المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي واتل عليهم نبأ ابني ادم بالحق. اي قص على الناس واخبرهم بالقضية التي جرت على ابن ادم بالحق. تلاوة بها المعتبرون صدقا لا كذبا وجدا لا لعبا. والظاهر ان ابني ادم هما ابناء لصلبه كما يدل عليه ظاهر الاية والسياق وهو قول جمهور المفسرين ايتل عليهم نبأهما في حال تقريبهما للقربان. الذي اداهما الى الحال المذكورة. اذ قربا كان اي اخرج كل منهما شيئا من ماله لقصد التقرب الى الله. فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر. بان علم ذلك بخبر من السماء او بالعادة السابقة في الامم ان علامة تقبل الله للقرآن ان تنزل نار من السماء فتحرقه. قال الابن الذي لم يتقبله منه للاخر حسدا وبغيا لاقتلنك. فقال له الاخر مترفقا له في ذلك. انما يتقبل الله من المتقين اي ذنب لي وجناية توجب لك ان تقتلني الا اني اتقيت الله تعالى الذي تقواه واجبة علي وعليك وعلى كل احد واصح اقوالي في تفسير المتقين هنا اي المتقين لله في ذلك العمل. بان يكون عملهم خالصا لوجه الله. متبعين فيه لسنة رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ثم قال له مخبرا انه لا يريد ان يتعرض لقتله لا ابتداء ولا مدافعة. فقال امين. لان بسطت الي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك. وليس ذلك جبنا مني ولا عجزا وانما ذلك لاني اخاف الله رب العالمين. والخائف لله لا يقدم على الذنوب. خصوصا الذنوب الكبار. وفي هذا تخويف لمن يريد القتل وانه ينبغي لك ان تتقي الله وتخافه وذلك اني اريد ان تبوء اي ترجع باثمي واثمك. اي انه اذا دار الامر بين ان اكون قاتلا او تقتلني. فاني اوثر ان تقتلني تبوء بالوزرين فتكون من اصحاب النار. وذلك جزاء الظالمين. دل هذا على ان القتل من كبائر الذنوب. وانه موجب لدخول النار فلم يرتدع ذلك الجانب ولم ينزجر ولم يزل يعزم نفسه ويجزمها. حتى طوعت له قتل اخيه الذي يقتضي الشرع والطبع احترامه. فقتله فاصبح من الخاسرين دنياهم واخرتهم. واصبح قد سن هذه السنة لكل قاتل. ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ولهذا ورد في الحديث الصحيح انه ما من نفس تقتل الا كان على ابن ادم الاول شطر من دمها لانه اول من سن قتل فلما قتل اخاه لم يدري كيف يصنع به. لانه اول ميت مات من بني ادم فبعث الله غرابا يبحث في الارض اي يثيرها ليدفن غراب من اخر ميتا ليريه بذلك كيف يواري سوءة اخيه. اي بدنه لان بدن الميت يكون عورة. فاصبح من وهكذا عاقبة المعاصي الندامة والخسارة ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الارض يقول تعالى من اجل ذلك الذي ذكرناه في قصة ابني ادم وقتل احدهما اخاه وسنه القتل في من بعده هو ان القتل عاقبته وخيمة وخسارة في الدنيا والاخرة. كتبنا على بني اسرائيل اهل الكتب السماوية انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض اي بغير حق. فكانما قتل الناس جميعا. لانه ليس معه داع يدعوه الى التبيين. وانه لا يقدم على القتل الا بحق. فلما تجرأ على قتل النفس التي لم تستحق القتل. علم انه لا فرق عنده بين هذا المقتول وبين غيره. وانما ذلك بحسب ما تدعوه واليه نفسه الامارة بالسوء. فتجرؤه على قتله كانه قتل الناس جميعا. وكذلك من احيا نفسه اي استبقى احدا فلم يقتله ومع دعاء نفسه له الى قتله فمنعه خوف الله تعالى من قتله. فهذا كانه احيا الناس جميعا. لان ما معه من الخوف يمنعه من قتل من لا يستحق القتل ودلت الاية على ان القتل يجوز باحد امرين. اما ان يقتل نفسا بغير حق متعمدا في ذلك. فانه يحل قتله ان كان مكلفا مكافئا ليس بوالد للمقتول. واما ان يكون مفسدا في الارض بافساده لاديان الناس او ابدانهم او اموالهم كالكفار المرتدين والمحاربين والدعاة الى البدع الذي لا ينكف شرهم الا بالقتل. وكذلك قطاع الطريق ونحوهم ممن يصول على الناس لقتلهم او اخذ اموالهم ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات. التي لا يبقى معها حجة لاحد ثم ان كثيرا منهم اي من الناس بعد ذلك البيان القاطع للحجة الموجب للاستقامة في الارض لمسرفون في العمل بالمعاصي ومخالفة الرسل الذين جاءوا بالبينات انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا اي ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم المحاربون لله ورسوله هم الذين بارزوه بالعداوة وافسدوا في الارض بالكفر والقتل واخذ الاموال واخافة السبل. والمشهور ان هذه الاية الكريمة في احكام قطاع الطريق الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي فيغصبون اموالهم ويقتلونهم ويخيفونهم. فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها فتنقطع وبذلك فاخبر الله ان جزاءهم ونكالهم عند اقامة الحد عليهم ان يفعل بهم واحد من هذه الامور. واختلف المفسرون هل ذلك على التخيير وان كل قاطع طريق يفعل به الامام او نائبه ما رآه مصلحة من هذه الامور المذكورة. وهذا ظاهر اللفظ. او ان عقوبتهم كونوا بحسب جرائمهم فكل جريمة لها قسط يقابلها. كما تدل عليه الاية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى. وانهم ان قتلوا واخذوا مالا تحتم قتلهم وصلبهم حتى يشتهروا ويختزوا ويرتدع غيرهم. وان قتلوا ولم يأخذوا مالا تحتم قتلهم فقط. وان خذوا مالا ولم يقتلوا تحتم ان تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف. اليد اليمنى والرجل اليسرى. وان اخاف الناس ولم يقتلوا ولا اخذوا ما نفوا من الارض فلا يتركون يؤوون في بلد حتى تظهر توبتهم. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وكثير من الائمة على اختلاف في بعض التفاصيل. ذلك كالنكال لهم خزي في الدنيا اي فضيحة وعار. ولهم في الاخرة عذاب عظيم. فدل هذا انقطع الطريق من اعظم الذنوب موجب فضيحة الدنيا وعذاب الاخرة. وان فاعله محارب لله ولرسوله. واذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة. علم ان تطهير الارض من المفسدين وتأمين السبل والطرق عن القتل واخذ الاموال واخافة الناس من اعظم الحسنات واجل الطاعات. وانه اصلاح في الارض كما ان ضده افساد في الارض ان الله غفور رحيم. الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم اي من هؤلاء المحاربين. فاعلموا ان ان الله غفور رحيم. اي فيسقط عنه مكانا لله من تحطم القتل والصلب والقطع والنفي. ومن حق الادمي ايضا ان كان المحارب كافرا ثم اسلم. فان كان المحارب مسلما فان حق الادمي لا يسقط عنه. من القتل واخذ المال. ودل مفهوم الاية على ان توبة المحال بعد القدرة عليه انها لا تسقط عنه شيئا. والحكمة في ذلك ظاهرة. واذا كانت التوبة قبل القدرة عليه تمنع من اقامة الحد في قرابة فغيرها من الحدود اذا تاب من فعلها قبل القدرة عليه من باب اولى