعالى من لم يهاجر مع قدرته على الهجرة. وكان الذين انتقلوا من مكة ثلاثة اقسام قسم قبل صلح الحديبية وهؤلاء المهاجرون الاولون وهم افضل المهاجرين. وقسم بعده وقبل فتح مكة وهؤلاء يسمون مهاجرين. ولهم فضل الهجرة. ولكن لا يلحقون الاولون بالفضل. فالاولون افضل منهم. كما قال تعالى. لا ايستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل المراد بالفتح صلح الحديبية درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا الاية القسم الثالث من انتقل عن مكة بعد فتحها فهذا لا يعد ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا هجرة بعد الفتح اي ان مكة صارت بلد اسلام. فلا تشرع الهجرة منها وقوله ولكن جهاد ونية. اي ان الجهاد مشروع. وفيه فضل عظيم وهو من افضل الطاعات. ونية اي نية الاعمال الصالحة من هجرة وجهاد وغيرهما. اي يجب ان يلتزم طاعة الله تعالى. وينوي اعلم ما اوجب عليه اذا عجز عن فعله. فينوي انه لو كان في بلد غير الاسلام ان يهاجر وينوي الجهاد. ولهذا ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق. فالنية اذا تعذر العمل بلغت مبلغه. ولهذا ورد ان بعض الراغبين في الخير كان يدور على العلماء يسأل هل يمكن ان يكون الانسان في عبادة دائما وابدا في جميع عمره فلما سأل بعضهم فقال نعم يمكن ذلك. افعل عبادة ما دمت قادرا. فاذا عجزت عن فعلها فانوي فعلها. ولا تزال في عبادة انتهى. قوله واذا استنفرتم فانفروا. اي اذا استنفركم او نائبه للقتال وجب على كل من قدر عليه النفير. واصل الجهاد هذه فرض كفاية. ويكون فرض عين في ثلاث مسائل. احداها هذه اذا استنفره الامام او نائبه وجب عليه النفير. ان لم يكن له عذر صحيح. قال تعالى ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله الايات وان كان النفير عاما فيجب على العموم او خاص فيكون فرض عين على المعينين. الثانية اذا حصر العدو بلده فيكون فرض عين. لانه حينئذ يكون دفاعا. ولهذا ذم الله على من تخلف في هذه الحال ذما شديدا. فقال وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله او ادفعوا. قالوا لو نعلم الاية الثالثة اذا حضر صف القتال بين عليه ولم يجز التولي عنه. فان هذا فرار. ولما اعد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم السبع الموبقات عد منها الفرار يوم الزحف. اي اذا التقى الجمعان. وقوله وقال يوم فتحه في مكة ان هذا البلد حرمه الله. الى اخره. اي لم يحرمه احد من مخلوقين. فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة. وانه لم يحل قتال فيه لاحد قبلي. كما تقدم. وايضا فلم يحل له صلى الله عليه وعلى اله وسلم مطلقا. فانه انما حل له ساعة من نهار. ثم ثم عادت حرمته. فهو حرام. هذا تأكيد لحرمته. بحرمة الله تعالى اي ليس ابتداء مني وانما هو حرام بحرمة الله السابقة الى يوم القيامة. وقوله لا يعضد شوكه. اي لا يقطع بان حرمته تعم الحيوانات والاشجار غير ما استثني. ففي هذا التنبيه الادنى على الاعلى. فاذا كان الشوك لا يقطع مع انه يؤذي فالشجر الذي ليس فيه اذية من باب اولى واحرى. وقوله ولا ينفر صيده. اي غيره فانها لا تؤخذ لاجل التملك. وانما يجوز التقاطها لاجل التعريف. فانه يجب على من التقط لقطته ان يعرفها دائما وابدا. ولا يملكها ولو مضى اعوام كثيرة. او يدفع الى الامام. هذا اصح قولي العلماء. وقال بعضهم انها كغيرها تملك بعد تعريفها حولا. وقوله ولا يختلى خلاء الخلاء الحشيش الرطب. اي لا يحش حشيشه الرطب. فلما كان هذا عاما لجميع انواعه. قال العباس يا رسول الله الاذن الخير وهو نبت معروف طيب الرائحة. فانه بين العلة الداعية فالى استثنائه فقال فانه لقينهم وبيوتهم. القين الحداد اي انه يقبس به النار. لانه لين سريع الاتقاد كالخوص ونحوه ويستعملونه للبيوت. فانهم يجعلونه فوق الجريد بينه وبين الطين فلما رأى حاجتهم اليه وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما وعلم ان الله واسع الرحمة واسع الكرم قال الا الاذخر. اي انه لا بأس باخذه. وكذلك ما زرعه الادمي. واليابس والكمأة تركوا البهائم ترعى بنفسها. وهذه تعد من فضائل العباس رضي الله عنه وكان الادخار اذ ذاك كثيرا جدا. باب ما يجوز قتله قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب ما يجوز قتله. اي في الحل والحرم. وتحريم الصيد على المحرم قد ثبت بالكتاب والسنة. واما تحريم صيد الحرم فقد ثبت بالسنة. والصيد الذي يحرم على المحرم قتله. ويحرم قتله داخل الحرم حتى للحلال هو المأكول البري المتوحش اصلا. فيخرج بالمأكول غيره. وبالبري البحري وبالمتوحش المستأنس كبهيمة الانعام والدجاج ونحوها وقولنا اي ان العبرة بالاصل. فلو توحش المستأنس لم يحرم كما لو استأنس المتوحش لم يحل. الثامن عشر والمائتان الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر انه جاء الى الحجر الاسود فقبله الى اخره. يقول رضي الله عنه اني لم افعل هذا تعظيما ان الله عليه وعلى اله وسلم قال خمس من الدواب كلهن فاسق. يقتلن في الحرم. الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور. ولمسلم يقتل خمس فواسق في الحل والحرم وهاهو البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله خمس من الدواب كلهن فاسق. يقتلن في الحرم. الى ولمسلم في الحل والحرم. اي ان قتلها يجوز بل يشرع في الحل والحرم. لانها فواسق مؤذية. فالغراب معروف واذيته معروفة اوفا فانه يخرب الثمار. فلا يكفيه الاكل منها. بل يقطعها لها وكذلك اذا وجد بهيمة فيها جرح كبعير ادبر ونحوه جرحه حتى يتلفه. الى غير ذلك من فسقه. والحداءة هي المعروفة واذيتها مشهورة. فانها سراقة. تسرق في الناس حتى الحلي ونحوه. فلا تكاد ترى شيئا الا سرقته العقرب والفأرة والكلب العقور كل هذه معروفة. واذيتها مشهورة واما الكلب فانه من حيث هو ليس مؤذيا في الغالب. ولهذا خص العقور لان انه المؤذي. وبين العلة في جواز قتلها انه فسقها. تنبيه جميع الاوامر والنواهي لابد لها من حكمة. وهي علة الحكم. والعلة واما ينص عليها الشارع فتكون علة منصوصة يقينية. واما ان تكون مستنبطة. وهي التي لا ينص الشارع عليها. ولكن يستنبطها العلماء فبعضها يتيقن وبعضها يفيد الظن. واحيانا يكون ظنا راجحا واحيانا فوسطا واحيانا مرجوحا بحسب حال المستنبطين. وقد يكون للحكم علل كثيرة. يستنبط العلماء بعضها ويخفى بعضها وبعض المسائل لا ينص الشارع على علتها. ولا يعلمها الناس. وهي التي يعبر عنها بالتعبد فيقال هذا تعبدي. اي ان الله تعبدنا ولا نعلم الحكمة فيه. وليس معناه انه ليس له حكمة. ويغلط في هذا كثير من الناس فان الاحكام الشرعية كلها لا تخلو من حكمة. علمها من علمها وجهلها من جهلها. وها هنا فائدة اصولية ينبغي التنبه لها وهي انه اذا نص الشارع على شيء وبين علته. دخل قال فيه ذلك المنصوص عليه بطريق النص. وما هو مثله لقياس العلة ما هو اولى منه بطريق الاولوية. مثاله ما في هذا الحديث فانه نص على هذه الخمسة. فافاد جواز قتلها. وبين الحكمة في ذلك فيدخل في هذا ان كل ما شملته العلة جاز قتله لقياس العلة. وما هو اولى منه لقياس الاولوية. كالاسد والذئب والنمر الحية ونحوها. لانه ابلغ اذية وفسقا. ومثل العلة المنصورة العلة المستنبطة اذا كانت متيقنة. او مفيدة للظن الراجح فان قيل لما نهي عن قطع الشوك مع اذيته. ولم يؤمر بقطعه كما امر قتل هذه الحيوانات المؤذية. فنقول اما هذه الحيوانات فان انها مؤذية متعدية على كل احد. حتى من لا يتعدى عليها واما الشوق فانه وان كان مؤذيا. لكنه لا يؤذي الا من تعدى عليه عليه. واما من لم يأته ولم يتعرض له فانه لا يؤذيه فهذه الحيوانات تفعل الاذية بنفسها. والشوك لا يفعل شيئا الا بمن مر وعليه فلهذا نهي عن قطعه. والله اعلم. باب دخول مكة وغيره. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب دخول مكة وغيره اي مما يتعلق بالحرم او الاحرام. التاسع عشر والمائتين الحديث الاول عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه اظفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق الكعبة. فقال اقتلوه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس دخل مكة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عام الفتح وعلى رأسه المغفر الى اخره. المغفر مأخوذ من الغفر وهو الستر اي ما يستر به الرأس في الحرب. وهو للرأس كالدرع للبدن وفيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة بغير احرام وانه اذا تزاحمت العبادات يبدأ بالاهم فالاهم. فانه وقدم الجهاد على الاحرام. لان جنس الجهاد افضل من جنس النسك. كما قالت تعالى اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن كمن امن بالله واليوم الاخر خيري وجاهد في سبيل الله. الاية وعمارته بالحج والعمرة والطواف والصلاة. ونحوها من العمارة المعنوية والحسية وقوله فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق الكعبة. فقال اقتلوه. فيه انهم كانوا يعظمون البيت تعظيما عظيما. فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اناس معينين. كانوا يؤذون الله ورسوله اشد الاذية منهم ابن خطل. فلما سمع اللعين بذلك تعلق باستار الكعبة. عائدا من القتل فلما رآه المسلمون كرهوا ان يقتلوه. حتى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احتراما للبيت. فلما يعوه امر بقتله. لانه اذى الرسول اشد الاذية. فكان من اذيته للرسول انه اتخذ جاريتين تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة عنوة. كما هو مذهب الجمهور. وبه قال ابو حنيفة وما واحمد رحمهم الله. وقال الشافعي دخلها بامان صحيح قول الجمهور لادلة كثيرة جدا. ولكنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم تكرم عليهم. فلم يحل فيهم السيف. بل قال من دخل المسجد فهو امن. ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن ومن اغلق عليه بابه فهو امن. وهذا كرم منه لا حق لهم فيه واستثنى بعض اشخاص امر بقتلهم. ولو وجدوا متعلقين دار الكعبة. والله اعلم. العشرون والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة من كداء. من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة من كداء. الى اخره كداء بفتح الكاف. وهي الثنية العليا التي تمر على المقبرة وكانت ثنية والان سهلت. وهي المسماة الان بطريق العمرة ويسمى ريع الحجول. وهو الحجون. ولكنهم الان يبدلون نونه لاما وكدا بضم الكاف. هي الثنية السفلى من المسفلة ففيه انه يستحب اتباع الرسول في مخالفة الطريق فيدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. وهذا لمن تيسر له كأهل المدينة واما من يشق عليه كأهل اليمن ونجد ونحوهم فيفعلون ما تيسر لهم. قالوا ومن الحكم في مخالفة الطريق ليشهد له الطريق طريقان وقد ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم خالف الطريق في الخروج لصلاة العيد. فخرج من طريق ورجع من طريق اخرى وكذلك في طريق عرفة. فذهب اليها من طريق ضب. ورجع الى مزدلفة من طريق المأزمين. وهما الجبلان. الحادي والعشرون والمائتان الحديث الثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيت واسامة بن وزيد وبلال وعثمان بن طلحة. فاغلقوا عليهم الباب فلما فتحوا الباب كنت اول من ولج. فلقيت بلالا فسألته. هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قال نعم بين العمودين اليمانيين. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيت واسامة بن زيد وبلال اي خادميه ومواليه. وعثمان بن طلحة. اي الشيبي اي حاجب البيت. فاغلقوا عليهم الباب. اي ليخلوا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في مناجاة ربه وشكر نعمته فانه لو اذن للناس في الدخول معه لازدحموا عليه. ولم يتمكن من مراده. قوله فلما فتحوا الباب كنت اول من ولج فلقيت بلالا فسألته الى اخره لانه رضي الله عنه كان حريصا جدا على اتباع اثار الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى انه ورد. انه كان يتحرى المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فيصلي فيها بين مكة والمدينة ولو لم يكن في وقت صلاة. فلهذا سأل بلالا فاخبره انه صلى بين العمودين اليمانيين. وفي بعض الروايات قدامك اذا دخلت. اي انه جعل العمود الاوسط عن يمينه العمود الايسر عن يساره. وجعل الباب خلفه والحائط الغربي المقابل للبابق قدامه. وفي بعض الروايات ولم اسأله كم صلى في انه ندم رضي الله عنه لانه غاب عنه ان يسأله كم صلى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فيستحب دخول البيت والصلاة فيه فيصلي ما تيسر. الثاني والعشرون والمائتان. الحديث الرابع عن عمر رضي الله عنه انه جاء الى الحجر الاسود وقبله وقال اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقبلك ما قبلتك شيء من الاحجار. كما يفعل اهل الجاهلية. بل انما هذا تعظيم لله ولرسوله لانه امر بتقبيله. فيستحب تقبيله واستلامه باليد اليمنى ومسح الوجه به الجبهة والخدين للتبرك. فانه ورد انه من استلمه فكأنما صافح الرحمن. ومن قبله فكأنما قبل يد وكذلك يستحب استلام الركن اليماني. ولا يستحب تقبيله واما الركن الشامي والغربي فلا يستحب استلامهما ولا تقبيلهما لانه لم يكن صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستلمهما فقد ورد ان معاوية لما حج رضي الله عنه جعل يستلم الاركان كلها فقال له ابن عباس ليس هكذا السنة. فقال معاوية ليس شيء من البيت مهجورا. فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله لله اسوة حسنة. فقال معاوية صدقت. فرجع لقول ابن عباس والحكمة ان الركنين اليمانيين على قواعد ابراهيم. والركنين الذين يليان الحجر ليسا على قواعد ابراهيم. فان بعض الحجر من البيت. كما ورد ان قريشا اختزلوه من البيت. لما قصرت عليه النفقة الحلال. وكرهوا ان يجعلوا فيه مالا حراما تعظيما له. مع ان انهم قوم كفار. ولكن هذا من صيانة الله تعالى لبيته وتطهيره له الثالث والعشرون والمائتان. الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واصحابه مكة. فقال المشركون انه عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب. فامرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان يرملوا الاشواط الثلاثة. وان يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم ان يرموا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه مكة اي في عمرة القضية. وهي سنة سبع من الهجرة. فقال المشركون يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب. يعنون الرسول والصحابة اي ان الحمى اضعفتهم. وقصدهم التشمت بهم من اسماء المدينة. ولكنها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن تسميتها يثرب. وسماها طيبة. وكان فيها حمى عظيمة فلما هاجر الرسول والصحابة اليها اصابتهم حماها فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ربه ان ينقل حماها الى الجحفة فنقلها الله الى الجحفة. وخفت عن المدينة جدا ولم يزل فيها بقية منها. لكنها اخف من قبل ذلك فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قول المشركين اراد اغاظتهم فامر الصحابة ان يرملوا الاشواط الثلاثة. ليرى المشركون قوتهم وجلدهم على العبادة. فلم يكفهم المشي كما يفعل الناس حتى انهم رملوا. وكان المشركون قد اجتمعوا على قعيقعان. وهو الجبل الذي اصله المروة. وهم في اعلاه. وموضعه فيه حارة تسمى الان القرارة ولم تزل اثار الجبل باقية. فاجتمعوا هناك لينظروا طواف الرسول والصحابة. وكانوا اذ ذاك من فيه يرى من في المسجد. فلم ما رأوا طوافهم غاضهم ذلك. وقالوا اينما تقول. فانه لم يكفهم حتى رملوا والرمل هو الخبب. وهو السرعة في المشي دون السعي وامرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يمشوا ما بين الركنين اليمانيين لانهم في هذه الحال يختفون عن المشركين بالبيت. فحصل لهم المصلحة اغاظة عدوهم وراحة انفسهم. وقوله ولم يمنعهم ان خمول الاشواط كلها الابقاء عليهم. اي انه اكتفى بالثلاثة الاول لاجل ان يبقي عليهم نشاطهم. ففيه مشروعية اغاظة اعداء الله وفيه مشروعية الرمل. لانه تذكير بما جرى لاولياء الله مع اعدائه. وكثير من افعال الحج شرع للتذكر. كما شرع السعي بما جرى لهاجر واسماعيل. وكما شرع الرمي للتذكير بما جرى لابراهيم مع شيطان ونحو ذلك. الرابع والعشرون والمائتان الحديث السادس عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال رأيت رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين يقدم مكة. اذا استلم الركن الاسود اول ما يطوف يخب ثلاثة اشواط. