المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ان وما يتلى عليكم في الكتاب في يتمنى نساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن استفتاء طلب السائل من المسؤول بيان الحكم الشرعي في ذلك المسئول عنه. فاخبر عن المؤمنين انهم يستفتون الرسول صلى الله عليه وسلم في حكم النساء المتعلق بهم فتولى الله هذه الفتوى بنفسه. فقال قل الله يفتيكم فيهن. فاعملوا على ما افتاكم به في جميع شؤون النساء من القيام بحقوقهن وترك ظلمهن عموما وخصوصا. وهذا امر عام يشمل جميع ما شرع الله امرا هي في حق النساء الزوجات وغيرهن الصغار والكبار. ثم خص بعد التعميم الوصية بالضعاف من اليتامى والولدان اهتماما بهم وزجرا عن التفريط في حقوقهم. فقال وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء. اي ويفتيكم ايضا بما يتلى عليكم في الكتاب في شأن اليتامى من النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. وهذا اخبار عن الحالة الموجودة الواقعة في ذلك الوقت فان اليتيمة اذا كانت تحت ولاية الرجل بخسها حقها وظلمها اما باكل مالها الذي لها او بعضه او منعها من التزوج لينتفع بمالها خوفا من استخراجه من يده ان زوجها او يأخذ من مهرها الذي تتزوج به بشرط او غيره. هذا اذا كان رغبا عنها او يرغب فيها وهي ذات جمال ومال. ولا يقسط في مهرها. بل يعطيها دون ما تستحق. فكل ذلك ظلم يدخل تحت هذا النص ولهذا قال وترغبون ان تنكحوهن اي ترغبون عن نكاحهن او في نكاحهن كما ذكرنا تمثيلا والمستضعفين من الولدان اي ويفتيكم في المستضعفين من البلدان الصغار ان تعطوهم حقهم من الميراث وغيرك والا تستولوا على اموالهم على وجه الظلم والاستبداد. وان تقوموا لليتامى بالقسط اي بالعدل التام. وهذا يشمل القيام عليهم بالزامهم امر الله. وما اوجبه على عباده فيكون الاولياء مكلفين بذلك يلزمونهم بما اوجبه الله ويشمل القيام عليهم في مصالحهم الدنيوية بتنمية اموالهم وطلب الاحظ لهم فيها. والا يقربوها الا بالتي هي احسن. وكذلك لا يحابون فيهم صديقا ولا غيرة. في تزود وغيره على وجه الهضم لحقوقهم. وهذا من رحمته تعالى بعباده. حيث حث غاية الحث على القيام بمصالح من لا يقوم مصلحة نفسه لضعفه وفقد ابيه ثم حث على الاحسان عموما فقال وما تفعلوا من خير لليتامى ولغيرهم سواء كان الخير متعديا او لازما. فان الله كان به عليما. اي قد احاط علمه بعمل العاملين للخير. قلة وكثرة حسنا وبدة فيجازي كلا بحسب عمله. وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح قير. واحضرت اي اذا خافت المرأة نشوز زوجها اي ترفعه عنها وعدم رغبته فيها واعراضه عنها. فالاحسن في هذه الحالة ان يصلح بينهما صلح بان تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها. اما ان ترضى باقل من الواجب لها من النفقة او الكسوة او المسكن او القسم بان تسقط حقها منه او تهب يومها وليلتها لزوجها او لضرتها. فاذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها. لا عليها ولا على الزوج. فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال. وهي خير من ولهذا قال والصلح خير. ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى ان الصلح بين من بينهما حق او منازعة في جميع الاشياء انه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه. لما فيها من الاصلاح وبقاء الالفة والاتصاف بصفة السماح. وهو جائز في جميع الاشياء الا اذا احل حراما او حرم حلالا فانه لا يكون صلحا وانما يكون جورا. واعلم ان كل حكم من الاحكام لا يتم ولا يكمل الا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه. فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح. فذكر تعالى المقتضي لذلك ونبه على انه وخير والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه. فان كان مع ذلك قد امر الله به وحث عليه. ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه وذكر المانع بقوله واحضرت الانفس الشح. اي جبلت النفوس على الشح وهو عدم الرغبة في بذل ما على الانسان. والحرص على الحق الذي فالنفوس مجبولة على ذلك طبعا. اي فينبغي لكم ان تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم. وتستبدل به ضده والسماحة وهو بذل الحق الذي عليك. والاقتناع ببعض الحق الذي لك. فمتى وفق الانسان لهذا الخلق الحسن سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله. وتسهلت الطريق للوصول الى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في ازالة الشح من نفسه. فانه يعسر عليه الصلح والموافقة لانه لا يرضيه الا جميع ما له. ولا يرضى ان يؤدي ما عليه. فان كان خصمه مثله اشتد الامر. ثم قال قال وان تحسنوا وتتقوا اي تحسنوا في عبادة الخالق. بان يعبد العبد ربه كانه يراه. فان لم يكن يراه فانه يراه وتحسنوا الى المخلوقين بجميع طرق الاحسان. من نفع بمال او علم او جاه او غير ذلك. وتتقوا الله بفعل جميع المأمورات وترك في جميع المحظورات او تحسنوا بفعل المأمور وتتقوا بترك المحظور. فان الله كان بما تعملون خبيرا. قد احاط به علما وخبرا بظاهره وباطنه فيحفظه لكم ويجازيكم عليه اتم الجزاء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلق يخبر تعالى ان الازواج لا يستطيعون وليس في قدرتهم العدل التام بين النساء. وذلك لان العدل يستلزم وجود المحبة على السواء. والداعي على السواء والميل في القلب اليهن على السواء. ثم العمل بمقتضى ذلك. وهذا متعذر غير ممكن. فلذلك عفا الله عما لا يستطاع ونهى عما هو ممكن بقوله فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. اي لا تميلوا ميلا كثيرا بحيث لا تؤدون حقوقهن الواجبة. بل افعلوا ما هو باستطاعتكم من العدل. فالنفقة والكسوة والقسم ونحوها عليكم ان تعدلوا بينهن فيها. بخلاف الحب والوطء ونحو ذلك فان الزوجة اذا ترك زوجها ما يجب لها صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح وتستعد للتزوج ولا ذات زوج يقوم بحقوقها وان تصلحوا ما بينكم وبين زوجاتكم باجبار انفسكم على فعل ما لا تهواه النفس احتسابا وقياما بحق الزوجة وتصلح ايضا فيما بينكم وبين الناس. وتصلح ايضا بين الناس فيما تنازعوا فيه. وهذا يستلزم الحث على كل طريق يوصل الى الصلح كما تقدم وتتقوا الله بفعل المأمور وترك المحظور. والصبر على المقدور. فان الله كان غفورا رحيما يغفر ما صدر منكم من الذنوب والتقصير في الحق الواجب. ويرحمكم كما عطفتم على ازواجكم ورحمتموهن. وان يتفرقوا يغني الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما. هذه الحالة الثالثة بين الزوجين اذا تعذر الاتفاق فانه لا بأس بالفراق. فقال وان يتفرقا اي بطلاق او فسخ او خلع او غير ذلك يغني الله كلا من الزوجين من سعته. اي من فضله واحسانه الواسع الشامل. فيغني الزوج بزوجة خير له منها ويغنيها من فضله. وان انقطع نصيبها من زوجها. فان رزقها على المتكفل بارزاق جميع الخلق. القائم بمصالحه ولعل الله يرزقها زوجا خيرا منه. وكان الله واسعا اي كثير الفضل واسع الرحمة. وصلت رحمته واحسانه الى حيث وصل اليه علمه ولكنه مع ذلك حكيما. اي يعطي بحكمته ويمنع لحكمته. فاذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من احسانه بسبب من العبد لا يستحق معه الاحسان حرمه عدلا وحكمة