المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خطبة في من سلك طريقا يلتمس فيه علما. الحمد لله الذي وسع كل شيء رحمة وعلما. وحكم بشرعه على المكلفين ومن احسن من الله حكما ووفق من اختارهم واراد بهم خيرا فاعطاهم ايمانا ويقينا وعلما وحباهم من فضله عرفانا وفقه هو فاهمة واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي انزل عليه. وقل رب زدني الماء اللهم صل وسلم على محمد وعلى اله واصحابه الذين هم ابر الخلق قلوبا واغزرهم علوما واكملهم عزما وحزم. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان طلب العلم من اعظم الواجبات وافضل القربات والطاعات. وان من اراد خيرا فقهه في الدين. ومن لم يرد به خيرا اعرض عما وجب عليه من العلم. فاصبح من الخاسرين. فان الله فرض عليكم فرائض لا تتمكنون من ادائها الا بتعلم احكامها. ولا تدركون سلوك الطريق المستقيمة الا بالتمييز بين حلالها وحرامها وعلى كل عبد ان يتعلم ما يهتدي به الى الخير والصواب. حاجته الى العلم اعظم من حاجته الى الطعام والشراب. واعلموا ان الاشتغال بالعلم من اكبر الحسنات والحسنات يذهبن السيئات. والاشتغال به افضل الذكر والصلاة. فان مذاكرته تسبيح والبحث عنه وجهاد وتعلمه ودراسته توجب رضا رب العباد. قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة. وما جلس قوم مجلس ذكر الا حفتهم الملائكة. وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده. وقال صلى الله عليه وسلم اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا وما رياض الجنة؟ قال الذكر افيحسن بالحازم ان يزهد في رياض فيها من العلوم كل زوج بهيج ويستبدلها بمجالس اللغو واللهو وكل امر مريج كيف يرضى ان يكون في امور دنياه من احذق الحاذقين وفي امور دينه من الهمج الرعاع الذين لا يعرفون شيئا. ان هذا والضلال المبين. تالله لقد اختار الادنى الخسيس على الحظ الغالي النفيس ورضي بمشاركة البهائم وزهد في خصال اهل المكاره فاغضوا رحمكم الله متعلمين مجتهدين. فان لم تكونوا كذلك فاحضروا مجالس العلم لتكونوا من المستمعين. فمن كان معرضا عن متعلما ولا مستمعا اصبح من الهالكين. فوالله لمسألة يتعلمها احدكم فيفهمها ويعمل بها خير له من دنيا وما فيها ولا حضوركم في مجالس الذكر خير وانفع لكم من مجالس لا نفع لكم فيها. والعلم خير من المال. العلم يحرسك وانت تحرس المال العلم زينة لك في الحياة ونجاة لك بعد الممات. وذخر لك عند رب العالمين. وزاد يوصلك الى عليين تمشي به في الظلمات وحرز يقي صاحبه الهلكات. رحم الله عبدا عرف قدر العلم فاجتهد في طلبه واستحلى في ذلك مشقة نصبه وتعبه فعند الصباح يحمد القوم السرى وعند النجاح يجد العبد ما قدمه من خير محضرا. فان لله ملائكة حين يلتمس حلق الذكر فيجتمعون لحضور العلم والذكر ويحفونهم باجنحتهم الى السماء الدنيا. فاذا فرغوا وصعدوا الى ربهم لهم ربهم وهو اعلم بهم ما يقول عبادي. قالوا يسبحونك ويكبرونك ويمجدونك. فيقولون لا والله يا ربنا ما رأوك فيقول كيف لو رأوني؟ فيقولون لو رأوك كانوا اشد لك عبادة واشد لك تمجيدا واكثر لك تسبيحا. فيقول فما يسألون فيقولون يسألونك الجنة فيقولوا هل رأوها؟ قالوا لا والله يا ربنا ما رأوها. فيقول وكيف لو رأوها؟ فيقولون انهم رأوها كانوا اشد عليها حرصا واشد لها طلبا واعظم فيها رغبة. قال فمما يتعوذون؟ قال يقولون من النار فيقولوا هل رأوها؟ فيقولون لا والله يا ربي ما رأوها. فيقول وكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اشد فمنها فرارا واشد لها مخافة. فيقول الله فاشهدكم اني قد غفرت لهم. فيقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم انما جاء لحاجة قال الله هم الجلساء لا يشقى جليسهم فاعطيتهم ما سألوا واجرته هم مما استجاروا. قال تعالى قائما ساجدا وقائما يحذر الاخرة. يحذر الاخرة ورحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر اولوا الالباب. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما في فيه من الايات والذكر الحكيم