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين يقدم مكة اي في حجة الوداع اذا استلم الركن الاسود اول ما يطوف يخب ثلاثة اشهر اشواط اي انه يرمل الثلاثة الاول في اول طوافه. وفي هذا الحديث انه رملها كلها. فلم يمشي بين الركنين اليمانيين ففي هذا عدة فوائد. منها استحباب استلام الركن قبل الشروع. كما ما يستحب في كل شوط. وكما يستحب تقبيله. ومنها استحباب الرمل في ولطواف اي سواء كان طواف القدوم او طواف العمرة او طواف الحج اي انه اول طواف يطوفه بعد قدومه. يستحب الرمل في الثلاثة الاشهر الاول منه. حتى ما بين الركنين. فاختص هذا الطواف بالرمل وكذلك يستحب فيه كله. وهو ان يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الايمن. وطرفيه على عاتقه الايسر. ويكشف عن عاتقه الايمن الخامس والعشرون والمائتان. الحديث السابع عن ابن عباس رضي الله عنه الله عنهما انه قال طاف النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجه الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عباس طاف النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع على بعير لان الناس تزاحموا عليه. حتى خرجت العواتق من خدورها. لرؤية النبي ان الله عليه وعلى اله وسلم. فركب بعيره وطاف من وراء الناس كان اذ ذاك يمكن ادخال البعير المسجد. وقوله يستلم الركن بمحجن. اي عصا محمية الرأس. لانه لا يمكنه استلامه بيده. ولا تقبيله وهو ففيه جواز الطواف راكبا لعذر. واما لغير عذر فلا يصح وفيه انه اذا شق عليه استلامه بيده استلمه بعصا ونحوها فيستحب استلامه بيده وتقبيله. فانشق تقبيله استلمه بيده قبلها. فان شق استلمه بعصا وقبلها. فان شق اشار اليه بيده واكثر الناس يظن انه لا يصح له طواف ان لم يقبله. فتجدهم مزدحمون ويؤذي بعضهم بعضا. فينبغي انه اذا شق وكان لا يحصل الا الاذية والضرب ونحوه تركه. واشار اليه او استلمه ان امكن بيده والا فبعصا ونحوه. فاذا رأى فرجة شرع له تقبيله. السادس عشرون والمائتان الحديث الثامن عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال قال لم ار النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يستلم من البيت ان الركنين اليمانيين. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عمر لم ارى النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين. فيه شروعية استلامهما كما تقدم. وهما الركن الذي فيه الحجر الاسود والركن اليماني ويسميان اليمانيين تغليبا لاحدهما. كما يسمى الركنان اللذان يليان الحجرة الشاميين تغليبا للشامي. والا فاحدهما شامي والاخر غربي ولا يشرع استلام الركنين الشاميين. باب التمتع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب التمتع. الانساك ثلاثة ادوها الافراد. وهو ان يحرم بالحج وحده. فاذا دخل مكة طاف للقدوم وهو سنة ثم ان شاء سعى للحج. وان شاء اخره بعد طواف الزيارة. ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه يوم النحر. الثاني القران وهو ان ينوي الاحرام بالعمرة والحج جميعا. فاذا دخل مكة طاف للقدوم تفعل كالمفرد الا ان افعاله تكون للحج والعمرة ويتداخلان. ويجب على الافقي دم. لانه حصل له نسكان في سفرة واحدة. الثالث التمتع وهو ان يحرم بالعمرة في اشهر الحج. ثم اذا دخل مكة طاف للعمرة وسعى لها ثم حلق او قصر. ثم حل له كل شيء. ثم يحرم بالحج في عامه ويجب عليه ان كان افقيا دم كالقارن. لانه حصل له نسكان في في سفرة واحدة. ولهذا قال تعالى فمن تمتع بالعمرة الى حجي فما استيسر من الهدي. الاية والتمتع في لسان الشارع يدخل في التمتع والقران. ولهذا اتفق العلماء ان الاية تعم التمتع القران السابع والعشرون والمائتان. الحديث الاول. عن ابي جمرة نصر ابن عمران الضباعي انه قال سألت ابن عباس عن المتعة فامرني به وسألته عن الهدي قال فيه جزور او بقرة او شاة او شرك في دم. قال وكان اناس كرهوها. فنمت فرأيت في المنام كأن انسانا حج مبرور ومتعة متقبلة. فاتيت ابن عباس فحدثته فقال الله اكبر. سنة ابي القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في في حديث ابي جمرة نصر ابن عمران سألت ابن عباس عن المتعة الى اخره سبب سؤاله ان اناسا كرهوها كما صرح به ابو جمرة. فانه كان ابن عباس قد تيقن ذلك. ولعل الذي اخبره بذلك ابو ايوب لم يأمره ان يسأله هل كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم كان فيها خلاف في زمن السلف. وكان عمر ينهى عنها كما يأتي وكان بعضهم يوجبها. ولكن بعد ذلك اتفق الناس على مشروعيتها. وكان ابن عباس يميل الى وجوبها. ولهذا امر بها ابا جمرة. وقوله عن الهدي اي الذي امر الله به المتمتع في قوله فما استيسر من الهدي فقال فيه جزور اي بدنة. او بقرة او شاة او شرك في دم اي سبع بدنة او سبع بقرة. وافضلها البدنة ثم البقرة ثم الشاة ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة. قوله ثم نمت فرأيت كان انسانا ينادي الى اخره. اي انه اتبع ما امره به ابن عباس فتمتع. فرأى وهذه الرؤية التي تدل على فضل المتعة. فلما اخبر بها ابن عباس كبر وقال سنة ابي القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي ان هذه السنة فحمد الله على ذلك. الثامن والعشرون والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع بالعمرة الى الحج. واهدى فساق معه الهدي هي من ذي الحليفة. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاهل بالعمرة ثم اهل بالحج. فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم. فأهل بالعمرة الى الحج. فكان من الناس من تمتع فساق الهدي من ذي الحليفة. ومنهم من لم يهدئ. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال للناس من كان منكم قد اهدى فان انه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه. ومن لم يكن اهدى فليطف بالبيت وبالصف والمروة وليقصر وليحلل. ثم ليهل بالحج وليهد. فمن لم نجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج. وسبعة اذا رجع الى اهله. فطاف الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حين قدم الى مكة واستلم الركن اول شيء ثم خب ثلاثة اشواط من السبع. ومشى اربعة. وركع حين قضى طواف بالبيت عند المقام ركعتين. ثم انصرف فاتى الصفا. وطاف بين الصفا والمروة في سبعة اشواط. ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه. ونحر هديه يوم النحر وافاض فطاف بالبيت. ثم حل من كل شيء حرم عليه وفعل مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اهدى فساق الهدي من الناس رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر تمتع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سلم في حجة الوداع. الى اخره. المراد بقوله تمتع ايران كما ثبت في احاديث كثيرة. قال الامام احمد رحمه الله لا اشك ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم احرم قارنا. والمتعة احب الي لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر اصحابه بها. وتأسف وقال لو استقبلت من امري ما استدبرت ما سقت الهدي ولاحللت معكم وقوله في حجة الوداع وهي سنة عشر. ولم يحج بعد الهجرة غيرها. وسميت حجة الوداع لانه لم يحج بعدها. ولان خطبه في هذه الحجة فيها الى توديع الناس. وانه لا يحج بعد هذا العام. ولم يمكث بعد رجوعه الا بضعة وثمانين يوما. ثم توفاه الله تعالى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وحفظ عنه في هذه الحجة الواحدة جميع احوال الحج كما يشرع فيه فكل فعل فعله فقد حفظه الصحابة رضي الله عنهم. وقد حث فهم على ذلك. وكان يقول خذوا عني مناسككم. وهذا الحديث عبارة عن من لكن مختصر وقوله واهدى فساق الهدي من ذي الحليفة فيه استحباب سوق الهدي وكان الذي ساق من ذي الحليفة. مع الذي جاء به علي من اليمن مئة بدنة كلها هدي من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى بيت الحرام. فنحر منها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثلاث وستين بيده الشريفة. عدد اعوام عمره الشريف. وباقيها وكل في نحرها عليا. وقوله وبدأ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاهل بالعمرة. ثم اهل بالحج. ليس معناه انه فعل افعال العمرة ثم فعل افعال الحج. بل انه بدأ بذكرها في تلبيته. فانه يستحب ذكر النسك في اول التلبية وفي اثنائها. فيقول المفرد لبيك حجا ويقول المتمتع لبيك عمرة. ويقول القارن لبيك عمرة وحجا. ولو قدم الحج فقال لبيك حجا وعمرة فلا بأس. ولكن قوله لبيك عمرة وحجا افضل هو فعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قوله فكان من الناس من تمتع الى اخره. اي ان بعض الناس قرن وبعضهم تمتع. وبعضهم افرد الحج وبعد ابوهم ساق الهدي وهم القليل. وبعضهم لم يسقه وهم اكثر الناس. وقال قوله فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال للناس الى الى اخره. اي انه امر من لم يسق الهدي ان يتحلل بعمرة. فيطوف لها ويسعى لها ويحلق او يقصر ثم يحل. وبعضهم امره لذلك بعد الطواف والسعي. فكان اولا طوافه للقدوم. فلما امره بذلك والعمرة. فانقلب الطواف