ومما يتعلق به سرور الحياة ونعيمها او همها وغمها معاشرة الخلق على اختلاف طبقاتهم فمن عاشرهم بما يدعو اليه الدين استراح. ومن عاشرهم بحسب ما تدعو اليه الاعراض النفسية فلا لابد ان يكون عيشه كدرا وحياته منغصة. وتوضيح ذلك ان الناس ثلاثة اصناف. رئيس مرؤوس ونظير. اما من له رئاسة حكم او ثروة وله اتباع وحاشية فله معهم حال حالة فيما يفعله معهم. وحالة فيما يصيبه من اتباعه من خير وشر. وموافق للطبع ومخالف له. فان هو حكم الدين والشرع في الحالتين استراح وله اجر من الله. اذا استعمل العدل معهم واستعمل النصح والاحسان وقابل المسيء منهم بالعفو وشكرهم على فعل المعروف والخير مبتغي بذلك وجه الله. وايضا فانه اذا تأمل فيما فعله من خير اطمأنت نفسه وانشرح صدره فاين هذا من الرئيس الذي لا يبالي بظلم الناس في دمائهم واموالهم واعراضهم. ولا يبالي بسلوك في طرق العدل والانصاف. وليس له صبر على اية اذية تصيبه من رعيته. فهو من اتباعه في نكد المستمر ورعيته قد ملئت قلوبهم من مقته وبغضه. يتربصون به الدوائر والفرص حتى اذا توقع في اقل شيء اعانوا عليه اعدى اعدائهم. فهو معهم غير مطمئن على حياته ولا نعمته. لا لمتى تفجؤه البلايا ليلا او نهارا هذه حالة الرئيس على وجه الاجمال. واما حالة المرؤوس فان اطاع الدين في وظيفته واطاع حاكمه او سيده او والده واستعمل الاداب الشرعية في معاملته والاخلاق المرضية فهو مع طاعته لله ولرسوله قد استراح واراه. وطابت عنه هو نفس رئيسه وامن عقوبته وامل احسانه وبره ومحبته. واما من تعدى طوره عصا متبوعه والتوى فانه لا يزال متوقعا لانواع المضار يمشي خائفا وجلا لا يقر له قرار ولا يستريح له بال. واما حالة النظير المساوي فان جمهور من تعاشرهم من الخلق اذا خالقتهم بالخلق الحسن اطمأنت نفسك وزالت عنك الهموم. لانك تكتسب بذلك مودتك وتخمد عداوتهم مع ما ترجوه من عظيم ثواب الله على هذه العشرة التي هي من افضل عبادات فان العبد يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم. وحسن الخلق له خاصية في فرح نفس لا يعرف ذلك حق معرفته الا المجربون. فاين حال هذا ممن عاشر الناس باسوأ الاخلاق فخيره ممنوع وشره غير مأمون وليس له اقل صبر على ما يناله من المكدرات فهذا قد تنغصت عليه حياته وحضرته همومه وحسراته. فهو في عناء حاضر ويخشى من الشقاء الاجل. واما معاشرته مع اهله واولاده ومن يتصل به فانه يتأكد عليه القيام بالحقوق اللازمة تامة لا نقص فيها ولا تورم. فمن عامل هؤلاء بما امر الله ورسوله راجيا بقيامه به ثواب ربه ورضاه. عاش معهم عيشة راضية. ومن كان معهم في نكد وسوء خلق مع الصغير والكبير يخرج من بيته غضبان ويدخل على اهله وولده متكدرا ما الان اي حياة لمن كانت هذه حالة؟ وما الذي يرجوه حيث ضيع ما فيه فرحه ومسراته؟ واما عشرته مع معامليه فان استعمل معهم النصح والصدق وكان سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى سمحا اذا فقضى سمحا اذا اقتضى حصلت له الرحمة وفاز بالشرف والاعتبار. واكتسب مودة معامليه ودوام معاملتهم. ولا يخفى ما في ذلك من طيب الحياة وسرور النفس. وما في ضدها من سوء الحال وسقوط الشرف وتنغص الحياة. والفارق بين الرجلين هو الدين. فصاحب الدين منبسط النفس مطمئن فان القلب فقد تبين لك ان السعادة واللذة الحقيقية بجميع انواعها تابعة للدين