وفيه ان الارض سبع طبقات. كما قال تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن. الان واختلفوا هل بين كل ارض والتي تحتها هواء؟ كما بين كل سماء من وحرمت الميتة لما فيها من المضار. فان الذي يموت حتف انفه لا يسلم غالبا من مادة سمية كانت سببا لهلاكه احرم لان ضرره يتعدى. وايضا فانه يحتقن فيه الدم. وذلك مضر الاوقية اي اربعون الدرهم عندنا قدر خمسة اريل الا ثلث قولها في كل عام اوقية. اي انها مؤجلة تسع سنين ولا يمكن ان تقع الكتابة الا مؤجلة. لان الرقيق وقت العقد لا انه اذا وقع امر خاص بين للعموم ولم يخص. طلبا للستر على يا من فعل ذلك الفعل. وقولها فحمد الله واثنى عليه كانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في جميع خطبه. البدائل اله وسلم. ومنها بركة يده وحسن خلقه وتواضعه. ومنها انه يجوز للامام البيع والشراء مع رعيته. ولم تكن هذه عادة لازمة له صلى الله عليه وعلى اله وسلم. بل انما يفعل ذلك في المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب البيوع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب البيوع له معنى عام ومعنى خاص. فمعناه العام انه اخ كل شيء واعطاء شيء بمقابلته. فيدخل فيه البيع الخاص والاجارة والمساقاة المزارعة وسائر المعاوضات. ومعناه الخاص كما حده الفقهاء بقولهم هو مبادلة مال او منفعة بمثل احدهما على التأبيد. وقد ثبت في الكتاب والسنة والاجماع والحكمة والقياس. وهذا ابلغ ما تثبت به الاحكام قال تعالى واحل الله البيع وحرم الربا وتكاثرت في ذلك الاحاديث. فامر به صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفعله. واقر بين الناس على العقود الجائزة. واما الحكمة والقياس فان الناس مضطرون الى ذلك لاقواتهم ونماء اموالهم. فان وهالمعايش ثلاثة الحروف والصناعات والتجارة. وهي البيع والشراء ولما كثرت الحاجة اليه وكان الانسان احيانا يتأسف على شراء شيء او بيعه شرع له الخيار ما دام في المجلس. والخيار قسمان. قسم يثبت بوجود سببه وتحته انواع كخيار الشرط والعيب والتدليس والغبن ونحوها وقسم ثابت للمتبايعين على كل حال. ما لم يسقطاه او يتفرقا وهو خيار المجلس. الخمسون والمائتان. الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يقال اذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرق وقى وكان جميعا. او يخير احدهما الاخر. قال فان خير احدهما الاخر اخر فتبايعا على ذلك وجب البيع. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. فذكره بقوله في حديث ابن عمر اذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار الى اخره ففيه ثبوت الخيار للمتبايعين ما لم يتفرقا او يسقطاه. وهذا معنى قوله او يخير احدهما الاخر. اي انهما يتبايعان على الا خيار فيسقط لانه شرع رفقا بهما ولان الحق لهما. وبهذا يعلم الفرق بين الحق الذي للآدمي خاصة. وبينما فيه حق للآدمي وحق لله فالاول مثل هذا. فاذا تراضيا على اسقاطه سقط. والثاني مثل الربا والغرر ونحوهما. فهذا القسم لا يصح ولو ترى ضيا. لان فيه حقا لله تعالى. وقوله وكانا جميعا. اي انه يثبت له فهما اذا كانا جميعا. فلو وكل احدهما الاخر في عقد البيع ونحوه فلا خيار للمجلس. لانه لا يتصور التفرق في هذا. ويحرم ان يفارق خشية ان يستقيل. لان فيه اسقاطا لحق اخيه. ومثل البيع الايجار والمساقاة والمزارعة. على الصحيح بانهما عقدان لازمان. ولا عيب في خيار المجلس لان الشارع اباحه. ولو كتب البيع ونحوه ثم ندم احدهما فله الخيار ما دام في المجلس. الحادي والخمسون والمائتان وما في معناه من حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيعان بالخيار ما لم فرقا او قال حتى يتفرقا. فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ومثله قوله في حديث حكيم بن حزام البيعان اي البايع والمشتري. بالخيار ما لم يتفرقا اي انه ثابت لكل واحد منهما. وشرع رفقا بهما. وهذا من جوامع في كلمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان صدقا وبينا بورك لهما فيه في بيعهما اي صدقا ولم يكذبا على السلعة او الثمن. وبينا ما يحتاج الى بني وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. اي كذبا في بيان ثمنها وما فيها من الاوصاف. واعظم من ذلك التحالف على ذلك. فهذا زيادة اثم على اثم. وكتم ما فيها من العيب ونحوه. ففي الصدق والبيان البركة والفلاح والربح في الدنيا والاخرة. وفي الكذب والكتمان محق البركة والخسران في الدنيا والاخرة. وهذا امر مشاهد. ومن البركة التهني بالمال وبذله فيما يقرب الى الله. وان يكون زادا لصاحبه الى الجنة. وتجدوه وهذا يدخل عليه المكسب القليل. فينفق منه فيما يقرب الى الله تعالى ويبيع منه خيرا كثيرا. ومن محق البركة ان يشغله عن طاعة الله ولا يتهنى فيه. وان يبذله فيما حرم الله. وان يكون خزيا له في الدنيا والاخرة. وهو وانما في مدة قليلة. فلا بد ان تمحق بركته ونجد هذا يدخل عليه المكسب الكثير. فلا يكفيه لبعض نفقاته حتى ينفد فبركة الله لا يعدلها شيء وليس لها منتهى. ويحق لمن اراد البيع والشراء ان يعتني بمثل هذا الحديث ويتأدب بآدابه. فانه من اعظم الاسباب للفوز في الدنيا والاخرة. والله سبحانه الموفق باب ما نهي عنه من البيوع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب ما نهي عنه من البيوع اي التي حرم الله ورسوله وهي نوعان. نوع حرم لانه ربا. والنوع الثاني الميسر هو الغرر بل الميسر اعم. ولا يخرج عن هذين النوعين نوع من البيوع المحرمة اللهم الا ما حرم لضر لحق احد المتعاقدين. مع انه داخل بالميت سر الثاني والخمسون والمائتان. الحديث الاول عن ابي سعيد خدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع الى الرجل قبل ان يقلبه او ينظر اليه ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب لا ينظر اليه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمن الغرر ما ذكره في حديث ابي سعيد. ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن المنابذة. الى اخره. فالمنابذة والملامسة فيهما من الغرر شيء كثير. وفسرهما بانهما نبذ الثوب او لمسه. بلا نظر ولا تقليب له. وهذا في الاشياء التي تختلف ويحصل فيها غرر واما في الثياب والاواني ونحوهما. المضبوطة بالوزن ونحوه. بحيث لا يختلف بعضها عن بعض. فلا بأس ان يأخذ شيئا منها قبل ان ينظر اليه اذا كان معلوم الجنس لا يختلف. ومثل ذلك القسمة ونحوها. فلو كان انهما ثمرة ونحوها لكل واحد نصفها. وارادا ان يحيفا في القسمة ويجعل احدهما زائدا شيئا بينا. كثلث وثلثين ونحو ذلك ويقرعا على ان من وقع سهمه على شيء فهو له فلا يجوز. لان احدهم يكون غارما والاخر غانما. وهذا غرر. فيلزم العدل في القسمة بقدره الامكان وهذا ولو رضي المتعاقدان فلا يجوز. لان فيه حقا لله تعالى الثالث والخمسون والمائتان الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال قال لا تلقوا الركبان ولا يبع بعضكم على بيع بعض. ولا شو ولا يبع حاضر لباد. ولا تسر الغنم. فمن ابتاعها فهو وبخير النظرين بعد ان يحلبها. ان رضيها امسكها وان سخطها ردها وصاعا من تمر. وفي لفظ هو بالخيار ثلاثا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا تلقوا الركبان الى اخره. هذا الحديث ذكر فيه خمسة انواع من من البيوع المحرمة. الاول تلقي الركبان. وهو تلقي الجلب. لان الجالب لا يعلم عن السعر. والمتلقي يعلم ذلك. فيحرم على المتلقي وتجب عقوبته. واذا هبط الجالب السوق فهو بالخيار. ان شاء البيع وان شاء رجع في سلعته. ومثل ذلك الذي يعلم زيادة السعر ويكتمه ثم يشتري من الناس سلعهم. فاذا علموا بذلك وانه علمه وكتمه فهو بالخير الثاني قال ولا يبع بعضكم على بيع بعض. لانه يقع من الشقاق والبغضاء شيء كثير. وذلك مثل ان يرى انسانا يبيع على انسان سلم بعشرة فيقول للمشتري انا اعطيك مثلها بتسعة. ليفسخ ويعقل اذا معه ومثله الشراء على شرائه. كأن يقول لمن باع سلعة بتسعة. عندي فيها عشرة. اي في مدة الخيارين ليفسخ ويعقد معه. ومثله الاجارة على اجارة. والخطبة على خطبة في النكاح. ومثله جميع الاشياء توظف فيها المسلم اذا كان اهلا للوظيفة كالامامة والاذان والتدريس ونحو ذلك فيحرم طلبها اذا كان من فيها اهلا قائما بما يجب عليه. لان ان في ذلك سببا للعداوة والبغضاء. الثالث قال ولا تناجشوا. والنجم الزيادة. ومنه نجش الطير اي اثارته. فهو زيادة الانسان في السلعة وهو لا يريد شراءها اما لقصد نفع البائع او الاضرار بالمشتري. ومنه قول صاحب السلعة سيمت كذا. او اعطيت فيها كذا وهو كاذب. فهذا لا يجوز واذا تحقق قصد النج فللمشتري الخياران الامضاء والرد. الرابع ذكره بقوله ولا يبع حاضر لباد. سئل ابن عباس عن ذلك فقال لا يكون له سمسارا. كما ياتي اي دلالا فيحرم ذلك بثلاثة شروط احدها ان يكون البادي قادما ليبيع سلعته بسعر يومها. لا اخزنها. الثاني ان يقصده الحاضر. فان قصد البادي الحاضر فلا بأس ببين له. الثالث انه مما يحتاج له الناس. كالطعام والمواشي ونحو ذلك. والحكمة في النهي عن بيعه له. ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقوله دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فان البائع ينقص من قيمة سلعته بقدر تعجيل القيمة له. الخامس ذكره قوله ولا تسروا الغنم الى اخره. التصرية هو المعروف بالتحيين اي ترك البهيمة التي يريد بيعها يوما ونحوه لا يحلبها ممتلئ ضرعها باللبن. فيتوهم المشتري ان ذلك عادتها فهذا حرام ويثبت فيه للمشتري الخيار. ويسمى خيار التدليس. فاذا حلبها فان شاء امسكها وان شاء ردها وصاعا من تمر. وهذا الصاع عوض عن اللبن الذي في ضرعها وقت البيع. لا الذي حدث بعد ذلك. لان الحادث بعده حدث على ملك وهو بمقابلة نفقته عليها. وهذا مخالف لقاعدة المتلفات لان القاعدة في المتلفات رد مثلها. فان تعذر فالقيمة. وفي هذا يتعير نصاع لان رد اللبن في الضرع متعذر. ورده بعد اخراجه فيه ضرر على البائع فنص الشارع على الصاع لقطع النزاع. ولانه يقارب قيمته نقص فنقصه قليل. او زاد فزيادته قليلة. ومثل الغنم الابل والبقر ولا عبرة في كثرة اللبن وقلته. ومن هذا النوع وهو خيار التدليس. نحو وتسويد شعر الجارية. وجمع ماء الرحى وارساله عند عرضها. ونحو ذلك من الاشياء التي يتوهم المشتري انها صفة لازمة للمبيع اشباع البهيمة واسقائها الماء الذي يدخل لحمها ونحوه. وفي اللفظ الاخر فهو بالخيار ثلاثة. الرابع والخمسون والمائتان. الحديث الثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن بيع حبل الحبلة. وكان بيعا يتبايعه اهل الجاهلية وكان الرجل يتبايع الجزور الى ان تنتج الناقة. ثم تنتج التي في بطنها رواه البخاري ومسلم. قيل انه بيع الشارف. وهي الكبيرة المسنة. بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة. الى اخره بانه تعليق الثمن الى ان تنتج الناقة. ثم تنتج التي في بطنها النوع الثاني انه بيع الشارف اي المسنة. بنتاج الجنين الذي في بطني ناقته. وكلا النوعين حرام منهي عنه. لما فيه من الغرر والضرر فانه لا يعلم متى تلد هذه. ولا يعلم هل تلد حيا او ميتا. وهل هو ذكر او انثى. وهل يعيش او يموت؟ وهل يحمل او لا؟ وهل يلد حيا او ميتا ذكرا او انثى ففيه من الغرر والضرر ما فيه. فيحرم البيع المجهول سواء جهل الثمن او المبيع او الاجل. ويحرم بيع الحمل ايضا. وانما حمل الحمل لهذه العلة التي ذكر. وهي انه كان بيعا يتبايعه اهل الجاهلية وكذا ما يفعله الناس الى اليوم. اذا باع فرسا ونحوه طيب يبقى الاصل استثنى حملا مما تحمل به قبل ان يوجد الحمل. الخامس والخامس خمسون والمئتان. الحديث الرابع عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الثمرة حتى يبدأ وصلاحها نهى البائع والمشتري. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمشتري الصلاح كما يأتي في ثمرة النخل ان تحمر او تصفر. وفي العنب ان يتموه حلوة. وفي الاتروج ان يصفر. وفي بقية الثمر ان يبدو فيه النضج ويطيب اكله وفي الحب ان يشتد. ونهى عن ذلك لكثرة الافات. وعدم الحاجة اليه. واذا بدا صلاحه احتيج الى بيعه وقلت الافات. فلهذا بيعه اذا بدا صلاحه. ويستثنى من ذلك بيعه بشرط القطع في الحال وكذلك بيع الثمرة تبعا للاصل. فيجوز ولو لم يبدو صلاحها. ويستثنى ايضا على المشهور من المذهب بيعها على مالك الاصل. فيجوز قبل بدو صلاحها والصحيح انه لا يجوز في هذه المسألة. ومالك الاصل وغيره سواء في العلة التي حرم البيع لاجلها. السادس والخمسون والمائتان الحديث الخامس. عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. قيل وما تزهي قال حتى تحمر او تصفر. قال ارأيت اذا منع الله الثمرة بما يستحل احدكم مال اخيه. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ سعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل وما تزهي؟ قال حتى تحمر. الى اخره. فيه كما تقدم انه لا يجوز بيع الثمار حتى يبدو صلاحها. وفيه ان بدو الصلاح هو الاحمرار او الاصفرار في ثمر النخل ونحوه. وفي غيره على ما تقدم ثم ذكر العلة في منع بيعه وانه خوف التلف فقال. ارأيت ان منع الله الله الثمرة. بما يستحل احدكم مال اخيه. ففيه ان جوائز الثمار على البائع ولو ابرأه المشتري منها عند العقد. ومثل ذلك المبيع بكيل او وزن او عسل او ذرع قبل قبضه. ومثله المبيع بصفة او رؤية متقدمة. ومثله واذا منع البائع المشتري قبض المبيع ظلما حتى تلف. فهذه الثمانية اذا تلف قبل القبض فمن ضمان البائع. السابع والخمسون والمائتان حديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم ان تتلقى الركبان. وان يبيع حاضر لباد. قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد؟ قال لا يكون له سمسارا. رواه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان تتلقى الركبان الى اخره. فيه كما تقدم تحريم تلقي الجلب. والحكمة في ذلك انه خديعة للجالب. لانه يجهل السعر. فلو باع في هذه الصورة فهو بالخيار اذا هبط السوق. ويجب تأديب المتلقي له. وفي لتحريم بيع الحاضر للبادي كما تقدم بشروطه. والسمسار الدلال الحكمة في ذلك كما صرح به في بعض الفاظ هذا الحديث قال دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. الثامن والخمسون والمائتان. الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المزابنة. والمجابنة ان يبيع ثمر حائطه ان كان اهلا بتمر كيلا. وان كان كرما ان يبيعه بزبيب كيلا. وان كان زرعا النيابيعه بكيل طعام. نهى عن ذلك كله. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المجابنة ثم فسرها بانه بيع الثمر خرصا بكيل معلوم من جنسه بيع التمر خرصا بتمر مكيل. وبيع العنب خرصا بزبيب معلوم الكيل. ومثله الحب بالزرع. ويسمى بيع الزرع بالحب محاقلة ايضا. والعلة في ذلك الجهالة. لانه لا يجوز بيع الربوي وهو المكيل والموزون انسه الا مثلا بمثل يدا بيد. فالصور ثلاث. اما ان يعلم تفاضل او يجهل التماثل او يعلم التماثل. فلا يصح الا المسألة الاخيرة يرى وهي العلم بالتماثل. ويستثنى من ذلك العرايا كما يأتي للحاجة ومثله ما يستعمله الناس اليوم. اذا كان له في ذمة انسان مثلا تمر معه الوزن ثم اراد منه ان يخرص له نخلة عما في ذمته. فهذا لا يجوز بل هو اولى بالتحريم من المسألة المذكورة. لانه اذا كان لا يجوز خرصا بمثله مع ان المعلوم عين. فكيف اذا كان دينا في الذمة؟ فهو اولى منه بالتحريم. والله اعلم. التاسع والخمسون والمائتان الحديث الثامن عن ابي مسعود الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقات قوله في حديث ابي مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم نهى عن ثمن الكلب. الى اخره. فيه تحريم هذه الاشياء انها في مقابلة شيء محرم او شيء خبيث. ولو كان الكلب مباح لاقتناءه فلا يحل بيعه فانه يباح اقتناء الكلب غير الاسود للصيد والزرع والماشية ومن اقتناه لغير هذه الثلاثة نقص من اجره كل يوم قيراطان ففيه تحريم ثمن الكلب في كل حال. وفيه تحريم مهر البغي. اي ما تأخذه الزانية في مقابلة الزنا. لانه عوض فعل محرم فلا يباح وفيه تحريم حلوان الكاهن. وهو ما يأخذه على كهانته واخباره بما يدعيه من علم المغيبات. فهذا ايضا مقابلة فعل محرم ومثله الذي يحير. ويدعي انه يجمع الشياطين فيخبرونه فيما سرق ونحوه. وقد ورد من اتى عرافا او كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم فكل عوض في مقابلة امر محرم فهو حرام. كما يؤخذ على بناء المحرم. ومثله ثمن الجارية المغنية. فيحرم من ثمنها ما يقال مقابل هذه الصفة. ولهذا قال الفقهاء وتقوم الامة المغنية ساذجة اي خالية من هذه الصفة. الستون والمائتان. الحديث التاسع عن رافع بن خديجة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال قال ثمن الكلب خبيث. ومهر البغي خبيث. وكسب الحجام خبيث رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته في حديث رافع بن خديج ثمن الكلب خبيث الى اخره. الخبيث يطلق على الشيء المحرم. كما في قوله تعالى ويطلق على الردي الدني كما في قوله تعالى. ولا اتيمم الخبيث منه تنفقون. اي لا تقصد الرديء من ما يتصدقون به. ولستم وميدو فيه. اي ولو بذل لكم في مقابلة حقكم لم تقبلوه. ولم خذوه الا على وجه الاغماض اي التغاضي. وقد اجتمع في هذا الحديث كلا النوعين فقوله ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث. هذان محرمان كما تقدم وقوله وكسب الحجام خبيث. اي ردي دني. لانه في مقابلة ما يخرجه من الدم. فينبغي التنزه عنه. وان يطعمه بهائمه ونحوها والدليل على ان المراد انه ردي دني وليس بمحرم ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حجم واعطى الحجام اجره ولو كان محرما لم يعطه اياه. ولانه في مقابلة عمل مباح. وايضا فلم يزل الناس محتاجين الى الحجامة. ولم يكن الحجام يتبرع في فيها ولم يزل عمل الناس على هذا. وهو كالمكاسب الردية من الكساحة ونحوه فالمكاسب تختلف بالدنائة والعلو. واعلى المكاسب مكسب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كما قال وجعل رزقي تحت ظل رمحي اي الغنيمة والجهاد في سبيل الله. لانه يحصل به خير الدنيا والاخرة ثم بعده اختلفوا فقيل الزراعة. وقيل التجارة. وقيل قيل الصناعة من تجارة وحدادة ونحوهما. والصحيح ان الافضل بعد كسب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ما كان اصلح لدين العبد ودنياه فينظر للعمل وما يترتب عليه. فالذي لا يلهي عن العبادات ويحصل به الرزق الحلال افضل ما يكون. وما يقرب من الحرام ويلهي عن الطاعات هو انزل ما يكون. ومثله ما يقرب من خلاف الوعد. واخذ الدين في الذمة ونحوه ومع الاستواء فالزراعة افضل. لما يترتب عليها من الاجر والنفع الذي او ذبح على وجه غير مشروع. كذبحه في غير مذبحه. وكذبح الكافر غير اهله اهل الكتابين وكترك التسمية تعمدا ونحوه. ويستثنى من ذلك الجراد والسمك. لان ميتته طاهرة طيبة ليس فيها مضرة باختيار صاحبه وبغير اختياره. من انتفاع الادميين والبهائم والطيور ونحوها وكل ما اكل منه فصاحبه مأجور عليه باب العرايا وغير ذلك. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب العرايا وغير ذلك. العرايا جمع عرية من العري وهو الخلو سميت بذلك لانها خالية من النقدين. ومنه العارية خلوها من العوض. والعرية هي ان يشتري نخلة تحرس رطبا. بما قولوا اليه تمرا بمثل خرصها تمرا. ويشترط لها خمسة شروط. احدها ان يكون محتاجا لرطب. الثاني ان ليس معه نقد. الثالث ان تخرس ما تؤول اليه تمرا. الرابع التقابض قبل التفرق. الخامس الا تزيد على خمسة اوسق. فمن رحمة الشارع ان رخص فيها للحاجة. والا فهي داخلة في المزابنة كما تقدم. وكان اهل المدينة بالزمان الاول محتاجين اليه جدا. لقلة النقود وحاجتهن الى المقيض. الحادي ستون والمائتان الحديث الاول عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رخص لصاحب العرية ان يبيعها بخرصها. ولمسلم بخرصها تمرا يأكلونها رطبا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث زيد ابن ثابت رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لصاحب العرية الى اخره. فيه الرخصة في هذه من حالة وفيه انها تحرس تمرا. وهي مستثناة من ربا الفضل. لان ان الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل. وفيه انه يشترط فيها الحاجة فيه انه يجب ان تؤخذ رطبا. فلو تركها حتى اتمرت بطل البيع. لانه ابيح للحاجة. فلما تبين عدمها بان بطلان البيع. كما تقدم اذا اشترى زرة قبل اشتداده بشرط القطع. وتركه حتى اشتد. او ثمرة قبل بدو صلاة وبشرط القطع. وتركها حتى بدا صلاحها. ففي هذه الصورة يبطل البيع لانه يبقى مراعا ان تم شرطه صح والا بطل. وهل العرية في الثمار والفواكه. او في التمر خاصة. فيه خلاف. المشهور من المذهب انها في التمر خاصة. لان النص خاص والرواية الثانية انها في جميع الثمار المحتاج اليها كالعنب ونحوه. لانه في معنى التمر. بل هو في الاماكن التي هو فاكهتهم احوج اليهم من التمر. وانما خص التمر لانه فاكهة اهل المدينة. ولان حاجتهم اليه اعظم. وغيره مثله. وهذا هو الصحيح فيباح لمن احتاج الى العنب مثلا ولا نقد معه ان يشتري عنبا دون هنا خمسة اوسق او خمسة بخرصه زبيبا. ويدفع مثله زبيبا قبل التفرق الثاني والستون والمائتان. الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة اوسق. او دون خمسة اوسق. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في ابي هريرة رخص في بيع العرايا في خمسة اوسق. الى اخره الوسق ستون صاعا. فخمسة الاوسق ثلاثة مائة صاع. ففيه جواز العرية في هذا المقدار فاقل. والمشهور ومن المذهب انها لا تصح الا فيما دون الخمسة. ولو بجزء قليل. واما الخمسة فلا يصح فيها. قالوا لانه مشكوك فيه. فيبقى على اصل التحريم والصحيح الجواز في الخمسة وما دونها لا اكثر. لانه زيادة مقبولة الثالث والستون والمائتان. الحديث الثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من باع نخلا قد ابرت فثمرتها للبائع الا ان يشترط المبتاع. ولمسلم ومن ابتاع عبدا فما له للذي باعه الا ان يشترط المبتاع. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من باع نخلا قد ابرت الى اخره. التأبير هو التلقيح وزنا اي انه اذا باع نخلا اي اصوله وقد اطلع فما اؤبر البائع الا ان يشترطه المبتاع. وما لم يتشقق فللمشتري. والذي تشقق ولم يؤبر فيه خلاف. المشهور من المذهب انه للبائع لان العبرة بالتشقق لا بالتأبير. وانما ذكر الشارع التأبير لانه ملازم للتشقق والصحيح الرواية الثانية. انه للمشتري. لان الشارع قيده بالتأبير ولم يقيده بالتشقق. والحكمة في ذلك ظاهرة فان الذي قد اؤبر عمل فيه البائع اول عمل فكان له. وما تشقق ولم يؤبد الذي قد اطلع ولم يتشقق. لم يعمل فيه البائع شيئا فكان للمشتري وان جرت العادة انه لا يؤبر تعلق الحكم بالتشقق. فما شقق فللبائع وما لم يتشقق فللمشتري. وفيه جواز اشتراط المشتري الثمرتين التي قد ابرت وهذه احدى المسائل التي يجوز فيها بيع الثمرة قبل بدو بصلاحها. وهي كما تقدم اذا كان اتبعا للاصل. واذا كانت الثمرة للبائع والاصل المشتري. فالسقي بينهما على قدر مصلحة ملك كل واحد والمرجع في ذلك الى اهل الخبرة. والاحسن ان يصطلحا على ذلك مشاقاه وقوله ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه. الى اي اذا كان للعبد صورة ملك بان ملكه سيده شيئا ثم باعه فالمال لبائعه. لان العبد لا يملك. وفيه انه يجوز المشتري ان يشترطه. فان كان المال مقصودا اشترط علمه وسائر شروط البيع واذا اختلفا في ثيابه فثياب الجمال للبائع. والعادة للمشتري تبعا للعبد الرابع والستون والمائتان الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه وفي لفظ حتى يقبضه. رواه البخاري ومسلم وعن ابن عباس رضي الله عنهما مثله. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر من ابتاع اي اشترى. طعاما هو لغة كل ما يتناول للاكل او الشرب حتى الماء وفي العرف هو الحبوب التي تؤكل. واطلاق الشارع ينصرف الى هذا غالبا قوله فلا يبعه حتى يستوفيه. وفي اللفظ الاخر حتى يقبضه. والمعنى واحد. والحكمة في ذلك انه قبل ذلك فيه خطر وضمانه على البائع. فاذا باعه المشتري قبل قبضه اقتضى قضاء يضمنه للمشتري. وتواري الضمانات هكذا لا يصح لما فيه من الخطر. فلهذا نهي عنه. هذا اذا اشترى عينا ثم باعه قبل قبضه. واما لو كان دينا وباع دينا في ذمته فلا بأس قال ان شئت حبست اصلها وتصدقت بها. قال فتصدق بها عمر غير انه لا يباع اصلها ولا يوهب ولا يورث قال فتصدق بها عمر في الفقراء. وفي القربى وفي الرقاب. وفي سبيل الذي لا يجوز بيعه قبل القبض هو الذي يحتاج الى حق توفيته. وهو المكين والموزون والمعدود والمزروع. وقبضه بكيله او وزنه او عده او زرعه وغير ذلك بتخليته. الخامس والستون والمائتان الحديث الخامس عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول عام الفتح ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام. فقيل يا رب رسول الله ارأيت شحوم الميتة فانها تطلى بها السفن وتدهن فيها الجلود ويستصبح بها الناس. فقال لا هو حرام. ثم قال رسوله الله، صلى الله عليه وعلى اله وسلم، عند ذلك. قاتل الله اليهود ان الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فاكلوا ثمنه. رواه البخاري ومسلم. جملوه اذابوه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول عام الفتح. الى اخره. اشارة الى ان هذا في اخر عمره الشريف صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقوله ان الله ورسوله حرم بيع الخمر الى اخره. ما حرم الله قد حرمه رسوله. وما حرمه الرسول فقد حرمه الله. فلما وجد تحريم الله ورسوله جميعا كان ابلغ. لانه يكون دلالة مطابقة فان الدلالة ثلاثة اقسام. دلالة مطابقة وهي اعلى انواع الدلالات مثل هذا الحديث. الثاني دلالة التضمن. وهي ان يكون المعنى ضمن اللفظ وليس هو. الثالث دلالة الالتزام وهي ان يكون من لوازم ذلك. ومثل ابن القيم لذلك فقال دال على ذات الله تعالى ورحمته دلالة مطابقة. وعلى احد فيهما دلالة تضمن وعلى الحياة والعلم ونحوهما دلالة التزام ان ذلك من لازم الرحمة. انتهى. وفيه تحريم هذه الاشياء لان المعصية تحرم. ويحرم فعل الاسباب التي توصل اليها فمن ذلك الخمر فقد حرمه الله تعالى لما فيه من المضرة في الدين والدين دنيا فمن ذلك ان الله وصفه بانه رجس من عمل الشيطان. وقال فاجتنبوه وذكر ان اجتنابه سبب الفلاح. وذكر ان الشيطان يريد ايقاع العداوة والبغضاء بين الناس في الخمر والميسر. الى غير ذلك من المضار فيحرم تناولها. وتحرم جميع الاسباب الموصلة اليها. من بيع وهبة وجميع انواع المعاوضة. ومن ذلك تحريم بيع الميتة. لانه ها محرمة. لما فيها من المضار. والميتة هي ما ماتحتف انفه فلما كان فيها مضار عظيمة حرم تناولها. وجميع الاسباب باب الموصلة الى ذلك. وفيه تحريم بيع الخنزير. لانه اخبث الحيوانات على الاطلاق. ولا يحل الانتفاع به بوجه من الوجوه. وكانت النصارى تأكلونه ويعظمونه جدا. ولحمه اضر من كل اللحوم حتى ان الاطباء الان عثروا على مضرة فيه. وهو دود صغار مضر قالوا ان النار لا تكاد تميته. فنوهوا عن اكله. قالوا ولا يداوم احد على اكله الا لحق عليه فاهلكه. وفيه تحريم بيع الاصنام وهي التي تتخذ للعبادة من اي نوع كان. سواء من الخشب او الحجارة او غيره خيرهما. وفيه انه تحرم المعاوضة على الاشياء التي يتوصل بها الى معصية الله تعالى. ولو كان الشيء مباحا بالاصل. فاذا اتخذ اذا سببا لمعصية الله حرم عليه. ولهذا قال العلماء ويحرم بيع جوز وبيض ونحوهما لمن يقامر فيه. ويحرم بيع سلاح في فتنة بين اليمين ويحرم بيع عبد مسلم لكافر او مبتدع. لانه سبب لفتنة واظلاله. ويحرم بيع وايجار حانوت ونحوه. لمن يبيع فيه الخمر ونحو ذلك من المسائل التي يتوصل فيها الى معصية الله تعالى. فلما ما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتحريم هذه الاشياء فهموا ان التحريم يعم جميع اجزائها. فقالوا ارأيت شحوم الميتة فانه تتلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس. اي يسر فيها. وكان غالب تسريجهم بالدهن. وقليل منهم من يسرج بالزيت فقال لا هو حرام. هذا تأكيد بعد النهي. قيل معناه ان استعمال ما له حرام وبيعه حرام. وهذا المشهور من المذهب. ولهذا قالوا ولا يجوز استعمال الادهان النجسة بحال. واما المتنجسة فيجوز الانتفاع بها على وجه لا تتعدى. كالتسريج بها في غير مسجد ودهن الجرب بها ودهن الجلود ونحو ذلك. والصحيح ان معنى قوله لا هو حرام اي البيع. واما الانتفاع بها على هذا الوجه التي لا تتعدى فيه فانه يجوز وكان هذا الاستعمال متعارفا عندهم فلم ينههم عنه. وانما نهى ها هم عن البيع. ورجح هذا القول ابن القيم من عدة اوجه. فالانتفاع يجوز والبيع حرام. ولا تلاجم بين ذلك. كما يباح الانتفاع بالكلام للصيد والزرع والماشية. ويحرم بيعه ولو لهذا النفع المباح وقوله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند ذلك محذرا لامته عن فعل اليهود. قاتل الله اليهود. ان الله ما حرم عليهم شحومها جملوه الى اخره. اي اذابوه فتحيلوا على حله بعدة حيل ولكن لم ينفعهم ذلك. فاولا اذابوه ليتغير اسمه ثم لم يتناولوه. بل باعوه وقصدهم انه يحل بذلك. وهو لا يزيد الا تحريما. ففيه تحريم الحيل التي يقصد منها تحريم ما احل الله او احلال ما حرم الله. وقد اخبر صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه لابد ان تسلك هذه الامة مسلك الامم قبله. فوقع كما اخبر فانه سلك فساق هذه الامة مسلك اليهود في الحيل تباحوا كثيرا من المحرمات بذلك. كما استباحوا مسألة العينة الدين وكثير من انواع الربا بذلك. وكما استباحوا السفاح وسموه التحليل فالعبرة بالمعاني. فالامر المحرم لا يحله تغيير اسمه. كما يسمون الخمر نبيذا. يقصدون بذلك تحليلا. فالذي يفعل هذا اعظم اثما ممن يفعل المعصية بلا حيلة. فان المتحيل مضاد لله ورسوله ويستحسن عمله هذا ولا يراه ذنبا فيرجى ان يتوب منه. فلا داروا في ضلالة محجوبا عن التوبة ومعرفة الحق. فيخسر في الدنيا والاخرة والله اعلم. باب السلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب السلم. وهو بيع موصوف في الذمة الى اجل معلوم. بثمن مقبوض في مجلس العقد. فهو نوع من انواع البيع. لان البيع ينقسم الى اربعة اقسام بالقسمة العقلية. ثلاثة منها صحيحة شرعا. وواحد من منهي عنه. الاول ان يكون الثمن والمثمن معجلين. وهذه التجارة دائرة وهي اكثر انواع البيع استعمالا. الثاني ضده وهو ان يكون كل من الثمن والمثمن دينا مؤجلا. فهذا لا يصح. لانه نهي عن بيع الدين بالدين الثالث ان يكون الثمن مؤجلا والمثمن معينا وهذا جائز. وهو المسمى الان بالدين. وهو مما تناوله اية الدين فلا يصح بيع الولاء ولا هبته فهو للمعتق. وقد ذكر ذلك بقوله في حديث عائشة جاءتني بريرة فقالت كاتبت اهلي. اي انها اشترت نفسها منهم على تسع الاوقية اربعون درهما. وتسع الاواقي ثلاثمائة وستون درهما وهي قوله الاية وهو غالب مداينة اهل مكة. لانهم ليسوا اهل زرع. فكان استعمالهم التجارة الدائرة او هذا القسم. القسم الرابع السلم. وهو تعجيل وتأجيل المثمن. وهو المسمى الان الكتب. وسمي سلما لتسليم الثمن في مجلس العقد ويسمى سلفا لتقديم الثمن في مجلس العقد. وسمي كتبا لانه يكتب واشترطوا فيه على المشهور من المذهب شروطا كثيرة. والصحيح ان اكثرها لا يشترط فلا يشترط الا تقديم الثمن وتعيين الاجل. ووصف المثمن باوصافه كلها من النوع والعدد وجميع ما يختلف به الثمن. فلا يصح بما لا تنضبط صفاته الجواهر ونحوها. قال ابن عباس اشهد ان السلم مذكور في كتاب الله تعالى ثم قرأ يا ايها الذين امنوا فاكتبوه الاية على ذلك انها عامة للدين والسلام. ففيها اشتراط الاجل المعلوم وفيها اشتراط وصف المثمن بجميع صفاته. فان قوله فاكتبوه يعلم انه يشترط انه منضبط الصفات. وانه يوصف بجميع صفاته. فانه لا يمكن كتابة المجهول. وايضا في علم اشتراط وصفه وضبط صفاته من قوله ذلكم اقسط عند الله واقوم للشهادة وادنى ترتابوا. الاية. وفي الاية دليل على عدم كثير من الشروط التي ذكر الفقهاء فانهم ضيقوه جدا. وفيها انه يصح الرهن والكفيل به. فانه قال مقبوضة. الاية ولو جرى الناس على جميع الشروط التي ذكروا لترك السلم كثير من الناس السادس والستون والمائتان. الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث. فقال من اسلف في شيء اللي يسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقد ذكر ما يجب اشتراطه في في حديث ابن عباس فقال من اسلف في شيء وهذا عام لكل شيء منضبط الصلة فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم اي انه لابد ان يذكر قدره. اما بالكيل او الوزن. ومثله العد والذرع. وفيه لانه لابد من تعيين الاجل. وكذلك لا بد من ذكر جميع الصفات التي يختلف بها ثمن ظاهرا. واذا حل دين السلم واراد ان يتراضيا على اخذ وبه من غيره جاز. الا ان يكون رأس المال من احد النقدين. فلا يصح ان يؤخذ عوضه من احدهما. فلو اسلف في تمر ثم حل. واراد ان يراضيه على بر او شعير او غيرهما جاز. ولو اراد ان يراضيه على دراهم او دنانير وكان رأس مال السلم من احدهما لم يجز. لانه وسيلة الى ربا النسيئة الا ان اراد ان يأخذ اقل من رأس مال السلم. او رأس ما له بلا زيادة واذا تراضيا على شيء بدل المسلم فيه وجب التقابض قبل التفرق والا كان بيع دين بدين. وهو منهي عنه. والله اعلم باب الشروط في البيع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب الشرك في البيع. اي الاشياء التي يشترطها احد المتعاقدين على الاخر اصل فيها الصحة لقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. المؤمنون على الا شرطا احل حراما او حرم حلالا. واما شروط البيع فهي التي لا يصح الا بها. والشروط التي تخالف كتاب الله باطلة وهي التي تحل الحرام او تحرم الحلال. فمن ذلك شرط الولاء لغير المعتق فلا يصح لانه كما قال عليه الصلاة والسلام الولاء لحمة كلحمة النسب السابع والستون والمائتان. الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت جاءتني بريرة فقالت كاتبت اهلي على تسع اواق في كل عام اوقية فاعينيني. فقلت ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون فعلت. فذهبت بريرة الى اهلها فقالت لهم فابوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جالس. فقال قالت اني عرضت ذلك عليهم. فابوا الا ان يكون لهم الولاء. فاخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن اعتق. ففعلت عائشة ثم قام رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الناس. فحمد الله واثنى عليه. ثم قال قال اما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله. ما كان من ليس في كتاب الله فهو باطل. وان كان مائة شرط. قضاء الله احق. وشرط والله اوثق. وانما الولاء لمن اعتق. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. فكما لا يصح بيع النسب وهبته ونحو ذلك يملك شيئا. وقولها ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت وكان الولاء غاليا عندهم في ذلك الوقت. لانه ينتسب الى موالي وينصرهم ويبرهم. وربما مات فورثوه. الى غير ذلك من المصالح ولهذا لما راجعتهم ابوا واستحبوا تأخير الثمن تسع سنين. ويكون الولاء له هم على تعجيله ويكون الولاء لغيرهم. قوله فاخبر عائشة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال خذيها واشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن اعتق الى اخره. اي ان الولاء لك سواء شرطتيه لهم او لا. والظاهر والله اعلم انهم قد علموا ان هذا الشرط لا يصح صح ولكن حملهم على ذلك الطمع. فقصد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تهديدهم وتأديبهم. والا فلو لم يعلموا بذلك لم يغرهم. وحاشاهم من ذلك وقولها ثم قام رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الناس وكانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم بحمد الله والثناء عليه. ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم قال اما بعد وهذه يؤتى بها للانتقال من اسلوب الى اخر وقوله فما بال رجال يشترطون شروطا الى اخره. اي انها شروط تخالف امر الله تعالى. وهي التي تحل ما حرم او تحرم ما احل. ثم ثم قال ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. الى اخره. وهذا عام لجميع الشروط المخالفة لكتاب الله. ولو بلغت ما بلغت. لان هذا سلام عام. فان النكرة اذا وردت في سياق الشرط او النفي او النهي ونحو ذلك مما ذكره الاصوليون من صيغ العموم. فهي عامة. ولا سيما اذا دخلت عليها من الزائدة. وهي التي لتنصيص العموم. اي انه نص في العذر عمومي وقبل دخولها ظاهر فيه. والنص لا يحتمل غير معناه الذي وضع له بخلاف الظاهر فهو يحتمله وغيره. وقوله قضاء الله احق. اي انه احق من قضاء كل احد. ولهذا لم يقيده ليعم. وقوله وشرط الله اوثق اي انه اوثق من شروط الخلق. فيجب الوفاء وعدم مخالفته وقوله انما الولاء لمن اعتق. اي ان من تسبب للعتق فله الولاء سواء اعتق عليه كشراء ذي رحمه المحرم. وكالتمثيل بعبده ونحو ذلك او اعتقه في كفارة او زكاة او تقربا او بكتابة ونحوه. فالولاء له لا يعاوض عنه ولا يهبه. لانه كما تقدم لحمة كلحمة النسب وليس هذا منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم على وجه السجع والتكلف فانه لا يسجع وليس بشاعر. ولكن توالت هذه الثلاث الفقرات اتفاقا لا على وجه التعمق. وفي الحديث فوائد عديدة. منها مشروعية الكتابة ومنها انها مؤجلة. ومنها انه لا يصح شرط الولاء لغير المعتق وكذا لا يصح كل شرط خالف كتاب الله. ومنها ان من علم بعدم صحته واشترطه فانه لا يصح. ولا يوفى له به. ولا خيار له اما من جهل وفاة غرضه فله الخيار. الثامن والستون والمائتان الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه انه كان سيروا على جمل فاعيا. فاراد ان يسيبه. فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعا لي. وضربه فسار سيرا لم يسر مثله فقال بعنيه قلت لا ثم قال بعنيه فبعته باوقية. واستثنيت مولانا الى اهلي. فلما بلغت اتيته بالجمل فنقدني ثمنه. ثم رجعت ارسل في اثري فقال اتوراني ما كستك لاخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر انه كان يسير على جمل فاعيا اي تعب ومن شدة هزاله وتعبه اراد ان يسيبه. ان يتركه لانه لا يسوى لا شيء وقد عجز عن السير قوله فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يحتمل انه لما انقطع رجع اليه. ويحتمل وهو قاهر انه لحقه وكان خلفه. لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان عادته يسير خلف الركب. ليركب المنقطع ويزجي الضعيف. قوله دعا لي وضربه. اي انه فعل السبب المعنوي وهو الدعاء. والسبب الحسي هو ضربه. قوله فسار سيرا لم يسر مثله. الى اخره. وكان ولعاجزا عن المشي منقطعا. ففيه الاية العظيمة والمعجزة الباهرة للنبي ان الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا كضرب موسى البحر والحجر بعصاه وقوله فقال بعنيه باوقية. الى اخره. اراد جبر خاطره ولكنه رضي الله عنه طمع فيه لما رأى سيره فقال لا. ثم قال بعنيه الى اخره. والاوقية تقدم انها اربعون درهما. فلما بلغت اي وصل الى اهله اتاه به فنقده الثمن. فلما رجع ارسل في اثره فقال اتراني اي اتظنني ما كستك اي كاسرتك. لاخذ جملك. خذ يا ملك ودراهمك فهو لك. واستنبط العلماء من هذا الحديث احكاما كثيرة. من ها ما دل عليه بصريحه ولفظه. ومنها ما دل عليه بفحواه من ذلك ان فيه المعجزة العظيمة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما تقدم والفائدة في معرفة اياته ومعجزاته صلى الله عليه وعلى على آله وسلم انها تقوي الايمان. ولهذا كان اذا رآه صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اياته شيئا قال اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله. فنشهد ان لا اله الا الله. وان محمدا عبده ورسوله. ومن ذلك رحمته العظيمة صلى الله عليه وعلى اله قام به. وايضا فان اولاده يعذرون. ولا يكون وفي خواطرهم من ذلك شيء. ولا يجوز ان يفضل بعضهم لبره اياه لان هذا لا يوجب التفضيل. وقوله فاشهد على هذا غيري في بعض الجزئيات والا فقد تقدم انه قال وجعل رزقي تحت ظل تمحي ومنها انه لا بأس بالمماكسة. وهي المكاسرة في البيع والشراء ومنها ان امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا لم يكن وجه الحتم فلا يلزم. ولهذا لما علم ان قوله بعنيه ليس امرا لمن قال لا ولو كان لازما في مثل هذه الحال لحرم معارضته ولزم اتباعه ولو اراد اخذه مجانا لم يجز له منعه. لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولى بالمؤمنين من انفسهم. ولكن هذا كقوله لبريرة ارجعي الى مغيث. او كما قال. فقالت اتأمرني بذلك؟ فقال انا لا وانما اشير عليك. فقالت لا حاجة لي به. فلم يكن هذا مخالفة لابي وفيه انه لا بأس النفع المعلوم اذا باع شيئا واستنبطوا من هذا الحديث قاعدة. ذكرها الامام ابن رجب رحمه الله في قواعد فقال يجوز للانسان نقل الملك في شيء واستثناء نفعه المعلوم معلومة وهذا يعم كل شيء. ونقل الملك يعم البيع والايجار وتلهبة والعتق وغير ذلك. ويستثنى من ذلك نقل الملك في الامة واستثناء منفعة البضع فلا يجوز استثناء هذه المنفعة خاصة. لانه لا يحل البضع الا بالزوجية او بملك اليمين. ويصح عتق الامة وجعل عتقها صداقها ولا يحتاج الى عقد. وكذلك اذا عتق رقيقه واستثنى خدمته مدة حياته فيصح مع جهل المدة. لانه يجوز في التبرع ما لا يجوز في المعاوضة فيعفى عن هذا في التبرع. التاسع والستون والمائتان الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال نهى رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبيع حاضر لباد. ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع اخيه. ولا يخطب على خطبته. ولا تسأل المرأة طلاق اختها لتكفئ ما في صحفتها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبيع حاضر لباد. الى ان تقدم ان معنى ذلك ان يكون له سمسارا. اي دلالا والحكمة في النهي عنه قوله دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. وتقدم ذكر شروطه وفيه النهي عن النج. وتقدم ان معناه الاثارة. اي ان في السلعة من لا يريد شراءها. ومنه قول ربها اعطيت بها كذا وهو كاذب والناجش داخل في قوله شر الناس من ظلم الناس للناس لانه باء بالاثم. ولم يحصل له شيء. وفيه النهي عن البيع على بيع المسلم وتقدم ان ذلك عام حتى للاجارة. وطلب المرتب وفيها اهل والمدارس ونحوها. وفيهن نهي ان يخطب على خطبته. والصحيح انه وعام ولو لم يعلم هل قبل او رد. واعظم من ذلك تخبيب المرأة على زوجها اي افسادها عليه. وقوله ولا تسأل المرأة طلاق اختها الى اخره اي كأن صحفة ممتلئة من الرزق بسبب الزوج. وهي تريد قالت هذه النعمة وحسدها. سواء كان هذا بعدما تزوجها تطلب طلاق ضرتها او قبل ذلك تريد ان تشرط عليه طلاقها. فهذا شرط لا يصح فالواجب عدم المشاحة والحسد بينهن. كما انه يجب على الزوج العدل بينهن باب الربا والصرف. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الربا والصرف. الربا لغة الزيادة. وشرعا تفاقم عبور في اشياء مخصوصة. ونساء في اشياء مخصوصة. وهي المكيلات والموزونات وهو حرام بالكتاب والسنة والاجماع. قال تعالى واحل الله البيع وحرم الربا. وتكاثرت بذلك الاحاديث. وهو قسمان ربا فضل وربا نسيئة وهو اعظم. وحرم ربا الفضل لانه وسيلة الى ربا النسل والربوي هو المكيل والموزون. كالذهب والفضة والبر والشعير ونحو ذلك واما غيرهما اي غير المكيل والموجون فلا يدخله الربا. كالحيوان قناة ونحوها. والعبرة بالاصل فلو جرى العرف بكيل شيء او وزنه. وهو الاصل ليس كذلك. لم يدخله الربا. وكذلك العلف ونحوه. ولو كان بالاصل او موزونا. ثم تغير بصناعة لم يدخله الربا. كالنحاس والقطن غير الذهب والفضة. فلا تخرجهما الصناعة عن الوزن. ولو اتخذ اذا منهما اوان او حلي ونحوهما. واذا بيع الربوي بجنسه اشترط التماثل والقبض قبل التفرق. وذلك كالذهب بالذهب. والفضة بالفضة والبر بالب ونحوها. واذا بيع بغير جنسه كالذهب بالفضة والبر بالشعير جاز التفاضل ويلزم القبض قبل التفرق. وان باع مكيلا بموزون كالبر بالفضة او عكسه بان باع موجونا بمكيل كالفضة او الذهب بالبر او الشعير. جاز قبل القبض والتفاضل. السبعون والمائتان. الحديث الاول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله عليه وسلم الذهب بالذهب ربا الا هاء وهاء. والفضة بالفضة ربا ان هاء وهاء. والبر بالبر ربا الا هاء وهاء. والشعير بالشعير ربا الا هاء وهاء. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومما يدل على تحريم الربا قوله في حديث عمر. الذهب بالذهب ربا الا هاء وهاء. اي الا هاك واعطني. وهذه حكاية عن القبض قبل التفرق. واستغنى بقوله هاء من بقية الكلمة كقوله تعالى اقرأوا كتابية. ايهاكم ومثله بقية الحديث فلا يجوز بيع المكيل بمكيل من جنسه الا يدا بيد. مثلا بمثل ولو اختلف النوع فالتمر جنس تحته انواع كالشقر والسكري ونحو ذلك والبر جنس تحته انواع. وان باع المكيل بمكيل من غير جنسه. كبر بشعير ان جاز التفاضل. ووجب القبض قبل التفرق. ومثل ذلك بيع الموزون بالموزون ويستثنى منه مسألة وهي السلم في الموزونات. اذا كان رأس المال من احد النقص ودين فهو موجون بموجون من غير جنسه. ويجوز التفرق قبل قبض المسلم كما استثنيت مسألة العرايا من علم التماثل للحاجة. فالجهل بالتماثل العلم بالتفاضل الا في العرايا للحاجة. وان باع المكيل بالموزون جاز النساء تفاضل الحادي والسبعون والمائتان الحديث الثاني. عن ابي في سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال قال لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل. ولا تشفوا بعضا على بعض. ولا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل. ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز. وفي لفظ الا يدا بيد وفي لفظ الا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي سعيد الخدري لا تبيع الذهب بالذهب الا مثلا بمثله ولا تشفوا اي لا تزيدوا بعضها على بعض. الى اخره فيه تحريم ربا الفضل. لانه وسيلة الى ربا النسيئة. وفيه تحريم ربا النسيئة. وقد ورد تحريم الربا في السنة في اشياء على وجه التصريح وهي الذهب والفضة والتمر والبر والشعير والملح. وقيس عليها كل مكيل وموزون. الثاني والسبعون والمائتان. الحديث الثالث عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال جاء بلال الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتمر برني. فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اين هذا؟ قال بلال كان عندنا تمر رديء. فبعت منه صاعين بصاع. ليطعم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند اوه عين الربا لا تفعل ولكن اذا اردت ان تشتري التمر ببيع اخر. ثم اشتري به. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي سعيد جاء بلال الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتمر برني وهو من اطيب انواع التمر. وهو باق اسمه الى الان. والتمر انواع كثيرة جدا. وكان قد اشترى منه صاعا بصاعين من التمر الرديء كما صرح به ان يطعم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من التمر الطيب فلما اخبره بذلك قال اوه عين الربا. لا تفعل وقوله او هذه كلمة توجع. لان المعصية من اعظم الام فلهذا توجع منه وحذره بقوله عين الربا اي هذا الربا عينه ثم نهاه عن تعاطيه بقوله لا تفعل. ثم لما نهاه عن هذا الطريق المحرم بين له طريقا مباحا. لان الله تعالى اغنى بالطرق المباحة عن الطرق المحرمة فلا يتوهم احد ان في المحرم حاجة الى شيء. الا وجد في المباح كفاية عن المحرم فقال ولكن اذا اردت ان تشتري فبع التمر ببيع اخر ثم اشتري به. اي بعه ثم اشتري بثمنه من الطيب. فهذا طريق سهل مباح ويشترط الا يبيعه على من يريد الشراء منه. خشية ان يتخذ حيله الى الربا. وفيه انه لا يجوز بيع الصاع من المكيل بصاعين. اذا اتفقت الجنس ولو كان بعضه اطيب من بعض. ولو اختلف النوع فيجب ان يعلم التماثل ويجب القبض قبل التفرق. وفيه انه ينبغي للمفتي ونحوه اذا سأله احد عن امر محرم ثم نهاه عنه ان يبين له من الطرق المباحة ما يغنيه عن المحرم. وفيه نص صريح على جواز مسألة التبرك وهي المسماة الدينة. وهي ان يبيع عليه سلعة قيمتها مثلا عشر اشارة حالة باثني عشر الى اجل. ويحرم على من باعها نسيئة شراؤها بدون كوني ما باع به نسيئة. لانها وسيلة الى مسألة العينة مسألة العينة. وهي ان يشتري منه سلعة بعشرة مثلا الى اجل. ثم ثم يبيعها عليه بثمانية حالة. لان المعنى انه اعطاه ثمانية بعشر الى اجل. وهذا محرم. ومثلها عكسها. وهي ان ان يشتري منه سلعة بثمانية حالة. ثم يبيعها عليه بعشرة الى اجل الثالث والسبعون والمائتان. الحديث الرابع سألت البراء بن عازب وزيد بن ارقم عن الصرف فكل واحد منهما يقول هذا خير مني وكلاهما يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي المنهال سألت البراء وزيد ابن ارقم عن الصرف وكل واحد منهما يقول هذا خير مني. الى اخره. وهذا من واكرام بعضهم لبعض رضي الله عنهم. وفيه انه متفق على تحريم بيع الذهب بالورق دينا. اي غائبا بان يتفرقا قبل القبض. وهذا صرف فلا يجوز الا يدا بيد. والورق الفضة. وان قبض بعضه هنا بعض بطل العقد فيما لم يقبض. الرابع والسبعون والمائتان الحديث الخامس عن ابي بكرة انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الفضة بالفضة. والذهب بالذهب الا سواء بسواء وامرنا ان نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا. ونشتري ذهب بالفضة كيف شئنا. قال فسأله رجل فقال يدا بيد. فقال هكذا سمعت رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليم قوله في حديث ابي بكرة نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن بالفضة والذهب بالذهب. الا سواء بسواء الى اخره. فيه تحريم بيع احد النقدين بجنسه الا مثلا بمثل وقوله وامرنا ان نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا. الى اخره. اي انه لا يشترط التماثل في بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب وقوله فسأله رجل فقال يدا بيد. فقال هكذا سمعت. اي ان انه لم يحفظ هذا الشرط. ولكن حفظه غيره كما تقدم. ففيه ان الربا يجري النقدين. وهل العلة الثمنية او الوزن فيه خلاف؟ وهل يلحق النقدين الانواط ام لا؟ هذه الانواط لم تستعمل الا اخيرا. واختلف فيها على ثلاثة اقوال. احدها انها كالسندات. لانه متى يطلب هي في يده العدد المرقوم عليها من تلك الحكومة او وكلائها سلم له وعلى هذا القول فيحرم التعامل بها. لانها لا يجوز بيع ما في الذمة. لما فيه من الغرر ولا يعلم هل يقدر على قبضه ام لا. فيدخل في الميسر والغرر. فيحرم التعامل بها. وفي هذا من الضرر والحرج ما فيه. القول الثاني مقابل هذا القول وانها بمنزلة السلع. فلا يجري فيها الربا. ويجوز شراؤه باي نوع كان. ويجوز ان يشتري مثلا النوط المرقوم عليه عدد عشرة بتسعة او اقل او اكثر. ولا يدخله الربا على هذا القول بحال. القول الثالث وهو اوسط الاقوال واقربها للقياس. وهو ان حكمها حكم اصلها فعددها بقدر ما كتب عليها. ولا يجوز شراء نوط الذهب بذهب الا بعدد ما اقم عليه. وان يكون يدا بيد. كما لو باع ذهبا بذهب. ومثله نوط الفضة بالفضة ولا يشتري نوطا الربيات بالريالات ويشتري نوط الفضة بالذهب. ونوط الذهب بالفضة. ولا يشترط فيه الا القول قبل التفرق. فحكم كل نوط حكم مبدله. باب الرهن وغيره قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الرهن وغيره الرهن توثيقة دين بعين يمكن استيفاءه منها او من ثمنها اختلفوا في رهن الذي في والمنافع التي تتحصل. كما يحصل من كراء الدم وثمرة البستان التي لم توجد على قولين. الصحيح جواز ذلك والمشهور من المذهب عدم الجواز. وقد ثبت جواز الرهن بالكتاب والسنة والاجماع قال تعالى كاتبا فرهان مقبوضة. وخصه بالسفر لان الحاج فيه اعظم. وقد ورد عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم الامر بالرهن واقر عليه اصحابه وفعله هو. وعلى المذهب لا يلزم الا بالقبض لقوله فرهان مقبوضة. والرواية انه لا يشترط القبض. وهي الصحيحة وعليها عمل الناس. ولا يمكنه العمل الا بها. واما قوله فرهان مقبوضة فالمراد به الارشاد الى اعلى انواع التوثق. ولهذا ذكر في اية الدين اعلى انواع التوثق من كل جهة. فذكر الكتابة والاشهاد. وان يكون الشاهدان رجلين فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان. وقد ثبت بالسنة ثبوت الحق شاهد ويمين المدعي. وذكر الرهن المقبوض. فهذا اعلى انواعه الا فيصح بدون القبض. ولكن ذكر القبض لزيادة التوثق. خصوصا اذا لم يكن تم شهود ولم يكتب خشية ان ينكر المدين. والرهن من عقود التوثيقات الضمان والكفالة ونحوها. وما صح بيعه صح رهنه من كل شيء. وما لا ايصح بيعه لا يصح رهنه. فلا يصح رهن الوقف وام الولد ونحوهما ويستثنى الثمرة قبل بدو صلاحها. والزرع قبل اشتداد حبه. فلا يصح وبيعهما ويصح رهنهما. لانه بتقدير تلفهما لا يضيع حق المرتهن لانه متعلق في ذمة الراهن. وكذا رهن الرقيق وحده دون ذي رحمه المحرم كرهن الامة دون ولدها. ولا يصح بيع احدهما دون الاخر واذا حل الدين فان كان الراهن اذن للمرتهن في بيعه اذا حل الدين او وكل غيره على بيعه باعه. واخذ دينه من قيمته. فان لم يكن اذن وامتنع من بيعه هو رفع الامر الى الحاكم. وباعه ووفاه الدين من قيل الخامس والسبعون والمائتان. الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم اشترى من يهودي طعاما. ورهنه درعا من حديد. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اشترى من يهودي دين طعاما. الى اخره. فيه جواز مبايعة الكفار. ويجب عليه الصدق والبيان كما تقدم. ويحرم عليه الكذب والخيانة والكتمان حتى في معاملة الكافر. وفيه جواز الرهن حتى رهن الشيء المحتاج اليه كالدرع ونحوه من الة الحرب. وفيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يبيع ويشتري بعض الاحيان. ولم يكن ذلك عادة راتبة له كما تقدم. السادس والسبعون والمائتان الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال مطل الغني ظلم واذا تبيع احدكم على مليء فليتبع. رواه البخاري ومسلم. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة الغني ظلم. الى اخره. قد اشتمل هذا الحديث على الامر بحسن القضاء وحسن الاقتضاء. والنهي عن ضدهما. فقوله مطل الغني ظلم فيه وجوب اداء الحق والا يماطل فيه. والمماطلة هي المعروفة اي الامتناع من اداء الحق. او منعه بعد حلوله. او اداء ناقصا اما عددا او صفة. فكل هذا لا يجوز. فالواجب المبادرة الى اداء الحق. وان يكون كامل العدد والصفة. وقول واذا احيل احدكم على مليء فليتبع. هذا من حسن الاقتضاء. انه اذا احيل على مليء فليحتل. والحوالة تحول الحق من ذمة الى ذمة فاذا كان له على انسان دين ولانسان عليه دين فاراد اراد ان يحيل من يطلبه على مدينه. فيلزم الطالب ان يحتال اذا كان المحال عليه من والمليء هو كما قال الامام احمد رحمه الله قادروا بقوله وبدنه وماله. فالقادر بقوله هو الذي لا يماطل وببدنه هو الذي يمكن احضاره مجلس الحكم. فلا يلزم ان يحتال على ابيه ومن كان عظيما كالامير ونحوه. بحيث لو امتنع لم يمكن ان لا يبيع حتى يؤذن شريكه. فان لم يكن له شريك اخبر جاره فان احب اشتراه هو والا باعه. وان كان العقار بين شركاء وباع احدهم فلهم الاخذ بالشفعة على قدر املاكهم. وان مجلس الحكم. وبماله هو الغني الذي يجد وفاء. وهذا فاذا كان في ذمة المحال عليه دين للمحيل. واما الحوالة المعروفة الان فهي عبارة عن وكالة وتسمى سفتجة. واذا احيل على مليء وجب عليه ان يحتال. وانتقل الحق من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه فلو افلس بعد ذلك وقبل ان يستوفي المحتال فهل يرجع على المحيط بحقه ام لا. فيه خلاف. المشهور من المذهب انه لا يرجع لان الحق استقر في ذمة المحال عليه. والرواية الثانية انه يرجع لانه محسن. وما على المحسنين من سبيل. والمحال عليه عبارة عن وكيل للمحيل. فاذا لم يحصل منه وفاء للمحتال رجع على الاصل وهو المحيل وهذا هو الصحيح والله اعلم. السابع والسبعون والمائتان الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. او قال سمعت رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم يقول من ادرك ما له بعينه عند رجل او انسان قد افلس فهو احق به من غيره. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابيه ابي هريرة من ادرك ما له بعينه عند رجل او انسان المعنى واحد لان قوله رجل عام للذكر والانثى لعموم المعنى. والمفلس بسكون كون الفاء وكسر اللام وتخفيفها. هو من عليه دين اكثر من موجوداته والمفلس بفتح الفاء وفتح اللام المشددة. هو من قد حجر عليه الحاكم في فلس فاذا افلس انسان وطلب من الحاكم ان يحجر عليه ويمنعه من التصرف في ما له لزمه الحجر عليه. فان ان كان ما له لا يفي بجميع ديونه. تقاسموا المال على قدر ديونهم ومن كان منهم قد تميز برهن فله رهنه. فان زاد على الدين اخذ حقه فرد الزائد على الغرماء. وان بقي من دينه شيء بعد اخذه الرهن ادلى به مع الغرماء في بقية المال. وفي هذا الحديث ان من وجد ماله بعينه عند من قد افلس. فهو احق به من الغرماء. وفي بعض الروايات ايات والا فهو اسوة الغرماء. قال العلماء بشرط الا يتغير بزيادة متصلة. وان تغير بنقص خير صاحبه فان شاء اخذه ولا يدلي مع الغرماء. وان شاء لم يأخذه وله مع الغرماء قصته بقدر دينه. والحكمة في ذلك ظاهرة. فانه قريب العهد وماله باق بحاله. فكان من العدل ان يأخذه لقرب عهده وايضا فانه لما تبين فلس المشتري كان عيبا فيه. فللبائع الفسخ واخذ عين ماله. ومحل ذلك ما لم يتصرف فيه المفلس. فان تصرف فيه ببيع او هبة او رهن لم يملك صاحبه اخذه. ويقدم عليه من تعلق حقه به. اي ما لم يعلم ان تصرفه فيه حيلة الى اسقاط حق صاحبه. فيقدم حينئذ صاحبه. الثامن والسبعون والمائتان الحديث الرابع عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان انه قال جعل وفي لفظ قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالشكر رفعتي في كل مال لم يقسم. فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شك دفعة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته. قوله في حديث جابر قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالشفعة. الى اخره. الشفعة هي استحقاق الشأن انتزاع حصة شريكه. ممن انتقلت اليه بعوض مالي ويشترط ان يعاوض عنها بمال. فلو انتقلت عن صداق ونحوه لم لي كي الشفعة على المذهب. والرواية الاخرى انها تقوم. ويملك الشريك واخذها بقيمتها. وهذا هو الصحيح. وشرعت الشفعة دفعا لضرر الشريك وشرعت في العقار خاصة دون غيره من المنقولات. بدليل لقوله في الحديث فاذا وقعت الحدود الى اخره. ولان غير العقار اقل ضررا. ولا يشترط فيها الرضا من البائع والمشتري. ويحرث التحيل لاسقاطها. واذا علم انه قصد الحيلة بوقفها ونحوه لم ينفذ الوقف وللشفيع اخذه. قال ابن قاضي الجبل ويغلب كثير من المتفقهة. فينفذ الوقف فيما اشترى عقارا. ثم وقف قبل علم الشفيع. وهو لا ينفذ عند الائمة الاربعة. ولو كتم البيع واظهر انه هبة. او اظهر اكثر من ثمنه. لم يسقط حق الشفيع فمتى علم بذلك فله الاخذ بالشفعة. وقوله فاذا وقعت الحدود وصرفت طرق فلا شفعة. اي انه حينئذ يكون جارا. ولا شفعة للجار خلافا لابي حنيفة فانه يثبتها للجار. وعند شيخ اسلام ان للجار الشفعة. ان كان بينه وبين جاره طريق مشترك. او من من المنافع كبئر ونحوه. وهو قوي جدا. وعلى كل فالاولى تركها احدهم اخذ الباقون الكل او تركوا. ولا تفرقوا الصفقة على مشتري دفعا لضرره. ولا شفعة لكافر على مسلم. لان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه. ولا شفعة بشركة وقف. وقيل فيها شفعة التاسع والسبعون والمائتان. الحديث الخامس. عن ابن عمر ان انه قال اصاب عمر ارضا بخيبر. فاتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستأمره فيها. فقال يا رسول الله اني اصبت ارضا بخيبر لم اصب مالا قط هو انفس عندي منه. فما تأمرني وابن السبيل والضيف. لا جناح على من وليها ان يأكل منها بالمعروف او يطعم صديقا غير متمول فيه. وفي لفظ غير متأثل. رواه البخاري بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر اصاب عمر ارضا بخيبر. اي لما فتح الله الله خيبر على رسوله قسمها فيمن حضر الحديبية. فاصاب عمر نصيبه منها. فاتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستأمره فيها ان يستشيره في اي وجه من وجوه الخير يصرفها فيه. وقصده طلب الافضل. فقال يا رسول الله اني اصبت ارضا بخيبر. لم اصيب مالا قط هو انفس عندي منه. اي انه انفس ما له عنده. فمات يأمرني به. فقال ان شئت حبست اصلها. اي ان احببت جعلتها وقفا ومن هذا الحديث اخذ الفقهاء حد الوقف فقالوا هو تحبيس الاصل وتسليمه المنفعة. ويعلم من هذا انه لا يصح الوقف الا في عين ينتفع بها مع بقاء اصلها. واما ما لا ينتفع فيه الا باتلافه كالطعام والشراب ونحوهما. فلا يصح فيه الوقف. وان بذل على وجه الصدقة. وقال بعض العلماء الوقف الذي هو تحبيث الاصل وتسبير المنفعة. خاص بهذه الامة لم يكن لغيرها. وانما عند كغيرهم الصدقة فقط. وقوله وتصدقت بها اي بنفعها سار قوله حبست اصلها الى اخره. بقوله فتصدق بها عمر. غير ان انه لا يباع اصلها ولا يوهب ولا يورث. فهو محبوس عن هذه التصرفات في اصله ونحوها مما يراد للتملك كالرهن. واما الثمرة فانه يتصرف فيها كغيرها. وقوله فتصدق عمر في الفقراء. اي المحاويج وفي القربى اي قرابة الرسول. وفي الرقاب اي المماليك والمكاتبين والاسارى وفي سبيل الله اي الجهاد ونحوه. وابن السبيل اي الغريب الضيف لا جناح على من وليها. اي الناظر عليها. ان يأكل منها بالمعروف اي قدر كفايته من غير اسراف. او يطعم صديقا. اي بالمعروف ولهذا قال غير متمول فيه. وفي لفظ غير متأثل. اي غير اخذ فوق حاجته يتخذه وراءه مالا يتموله. وفي هذا الحديث فوائد عديدة. منها مشروعية الوقف. ومنها ان الوقف تحبيس الاصل فتسبيل المنفعة. ومنها معرفة شروط الوقف. وانه لا يصح الا في عين ينتفع فيها. مع بقاء عينها. وانه لا يصح الا على بر ومنها انه ينبغي لمن اراد ان يفعل شيئا ان يستشير من هو اعلم منه فيه فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار. ومنها انه يلزم من استشير ان ينصح من استشاره. ومنها ان الوقف من افضل القربات وهو عين جارية. ومنها انه لا بد من ناظر للوقف. وينبغي ان يعين له احسن من يجد. ومنها انه ان احتاج الناظر فله الاكل بالمعروف وكذا كل من تولى مالا بلا عوض معين. ولم يكن متبرعا امله فله الاكل منه بالمعروف. قال الفقهاء فيمن تولى مال اليتيم وله ان يأكل الاقل من او اجرته. ومنها انه ينبغي لمن تصدق بصدقة او اوصى بوصية ان يعين مصرفها. وان يتخير لها احسن وجوه البر. واذا تأملت وصايا الناس اليوم وجدت اكثرها او كلها على غير الشرع. فتجده يوقف على اولاده ويحرم باقي الورثة. وهذا لا يجوز. فاذا اراد ان ينفعه اولاده فليترك المال لهم. ولا يوصي بشيء وله بذلك اجر. كما ان له اجرا بالنفقة عليهم في حياته. خصوصا اذا كان قليل المال ترك الوصية له اولى. ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولا اصحابه ولا التابعين يعرف هذا الوقف. ولهذا لما كان مخالفا الشرع تجد فيه من الجور والظلم ما فيه. فيحرم بعض ورثته ويحرم منه اولاد البنات ولهذا لما كان على غير الوجه المأمور به تجد بين اهله من الشقاق والعداوة شيئا كثيرا. وكل هذا من اسباب العدول عن المشروع وقد ورد في التحذير عن ذلك الانسان يعمل في طاعة الله سبعين عاما ثم يحيف في وصيته فيدخل النار. او كما قال. فينبغي من اراد الوصية او الوقف ان يجعل ذلك اما لمصلحة مسجد معين. او اولي اقاربه المحتاجين غير الورثة. ونحو ذلك من وجوه البر. كالمدارس وابن السبيل. الثمانون والمائتان الحديث السادس عن عمر رضي الله عنه انه قال حملت على فرس في سبيل الله فاضاعه الذي كان عنده. فاردت ان اشتريه فظننت انه يبيع وبيرخص. فسألت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وان بدرهم. فان كالعائد في قيئه. وفي لفظ فان الذي يعود في صدقته كالكلب يقي ثم يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر حملت على فرس في سبيل الله اي تصدقت به. فاضاعه الذي كان عنده. اي لم من يعرف قدره واهمله حتى هزل ونقصت حاله. فاردت ان اشتريه انه يبيعه برخص. اي لانه نقص. فكأنه استراب من ذلك قال فسألت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال لا تشتريه ولا تعد في صدقتك. ولو اعطاك بدرهم. فان العائد في هبته كالعائد في قيه وفي اللفظ الاخر كالكلب يقي ثم يعود في قيئه وفي هذا الحديث انه لا يجوز ان يعود في صدقته او هبته. لانه تركه فلا يرجع فيه. وفيه انه لا يجوز ان ايضا. لانه ترك لله تعالى. ولانه قد يحابيه. لانه يرغب ان يعطيه غيره او يستحي منه قالوا ايضا ولا يشتريه منه ولا من غيره. وفي بعض الروايات ليس لنا مثل السوء. وفيه ان من فعل هذا الفعل فانه كالكلب وفيه انه لما اخرج هذا المال كان متخففا من الذنوب. كالذي يخرج الفضلات المضرة من بدنه. فاذا عاد اليه كان كمن عاد في قيئه هذا اسوأ حالة منه قبل اخراجه. فانه اعظم ضررا. ويستثنى ذلك الاب كما ورد في السنن ان الاب فيما يعطيه لولده. فان له جوع فيه. لان له التملك من ما له. واما غيره فلا الحادي والثمانون والمائتان. الحديث السابع. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما انه قال تصدق علي ابي ببعض ماله فقالت امي عمرة بنت رواحة لا ارضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليشهده على صدقتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم. قال فرجع ابي فرد تلك الصدقة وفي لفظ قال فلا تشهدني اذا فاني لا اشهد على جور وفي لفظ فاشهد على هذا غيري. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث النعمان ابن بشير تصدق علي ابي ببعض ماله. ولعله مال جسيم بدليل بقوله فقالت امي عمرة بنت رواحة اي اخت عبدالله بن لا ارضى حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي انه اكمل لثبوتها. فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ليشهده على صدقتي. فكان ذلك خيرا لهم الامة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا لانه ظن انه لا يجب عليه ان يسوي بينهم في العطية. قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم الى اخره. ففيه انه يجب عليه ان يسوي بين اولاده في العطية لان هذا هو العدل. ولانه كما ورد في قوله اتحب ان يكونوا لك في البر سواء. الى اخره. اي ان العدل سبب برهم والحيف سبب التحاسد والعقوق. ولهذا فعل اخوة يوسف ما قص الله الله تعالى بسبب ان يعقوب قدم يوسف واخاه عليهم في المحبة. كما قال قال تعالى عنهم ليوسف واخوه احب الى ابينا الى اخر ما ذكر عنهم. ويغلط كثير من الناس ويظن ان سبب ما فعلوه ان يوسف قص عليهم رؤياه فحسدوه وفعلوا ما فعلوا. وهذا المعنى وان كان قد ذكره بعض المفسرين هو غلط مخالف لصريح الاية. فانه قال يا بني لا الاية ويقينا انهم امتثل امر ابيه ولم يقص رؤياه على اخوته. وايضا فان قوله عنهم لا يوسف واخوه احب الى ابينا منا. الاية صريح في ان هذا هو الحامل لهم على ما فعلوا. ولهذا قالوا اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخلو لكم وجه ابيكم اي انه الان مشتغل عنكم بيوسف. فاذا قتلتموه خلالكم وجه ابيكم ولهذا ذكر ذلك في حديث رافع بن خديج انه قال كنا اكثر الانصار يحق له اي فلائح وحيطان. والحقل هو ما يجمع النخل وارض الزراعة وكنا نكري الارض على ان لنا هذه ولهم هذه. الى اخره ففي ترجيح بعض الاولاد على بعض سبب للعداوة والحسد بين الاولاد كما هو مشاهد. فاذا كان يجب عليه العدل فيما يعطيهم من ما له فوجوب العدل فيما يأخذه منهم اولى. واختلف العلماء فيما اذا ما فضل احدهم لفقره وغنى الباقين. او لتفرغه لطلب العلم او لكونه ضريرا او زمنا ونحوه. فقيل انه لا يجوز. والصحيح انه يجوز. لانه لم يفضله الا لهذا المعنى الذي ليس هذا اقرارا منه. بل هذا على سبيل التهديد. كقوله تعالى اعملوا ما شئتم. وكقوله فليكفر. وهذا في كلام العرب واختلف العلماء. هل تنفذ هذه العطية التي فيها جور ام لا؟ الصحيح انها لا تنفذ. فلو مات قبل ادها فهي ميراث من جملة ماله. لقوله عليه الصلاة والسلام. من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. ولقوله فاني لا اشهد على جور ومحال ان يصحح الجور ويقال بجوازه. وكان السلف يعتنون بهذا. حتى ان بعضهم يحب العدل بين اولاده في القبلة. فاذا تقبل احدهم قبل الاخر. لان لا يكون في نفسه شيء. الثاني والثمانون والمائتان. الحديث الثامن. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عامل اهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عامل اهل خير الى اخره. لما فتح المسلمون خيبر سنة سبع من الهجرة قسمها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين من حضر ولم يحضر الا اهل الحديبية. وقد وعدهم الله تعالى هذه الغنيمة فكانت خالصة لهم. فطلب اهلها اليهود من رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يقرهم. ويكفونهم العمل ولهم شطر ما يخرج منها. وكانوا اعلم بحالة الحرث من المسلمين وكان المسلمون ايضا بحاجة الى من يكفيهم العمل. ليتفرغوا جهاد فاقرها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بايديهم بشطر ما يخرج منها. ولم يزالوا كذلك في عهد النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم وابي بكر. وصدرا من خلافة عمر. حتى اجلاهم عمر الى الشام. وهذا اصل كبير. في جواز المساقات مزارعتي بشيء مشاع معلوم. وفيه انه لا يشترط كون البذور والغراء قاسي من رب الارض وهو الصحيح. لانه لم ينقل ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعطيهم البذر. ولانه تركهم يزرعون انما يشاؤون. فكان من المعلوم يقينا ان البذر منهم. ولم يزل عمل على هذا ولهذا قال في مختصر المقنع ولا يشترط كون البذر والغراس من رب الارض. وعليه عمل الناس. قال في المقنع ولا يمكن الناس العمل الا بهذا القول. وغاية ما مع الذين اوجبوا انه من رب الارض انها مقيسة على المضاربة. والبذر يقولون كرأس المال وهذا قياس منتقض. فان رأس المال في المضاربة يرد على المالك وفي هذا لا يرد. ولو شرط رده بطل العقد. لانه شرط شيء معلوم وهذا الحديث ايضا اصل في الشركات. كالمضاربة والعنان ونحوها. وقال بعضهم ان المضاربة ثابتة لا بالنص. والصحيح انها ثابتة بالنص. لانها لم تزل من العقود المتعارفة بين الناس في الجاهلية. وجاء الاسلام واقر الناس عليها كسائر العقود المباحة. ولا يجوز في المضاربة والمساقاة المزارعة شرط شيء معين. او معلوم غير مشاع لاحد المتعاقدين لم يصح الا اذا كان على وجه الكراء. الثالث والثمانون والمائتان الحديث التاسع عن رافع بن خديج رضي الله عنه انه قال كنا اكثر الانصار حقلا. وكنا نكري الارض على ان لنا هذه ولهم هذه. وربما اخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك. فاما بالورق والذهب فلم ينهنا مسلم عن حنظلة ابن قيس انه قال سألت رافع بن خديج عن كراء الارض بالذهب والورق فقال لا بأس به. انما كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. بما على هذي يانات. واقبال الجداول. واشياء من الزرع. فيهلك وهذا ويسلم هذا ويهلك هذا. ولم يكن للناس كراء الا هذا ولذلك زجر عنه. فاما شيء معلوم مظمون فلا بأس رواه البخاري ومسلم. الماذيانات الانهار الكبار الجدول النهر الصغير. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله قوله في الرواية الاخرى لمسلم عن حنظلة ابن قيس انه قال سألت رافع ابن خديج عن كراء الارض بالذهب والورق. الى اخر ففيه ان الشيء المعين لا يجوز ويفسد العقد. كما اذا ما قال لك هذا ولي هذا النوع من الزرع او النخل. فهذا لا يجوز لما فيه من من الغرر والمراهنة. ولهذا ذكر العلة بقوله فربما اخرجت هذه ولم تخرج هذه. وفي الرواية الاخرى فيهلك هذا ويسلم هذا ويهلك هذا. ففيه من الغرر ما اوجب تحريمه. ولهذا قال قال الاوزاعي رحمه الله اذا فكر البصير بالحلال والحرام علم ان الحكمة اللائقة تحريم ما حرم الله. وتحليل ما احل الله وكان الخلاف في هذه المسألة من وقت الصحابة. لانه ورد النهي عن المخابرات والمواكرة. وبعضهم حرم كراء الارض بالورق والذهب وبعضهم حرم المزارعة في الارض الا تبعا للنخل. والصحيح جواز ذلك والتفصيل الذي ذكره رافع بن خديج هو اصح شيء. فالاقسام قسم لا يجوز. وقسمان جائزان. فالذي لا يجوزه هو الذي يقول لنا هذا القسم ولك هذا القسم. او لنا هذا النخل المعيق ولك هذا النخل. كما في قوله كان الناس يؤجر بما على الماذيانات. فسره بانه الانهار الكبار. واقبل الجداول اي ما يخرج على الانهار الصغار. فهذا حرام ويفسد العقد لانه من قبيل المراهنة. وفيه من الغرر ما فيه القسم الثاني قراء الارض او النخل بشيء معلوم. اما من الذهب او الورق او من التمر او الحب. ولو كان من جنس ما يخرج منها ولهذا صرح بذلك في قوله فاما بالذهب والورق فلا بأس وكذلك الكراء بجنس ما يخرج من الارض او غيره يجوز. وهو داء في قوله فاما شيء معلوم مضمون فلا بأس. فهذا صريح كن في جواز كراء الارض بشيء معلوم مضمون. وليس هذا داخلا في المخابرات وغاية ما يقول المحرمون لهذا النوع انه بيع الثمر قبل بدو صلاحها. وليس كذلك. فان هذا كاجارة الدور والدكاكين. فان البيع معاوضة على عين المبيع ومنافعه. ونقل للملك فيهما. والاجارة معاوضة على المنافع دون العين فهذا ايجارة. القسم الثالث جعلها على وجه الشركة اي مساقاة او مزارعة. فيكون لكل منهما جزء مشاع كن معلوم على ما يتفقان عليه. وهذا احسن الاقسام قال شيخ الاسلام وهذا اوفق واعدل واحسن. لانه ما يستويان في الغنم والغرم. واذا شرط لاحدهما شيء معين افسد العقد وحرم ذلك. وقد ابتلي الناس في هذا الزمان بهذه المسألة فاذا ساقاه على حائطه. شرط صاحب النخل على الفلاح نخل او نخلتين او اكثر تكون له. يسمونها طلوعه. اي ليس للعامل منها سهم. فهذه تفسد العقد. والخروج منها يسير جدا. فاذا اراد ان يجعل له واحدة فليجعل معها اخرى ويساقيه عليهما بنصف مشاع. فيحل هذا له مقصوده. واما ما يفعله بعض الناس من جعل سهم يسير في المعين للعامل حيلة. كنصف عشر او عشر او نحو ذلك. وبعض وهم يشرطه ولا يأخذه. فهذا لا يصح. لانه سهم غير مقصود وشرط هذا لا يحلله. ومثل ذلك فعل الناس اليوم في المضاربة اذا كان رأس المال قيمة عرض فاذا كان هذا العرض قيمته مئة باعه عليه بمئة وعشرة مضاربة فهذا حرام يفسد العقد. وهو كما لو اعطاه مئة نقدا مضاربة شرط ان رأس المال مائة وعشرة. فهذا يعلم كل احد انه لا يجوز ولا فرق بين المسألتين. واكثر من يستعمل هذا يجهل تحريمه فالواجب ان يكون رأس المال من النقدين. او يدفع للعامل عرضا ويقوم باحد النقدين مع ان المشهور من المذهب انه لا يصح الا ان يكون رأس ما لنقدا. واما بالعرض فلا يصح. والصحيح جوازه. ويقوم العقل ارض بما يستحق. ولا يحل ان يزاد على ما يستحق. لانه ظلم للعامل والخروج من ذلك يسير. فاذا كان يريد ان يجعل للعامل النصف ويشتري لنفسه زيادة على النصف. فالطريق المباح ان يجعل للعامل الثلث وله الثلث ثلثين الرابع والثمانون والمائتان حديث العاشر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالعمرة لمن وهبت له وفي لفظ من اعمر عمرة فهي له ولعقبه. فانها للذي اعطيها لا ترجعوا للذي اعطاها. لانه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث وقال جابر انما العمرة التي اجازها رسول الله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم. ان يقول هي لك ولعقبك. فاما اذا قال هي لك ما عشت. فانها ترجع الى صاحبها. وفي لفظ مسلم امسكوا عليكم اموالكم ولا تفسدوها. فانه من اعمر عمرة فهي للذي اعمرها حيا وميتا ولعقبه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالعمرة. الى اخره هذه مسألة كانت كثيرة الوقوع في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. واما في زماننا فقليلة الوجود بل معدومة وتسمى العمرة والرقبة. وهي العطية التي يقول هي لك كمدة عمرك او ما عشت. او مدة عمري. سميت عمري لان اجلها عمر من علقت على انقضاء عمره. وسميت رقبة لانه يرتقب اجلها فيرده واختلف العلماء فيها. هل هي عطية لازمة ابدا او انها بمنزلة العارية متى شاء ربها ردها. واصح حما قيل فيها هو ما فصله جابر في هذا الحديث فقال قضى بالعمر ترى لمن وهبت له. وفي اللفظ الاخر من اعمر عمرانه ولعقبه فهي للذي اعطيها. لا يرجع الذي اعطاها. اي لان القرينة على انها عطية مؤبدة. ولهذا قال لانه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث. وقال جابر انما العمرة التي اجازها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي امضاها وجعلها لازمة مؤبدة هي ان يقول هي لك ولعقبك. واما اذا قال هي لك ما عشت. فانها لا ترجع الى صاحبها. فالمرجع الى قرينة اللفظ. ان دلت على اللزوم والتأبين سيدي فهي عطية مؤبدة. وان دلت على انها عارية فهي عارية ومثله اللفظ الاخر. امسكوا عليكم اموالكم ولا تفسدوها. لان انه اذا قال هي لك ولعقبك فانها تخرج عن ملكه لمن اعمرها الخامس والثمانون والمائتان. الحديث الحادي عشر. عن ابي في هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا يمنعن جار جاره ان يغرز خشبة في جداره. ثم فيقول ابو هريرة ما لي اراكم عنها معرضين؟ والله لارمين بها اكتافكم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة لا يمنعن جار جاره ان يغرز خشبة. الى اخره. في هذا حق الجار. وقد خرج الامر بالاحسان الى الجار. والحض على ذلك. كما قال الله عليه وعلى اله وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه. وهذا من عظم حقه. وكلما قرب الانسان من الانسان بقرابة او جوار. كان حقه عليه اعظم. وقد ورد نهي عن الاساءة الى الجار. وانه مما ينهى عنه الايمان كما قال. لا من لا يأمن جاره بوائقه. اي غشه وغدره وخيانته. وقول ابي هريرة ما لي اراكم عنها معرضين؟ يحتمل ان المراد عن هذه السنة او عن امتثال هذا الامر. وقوله والله لارمين بها بين اكتافكم على الاحتمال الاول المراد اني اؤدي الواجب. وابلغكم هذا الامر فان امتثلتم فهو المطلوب. وان لم تمتثلوا فقد برأت ذمتي. وبقيت التبعة عليكم. وعلى الاحتمال الثاني المراد. ان لم تلتزموا هذا لاجبرنكم عليه ولاضعنها ولو على اكتافكم. وهذا الاحتمال اقرب وهذا اذا لم يكن على صاحب الجدار ضرر. فان كان عليه ضرر لم يجبر لان الضرر لا يزال بالضرر. وهل يجبر على ذلك اذا لم يكن عليه ضرر او لا يجبر فيه خلاف. مذهب عمر انه يجبر. ولهذا فلما اختصم اليه في ذلك اجبر عليه. وقال للجار لاضعنها ولو على ظهرك واختلف العلماء فيما اذا احتاج الجار الى اجراء مائه على ارض جاره بلا ضرر. هل يجبر الجار على اجرائه ام لا؟ المشهور من المذهب لا لا يجبر. والصحيح الرواية الثانية انه يجبر. السادس ثمانون والمائتان. الحديث الثاني عشر. عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من ظلم قيل شبر من الارض طوقه من سبع اراضين. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة من ظلم قيد شبر من الارض الى اخره. فيه تحريم الظلم. وهذا سواء كان المظلوم مشتركا كالظلم من الاسواق وظلم المساجد هذا اعظم الظلم. ومن ذلك بل اعظم ظلم المشاعر. كالبناء فيها وتحجرها وتضيقها على الناس. فيلزم ازالة ذلك كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم من المناخ من سبق فلا يجوز تحجرها وتحميها. وفيه الاثم معظم على من ظلم شيئا من الارض. وهو عام لتغيير حدودها كالمراسيم ولهذا ورد لعن الله من غير منار الارض. اي المراسيم وهي الحجب هواء وفيها عالم كما بين السماء والارض. ام ليس بينهما شيء. الله اعلم بذلك. وغاية ما يقال على وجه التخرص. والا فان يا سلام يصل الى ذلك. واذا كان هذا الوعيد الشديد على من ظلم قيد شبر فكيف بمن ظلم اكثر من ذلك؟ باب اللقطة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله باب اللقطة اشهر اللغات فيها بضم اللام وفتح القاف والطاء. ويقال نقطة بسكون القاف وفيما اعظم اللام. ويقال لقطة بفتح اللام. ويقال لقاطة. واللقطة مال مختص ضل عن ربه. وهي ثلاثة اقسام. قسم يملك بمجرد التقاطه وهو الشيء الحقير الذي لا تتبعه همة اوساط الناس. كالسواك والسوط عصى وقليل التمر والحب ونحوه. فهذا لا يحتاج الى تعريف. فيملكه بمجرد وادي التقاطه. فان وجد صاحبه وهو في يده رده عليه. فان كان قد او اخرجه عن ملكه لم يرجع عليه بشيء. النوع الثاني لا يجوز التقاء وهو الذي يمتنع من صغار السباع كالابل والبقر والخيل ونحوها النوع الثالث هو الذي يلتقط ويلزم تعريفه حول تملكه بعد ذلك. وهو ما عدا ذلك. السابع والثمانون والمائتان. الحديث الاول عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لقطة الذهب او الورق. فقال اعرف جاءها وعفاصها ثم عرفها سنة. فان لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عند فان جاء طالبها يوما من الدهر اليه. وسأله عن الابل فقال ما لك ولها؟ دعها فان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. وسأله عن الشاة فقال خذها فانما هي لك او لاخيك او للذئب. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث زيد ابن خالد الجهني سئل رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم عن لقطة الذهب والورق. فقال اعرف وكاءها اي حبلها الذي قد شدت به وعفاصها قيل هو صفة الشد. وقيل هو الوعاء ثم عرفها سنة. قال بعض العلماء يعرفها اول اسبوع كل يوم ثم في الشهر الاول كل جمعة ثم بعد ذلك في كل شهر مرة. وهذا منهم تفسير للعرف. والصحيح ان ذلك راجع الى العرف. فيعرفها بقدر العرف التعريف في مجامع الناس كالاسواق وابواب المساجد ونحوهما. فان لم تعرف فاستنكروا فقه اي استنفع بها. ولتكن وديعة عندك. اي انها على وجه الوديعة فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها اليه. اي بعدما يصفها كما ما ورد التصريح بذلك. ولا يحتاج في ذلك الى شهود. لان الوصف بينة فيه وهذه قاعدة. فان المال الذي في يد انسان لا يدعيه. ثم ادعاه احد ووصفه كفى في ذلك وصفه. وقوله وسأله عن ضالة الابل وطالما لك ولها. دعها اي اتركها. ثم ذكر العلة في ذلك فقال فان معها حذاءها اي خفافها. وسقاءها اي بطنها. فانها تصبر الظمأ فقال ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها. اي مالكها لان تركها اقرب الى وجود صاحبها. فان كان في تركها سبب ضياعها كما لو خاف عليها من قطاع الطريق ونحو ذلك. اخذها على وجه الامانة والحفظ. وله على ذلك اجرة المثل. كمن انقذ مال معصوم من هلكه ومثل الابل ما يمتنع من صغار السباع كما تقدم. وعد بعضهم الحمر من ذلك والصحيح كما قال الموفق انه لا يدخل في هذا. فانه لا لا يمتنع من الذئب فهو كالشاه. وقوله وسأله عن الشاة وهي الذكر والانثى انثى من الضأن والمعز. فقال خذها فانما هي لك او لاخيك او للذئب اي انك ان تركتها ولم يجدها ربها اكلها الذئب. ومثلها كل ما لا يمتنع من صغار السباع. واذا التقطها خير بين امساكها. وينفق عليها مدته تعريفها فان وجد صاحبها ردها عليه. ويرجع عليه بنفقتها وان لم يجده ملكاها بعد مضي الحول. وان شاء باعها. فان جاء ربها ووصفها دفع اليه ثمنها والا ملكه. وان شاء قومها يوم يدها واكلها. فان جاء ربها دفع قيمتها اليه. وهل يستحب او يباح اخذ اللقطة. الصحيح انه يستحب لمن امن من نفسه ولو قيل بوجوبه فلا مانع. لانه من حفظ الاموال على اهلها. والا لم يثق من نفسه لم يجز له التقاطها. والاصل بالتولي على مال الغير انه لا يجوز الا باذن مالكه. او اذن الشارع. وفي هذا قد اذن الشاة باخذها والتولي عليها. لاجل ردها على ربها. ولو فكر الانسان لعلم ان مالكها قد اذن في ذلك. لان كل احد يحب حفظ ماله ويأذن فيه واجرة من يعرفها على الملتقط او على ربها. هما قولان العلماء ولكل طائفة مأخذ واصل. فمن قال على ربها فدليل ان التعريف لحفظ ماله عليه ولحظه. فعليه اجرته. ومن قال على الملك فدليله لانه عرفها لاجل تملكها بعد الحول. فعليه اجرته ويستثنى من ذلك لقطة الحرم. فانها لا تملك على الصحيح. وهو رواية عن احمد رحمه الله تعالى. لقوله عليه الصلاة والسلام. ولا سقطوا لقطته الا لمن عرفها. كما تقدم. فان اخذها لزمه تعريفها ابدا. والا فيعطيها الامام ويبرأ. والا فيتصدق بها فعن ربها فان جاء ربها خيره بين ان يكون له الاجر ولا يرجع عليه بشيء وبين ان يكون الاجر للملتقط ويغرمها لربها. واذا رب اللقطة لمن وجدها جعلا ثم ذهب فطلبها فوجدها فله الجعل وان كان وجدها قبل نداء ربها بالجعل. حرم عليه اخذ الجعل. الا ان تبرع به مالكها. لانه يجب عليه من حين وجودها ان يعرفها باب الوصايا. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الوصايا. الوصية هي الامر بالتنفيذ بعد الموت. وتدخل قولوها الاحكام الخمسة. فتجب اذا كان عليه دين لا بينة به ان يوصي به لانه يجب اداؤه. ولا يحصل الا بذلك. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وتسن لمن ترك مالا كثيرا. ان يوصي بالثلث فاقله ان لي غيري وارث. وتكره اذا كان ورثته فقراء. لقوله فيما يأتي انك ان تذر ورثتك اغنياء. الى اخره. وتحرم بما زاد على واذا كان فيها جنف او اثم اي حيف. والفرق بينهما ان الجنف هو والذي لا يتعمده والاثم هو الذي يتعمده. وكلاهما محرم هذا النوع اكثر وصايا الناس اليوم. وتباح اذا كان له ورثة اغنياء الثامن والثمانون والمائتان. الحديث الاول. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين. الا ووصية مكتوبة عنده. زاد مسلم قال ابن عمر ما مرت علي هي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ذلك الا وعندي وصيتي. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ما حق امرئ مسلم انه شيء يوصي فيه. اي يريد الوصية. يبيت ليلتين الا ووصية مكتوبة عنده. ويسامح في الليلة الواحدة. وفي رواية مسلم قال ابن عمر ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ذلك. الا وعندي وصيتي. اي انه امتثل امر الرسول وبادر الى ذلك. وينبغي للانسان ان يقتدي بابن عمر. فمن حين يسمع هذا الحديث يبادر الى امتثال الامر ويوصي. فان في ذلك فوائد عديدة منها المبادرة الى امتثال امر الله وامر رسوله. ومنها انه يتغانم الوقت قبل الفوات. فانه لا يدري متى يموت. ولعله يموت بغتة او يصيبه امر لا يقدر معه على الوصية. ومنها انه لا يزال في عبادة من حين ان يكتبها. الى ان يتوفاه الله تعالى ومنها انه اذا اصابه المرض لم يكن اوهم في الوصية. فيتفرغ الى ما ما يقربه الى الله. ومنها ان هذا من الحزم. لانه استعد للامر قبل وقوعه. ومنها انه احسن للوصية. فانه اذا كان في حال صحته وفراغه. كان اعرف باحسن وجوه البر منه اذا كان في حال المرض ضعف النفس واشتغال الخاطر. واذا كتبها فله ان يغير مصرفه فها متى شاء. ولو غيرها في كل يوم مئة مرة. فانها لا تنفذ الا بعد الموت. ويكفي في ذلك ان يكتبها بيده. فان كان لا يحسن ذلك ولا يعرف الحسن من المصالح. فليشاور من يعلم ذلك ولا يقتدي بما يفعل الناس اليوم. فان اكثر وصايا الناس جور وظلم وليست على وجه الشرع. والسبب في ذلك اقتداء بعضهم ببعض. وعدم اهاليهم اهل العلم. وعدم تعليم العلماء. وليس العجب من فعل العوام بل العجب من اقرار العلماء لهم على ذلك. وقد ورد التحذير من في الوصية كما قال عليه الصلاة والسلام ان العبد ليعمل بطاعة الله في سبعين سنة ثم يجور في وصيته فيدخل النار. او كما قال واذا سأل الانسان عما ينبغي ان يوصى به وله فيقال ينبغي ان اوصى بالخمس او الربع. او اقل من ذلك بقدر حاله وحال ورثته. ولهذا هذا قال ابو بكر رضيت بما رضي الله به لنفسه. يعني الخمس وليخرجها عن الورثة. فيجعلها لفقراء الاقارب. وان احتاج احد من الورثة الاولاد او غيرهم اليها. فله بقدر حاجته. لدخوله في الوقت وصف ولا يجوز ان يوقفه على اولاده. لانه جور وحيف او يجعلها لجهة من جهات البر. كالفقراء وابناء السبيل او لمصالح مساجد او مسجد معين. او للمجاهدين او للعلماء او للمدارس وطلبة العلم ونحو ذلك من وجوه الخير. واذا كانت على وجه الظلم والحي وجب ابطالها. لقوله عليه السلام من عمل عملا ليس عليه امر كورونا فهو رد. واذا مات الانسان تعلق في ماله اربعة حقوق اولا مؤن التجهيز. وهي مقدمة على كل شيء لانها من ضرورة ثم الديون التي لله او للادميين. ويقدم منها ما برهن فان لم يكن شيء برهن ثقيلة تقدم ديون الله. وقيل ديون الادميين. وتقدم بيان ادلة ذلك. والصحيح انه لا يقدم احد احدهما بل اذا ضاق المال عنهما فبالمحاصة. كديون الادميين ثم بعد الديون الوصية بالثلث فما دونه. ثم بعد ذلك حق الورثة والله اعلم. التاسع والثمانون والمائتان الحديث الثاني عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه انه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي. فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى. وانا ذو مال ولا يرثني الا ابنه. افاتصدق ثلثي مالي قال لا. قلت فالشطر يا رسول الله. قال لا قلت فالثلث. قال الثلث والثلث كثير. انك انت ذر ورثتك اغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكففون الناس. وانك لن نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت بها. حتى ما تجعل في في امرأتي قال فقلت يا رسول الله اخلف بعد اصحابي؟ قال انك فلن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله. الا ازددت درجة ورفعة ولعلك ان تخلف حتى ينتفع بك اقوام ويضر بك اخرون. الله اللهم امضي لاصحابي هجرتهم. ولا تردهم على اعقابهم. لكن سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان مات بمكة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سعد بن ابي وقاص جاءني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعودني في عام حجة الوداع اي بمكة لانه مرض بها. من وجع اشتد بي. اي مرض مرضا شديدا. وقوله فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وكأنه رضي الله عنه احس انه يموت من مرضه هذا. لما رأى من شدته قوله وانا ذو مال اي كثير لان النكرة تكثير ولا يرثني الا ابنه. اي من غير العصبة. والا فله عصبته كثيرون افاتصدق بثلثي مالي؟ اي لما ذكر من الدواعي الى ذلك قال لا. قلت فالشطر اي النصف؟ قال لا. قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير. وقد ورد في بعض الفاظ هذا الحديث انه امره ان يتصدق بالعشر ثم رقاه الى الثلث. فينبغي الا يبلغ الثلث بوصيف التسعون والمائتان الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لو ان الناس غضوا من الثلث الربع فان رسول الله قال الثلث والثلث كثير. رواه بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال ابن عباس لو ان الناس غضوا من الثلث الى الربع فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الثلث والثلث كثير. ثم لما علم ان قصده الاجتهاد في الخير وطلب الافضل. بين له ذلك قال انك انت ذر ورثتك اغنياء. خير لك من ان تذرهم عالة. اي فقراء يتكففون الناس اي يسألون الناس باكفهم. ويطلق على التعفف وعلى سؤال الناس بالاكف. اي ان لك اجرا بتخليف المال لو ربك وفتك اذا احتسبت ذلك على الله. ثم اخبره بحالة عامة في في حال الحياة فقال وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت بها. اي انك اذا احتسبت ونويت رضا الله. بالنفقة على عائلتك ومالك اجرت عليه. وان كان في ذلك لك مصلحة. ثم خص الزم النفقات فقال حتى ما تجعل في في امرأتك اي في فمها لا يجوز تشديد الياء. لانه من الاسماء الخمسة. اي انك تؤجر على جميع النفقات اذا كان لك قصد حسن. ونية صالحة. حتى اللقمة تجعلها من امرأتك مع انه اعظم النفقات واوجبها. فانها لا تسقط ابدا وكذا يؤجر على علف بهائمه. ونفقة والديه واولاده حتى اللقمة يجعلها في فم الطفل. فاذا كان يؤجر على النفقة عليه حال حياته. فكذا اذا وفر المال لهم بعد وفاته. والفرق بالاحتساب وفيه يتفاوت الناس. فمنهم من ينفق على وجه العادة. فهل هذا لا يؤجر عليه. ومنهم من ينوي نية عامة في جميع ما ينفقه ونية خاصة عند كل جزئية من الجزئيات. فهذا يؤجر بقدر نيته ثم قال لما ظن انه يموت من مرضه. يا رسول الله اخلف بعد اصحابي اي شكى عليه الحال وتوجع من ذلك. وان كان هذا ليس في اختياري اي لانه رضي الله عنه كان من المهاجرين الاولين. ومن افاضل الصحابة وكان قد امر المهاجرون الا يقيموا في مكة اكثر من ثلاثة ايام. لانهم تركوا اوطانهم لله. فلا يرجعون في ذلك كما نهى عن الرجوع في الصدقة والهبة كما تقدم. والهجرة احد الاعمال الثلاثة. التي هي افضل الاعمال. الايمان والجهاد والهجرة وكانوا يحبون ان يوافق القدر الشرع. فلا يحبسهم القدر في الارض التي هاجروا ومنها ولو كانوا في ذلك معذورين. فاخبره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان في تخلفه خيرا له فقال انك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله. الا ازددت به درجة ورفعة. وهذا توصية له في التزود من الاعمال الصالحة وحث له على اغتنام هذه الفرصة. ثم ذكر انه يخلف تخليفا اخر غير هذا فقال ولعلك ان تخلف. اي بعد وفاته صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. حتى ينتفع بك اقوام ويضر بك تأخرون. اي انك تكون رئيسا بعد موتي. حتى ينتفع بسببك اقوام وهم المؤمنون. ويضر بك اي بسببك اخرون. وهم الكفار والمناة وقد وقع كما اخبر صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه لما توفي وانفسنا له الفداء. وصارت الخلافة الى ابي بكر وارتد من ارتد من العرب. فقاتلهم حتى رجعوا ثم جهز الجيوش الى الفرس. وهم اقوى دول العالم في ذلك الزمان فكان سعد رضي الله عنه قائدا عظيما من قواد جيوش المسلمين رئيسا من رؤسائهم. فانتفع به المسلمون. وتضرر به الكافرون فكان هذا مصداقا لخبره صلى الله عليه وعلى اله وسلم معجزة من معجزات نبوته. ثم دعا بعد ذلك لاصحابه عموما فقط فقال اللهم امض لاصحابي هجرتهم. اي تقبلها منهم واجعلها كاملة موفرة. ولا تردهم على اعقابهم. اي لا اتخيبهم ثم قال لكن البائس اي الحزين سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان مات بمكة ان يتوجع له لانه كان مهاجرا ومات في مكة وهذا ليس عليه فيه نقص. وفي هذا الحديث فوائد كثيرة من الاصول فمن ذلك المعجزة العظيمة لرسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. حيث اخبره انه سيخلف. حتى ينتفع به في اقوام وهم مؤمنون. ويضر به اخرون. ومنها عيادة المريض. وهي من المستحبات العظيمة وقيل بوجوبها ولكن الصحيح انها تختلف باختلاف احوال الناس ودرجاتهم. فتجب قيادة من في ترك عيادته عقوق. كالوالدين والاقارب والاصدقاء الاخص ونحو ذلك. وتستحب عيادة غيرهم. ومنها استحباب تذكير تفكيره الوصية. لانه اذا كان يستحب للمسلم ان يكتبها في حال صحته فكيف في حال المرض؟ وينبغي ان يأتي بكلام لطيف. لانه اقرب لحصول المقصود. ومنها انه ينبغي ان يستشير من هو اعلم منه في ذلك ويلزمه النصح له. ومنها انه يلزم من امره ان يكتب وصية فيها حيف او اشهده عليها ان يخبره بانه لا يجوز الحيث ويبين طريق الشرع. ومنها انه لا يجوز الزيادة على الثلث في الوصية وينبغي الا يبلغ الثلث. ولهذا قال ابن عباس لو ان الناس غضوا من الثلث الى الربع فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم قال الثلث والثلث كثير. اي لو انهم قللوا الوصية لكان خيرا لهم. ومنها انه يؤجر في توفير المال لورثته اذا اكتسب ذلك. خصوصا اذا كانوا محاويج. ومنها انه يؤجر في جميع ما ينفقه في حال حياته. اذا ابتغى بذلك وجه الله. اي كان مخلصا حسن القصد. حتى اوجبوا النفقات والزمها نفقة الزوجة ومنها ان المهاجر لا يقيم في الارض التي هاجر عنها. لانه تركها لله فلا يرجع فيها كالهبة والصدقة لا يجوز له الرجوع فيها ومنها انه اذا قام بغير اختياره لمرض ونحوه. فانه معذور لا ينقص بذلك اجره. ومنها ان الله تعالى كمل اجرهم. وتمم للمهاجرين هجرتهم. وقوله ولعلك ان تخلف هذا للتحقيق. لان لعل في كلام الله ورسوله واجبة اي محققة الوقوع. باب الفرائض. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب الفرائض. الفرائض جمع فريضة وهو الواجب شرعا. وهو اعم من اصطلاح الفقهاء. فانه في سلاح العلم بقسمة المواريث. وبعضهم قال في ذلك الوصية. وقد بسط الله تعالى قسمتها في كتابه. ولم يفصل شيء شيئا من الاحكام في القرآن كما فصل المواريث. ولهذا ورد ان الله تعالى لم يكل قسمتها الى ملك مقرب ولا نبي مرسل. وانما تولى قسمته آآ بنفسه فان الانسان اذا مات كان ماله لاولى الناس به وهم اقاربه. وذكر المؤلف حديث ابن عباس في هذا وهو من الاحاديث الجوامع ولما شرح ابن رجب الاربعين النووية وهي اثنان واربعون حديثا فزاد ابن رجب ثمانية احاديث من الجوامع. فتممها خمسين مما زاد حديث ابن عباس هذا. ولما تكلم عليه قال اذا جمع البصير بين حديث ابن عباس هذا وبينما ذكر الله في كتابه من المواريث لم يشذ عن ذلك فمن مسائل الفرائض الا النادر. الحادي والتسعون والمائتان الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم انه قال الحقوا الفرائض باهلها ما بقي فلأولى رجل ذكر. وفي رواية اقسموا المال بين اهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلاولى رجل ذكر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله الفرائض باهلها. وفي الرواية الاخرى. اقسموا المال بين اهل الفرائض على كتاب اي ابدأوا باهل الفرائض. الذين فرض الله لهم فروضهم في كتابه فما بقي بعدهم فهو لاولى رجل ذكر. اي لاقرب العصبة يعلم ان اسباب الارث ثلاثة رحم اي قرابة ونكاح اي عقد الزوجية الصحيحة وولاء اي عتق. فالارث بالنكاح ذكره الله بقوله لكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن اي سواء كان الولد من الزوج او من غيره. سواء كان ذكرا او انثى فهذا ميراث الزوج. ثم ذكر ميراث الزوجات بقوله ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم اي سواء كان الولد من الزوجة او من غيرها. ذكرا او انثى. وهذا ميراث الزوجات. سواء كانت واحدة او اكثر. فلا يزيد ميراثهن فتبين ان لكل من الزوج والزوجة حالتين. فللزوج النصف مع عدم الولد اي ولد الصلب وولد الابن. والربع مع وجود احد من الولد او ولد الابن الزوجة فاكثر نصف حاليه فيهما. والرحم القرابة. وهم الاصول الفروع والحواشي. فالاصول هم من لهم عليك ولادة. والوارثون منهم الاب والام والجد اب الاب وابوه. وان علا بمحض الذكور. والجدات من من كل وجهة اي ام الام وام الاب وام ابي الاب. وان علونا بمحض الاناث فللأم السدس مع الولد او ولد الابن. والثلث مع عدمهم. ولهس سدس مع اثنين فاكثر من الاخوة والاخوات. ولها السدس في زوج وابوين والربع في زوجة وابوين اي ثلث الباقي بعد ميراث احد الزوجين. وهو العمريتان. وللجدة فاكثر السدس. ولكل من الاب والجد السد مع ذكور الولد وولد الابن. ويرثان بالتعصيب مع عدم الولد او ولد الابن وبالفرض والتعصيب مع اناثهما. والاب كالجد مطلقا على الصحيح من كل جهة. والقربى تحجب البعد. والاب يحجب الاجداد والاقرب يحجب الابعد. والفروع هم من لك عليهم ولادة والوارثون منهم اولاد الصلب الذكور والاناث. واولاد لابن ذكورهم واناثهم واما اولاد البنت فانهم من ذوي الارحام. كالاخوال وابي الام فللبنت النصف وللثنتين فاكثر الثلثان. وكذلك بنات الابن مع عدم اولاد الصلب ولبنت الابن فاكثر مع البنت السدس تكملة الثلثين فان استكمل الثلثين بنات او بنات ابن سقط من دونهن ان لم يعصبن هن ذكر بازائهن او انزل منهن. والحواشي هم من عدا الاصول والفروع فمن ذلك الاخوات من كل جهة. والاخوة من الام. فللأخت الشقيقة النصف وللثنتين فاكثر الثلثان. وللاخت لاب فاكثر السدس مع الشقيقة ويسقطن باستكمال الشقيقات الثلثين. ان لم يعصبهن اخوهن كالشقيقات مع عدم اولاد الابوين. والاخوة للام ذكرهم واناثهم سواء لانهم يرثون بالرحم المجردة. للواحد منهم السدس فاكثر الثلث. ولا يرثون الا مع عدم الاصول الذكور. والفروع مطلقا ومن الحواشي بنو الاخوة لا من الام. والاعمام لا من الام وبنوهم وجهات العصوبة خمس. البنوة ثم الابوة ثم الاخوة وبنوهم ثم الاعمام وبنوهم ثم الولاء. يقدم من ذلك الاقرب جهة. ثم الاقرب اقرب منزلة ثم الاقوى. وهو الشقيق والبنت مع اخيها. وبنت لابن مع من في من الذكور. والاخت الشقيقة مع اخيها. والاخت لاب مع اخيها عصبة للذكر مثل حظ الانثيين. لان ذكور الورثة مع اخواتهم على ثلاثة قسم للذكر مثل حظ الانثيين وهم هؤلاء. وقسم الذكر والانثى سواء. وهم الاخوة للام وذو الارحام. لانهم يرثون رحم المجردة. وقسم المال للذكر دون الانثى. وهم باقي الورثة كابناء الاخوة والاعمام وبنيهم مع اخواتهم. فالمال للذكر دون الانثى وفي الحديث دليل على ان العاص بان انفرد اخذ المال. وان كان مع ذي فرض اخذ الباقي بعد اصحاب الفروض. وان لم يبق بعد الفروض شيء سقط وفيه دليل على انه لا بين الاخوة في الحمارية وهي زوج وام واخوة لام واخوة اشقاء. فللزوج النصف وللام السدس وللاخوة للام الثلث. ويسقط الاشقاء لانهم عصبة وقد استغرقت الفروض التركة فيسقطون. وقد وقعت في زمان امير مؤمنين عمر مرتين. فمرة اسقط الاشقاء ومرة شرك بينهم والصحيح اسقاطهم لقوله. الحقوا الفرائض باهلها. وفيه صحة العون لانه امر بالحاق الفرائض باهلها. فاذا ضاق المال عنهم فقد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. سددوا وقاربوا. اي جميع ما امرتم به. فان عجزتم عن الكمال فقاربوا الكمال كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه وما استطعتم. فتجعل الفروض كالديون التي ضاق المال عنها. فينقص كل واحد بقدر فرضه. كما انه اذا لم تستكمل الفروض. ولم يوجد نصيب رد على كل فرض بقدره. وقوله فلاولى رجل ذكر. قوله اما لتأكيد واما لانهم كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار فقال ذكر لان لا يوهم ان قوله رجل خاص بالكبار. فقال ذكر ليعم الصغير والكبير. الثاني والتسعون والمائتان الحديث الثاني عن اسامة بن زيد رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اتنزل غدا في دارك بمكة؟ فقال وهب ترك لنا عقيل من رباع او دور. ثم قال لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته قوله في حديث اسامة قلت يا رسول الله اتنزل غدا في دارك بمكة الى اخره. قال ذلك يوم الفتح فقال وهل ترك لنا عقيل؟ اي ابن ابي طالب. فانه تولى على بيوت بني هاشم الذين اسلموا وهاجروا. منهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعلي وغيرهم. ممن اسلم وهاجر. ثم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. اي لان سبب الارث القرابة والاتصال هذا قال تعالى في كتاب الله. فالسبب الولاية والاتصال. واعظم ما في ذلك اختلاف الدين. فهو مبطل للتوارث حتى بين الوالد وولده وهل يتوارث الكفار بينهم؟ مذهب الامام احمد ان ملل شتى فلا يرث اهل ملة اهل الملة الاخرى. وقد ورد لا يتوارث اهل اثنتين شتى ويتوارث اهل الملة الواحدة فيما بينهم كالمسلمين وموانع الارث ثلاثة. اختلاف الدين والرق والقتل. كما ان اسبابه ثلاثة رحم ونكاح وولاء. ولا يتم الا بوجود سبب وانتفاء موانعه. وقوله لا يرث المسلم الكافر الى اخره هل هذا عام انه لا يرثه بالرحم والنكاح والولاء؟ كما هو مذهب الائمة الثلاثة وجمهور العلماء ام يستثنى من ذلك الولاء؟ كما هو مذهب الامام احمد. ويعتضد للجمهور بعموم اللفظ. وحجة الامام احمد ان الولاء سببه العتق. وهو اثر الملك السابق. وهو ثابت للمسلم والكافر وورد لا يرث المسلم الكافر الا بالولاء. ولا الكافر المسلم الا بالولاء ولو ثبت لكان فاصلا للنزاع. ولكن ضعفه كثير من العلماء الثالث والتسعون والمائتان. الحديث الثالث. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الولاء وهبته. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر نهى عن بيع الولاء وهبته ذكر البيع وفيه النهي عنه وعن جميع المعاوضات فيه. فلا يعاوض عن الولد ونهى عن هبته وهو عام لجميع عقود التبرعات. فهو كما تقدم لحمة كلحمة النسب. اي فكما لا يصح بيع النسب وهيبته. فلا لا يجوز بيع الولاء وهبته. والولاء هو ولاء العتاقة. اي ان من اعتق وانسانا او عتق عليه فله ولاءه وولاء ذريته. فالولاء تبع للاب في الولاء ان كان معتوقا. والا فان كان رقيقا والام كن فاولياؤها اولياؤهم. فان اعتق الاب بعد ذلك انجر الولاء ولاء الاولاد لموالي الاب. لان الاولاد تبع للاب في الولاء. وتبع الام في الحرية والرق وتبع لخيرهما في الدين. وتبع لشرهما في الطهارة والنجاسة. كالبغل يتولد بين الفرس والحمار. فهو تبع للحمار في النجاسة والولاء هو المرتبة الخامسة من مراتب العروبة كما تقدم. فاذا مات فانسان وخلف اما وبنتا ومولاه. فللام السدس وللبنت النصف والباقي المولى تعصيبا. وان لم يخلف الا المولى فله المال كله. وان لم المولى المباشر للعتق. فلمعصبته من النسب المتعصبون بانفسهم فان لم يوجدوا فلموالي المولى. وها هنا مسألة تسمى مسألة فضائي ان كانت ثابتة. والا فالظاهر انها لا تثبت. وهي ابن وبنت اشترى يا اباهما ومن المعلوم انه يعتق عليهما من حين دخوله في ملكه فيهما ثم اشترى الاب عبدا فاعتقه. ثم مات الاب فورثه الابن والبنت للذكر مثل حظ الانثيين. ثم مات عتيق الاب وليس له ورثة فميراثه للابن دون البنت. لانه ابن معتقه. وهو عاصب بنفسه عصوبة نسب. وذكروا عن الامام مالك انه قال سألت عنها سبعين قاضية فكلهم اخطأوا فيها. والظاهر ان ذلك لا يثبت. وينبغي في ان يعلم ان الارث بالولاء. اذا كان الولاء بين شركاء يكون على قدر املاكهم فلو اعتق ثلاثة مثلا عبدا لواحد الثلث وللاخر النصف وللاخر السدس. ثم مات. فلمن اعتق نصفه نصف ما له. ولصاحب الثلث ثلثه ولصاحب السدس سدسه. ولو كان لانسان واخته عبد له ثلثه ولها الثلثان فاعتقاه جميعا. ثم مات فورثاه. فله الثلث ولاخرى اخته الثلثان على قدر ملكيهما. الرابع والتسعون والمائتان الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها انها قالت كانت في بريرة ثلاث سنن. خيرت على زوجها حين عتقت. واهدي لها لحم فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والبرمة على النار فدعا بطعام فاوتي بخبز وادمن من ادم البيت. فقال لم ارى البرمة على النار فيها لحم. فقالوا بلى يا رسول الله. ذلك له تصدق به على بريرة. فكرهنا ان نطعمك منه. فقال هو عليها لا صدقة وهو منها لنا هدية. وقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيها. انما الولاء لمن اعتق. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة رضي الله عنها كانت في بريرة ثلاث سنن. اي ان هذه السنن الثلاث كانت هي السبب في شرعها. وهذه من فضائل الصحابة التي لم يلحقهم فيها احد فان غالب الاحكام الشرعية يكون سببها احد الصحابة رضي الله عنهم كما شرعت تيمم بسبب ام المؤمنين عائشة لما ضاع عقدها وانحبس الجيش في طلبه ولا ماء معهم. فنزلت اية التيمم فقال اسيد بن الحضير ما هذه باول بركتكم يا ال ابي بكر ثم ذكرت الثلاثة على التفصيل فقالت خيرت على زوجها حين عتقت كيف كان فيه انه اذا عتقت الامة تحت عبد فلها الخيار. ان شاءت فسخت وان شاءت بقيت على نكاحها. لانها ملكت منافعها. ويشترط كون الزوج رقيقا. فلو عتقت تحت حر فلا خيار لها. لان زوج بريرة كان عبدا وهو مغيث. وقيل كان حرا ولكنه قول شاذ. وكانت عائشة اذا ارادت ان تعتق الامة وزوجها الرقيق. بدأت بالزوج لان لا تفسخ ويسقط الفسخ برضاها. او تمكينه من نفسها بعد العلم بالعتق وان له فهل فسخ السنة الثانية؟ قالت واهدي لها لحم. اي لبريرة فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والبرمة على النار والبرمة هي اناء الفخار. وهي غالب انيتهم في ذلك الزمان ونادر ان يوجد عند بعضهم انية خشب. فدعا بطعام فاوتي بخبز وادم من ادم البيت. اي اما لبن واما سمن ونحو ذلك فقال الم ارى البرمة على النار فيها لحم؟ قالوا بلى يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة. فكرهنا ان نطعمك منه. اي لانه لا يأكل الصدقة. لانها اوساخ الناس. ومن هذا حرم على بني هاشم وبني المطلب الاخذ من الزكاة الواجبة. دون صدقة النفل. وهو صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يأكل النوعين. الواجبة والنفل لكماله ولهذا من جملة الادلة التي استدل بها سلمان على نبوته. لما امتنع من اكل الصدقة واكل الهدية. فلما اخبروه بذلك قال هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية. كيف يحل له؟ لانه لم يحرم لعينه فان المال اذا حرم لعينه حرمت تناوله بكل حال. واما اذا لسبب فانه يزول بزواله. فاذا اخذ الفقير من الزكاة لفقره جاز ان يهبها الى الغني. او الى من لا يجوز دفع الزكاة اليه انه زال السبب المحرم. وكذلك في هذا. السنة الثالثة قالت وقال فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انما الولاء لمن اعتق اي كما تقدم لما اشترط اهلها ان لهم الولاء خطبهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقال انما الولاء لمن اعتق. اي باشر والعتق وتسبب له