والسعي للعمرة. وقصر وحل. وهذه من العلم فانه بعدما فرغ من العبادة وهو قد فعلها على وجه السنة نواها للعمرة فاجزأته عن الواجب. وجاز له التحلل. بل ان هذا افضل وبعضهم يوجبه كما تقدم. فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امرهم به وحتم عليهم ان يتحللوا بعمرة. واما من ساق الهدية فانه لا يحل الا بعدما يقضي حجه وينحر هديه. كما قال تعالى اه ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله وكما صرح به في هذا الحديث ومن تحلل فانه يحرم بالحج يوم التروية. وهو الثامن من ذي الحجة استحبابا. ويخرج الى منى. فيصلى فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر من اليوم التاسع. فاذا طلعت الشمس سار الى عرفة. ويستحب ان يأتيها من طريق ضب. وهو الطريق الايمن الواسع فيجمع بها بين الظهر والعصر استحبابا. ويستحب ان يكون جمع تقديم ليتسع وقت الوقوف. ويقف راكبا او غير راكب. فيفعل الارفق به. وكل عرفة موقف الا بطن عرنة. والافضل ان يقف عند الصخرات وجبل الرحمة. فيجعله بين يديه مستقبل القبلة. ويدعو بما احب من خير الدنيا والاخرة. فاذا غربت الشمس دفع الى مزدلفة من طريق المأزمين. وهما الجبلان. فاذا وصلها صلى بها والعشاء يجمع بينهما جمع تأخير. ويستحب فعلهما قبل حط رحله ثم يبيت في مزدلفة هذه الليلة. وهي ليلة العيد. ويصلي الصبح فيها بغلس ثم يأتي المشعر الحرام. وهو الجبل الذي عليه مسجد. فيدعو عنده بما احبته من خير الدنيا والاخرة. وكل مزدلفة موقف. فاذا اسفر جدا دفع الى فاذا وصلها بدأ بالرمي قبل كل شيء. فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده مع كل حصاة. ويأخذ حصى الجمار من اي موضع شاء من مزدلفة او من منى. فاذا رمى نحر هديه ان كان معه هديا ثم حلق ثم لبس وحلله كل شيء الا النساء. وهذا التحلل الاول فهو يحصل بفعل اثنين من ثلاثة هي الرمي والحلق والطواف. ثم يفيض الى مكة فت فيطوف للحج. ويسعى للحج ان كان متمتعا او غيره. ولم يكن سعى مع طوافه القدوم ثم قد حلله كل شيء حتى النساء. ثم يرجع الى منى فيبيت فيها ليلة احد عشر وليلة عشر وليلة الثالث عشر ان تأخر. ويرمي كل يوم بعد الزوال الجمرات الثلاث. فيبدأ بالاولى وهي التي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات متعاقبات. يرفع يديه ويكبر مع كل حصاة ويجعلها قدامه ومنى عن يساره ومكة عن يمينه. فاذا فرغ من تأخر او تقدم قليلا. ورفع يديه يدعو طويلا ثم الوسطى مثلها لكن يجعلها عن يمينه. وقل من يدعو من الناس اليوم عند الجمرات. ثم اذهبوا الى جمرة العقبة فيرميها كذلك. ويجعلها قدامه ومنى عن يمينه والبيت عن يساره كما يأتي. ولا يقف عندها. ومن تعجل خرج من منى في اليوم الثاني اثني عشر قبل الغروب. والا فيلزمه المبيت والرمي من الغد. ولا يرخص لاحد في ترك المبيت في منى الليالي منى الا سقات زمزم ورعاة الابل فمن تركه غيرهم فعليه دم. ويلزم المتمتع والقارن هدي. فمن لم يجد صام ثلاثة ايام في الحج. وسبعة اذا رجع الى اهله والله اعلم التاسع والعشرون والمائتان. الحديث الثالث. عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حل من العمرة ولم تحل انت من عمرتك. فقال اني لبثت رأسي وقلدت هدي الا احل حتى انحر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث حفصة انها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة؟ الى اخره. لان اكثرهم لم يسق الهدي فامرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يجعلوها عمرة. ويطوف ويسعوا ويحلقوا او يقصروا ويحلوا. وقوله اني لبثت رأسي اي انه مستعد وعالم بانه لا يحل الا يوم العيد. وكان رأسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم احيانا الى شحمة الاذن. واحيانا الى الكتف واحيانا ينزل قليلا وتلبيده اما بصمغ او نحوه. لئلا يتشعث ويدخله الغبار فيها هذه المدة التي لا يرجله بها. وقوله وقلدت هدي اي انه ساق الهدية ولولاه لحل معهم. وقلائل الهدي فتلتها ام المؤمنين عائشة وهي في المدينة وفيه مشروعية تقليد الهدي. وتقليده يكون بشيء على خلاف العادة اما قطع نعال او شن او لحاء شجرة ونحو ذلك. وهو عام لجميع الهدي الابل والبقر والغنم. واما الاشعار فانه خاص للابل. لانها اجلد من غيرها وهو وان كان فيه تأليم للحيوان فهو سنة. لانه اظهار لشعائر الله والاشعار هو ان ينتف صفحة سنامها. ثم يبسطه حتى يسيل الدم ثم يتركه والحكمة في ذلك ليعلم انه هدي فيحترم. وكانوا يعظمون الهدي حتى اهل الجاهلية وهو من شعائر الله العظيمة. ولكن هجره الناس فيها هذه الازمنة الاخيرة. الثلاثون والمائتان. الحديث الرابع عن عمران بن حصين رضي الله عنهما انه قال انزلت اية المتعة في كتاب الله تعالى. ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولم ينزل قرآن بحرمتها. ولم ينه عنها حتى مات. فقال رجل برأيه ما شاء. قال البخاري يقال انه عمر. ولمسلم نزلت اية متعة يعني متعة الحج. وامرنا بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم لم تنزل اية تنسخ اية المتعة. ولم ينه عنها رسول الله حتى مات ولهما بمعناه. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله وفي تعليقاته قوله في حديث عمران ابن حصين انزلت اية المتعة الى اخره. ذكر الاصول الثلاثة. وهي الكتاب والسنة والاجماع هذا ابلغ ما يثبت به الامر. اي انها شرعت في الكتاب والسنة. وفعل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم احترز من ادعاء النسخ فقال ولم تنزل اية تنسخها ولم ينهى عنها حتى مات. فانه قد يشرع الحكم ثم ينسخ ولكن هذا الحكم لم ينسخ. وقوله فقال رجل الى اخره البخاري رحمه الله بانه عمر. وليعلم ان عمر لم ينها عنها اعتقادا ان انها لا تجوز. ولا معارضة لامر الرسول. وانما هذا ارشاد منه واجتهاد لانه رأى الناس يتكلون على هذه العمرة. ولا يعتمرون في السنة غير العمرة التي مع الحج فاراد رضي الله عنه الا يزال البيت معمورا بالحجاج والمعتمرين وهذا ارشاد منه الى عدم الاتكال على العمرة التي تفعل مع الحج ولكن الشارع اعلم بمصالح العباد في كل زمان ومكان. ولم نسمع احدا من ازمنة طويلة تجهز كما يتجهز للحج. وقصد البيت للعمرة فقط. وليس له له شغل غيرها. باب الهدي. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته قوله باب الهدي الهدي ما يهدى للحرم من بهيمة الانعام وغيرها. وهو سنة. وافضله ما كان من بهيمة الانعام. وليس ليس له وقت معين. الحادي والثلاثون والمائتان. الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم اشعرها وقلدها او قلدتها. ثم بعث الى البيت واقام بالمدينة. فما حرم عليه شيء كان له حلالا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى اخره. فيه مشروعية الهدي ومشروعية تقليده. ويكون كما دام بقلادة مخالفة للمعتاد. كشروث نعال او اذان قرب. او قطع جلود او لحاء شجر ونحوه. وهو عام لجميع بهيمة الانعام. وفيهم الاشعار وهو خاص بالابل. وتقدم انه ازالة شعر احد جانبي السنام وتبيطه حتى يسيل الدم. وهو وان كان فيه تأليم فانه مشروع لما فيه من المصالح. والحكمة في الاشعار والتقليد ليعلم انه هدي فيحترم ولاظهار هذا الشعار. وفيه انه يشرع الهدي. ولو كان المهدي مقيما ببلده لم يتلبس بنسك. وفيه انه لا يحرم عليه شيء من محظورات الاحرام بسبب الهدي اذا لم يحرم. فان المحظورات مرتبة على وجود الاحرام وفيه قول شاذ انه يحرم على المهدي كل ما يحرم على المحرم ولو كان مقيما ببلد والصحيح ما عليه الجمهور وهو صريح الحديث. وفيه جواب التوكيل في الهدي كالعبادات المالية والله اعلم. الثاني والثلاثون والمئة الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها انها قالت اهدنا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مرة غنما. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث عائشة اهدى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مرة غنما. فيه مشروعية الهدي وقد اهدى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من جميع بهيمة الانعام ففي هذا الحديث انه اهدى غنما. وفي حديث اخر انه اهدى عن نسائه بقرا. واهدى الابل عدة مرات. ولكن الابل افضل لانها اغلى واكثر لحما واعظم نفعا. وقد اختارها صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجته العظيمة حجة الوداع. وكذلك يشرع اهداء الطعام والدراهم ونحو ذلك. ولكن بهيمة الانعام افضل. لما فيه من اظهار الشعار الثالث والثلاثون والمائتان. الحديث الثالث. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان نبي الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى رجلا يسوق بدنه. قال اركبها. قال انها بدنة. قال اركبها فرأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفي لفظ قال في الثانية او الثالثة اركبها ويلك او ويحك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة ان نبي الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى رجلا يسوق بدنه. اي هديا قال اركبها. قال انها بدنة. اي هدي الى اخره. فيه مشروعية الهدي وانه اذا احتاج صاحبه الى ظهره ركبه بالمعروف. وكذلك اذا احتاج الى احل به حلبه بالمعروف. وقوله ويلك او ويحك. هذا حث له على واما مع عدم الحاجة الى ركوبها فلا يجوز ركوبها. وكذا لا يجوز الزيادة على المعروف. فلا يثقلها بحيث يضرها. الرابع ثلاثون والمائتان الحديث الرابع عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه انه قال امرني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان اقوم على بدنه وان اتصدق بلحمها وجلودها واجلتها. والا اعطي الجزار منها شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث علي امرني رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. ان اقوم على بدنه الى اخره. تقدم ان الهدي الذي جاء به علي من اليمن والذي ساق رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم معه مائة بدنة. ونحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سلم بيده الكريمة ثلاثا وستين. ووكل في نحر باقيها عليا رضي الله عنه لانه من خواصه. وقد جاء بالهدي من اليمن وله فيه شركة. وفي في هذا الحديث عدة فوائد. منها مشروعية الهدي. ومنها جواز التوكيل في فقد وكل عليا في نحرها. ومعه جزار يسلخها ويقطع لحمها فهو لم يتولى الا النحر فقط. والعبادات قسمان مالية وبدنية. فالمالية يجوز التوكيل فيها. كالزكاة والذبح والكفارات وغيرها والبدنية محضة لا يجوز التوكيل فيها. كالصلاة والصيام ونحوها والفرق بينهما ان البدنية المقصود ان يفعلها هو. ولا تتم المصلحة الا بفعله هو. واما المالية فالمقصود مجرد اخراجها وفعلها وفيه مشروعية الصدقة بلحم الهدي والاضحية او اكثره. وما يذبح قسمان قسم لا يجوز لصاحبها الانتفاع منه ولا يجوز دفعه للغني. وهو كفارات والنذور وما وجب في الاحرام. او الحرم لفعل محظور او ترك واجب فذلك كجزاء الصيد وجميع انواع الفدية لانها كفارة. فلا ينتفع فيها من وجبت عليه وقسم يجب الصدقة منها. ويجوز لصاحبها الاكل منها ويجوز الدفع للغني هدية. وهي الاضحية والعقيقة وهدي التمتع والقران والهدي يستحب قال الفقهاء ويسن ان يأكل ثلثا ويهدي ثلثا ويتصدق بثلث والاحسن النظر للمصلحة والحاجة. وان يتصدق وباكثرها ويستثنى من جواز الاكل من الهدي مسألة. وهي اذا خيفة لفوا الهدي قبل ان يبلغ محله. فانه يذبحه ويتركه للناس. ولا يجوز ان اول منه شيئا. لا هو ولا احد من رفقته. اي اهل خبرته. دفعا للتهم في التفريط في حفظه. ومن الفوائد في هذا الحديث انه لا يباع شيء منها حتى الجلد الذي لا يؤكل. فيتصدق به او ينتفع به. ومنها انه يتصدق بجميع ما يتعلق بها حتى الاجلة ونحوها. لان ما اخرجه الانسان لله تعالى انا لا يجوز الرجوع في شيء منه. ومنها انه لا يعطي جازرها اجرته ولا بعضها منها. فلا يعاوض عن شيء منها ابدا. ومثله الدباغ لا يجوز اعطاؤه شيئا من الجلود عن دبغها. كما يفعل بعض الناس ولا يجوز المبادلة فيها لانها نوع من المعاوضة. وبعض الناس اليوم يبادل الجلد ويظن ان ذلك جائز وهو لا يجوز لانه بيع. وبعضهم يتخذ ذلك حيلة فيقول اهد لي جلد اضحيتك. واهدي لك جلد اضحيتي وهذا لا يجوز. الخامس والثلاثون والمائتان. الحديث الخامس عن زياد بن جبير انه قال رأيت ابن عمر قد اتى على رجل قد انا بدنته فنحرها فقال ابعثها قياما مقيدة سنة ابي القاسم صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث زياد ابن جبير رأيت تبنى عمر اتى على رجل الى اخره. فيه ان الابل تنحر نحرا. اي مع اصل الرقبة. واما غيرها من الحيوانات. فيذبح ذبحا مع اعلى الرقبة مما يلي الرأس وفيه ان السنة نحر الابل قائمة مقيدة. ولهذا قال تعالى فاذكروا اسم الله عليها صواف. اي واقفات فإذا وجبت جنوبها اي سقطت الى الارض الاية والان يشق لان الناس لم يعتادوه. والا فهو يسير مع اعتياده خصوصا مع الجزار وحدة الالة. ونحرها في هذه الحالة اسرع لموتها ونزوف دمها. ويستقبل بنحرها القبلة استحبابا. ويضجع غيرها هذا سنة واما الواجب فهو ان يسمي. ويقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمريء مجرى الطعام والشراب. فاذا قطعهما مع المنحر او المذبح او وسط الرقبة حل المذبوح. هذا المقدور عليه. واما غير المقدور عليه كالطير في الهواء والبعير الشارد الذي لا يقدر عليه. فذكاته في اي موضع تيسر من بدنه باب الغسل للمحرم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الغسل للمحرم. اما الغسل للاحرام فلا خلاف في استحبابه وانه تأكد ولهذا امر به من ليس اهلا للاغتسال كالحائض والنفساء واما غسل المحرم رأسه ففيه خلاف شاذ. انه لا يغسل رأسه لانه مظنة سقوط الشعر الردي ونحوه. والصحيح انه لا بأس به. ولو سقط من من شعره شيء. فالصحيح ان ازالة الشعر والظفر كالطيب لا بأس به. ما لم يتعمد لانه من الترفه. فلو ازاله ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه. وقيل ان انه اتلاف فيلحق بقتل الصيد. ففيه الفدية ولو ازاله جاهلا او ناسي وهذا المشهور من المذهب والصحيح الاول. السادس والثلاثون والمائتان الحديث الاول عن عبدالله بن حنين ان ابن عباس رضي الله عنهما والمس وربنا محرمة اختلفا بالابواء. فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه وقال المسور لا يغسل المحرم رأسه. قال فارسلني ابن عباس الى ابي ايوب الانصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب. فسلمت عليه فقال من هذا فقلت انا عبد الله ابن حنين ارسلني اليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم فوضع ابو ايوب يده على فطأطأه حتى بدا لي رأسه. ثم قال يصب عليه الماء اصبب. فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه. فاقبل فيهما وادبر. ثم قال هكذا رأيته صلى الله عليه وعلى اله وسلم يفعل وفي رواية فقال المسور لابن عباس لا اماريك بعدها ابدا. رواه البخاري ومسلم. القرنان العمودان اللذان تشد فيهما الخشبة. التي تعلق عليهما البكرة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبد الله بن حنين ان ابن عباس والمسورة بن مخرمة اختلفا بالابواء. اي بالموضع تسمى بالابواء. وهو من وراء الجحفة قرب ودان. وهو الموضع المسمى الان مستورا وكان المسور وابن عباس متقاربي السن. فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه وقال المسور لا يغسل رأسه. اي خوف سقوط شيء من شعره. قوله ارسلني ابن عباس الى ابي ايوب الانصاري. اي ليسأله لانه لا تخفى عليه وهو من احوال الرسول من بني النجار. وهو الذي نزل عليه الرسول لما هاجر الى المدينة فمن المصادفة العجيبة انه وجده يغتسل قال فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب. فسر المؤلف القرنين وهما القامة قوله ارسلني اليك ابن عباس يسألك. كيف كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم. انظر حسن سؤاله رضي الله عنه فانه قد تيقن انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم ولكن لم يطمئن خاطر المسور. وكان عنده في ذلك شيء. فلما بل امره ان يسأله عن كيفية غسله رأسه. فيحصل العلم بانه يغسل رأسه ويطمئن لذلك المسور. ويحصل لهم زيادة العلم بكيفية ذلك قوله فوضع ابو ايوب يده على الثوب. اي الذي هو مستتر به فطأطاه. الى اخره اي ليحصل التعليم بالفعل فيكون ابلغ. فلما علم بذلك رجع فاخبرهما فقال المسور لابن عباس لا اماريك بعدها ابدا. اي لانه دائما يماريك ويكون بينهما البحث في مسائل العلم والاختلاف. فلما رأى ما مع ابن عباس من من زيادة العلم التزم انه لا يخالف في شيء ابدا. ففيه انه لا بأس ان المحرم رأسه. وفيه انه ينبغي للعلماء وطلبة العلم البحث في مسائل العلم والتذاكر فيما بينهم. فاذا لم يتفقوا على مسألة سألوا من هو اعلم بها منهم فان بذلك يدرك العلم وتحيا الامة. وبقدر ما يهمل من العلم وبترك التعلم تنحط الامة ويفوتها خير الدين والدنيا. فلا حياة ولا شرف ولا عز الا به بالعلم باب فسخ الحج الى العمرة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب فسخ الحج الى العمرة. اختلف العلماء في فمذهب الجمهور ومنهم الائمة الثلاثة. ان ذلك لا يجوز. قال لانه ابطال للحج. وقد امر الله تعالى باتمامه. وقال الامام احمد انه مشروع لمن لم يسق الهدي. وقد تكاثرت بذلك الاحاديث حتى بلغت حده الاستفاضة. بل قال بعضهم بلغت حد التواتر. وليس عند من يمنع من حجة تقاومها. وجملة ما عندهم قولهم ان ذلك خاص بالصحابة وكذلك قول بعضهم ان هذا منسوخ. وكل هذه شبه لا تقاوم النصوص الصحيحة صريحة اما قولهم ان ذلك خاص بالصحابة. فان الاصل ان الحكم اذا ورد لبعض الصحابة فانه عام لجميع الامة. ما لم يرد نص بالخلق نصوص كما في حديث ابي بردة ابن نيار المتقدم. فكيف اذا ورد جوازه للصحيح كلهم فانه يكون جائزا لجميع الامة. فكيف وقد قيض الله من قال رسوله عن هذه المسألة بالخصوص. لما علم تعالى انه سيدعي بعد ذلك احد النسخ او الخصوص. فانه لما امرهم الرسول ان يجعلوها عمرة قال له سراقة ابن مالك الجعشمي يا رسول الله العامنا هذا ام للادب ابد قال بل للابد. وهذا نص صريح لا يقبل التأويل. واما قول من يقول انه منسوخ. فهذا ايضا دعوة لا دليل عليها. فانها لا تقبل الا وجود نص مناقض لهذه النصوص. وانى لهم ذلك؟ ويشترط ايضا ان يعلم تاريخهم وان ذلك متأخر. ومحال ان يوجد ذلك او ان يكون منسوخا قد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما سئل العامنا هذا ام للابد؟ قال قال بل للابد. فكيف ينسخ وقد اخبر انه للابد؟ واما قول من يقول ان الله الله تعالى قال ولا تبطلوا اعمالكم. وامر باتمام الحج وفسخه الى العمرة ابطال له. فنقول ان الذي انزل عليه ولا تبطلوا لكم هو الذي امر اصحابه بفسخ الحج الى العمرة. والحق ان هذا ليس ابطالا وانما هو اصلاح. فانه فعل لافضل النسكين. فانه لا يجوز الفسخ الا لمن يفسخه الى العمرة. ويحرم بالحج من عامه. فاما من اراد ان يفسخ الحج الى العمرة يتحلل ولا يحرم بالحج من عامه فلا. والعجب ان هذا القول الصحيح بل الصواب الذي لا ينبغي القول بغيره. هو من مفردات الامام احمد. ولما قال له بن شبيب يا ابا عبد الله كل شيء فيك حسن جميل غير واحدة. تقول يفسخ حجوا الى العمرة. قال الامام احمد احسب انك كذا يعني عاقلا. او كلاما نحوه عندي فيها تسعة عشر حديثا صحاحا جيادا. ااتركها لقولك انتهى السابع والثلاثون والمائتان. الحديث الاول عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال اهل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واصحابه بالحج. وليس مع احد منهم هدي. غير النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم وطلحة. وقدم علي من اليمن فقال اهللت ما اهل به النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فامر النبي صلى الله عليه على آله وسلم اصحابه ان يجعلوها عمرة. فيطوف ثم يقصر ويحل الا من كان معه الهدي. فقالوا ننطلق الى منى وذكر احدنا يقطر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال لو استقبلت من ما استدبرت ما اهديت. ولولا ان معي الهدي لاحللت. وحاضت عائشة فنسكت مناسك كلها. غير انها لم تطف بالبيت. فلما طهرت طافت بالبيت قالت يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة وانطلق بحج. فامر عبدالرحمن بن ادم ابي بكر بان يخرج معها الى التنعيم. فاعتمرت بعد الحج. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمما يدل على جواز فسخ الحج الى العمرة ما ذكره في حديث جابر ابن عبد الله انه قال اهل رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه بالحج. وليس مع احد منهم هدي اي ان الذين ساقوا الهدي قليل. فمنهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومنهم طلحة. وقوله فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يجعلوها عمرة فيطوفوا. اي بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يقصروا ويحلوا. اي حلا كاملا كما يأتي. الا من كان معه هديا لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ومثل الحلق غيره من المحظورات. وكانوا لم يعتادوا هذه الحالة انهم في الجاهلية ينهون عن العمرة في اشهر الحج نهيا شديدا. ولهذا قالوا ننطلق الى منى وذكروا احدنا يقطر اي انه مستغربوا هذه الحالة وتحرجوا منها وقالوا نخرج الى منى وذكروا احدنا يقطر وكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد امرهم بالعمرة عند الاحرام امر ارشاد. فمنهم من افرد ومنهم من تمتع ومنهم من قرن كما تقدم. ولما قدموا امر من لم يسق الهدي ان يجعلوها عمرة فلما طافوا وسعوا حتم عليهم ان افعلوها عمرة. ويقصروا او يحلقوا ويحلوا. فينقلب الطواف والسعي للعمرة وكان ابن عباس يميل الى وجوب جعلها عمرة. لتحتيم الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم على اصحابه بذلك كما تقدم. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قولهم نخرج الى امنا وذكروا احدنا يقطر قال لو استقبلت من امري الى اخره. اي اني لو علمت انه يكون في قلوبكم شيء من هذا ما سقت الهدي. ولاحللت معكم وهذا من جملة الادلة على ان التمتع افضل من سائر الانساك. ولهذا قال الامام احمد احمد انه اخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي انه ندم وقال لو استقبلت من امري الى اخره. وقال شيخ الاسلام من لم يسق الهدي فالتمتع في حقه افضل. ومن ساق الهدي فالقران في حقه افضل جمعا بين النصوص. انتهى. وقوله وحاضت عائشة الى اخره فيه ان الحائض تفعل ما يفعل الحاج. الا انها لا تطوف بالبيت. وقيل انها كانت متمتعة فادخلت الحج على العمرة لما ضاق الوقت وهي لم تطهر. وصارت مارينا وقيل انها كانت مفردة. بدليل انها لما طهرت وطافت طواف الحج قالت يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة وانطلق بحج. فامر عبدالرحمن اي اخاه ان يخرج بها الى التنعيم. وهو اقرب الحل الى مكة. وهو المسمى الان بالعمرة فخرجت معه اليه. واتت بعمرة بعدما حجت. ولو كانت قارنة لاخبرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انها قد حصل لها حج وعمرة وقال الاولون انما امر عبدالرحمن بذلك جبرا لخاطرها. ففيه جواز فسخ الحج الى العمرة. وفيه انه اذا فرغ من حل له كل شيء حتى اعظم المحرمات عليه وهو الجماع. وفيه فضل التمتع. وفيه انه لا يصح ولا يجوز طواف الحائض. وان خافت فوات الحج احرمت به وصارت قارنة. وفيه ان من شرط العمرة ان يحرم بها من الحل. سواء من التنعيم او غيره. وانما ما امر عبد الرحمن ان يخرج بها الى التنعيم لانه اقرب الحل. ومنها انه لا بأس عمرة المكي. الثامن والثلاثون والمائتان. الحديث الثاني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونحن نقول لبيك بالحج فامرنا رسول الله ان الله عليه وعلى اله وسلم فجعلناها عمرة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر قد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ونحن نقول لبيك بالحج الى اخره. فيه جواز فسخ الحج الى العمرة كما هو الصحيح. وفيه فضل وانه ينبغي ان يذكر نسكه في اولها وفي اثنائها كما تقدم التاسع والثلاثون والمئتان. الحديث الثالث. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صبيحة رابعة. فامرهم ان يجعلوها عمرة. فقالوا يا رسول الله اي الحل؟ قال الحل كله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قدم رسول الله، صلى الله عليه وعلى اله وسلم، صبيحة رابعة. الى اخره. اي من ذي الحجة وفيه جواز فسخ الحج الى العمرة. ولما قالوا اي الحل؟ كانه قد تقرر عندهم ان بعض المحرمات اهون من بعض. فقال الحل كله اي كما تقدم فانه يحل له كل شيء. اذا اكمل افعال العمرة وحلق او قصر الاربعون والمائتان الحديث الرابع عن عروة بن الزبير انه قال سئل اسامة بن زيد وانا جالس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يسير حين دفع. فقال كان يسير العنق. فاذا وجد فجوة النص رواه البخاري ومسلم. العنق انبساط السير. والنص فوق ذلك قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عروة ابن الزبير سئل ابتسامة الى اخره. اسامة تحب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان قد اردفه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين دفع من عرفة الى مزدلفة واردف الفضل ابن العباس معه. حين دفع من مزدلفة الى منى. فعدل بينهم وكان الظهر قليلا وهم صغار. فكان اسامة اعلم الناس بسيره حين دفع الى مزدلفة لانه رديفه. فلهذا سئل عن صفة سيره فوصفه فقال يسير العنق. فاذا وجد فرجة النص وفسر المؤلف العنق بانه انبساط السير والنص فوق ذلك. وللسير مراتب كثيرة. ادناها التماوت واعلاها العدو ففيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يكن عادته كما يفعل الناس من السرعة العظيمة وترك الخشوع. فانه كان ينصرف بسكينة وخضوع وخشوع. لانه قد انصرف من موقف عظيم. فينبغي الطمأنينة وان يكون متعلقا قلبه بين الخوف والرجاء. فلا يعلم هل تقبل منه فيكون من الفائزين. ام ترد فيكون من الخاسرين. واذا تأملت حال الناس اليوم وفي هذا علمت انهم لم يقتدوا بهدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحادي والاربعون والمائتان. الحديث الخامس. