منهم الاسرار فصار الاخلاص قرينهم فيما ينوون وما يعلمون وما يفعلون ويذرون. والانابة الى الله مخالفة لهم في عاداتهم وعباداتهم فله في كل وقت يتألهون. واليه في مهماتهم وملماتهم يلجأون المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خطبة عظيمة في عباد الله المخلصين. الحمد لله الذي غرس شجرة الايمان والتوحيد في قلوب عباده المخلصين ان فلم يزل يربي هذه الشجرة وينميها وينقيها من الاكدار. ومن معين الاسلام يسقيها حتى تمت وكملت واتت اكلها باذن ربها كل حين. ولم يزل يوالي عليهم النعم الظاهرة والباطنة حتى تم كمالها وصاروا وائمة المخلصين. فعرفوا ما له من صفات الكمال وما يستحقه من غاية المجد والعظمة والكبرياء والجلال تلأت قلوبهم من اجلاله وتكريمه وهيبته ومحبته وتعظيمه فذلوا لعظمته منكسرين. ولجلاله وكبريائه ومجده خاضعين. ثم تفكروا فيما له من صفات الرحمة والجمال والبر والمواهب والمنن المتنوعة والنوال طارت افئدتهم بالشوق اليه والوداد. وتعلقت بمراضيه وكل ما يوصل اليه من طرق الرشاد. ثم لاحظوا الى احاطة علمه المحيط بحركاتهم وسكناتهم وبواطنهم وظواهرهم وما يبدون وما يخفون وسمعه لما يسرون وما يعلنون نوى انه بصير بكل ما يعلمون. فحرصوا قلوبهم من السكون والميل الى الاغيار. وراقبوه في احوالهم كلها حتى صفت ومنه يستمدون المعونة واليه يرجعون. ثم تفكروا في تفرده بالخلق والتدبير والقضاء والتقدير العطاء والمنع والنفع والضر. وان الامور كلها بيديه ونواصي الخلق منقادة لمشيئته وقدرته. وان الخلق خلقه والامر امره والحكم حكمه والقضاء قضاؤه لا ينازعه في ذلك منازع ولا يعارضه معارض فشهدوا ضرورتهم التامة وفقرهم اليه والقوا مقاليدهم وفوضوا امورهم اليه. والتجأوا اليه وتوكلوا عليه. وتبرأوا من حولهم وقوتهم ولم يكن لهم الى غير ربهم التفات. لعلمهم ان الخلق ليس لهم من الامر شيء وانما الامر بيد مدبر العلويات والسفليات ثم تلمحوا ما اوصلهم اليه ربهم من النعم العظيمة وما منحهم من المواهب الجسيمة. حيث اوجدهم وعافاهم واعطاهم هم القوى الظاهرة والباطنة. ثم تابع عليهم النعم التي لا تحصى. ثم اكمل ذلك بارسال الرسل وانزال الكتب. والمنة العظمى بالرسول الكريم والقرآن العظيم والهداية الى الصراط المستقيم. وما اشتمل ذلك عليه من علوم نافعة واعمال من صالحة واخلاق كريمة ومعارف متنوعة. بحيث لا يتمكنون من عدها ولا من احصاء بعضها. فاحبوه لما يغزوه من نعمه وصفا ودادهم له لما يوصلهم اليه من كرمه. واطمأنت قلوبهم بذكره. واعترفوا انه لا يستحق التألق والحمد والثناء والشكر الا من انفرد بالاتيان بالحسنات ودفع المكروهات والسيئات. الذي ما بالعباد من نعمة الا الا منه واذا اصابهم الضر فاليه يجأرون. فهو الذي اوجدهم وامدهم بالنعم الظاهرة والباطنة. ثم لما علموا ان انه المنفرد بغفران الذنوب وانه الغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى. وانهم مضطرون لمغفرة ذنوبهم وستر عيوبهم كما هم مضطرون لحصول منافعهم ومطلوبهم. فتابوا اليه واستغفروه وانابوا اليه واستعتبوه لعلمهم انه لا يغفر الذنوب الا هو. ولا يجيب المضطر ويكشف السوء الا هو سبحانه. ثم لم ما عرفوا انه المقصود في جميع الحوائج وان اهل السماوات والارض يسألونه جميع مطالبهم الدينية والدنيوية والاخروية وانه الصمد حقا. الغني بذاته حقا. وان الخلق مفتقرون اليه في امورهم كلها. وان مطالب السائلين وحوائج الخلق اجمعين. تعلقوا قلوبهم بربهم الذي رباهم باصناف النعم. وطمعوا في فضله واحسانه وتوحد رجاؤهم لجوده وامتنانه فدعوه في جميع اوقاتهم ملحين. وسألوه خوفا وطمعوا وتنوعوا في لمطالبهم متضرعين. وتعرضوا لنفحات رحمته مجدين. لعلمهم انه المنفرد بقضاء حوائج السائلين. فلم يبق مطلب من مطالبهم الا انزلوه بربهم لعلمهم انه ارحم الراحمين. واجود الاجودين وخير المسئولين المؤملين ثم لما نظروا الى المخلوقات رأوا النقص مستوليا عليها من جميع الجهات والفقر وصف لها بجميع الوجوه لاعتبارات وانه ليس لها شيء ولا منها شيء ولا لها من الامر شيء. وانها لا تملك نفعا ولا ضرا ولا ولا حياة ولا نشورا. فربأوا بانفسهم عن الشرك قليله وكثيره. وصغيره وكبيره. حيث لم يعلقوا بها قلوبهم ولا التفتوا لها في شيء من مطلوبهم. ورأوا ان اعظم الجهل والظلم التأله والتعبد لشيء منها خوف انه رجاء او تعظيما او طلبا او هربا. وانزلوها بالمنزلة التي انزلها فيها خالقها. والمدبر لها فاحبوا منها ما احبه سيدهم وكرهوا منها ما كره ووانوا منها ما والاه وعادوا من عاداه. وتقربوا بموافقته في الحب والبغض والولاية والعداوة. فعاملوا الله فيهم فربحوا في تلك المعاملة اعظم ربح. فصار هذه المعارف الجليلة هي الاساس الاعظم لسيرهم الى ربهم الكريم. ولزومهم للصراط المستقيم حتى كانك اليقين والانابة ملء قلوبهم والصدق والاخلاص لله ساق اعمالهم وسلوك طريق المتابعة للرسول موضع وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الوهيته وربوبيته ونعوت كماله وجوده وافضاله. وان محمدا عبده ورسوله الذي فضله بوحيه وارساله وخلقه العظيم وعلومه واعماله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى اله واصحابه والتابعين له في جميع احواله وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون