المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لما اخبر عن رسالة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم. واخبر برسالة خاتمهم محمد وشهد بها وشهدت ملائكته لزم من ذلك ثبوت الامر المقرر والمشهود به. فوجب تصديقهم والايمان بهم واتباعهم. ثم توعد من كفر بهم. ان الذي كفروا وصدوا عن سبيل الله اي جمعوا بين الكفر بانفسهم وصدهم الناس عن سبيل الله. وهؤلاء هم ائمة الكفر ودعاة الضلال قد ضلوا ضلالا بعيدا. واي ضلال اعظم من ضلال من ضل بنفسه واضل غيره. فباء بالاثنين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان. ولهذا قال ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ان يهديهم طريقا ولا ليهديهم طريقا الا طريق فيها خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا ان الذي حين كفروا وظلموا وهذا الظلم هو زيادة على كفرهم. والا فالكفر عند اطلاق الظلم يدخل فيه. والمراد بالظلم هنا اعمال الكفر والاستغراق فيه. فهؤلاء بعيدون من المغفرة والهداية للصراط المستقيم. ولهذا قال لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا الا طريق جهنم. وانما تعذرت المغفرة لهم والهداية لانهم استمروا في طغيانهم وازدادوا في كل فطبع على قلوبهم وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا. وما ربك بظلام للعبيد. وكان ذلك على الله يسير اي لا يبالي الله بهم ولا يعبأ. لانهم لا يصلحون للخير ولا يليق بهم الا الحالة التي اختاروها لانفسهم يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خيرا لكم يأمر تعالى جميع الناس ان يؤمنوا ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر السبب الموجب للايمان به. والفائدة من الايمان به. والمضرة من عدم الايمان به. فالسبب الموجب هو اخباره بانه جاءهم بالحق. اي فمجيئه نفسه حق. وما جاء به من الشرع حق فان العاقل يعرف ان بقاء الخلق في جهلهم يعمهون. وفي كفرهم يترددون. والرسالة قد انقطعت عنهم غير لائق بحكمة الله ورحمته. فمن حكمته ورحمته العظيمة نفس ارسال الرسول اليهم ليعرفهم الهدى من الضلال والغي من الرشد مجرد النظر في رسالته دليل قاطع على صحة نبوته. وكذلك النظر الى ما جاء به من الشرع العظيم والصراط المستقيم. فان فيه من الاخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة. والخبر عن الله وعن اليوم الاخر. ما لا يعرفه الا بالوحي والرسالة. وما فيه من امري بكل خير وصلاح ورشد وعدل واحسان وصدق وبر وصلة وحسن خلق ومن النهي عن الشر والفساد والغي ظلم وسوء الخلق والكذب والعقوق. مما يقطع به انه من عند الله. وكلما ازدادوا به العبد بصيرة ازداد ايمانه ويقينه فهذا السبب الداعي للايمان. واما الفائدة في الايمان فاخبر انه خير لكم. والخير ضد الشر. فالايمان خير للمؤمنين في ابدانهم وقلوبهم وارواحهم ودنياهم واخراهم. وذلك لما يترتب عليه من المصالح والفوائد. فكل ثواب عاجل واجل. فمن ثمرات الايمان فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح. والسرور والافراح والجنة. وما اشتملت عليه من النعيم كل ذلك سبب عن الايمان. كما ان الشقاء الدنيوي والاخروي من عدم الايمان او نقصه. واما مضرة عدم الايمان به صلى الله عليه وسلم فيعرف بضد ما يترتب على الايمان به. وان العبد لا يضر الا نفسه. والله تعالى غني عنه تضره معصية العاصين. ولهذا قال فان لله ما في السماوات والارض. اي الجميع خلقه وملكه وتحت تدبير وتصريفه وكان الله عليما بكل شيء حكيما في خلقه وامره فهو العليم بمن يستحق الهداية والغواية الحكيم في وضع الهداية والغواية موضعهما