لعباده الصالحين قوله تعالى يا يحيى خذ الكتاب بقوة ذكر كثير من المفسرين ان تقديره فوهبنا له يحيى وقلنا يا يحيى الى اخره ولا يحتاج الى هذا فانه صرح اولا بهباته يحيى في قوله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل اذا وفق الحاكم ان يحكم بالحق والعلم لا بالجهل والباطل وبالعدل وحسن القصد لا بالظلم واتباع الهوى فقد سلك سبيل الانبياء قال تعالى لداود يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد. بما نسوا يوم الحساب. قوله تعالى وينجي الله الذين اتقوا بما ففازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون. فوعد الله المتقين بنفي العذاب عنهم ظاهرا وباطنا. كما افتى اثبت لهم في اخر السورة النعيم ظاهرا وباطنا من قوله وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا الى اخرها. الاخلاص لله تعالى اعظم الاسباب لعون الله للعبد على جميع اموره ولثبات قلبه وعدم انزعاجه عند المقلقات والشدائد. قال الله تعالى يا ايها الذين فامنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. اي اذا كان قصدكم في جهاد الاعداء نصر الله وان تكون كلمته هي العليا نصركم الله على اعدائكم. وثبت اقدامكم في مواطن اللقاء فالنصر سبب خارجي وتثبيت الاقدام سبب داخلي. وبهذين الامرين يتم الامر كثيرا ما يدور على السنة الناس اذا اراد الله امرا هيأ اسبابه. دليل ذلك في القرآن قوله اذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو اراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر. ولكن الله سلم انه عليم بذاته في الصدور واذ يريكموهم اذ التقيتم في اعينكم قليلا ويقللكم في اعينهم ليقضي الله امرا كان مفعولا. قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم ان يخرجوا. وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله. فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب. يخربون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين. فاعتبروا يا اولي الابصار ما اضعف اليقين في قلوب كثير من المؤمنين. تجدهم الان قد استولى عليهم اليأس وظنوا ان امر الافرنج الغربيين الان سيظهر وسيدوم. وان اهل الايمان لا قيام لهم. وانهم لابد مغلوبون واعدائهم لابد غالبون. وسبب هذا نظرهم الى الاسباب المدركة بالحس. وقصرهم النظر عليها ولم يقع في قلوبهم ان وراء الاسباب المشاهدة بابا غيبية اقوى منها وامورا الهية لا تعارض ولا تمانع وافات تطرأ وقوات تزول وضعفا يزول وامورا لا تدخل تحت الحساب فهؤلاء اهل الكتاب ذوو القوة والشوكة قد غرتهم انفسهم وظنوا ان حصونهم مانعتهم وانهم يمتنعون فيها ولم يخطر في قلوب المؤمنين خروجهم منها. حتى جاءهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون. واستولى عليه الضعف والخراب من حيث لا يشعرون. وللكافرين امثالها. فالمؤمن حقا هو الذي ينظر الى قدر الله وقضائه وما له من العزة والقدرة. ويعلم ان هذا لا تعارضه الاسباب وان عظمت. وان نمو الاسباب ونتاجها اذا لم يعارضها القدر. فاذا جاء القدر اضمحل عذر كل شيء. ولكن الاسباب محل حكمة الله وامره. فامر المؤمنين سداد لعدوهم ظاهرا وباطنا. فاذا فعلوا المأمور ساعدهم المقدور قوله تعالى والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم. لا يمكن ان تكون القبلية فيه بقوله من قبلهم راجعة الى الدار دون الايمان. لان اللفظ لا يساعد على هذا. لان الوصف بالجار والمجرور لا يصلح الا ان يعود على المعطوف والمعطوف عليه فالى اين يعود وقد علم وتقرر ان المهاجرين قد تقدم ايمان كثير منهم على الانصار فالجواب ان هذا عائد الى الدار والايمان على اللفظ المصرح به. وهو التبوؤ والاستقرار. ومعنى هذا ان اهل الايمان لهم حال تبوء وتمكين. يتمكنون فيه من اقامة دينهم وقيامه في انفسهم وفي غيرهم. ولهم حال وجود الايمان منهم دون تمكين فلم يحصل التمكين الا بعدما هاجروا الى المدينة. وصار لهم دار اسلام. واما قبل ذلك فهم وان كانوا مؤمنين لكنهم في حالة ذلة وقلة محكومون مقهورون خائفون على انفسهم. وبهذا يتبين المعنى. التجارات نوعان احدهما تجارة ربحها وانواع الكرامات وصنوف اللذات. وهي تجارة الايمان والجهاد في سبيل الله قال تعالى يا ايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم؟ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله باموالكم وانفسكم. الى اخر الايات. فهؤلاء الرابحون حقا وهم الذين تحققوا بالايمان ظاهرا وباطنا. فاجتهدوا في علوم الايمان ومعارف الايمان. في اعماله الباطنة كمحبة الله ورسوله وخشية الله وخوفه ورجائه باعماله الظاهرة كالاعمال البدنية والمالية المركبة منها وجاهدوا انفسهم على هذا وجاهدوا اعداء الله بالحجة والبرهان والسيف والسنان. وثانيهما تجارة ربحها خسران واصناف الحسرات وهي كل تجارة مشغلة عن طاعة الله ومفوتة لتلك التجارة الرابحة قال تعالى واذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما. قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين وكم في القرآن من مدح تلك التجارة والحث عليها والثناء على اهلها ومن ذم التجارة الاخرى والزجر عنها والذم لاهلها واهل التجارة الرابحة اذا اشتغلوا بتجارة المعاش لم تكن قاطعة لهم عن تجارتهم بل ربما كانت عونا لهم عليها اذا احسنوا فيها النية وسلموا من المكاسب الردية واخذوا منها مقدار الحاجة قال تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة فلم يقل انهم لا يتجرون ولا يبيعون بل اخبر انهم لو فعلوا ذلك لم يشغلهم عن المقصود. وهو ذكر الله وامهات العبادات. وعطف البيعة على التجارة. وان كان البيع داخلا فيها لانه اعظم الاسباب التي تحصل بها التجارة وانواع المكاسب وابركها. والله اعلم سورة مريم عليها السلام قد اشتملت على تفاصيل عظيمة من ذكر رحمة الله بانبيائه واصفيائه واحبابه وما من عليهم به في الدنيا نعم الدين والدنيا والنعم الظاهرة والباطنة. وما يكرمهم به من الذكر الجميل والثناء الحسن. ووصفهم باحسن اوصافهم ونعتهم باشرف نعوتهم وما يكرمهم به في الاخرة من الثواب والفضل العظيم وذكر رحمته ايضا باعدائه. حيث عاملهم بالحلم والصفح فتصريف الايات لعلهم يرجعون مع عظم ما اتوا به من الشرور وعظائم الامور ولذلك اكثر الله فيها من ذكر اسمه الرحمن. الذي هذه اثاره ومن ذكر الرحمة. فنسأله تعالى ان يدخلنا برحمته في يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى فلو ذكر بعد ذلك لكان تكريرا لا يحتاج اليه قوله تعالى فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا عذابا مضاعفا شديدا تبع الشهوات بمعنى ارادوها وصارت هي هممهم وانقادوا لها وصاروا مطيعين لها. فلذلك قال واتبعوا ولم يقل تناولوا واكلوا ونحوه. لهذا المعنى لان هذا الذم انما يتناول متبع الشهوات. فمهما اشتهت نفوسهم فعلوه على انه المقصود المتبوع ومن المعلوم ان النفس من طبعها انها امارة بالسوء فاذا كان هذا طبعها علم ان ذمهم على اتباع الشهوات يدخل فيه المعاصي كلها. فلذلك رتب على هذا العقاب البليغ في قوله فسوف فيلقون غيا. وهذا بخلاف المؤمن المطيع لله. فانه وان تناول الشهوات بل يتناولها على وجه تكون هي تابعة لغيرها لا متبوعة. وخواص المؤمنين يتناولون الشهوات بقصد التوسل بها الى القربات فتنقلب طاعات ونظير هذا ان الذي تناوله الذم هو اتباع الهوى وهو كونه متبوعا بان يتخذ العبد الهه هواه. لا مجرد ان يكون للعبد هوى فكل احد له هوى ولكن المؤمن كما قال تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى قوله تعالى رب السماوات والارض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته. هل تعلم له سم يا اشتملت على اصول عظيمة على توحيد الربوبية وانه تعالى رب كل شيء وخالقه ورازقه ومدبره. وعلى توحيد الالهية والعبادة وانه تعالى الاله المعبود. وعلى ان ربوبيته موجبة لعبادته وتوحيده. ولهذا اتى فيه بالفاء في قوله فاعبده الدالة على السبب. اي فكما انه رب كل شيء فليكن هو المعبود حقا فاعبده ومنه الاصطبار لعبادته تعالى. وهو جهاد النفس وتمرينها وحملها على عبادة الله تعالى فيدخل في هذا اعلى انواع الصبر وهو الصبر على الواجبات والمستحبات والصبر عن المحرمات والمكروهات بل يدخل في ذلك الصبر على البليات فان الصبر عليها وعدم تسخطها والرضا عن الله بها من اعظم العبادات الداخلة في قوله واصطبر لعبادته واشتملت على ان الله تعالى كامل الاسماء والصفات عظيم النعوت جليل القدر وليس له في ذلك شبيه ولا نظير ولا سمي. بل قد تفرد بالكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات. ودل على هذا اكبر الادلة على انه الذي لا تنبغي العبادة الظاهرة والباطنة القلبية والبدنية والمالية الا لوجهه الكريم خالصة مخلصة كما خلص له الكمال والعظمة والكبرياء والمجد والجلال. ومنها بطلان الشرك عقلا ونقل فكيف يليق بالعاقل ان يجعل المخلوق الناقص الذي لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ندا لمن لا كفؤ له ولا سمي. ولا مشابه بوجه من الوجوه فهل هذا الا من السفه والضلال والجهل المفرط والضرر من كل الوجوه ودلت على ان الشرك قد تقرر في العقل قبحه وان التوحيد قد تقرر في العقل حسنه فكما لا سمي لله فلا احسن من عبادته واخلاص العمل له. ولا انفع للعبد من ذلك ولا اصلح ولا ازكى من المتقرر شرعا ان الاحسان في عبادة الله تعالى هو سبب كل خبر عاجل واجل بل سبب لاعلى المراتب واكمل الثواب هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فكلما حقق العبد هذا الامر كان له نصيب وافر من العبادة بل هو اهم الامور. ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم فمعاذ ابن جبل ان يسأل الله تعالى ان يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته. وهذا امر يقل من الخلق ان يحققه ويتصف به على وجه الكمال لمشقة ذلك على النفوس. فاذا امتثل العبد لامر ربه بالاصطبار ولعبادته وحبس النفس وتوطينها على احسان العبادة خصوصا افضل العبادات واعظمها. وهي الصلاة. كما امر الله بالاصطبار عليه خصوصا فقال وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها تنار قلبه بالايمان واشرق نور العرفان في ضميره. وذاق طعم الايمان. وباشر حلاوته. فانجذب الى عبادة الله واخلاص العمل له. وعلم ان هذا هو الفلاح الدائم والربح المتضاعف. الذي لا خسارة فيه فصبر نفسه قليلا ليستريح باعظم اللذات طويلا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم قوله تعالى ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادئ. الى قوله وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود. فيه الذم للذين كفروا وصدوا عن المسجد في الحرام عباده المؤمنين من وجهين من جهة انهم مختصوا به ومنعوا غيرهم مع ان الناس فيه سواء. ومن جهة ان المؤمنين احق به منهم وهذه مرتبة ثانية فاباحوه للابعدين ومنعوه الاقربين. فان الله تعالى امر ابراهيم عليه السلام ان يطهره للطائفين والقائمين والركع السجود. فهؤلاء احق الخلق به لانهم حزب الله واولياؤه وما كان المشركون اولياءه ان اولياؤه الا المتقون لولا فضل الله ورحمته لما شرع لعباده الاحكام ولولا فضله ورحمته لما فضلها وبينها ولولا فضله ورحمته وان الله تواب حكيم. لما وضح ما يحتاج اليه العباد. ويسره غاية التيسير ولولا فضله ورحمته لما شرع اسباب التوبة والمغفرة ولا ما تاب على التائبين ولولا فضله ورحمته لما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء. والله واسع عليم. كما فصل ذلك في صدر سورة النور قوله تعالى وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم والله من فضله. والله واسع عليم. وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من من فضله الى قوله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردنا تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا اشتملت هذه الايات على الامر بالسعي بالاسباب المباحة التي ينال بها الرزق كالنكاح ونحوه وعلى ان من لم يحصل له سعة فليلزم تقوى الله تعالى والكف عن محارمه. وينتظر فضل الله ورزقه وغناه وعلى تحريم السعي بالاسباب المحرمة