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه. فقال رجل لم اشعر فحلقت قبل ان اذبح. قال اذبح ولا حرج وجاء اخر فقال لم اشعر فنحرت قبل ان ارمي فقال ارمي ولا حرج فما سئل يومئذ عن شيء ولا اخر الا قال افعل ولا حرج رواه البخاري ومسلم. عن عبدالله بن عمرو بن العاص. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقف في حجة الوداع. فجعلوا يسألونه الى اخره. وقوف هذا في يوم النحر. وفيه دليل على ان افعال يوم النحر لا بأس بتقديم بعضها على بعض والذي يفعل في يوم النحر اربعة اشياء. الرمي والنحر الحلق والطواف. والسعي للمتمتع وغيره. ان لم يكن سعى مع طواف القدوم هذا تخفيف من الله ورحمة. حيث عفي عن الترتيب فيها. وعلى كل فالافضل اولى متابعة السنة. والاقتداء بما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاذا وصل الى منى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات كما تقدم ثم نحر هديه ان كان معه. او اشتراه ان تيسر وذبحه ثم حلق او قصر ثم افاض من يومه وطاف بالبيت طواف الحج. وسعى له ان كان متمتعا او غيره ولم يكن قدم السعي كما تقدم. ثم قد حل له كل شيء حتى النساء ويدخل وقت هذه الاربعة بطلوع الشمس يوم النحر. والمشهور من المذهب انه اول وقتها من نصف ليلة النحر. والصحيح الرواية الثانية. انه لا يجوز ولا يجزي في علو هذه الاربعة الا بعد طلوع الشمس يوم النحر الا للسقاة والرعاة ومن له عذر كالضعفاء ونحوهم. فيدخل الوقت لهؤلاء بعد النصف الاول ولمن ليلة النحر لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قدم ضعف اهله بعد نصف الليل. الثاني والاربعون والمائتان الحديث السادس عن عبدالرحمن بن يزيد النخعي انه حج مع ابن مسعود فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات. فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال هذا مقام الذي انزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وعلى اله وسلم رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبدالرحمن ابن يزيد انه حج مع ابن مسعود فرآه يرمي الجمرة الكبرى. اي جمرة العقبة. وقوله فجعل البيت الى اخره. المشهور من المذهب انه يستقبل القبلة في رمي الجمرات. ويجعل منى خلف ظهره. وفي رمي العقبة والوسطى يجعلهما عن يمينه. وفي رمي الكبر يجعلها عن يساره. والصحيح الرواية الثانية كما هو وصريح حديث ابن مسعود هذا انه يستقبل الجمرة عند رميها ويجعل البيت عن ومنى عن يمينه في رمي العقبة والوسطى. وعند رمي الكبرى يجعل البيت عن يمينه دينه ومنى عن يساره ويستقبل الجمرة. هذا الافضل ولا خلاف في جواز رمي جميع الجمرات مع اي موضع شاء. فلو اتى جمرة العقبة من عند العقبة فلا بأس وقوله هذا مقام الذي انزلت عليه سورة البقرة اي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وخصها من بين سور القرآن لانها التي تضمنت احكام المنام والحج. والله اعلم. وفيه انه ينبغي للعالم ان يعلم الجاهل وليس تعليم المناسك كما يصنع المطوفون الان. يمشي وراء المطوف الواحد فئام من الناس ويقولون كلهم جميعا كما يقول ذلك المطوف. ففي هذا من التشويش على الطائفين والساعين والمصلين ما فيه. وفيه تقطيع الدعاء فيه انهم كلهم او اكثرهم لا يعقل معنى ما يقول. ولا يستحضر معناه. وفيه المناسك والخشوع فيها. الى غير ذلك من المفاسد. وانما حقيقة ان يقول هكذا وقف. وهكذا فعل رسول الله. وهكذا ينبغي ان يفعل ويدعونهم بما احبوا من خير الدنيا والاخرة. الثالث والاربعون والمئة الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اللهم ارحم المحلقين. قالوا المقصرين يا رسول الله. قال اللهم ارحم المحلقين. قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم قال اللهم ارحم المحلقين الى اخره فيه فضل التحليق والتقصير. وهو واجب في الحج والعمرة. وفيه ان التحليق افضل من التقصير. لانه دعا للمحلقين مرتين. وللمقصرين مرة ويستثنى من ذلك المتمتع. اي المحرم بالعمرة. فان الافضل له التقصير للعمرة اذا كان وقتها قريبا من وقت الحج. بحيث لا يمكنه لو حلق ان ينبت ويتوفر للحج لانه يقيه عن الحر والبرد. وليتوفر حلقه للاحلال من كما تقدم من امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يجعلوها ويطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويقصروا. ويستثنى ايضا في مرأة فانه لا يجوز لها حلق رأسها. لانه مثلت وتشويه لخلقتها فيتعين عليها التقصير. فيكون فيهاتين الصورتين التقصير افضل وتقصر المرأة من كل قرن قدر انملة. ويجب ان يقصرني من جميع الرأس لا من كل شعرة بعينها. فلو حلق احد جانبي الرأس وترك الباقي لم يجزئ والحلق عبادة لانه ذل لله تعالى. وحلقه لاحد من المخلوق شرك. كما يفعل بعض الصوفية في حلق رؤوسهم لمشايخهم. الرابع والاربعون والمائتان. الحديث الثامن عن عائشة رضي الله عنها انها قالت حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فافضنا يوم نحرف حاضت صفية فاراد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم منها كما يريد الرجل من اهله. فقلت يا رسول الله انها حائض. فقال احابسك تناهي قالوا يا رسول الله انها قد افاضت يوم النحر. قال اخرجوا وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عقر حلقا افاضت يوم النحر؟ قيل نعم. قال فانفروا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فافضنا يوم النحر. الى اخره فيه انه ينبغي ان يفيض الى مكة يوم النحر ليطوف للحج وفيه ان الحائض لا يجوز لها الطواف بالبيت. وفيه انها لا تخرج حتى تطهر ثم تطوف وهكذا النفساء. وفيه انه يلزم رفقتها الاقامة معها ما لم يكن عليهم ضرر في الاقامة معها. فان اضطرت الى الخروج قبل الطهر خرجت ومتى قدرت على الرجوع رجعت وطافت للحج. ولا يحل لزوجها وطؤها قبل طواف وفيها هذا مذهب الائمة الاربعة وعليه الجمهور. وقال شيخ الاسلام اذا اضطرت الى الخروج فانها في هذه الحال مضطرة. فيباح لها ان تتلجم مع خروج الدم. ثم تطوف وتكمل حجها. ثم تخرج مع رفقتها. ولا تكلف هذه المشقة العظيمة. قال رحمه الله وقواعد الشرع ومذاهب الائمة هذا لان الشريعة مبنية على السماح. انتهى. وقول الشيخ له وجه جيد. وقوله عقر حلقى هذا من الالفاظ التي يتكلم بها العرب ويقصدون ما هو متعارف بينهم. لا ما دل عليه لفظها الحقيقي. كقولهم يداك او ثكلتك امك. فهم يقصدون بهذا ونحوه التوبيخ. والا فمعنى الحقيقي الذي يدل على لفظه ان العقر مقطوعة احد الاطراف وحلقى اي مقطوعة الحلق. وفيه ان الحائض لا يسقط عنها طواف الافاضة الخامس والاربعون والمئتان. الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال امر الناس ان يكون اخر عهدهم بالبيت. الا انه خفف عن المرأة الحائض. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله وفي تعليقاته واما طواف الوداع فذكره بقوله في حديث ابن عباس امر الناس ان يكون اخر عهدهم بالميت. الى اخره. ففيه وجوب طواف الوداع وقيل انه من واجبات الحج. وهو المشهور من مذهب احمد. وقيل ان انه واجب على كل من اراد الخروج من مكة. ولا يضاف للحج. وهو رواية عن احمد وهي الصحيحة. لانه لو كان من واجبات الحج لوجب على من اراد القعود في مكة وفيه انه يسقط عن الحائض للمشقة. ويجب ان يأتي به بعدما يفرغ من جميع اشغاله. فان اقام او اتجر بعده اعاده. وان اشترى شيئا من طريق طريقه لا للتجارة او انتظر رفقته ولو طال الفصل لم يضر ادي سوى الاربعون والمائتان. الحديث العاشر. عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال استأذن العباس بن عبدالمطلب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبيت بمكة ليالي منا من اجل سقايته فاذن له. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله وفي حديث ابن عمر استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى اخره. كان قريش قد تناوبوا امور مكة. فكل قبيلة قامت بشيء من ذلك. وغالبها خدمة للبيت وللحجاج. فمن ذلك السقاية اي سقاية الحاج من بئر زمزم. فانها لبني عبدالمطلب. وسدانة واللواء لبني عبد وهم بنو شيبة. وامر دار الندوة لبني عبد شمس. وهي التي يجتمعون فيها للشورى اذا حزبهم. وموضعها الان مقام الحنفي. وكان مؤمنهم يحتسب في ذلك. وكافرهم يأخذ به فخرا على غيره. ولما فتح رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مكة. اخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن الحجبي من بني عبد الدار فقال العباس يا رسول الله صلى الله عليك اجمع لنا بين السيدانة والسقاية. فانزل الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عثمان بن طلحة. واعطاه المفتاح وقال خذها خالدة تالدة. ولم تزل فيهم حتى الان. ففي في هذا الحديث انه يرخص لسقاة زمزم في ترك المبيت في منى الليالي منى لاجل سقايتهم. هذا اذا كانوا يسقون الحجاج مجانا. كما كان العباس وبنوه وخدموه يفعلون. واما اذا كانوا يبيعونه على الناس بيعا كما يفعلونه الان فهذا لا يجوز. وليس لهم رخصة في ترك المبيت بمنى الليالي منى ومثل هذا رعاة الابل. فانه يرخص لهم في ترك المبيت فيها. وكذا لكي يرخص لهم بتأخير رمي الجمار الى اخر يوم. وغيرهم يكره له تأخير الرمي ويلزم اذا اخره ان يرتب فيرمي رمي كل يوم. فاذا كمله رجع رمى رمي اليوم الذي يليه. وهكذا حتى يكمله. السابع والاربعون المائتان الحديث الحادي عشر. عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال قال جمع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين المغرب والعشاء بجمع لكل واحدة منهما اقامة. ولم يسبح بينهما ولا على اثر واحدة ان منهما رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر جمع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين المغرب والعشاء بجمع. اي المزدلفة. سميت جمعا لان جميع الحجاج يجتمعون فيها ليلة النحر. وتسمى المزدلفة. لان الناس يزدلفون منها الى منى وتسمى المشعر الحرام. لانها من المشاعر التي في الحرم. كما ان عرفة المشعر الحلال. لانها خارج الحرم. وهي من وادي محسر الى المأزمين وفي هذا الحديث انه يستحب ان يجمع فيها بين المغرب والعشاء جمع تأخير وفيه انه يقيم لكل واحدة من المجموعتين وكذا قضاء الفوائت. واما اما الاذان فلا يؤذن الا للاولى من المجموعتين. ويستحب ان يصليهما قبل انزال رحله وقوله ولم يسبح بينهما الى اخره. فيه انه يسامح في ترك الرواتب في السفر واكثر احاديث الحج رويت عن ابن عمر لانه رضي الله عنه تفنن فيه وكان كثير الحج وطال عمره فكان شيخ الموسم في كثير من حجاته وبهذا امر عبد الملك بن مروان الحجاج. لما كان اميرا على الحاج ان يقتدي بابن عمر واشتهر بعده في ذلك ابنه سالم رضي الله عنهم باب المحرم يأكل صيد الحلال. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب المحرم يأكل صيد الحلال. يباح صيد الحلال للمحرم. لانه ليس المقصود تحريم لحمه عليه. وانما المقصود احترامه بحيث لا يقتله. ولا يكون له فيه سبب ولا اعانة. ومحل ذلك ايضا. ما لم يصد لاجل المحرم فيحرم ولهذا ورد صيد الحلال يحل للمحرم ما لم يصد لاجله وكما يأتي قريبا ان شاء الله تعالى. الثامن والاربعون والمائتان الحديث الاول عن ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم خرج حاجا فخرجوا معه. فصرف طائفة من هم فيهم ابو قتادة وقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي. فاخذوا البحر فلما انصرفوا احرموا كلهم الا لم يحرم بينما هم يسيرون اذ رأوا حمر وحش فحمل ابو قتادة على الحمر فعقر منها اتانا. فنزلنا فاكلنا من لحمها تحميها ثم قلنا انأكل من لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من نحميها فادركنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فسألناه عن ذلك فقال منكم احد امره ان يحمل عليها او اشار اليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها. وفي رواية فقال هل معكم منه شيء فقلت نعم. فناولته العضد فاكلها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي قتادة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خرج حاجا اي في عمرة القضاء. ويطلق على العمرة الحج. لانها حج اصغر وقوله فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم ابو قتادة. الى اخره اما انهم صرفهم بعد ما وصلوا ذا الحليفة ولم يحرم ابو قتادة. لانه لم الحج ثم قصده بعد ذلك. وهذا احتمال بعيد. ويحتمل وهو اظهر انه صرفهم من نفس المدينة. او من حين خرجوا قبل ان يصلوا ذا الحليفة وهي على ثلاثة اميال او اربعة من المدينة. فلما وازنوا ذا الحليفة احرار وابو قتادة لم يحرم. لانهم يمرون في طريقهم ذلك بالجحفة وصرفهم لانه ذكر له عدو اجتمعوا في جهة الساحل. فاراد ان يقطع خلفهم كما هو مصرح به في بعض الروايات. قوله فبينما هم يسيرون اذ رأوا حمر وحش فكان قد تقرر عندهم انه لا يحل للمحرم قتل الصيد فلهذا لم يتعرضوا لها. ولم يأمروا ابا قتادة بذلك. ولم يشير له اليها. ولكنه علم بها من نفسه. وحمل عليها فعقر منها اتانا وهي الانثى من الحمر. وكان قصدها لنفسه. لان من حصل شيئا فانه غالبا يقصده لنفسه. ولكن اصحابه اكلوا معه على وجه التبع والا فهو لم يصده لاجلهم. كما يأتي في حديث الصعب ابن جثامة وقوله فنزلنا فاكلنا من لحمها. اي انهم لم يروا به بئسا ولكنهم بعد ذلك تشاوروا وندموا. لانهم لم يتيقنوا حله ولا تحريمه فقالوا نأكل لحم صيد ونحن محرمون. فحملنا ما بقي من لحمها. اي ليسألن عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فادركنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فسألناه عن ذلك فقال هل منكم امره الى اخره. اي انه ان كان احد منهم امره ان يحمل عليها او اشار اليها او كان له فيها سبب حرمت على المحرمين. وهذا من الغرائب فان الغالب انه اذا حرم على انسان شيء فلا بأس ان يخبر به من هو وحلال له. او يناوله سلاحا ونحو ذلك. الا في هذا لان يجب عليه احترام الصيد بكل وجه. ولهذا لو وجده في ظل شجرة او في شمس ونحر نحو ذلك حرم عليه ان ينفره ويقعد مكانه. فلما علم انه لم يكن منهم سبب قال كلوا ما بقي من لحمها. وفي الرواية الاخرى فقال هل معكم منه شيء؟ فناولته العضد فاكلها. فثبت حل ذلك بأمره وفعله. وهذا من ابلغ ما يكون. ففي هذا الحديث فوائد منها ان الحاج يلزمه ان يحرم من اول ميقات يمر به. فان لم يمر ميقات احرم اذا وازن الميقات. فان وازن الميقات وعلم انه يمر ميقاتا اقرب منه من من مكة فان شاء احرم اذا وازن الميقات البعيد. وان شاء اذا وصل الى القبر قريب. وفيه حل الحمر الوحشية. وهي طاهرة بخلاف الحمر الاهلية فانها نجسة ركس لا تحل. وفيه انه يحل للمحرم الاكل من صيد الحلال اذا لم يكن له فيه اعانة ولم يصد لاجل المحرم. فان كان كذلك عليه وفيه انه يلزم من سئل عن مسألة ذات شعب تختلف فيها الاحكام ان يستفصل السائل ما لم يتيقن مراده منها. التاسع والاربعون والمئة مئتان الحديث الثاني عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه انه اهدى الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حمارا وحشيا. وهو الابواء او بودان فرده عليه. فلما رأى ما في وجهه قال انا لم رده عليك الا انا حرم. وفي لفظ لمسلم رجل حمار. وفي لفظ شق حمار وفي لفظ عجز حمار. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث الصعب ابن جثامة الليثي انه اهدى الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حمارا وحشيا. الى اخره وفي الروايات الاخر رجل حمار او شق حمار او عجز حمار. لا تناقض وبينها فانه يطلق الكل ويراد البعض. فيقال حمار والمراد بعضه والشق يطلق على الرجل. وكذلك العجز يطلق عليها لانه اصل الرجل والابواء هو الموضع المسمى الان مستورة. وهو وودان متقاربان وفي هذا الحديث فوائد منها ان الحلال اذا صاد صيدا لاجل المحرم حرم على المحرم لان قرينة حاله وظاهر امره انه صاده لاجل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه حل حمر الوحش. وفيه انه ينبغي للانسان اذا توهم منه اخوه المسلم شيئا وحزن لذلك. فينبغي ان ينفي ما توهم ليسره ويذهب حزنه. كما في هذا فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما رد هديته ظن ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله قد غضب عليه. او انه سمع عنه شيئا يوجب ذلك. فحزن حتى ما ظهر الحزن على وجهه. فلما رآه بهذه الحال اخبره بالمانع من ذلك ونفى ما توهمه فقال انا لم نرده عليك الا انا حرم. اي انه لم يجري منك سبب يوجب رده فلا تحزن. ولكن لا يحل لنا لانه قصيد لاجلنا ونحن حرم