في قوله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء والله اعلم الاعراف موضع بين الجنة والنار يشرف على كل منهما. وليس هو موضع استقرار انما هو موضع اناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم يمكثون فيه مدة كما يشاء الله. ثم يدخلون الجنة. وفي ذلك حكم نبه الله تعالى عليها منها ان هذا منزلة به يستدل على كمال عدل الله وحكمته وحمده. حيث جعل الله تعالى اسباب الثواب والعقاب تتجاذب وتتعارض ويقاوم بعضها بعضا. فحسناتهم منعتهم من النار وسيئاتهم منعتهم الجنة في ذلك الوقت فصاروا وسطا بين الدارين ببرزخ بين المحلين لتظهر الحكمة اولا. ثم يأتيهم الفضل من ذي الفضل العظيم. الذي احاط بالخلق من جميع الوجوه فيغمرها ويكون الحكم له. ففي هذا من تنويع حمده وتصريفه لعباده ما به يعرف العباد كماله وكمال اسمائه وصفاته وحكمته وعدله وفضله ومنها ان حالهم من جملة الادلة على سعة رحمة الله. وان رحمته سبقت غضبه وغلبته بحيث اذا تعارض هذا وموجب هذا صار الحكم قطعا لموجب الرحمة على موجب الغضب ومما يدل على هذا انه اذا كان في العبد من موجب الرحمة مثقال ذرة من ايمان فانه لا بد ان يصير الحكم له ولو عمل موجب الغضب عمله فالعاقبة لموجب الرحمة ومنها ان الله اذا اراد امرا هيأ اسبابه فلما قضى تعالى انهم سيدخلون الجنة جعل الطمع والرجاء في قلوبهم والدعاء ان يجيرهم من النار ولا يجعلهم مع القوم الظالمين على السنتهم. والدعاء مع الرجاء والطمع لا تتخلف عنه الاجابة ومنها ان اهل الاعراف جعلهم الله سببا يعرف به ما يصير اليه اهل الدارين. وما كان عليه اهل الشقاء من النكال والوبال وما عليه اهل الجنة من السرور والغبطة. ولهذا ذكر الله توبيخهم لرجال يعرفونهم بسيماهم من اهله النار الى غير ذلك من الحكم الالهية فيما يجريه من الاحكام على البرية. قول شعيب عليه السلام وما يكون لنا ان نعود فيها الا ان يشاء الله ربنا. وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا بعد قوله قد افترينا على الله كذبا ان عدنا في ملتكم بعد اذ نجانا الله منها. من اعظم الادلة على كمال معرفته فانه اولا لما بين امتناع عودهم في ملة الكفار بحسب ما كانوا عليه من منة الله عليه بكراهته الشديدة بملتهم واغتباطه بانجاء الله له منها. وانهم لو عادوا في ملتهم بعد هذا كان من اعظم الافتراء على الله الذي يمتنع غاية الامتناع ممن هذا وصفه. وكان هذا الامتناع اثرا عما يسر الله له من الاسباب تدرك الامر بعد ذلك وعلم ان هذا الامتناع بحسب ما وصلت اليه علوم البشر. وان علم الله تعالى محيط بعلومهم وقد يعلمون شيئا ويخبرون ما يترتب على عملهم مما يكون بحسب حكمة الله تعالى ومع ذلك فالله غالب على امره. وقد يتخلف العلم الذي علموه واثره الذي حكموا به. فقال الا ان يشاء الله ربنا ثم قرر ذلك بقوله وسع ربنا كل شيء علما. ثم لجأ الى اعظم الاسباب الصادرة من العبد. التي بها ينال ما عند الله من خير الدنيا والاخرة ودفع شرورهما. وهو التوكل على ربه فقال على الله توكلنا ثم بين ثقته التامة بوعد الله له بالنجاة. هو ومن تبعه. وهلاك من خالفه. فقال ربنا افتح بيننا وبينك قومنا بالحق وانت خير الفاتحين قوله تعالى ام يقولون به جنة بل جاءهم بالحق واكثرهم للحق كارهون. ولو اتبع الحق وهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن. بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معارضون دلت على ان مخالفتهم للرسول لاجل ما جاء به الحق وان عداوتهم الحقيقية للحق ذاته وان السبب في ذلك لان الحق خالف اهواءهم وان اهواءهم فاسدة يمتنع ان يرد الحق بما يوافقها. لان الحق هو صلاح السماوات والارض ومن فيهن ولو وافق الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن فدل هذا على ان الحق جاء بما تشهد العقول الصحيحة والفطر المستقيمة بصحته واستقامته. واعتداله وكماله ان من خالف الحق فلفساد في عقله وانحراف في فطرته وانه اختار الضار على النافع. فلهذا قال بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون