الصدق ومؤيد لدعوته وحاكم بشريعته وموافق له في اكثر الامور الشرعية. وقد يكون عيسى عليه السلام اخف في بعض الاحكام كما قال تعالى عنه انه قال لبني اسرائيل ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم. واتيناه الانجيل والاحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة فما شهد له بالصدق فهو المقبول وما شهد له بالرد فهو مردود. قد دخله التحريف قيل والا فلو كان من عند الله لم يخالفه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بالسن والجروح قصا ومن لم يحكم بما وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين هذه الاحكام من جملة الاحكام التي في التوراة يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار. ان الله اوجب عليهم فيها ان النفس اذا قتلت تقتل بالنفس بشرط العمد والمكافأة. والعين تقلع بالعين والاذن تؤخذ بالاذن. والسن ينزع بالسن ومثل هذه ما اشبهها من الاطراف التي يمكن الاقتصاص منها بدون حيف. والجروح قصاص والاقتصاص ان يفعل به كما فعل. فمن جرح غيره عمدا اقتص من الجارح جرحا مثل جرحه للمجروح. حدا وموضعا وطولا وعرضا وعمقا. وليعلم ان شرع من قبلنا لا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه. فمن تصدق به اي بالقصاص في النفس. وما دونها من الاطراف والجروح بان عفا عمن جنى وثبت له الحق قبله فهو كفارة له اي كفارة للجاني. لان الادمي عفا عن حقه. والله تعالى احق واولى بالعفو عن حقه وكفارة ايضا عن العافي. فانه كما عفا عمن جنى عليه. او على من يتعلق به فان الله يعفو عن زلاته جناياته قال ابن عباس كفر دون كفر. وظلم دون ظلم وفسق دون فسق. فهو ظلم اكبر عند استحلاله وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له اي واتبعنا هؤلاء الانبياء والمرسلين الذين يحكمون بالتوراة بعبدنا ورسولنا عيسى ابن مريم الله وكلمته التي القاها الى مريم. بعثه الله مصدقا لما بين يديه من التوراة. فهو شاهد لموسى ولما جاء به من التوراة بالحق متقين واتيناه الانجيل الكتاب العظيم المتمم للتوراة فيه هدى ونور يهدي الى الصراط المستقيم ويبين الحق من الباطل ومصدقا لما بين يديه من التوراة بتثبيتها والشهادة لها والموافقة موعظة للمتقين فانهم الذين ينتفعون بالهدى ويتعظون بالمواعظ ويرتدعون عما لا يليق وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه. اي يلزمهم التقيد بكتابهم ولا يجوز لهم العدول عنه يقول تعالى وانزلنا اليك الكتاب الذي هو القرآن العظيم. افضل الكتب واجلها بالحق اي انزالا بالحق ومشتملا على الحق في اخباره واوامره ونواهيه. ومصدقا لما بين يديه من الكتاب. لانه شهد لها ووافقها وطابقت اخباره اخبارها وشرائعه الكبار شرائعها. واخبرت به فصار وجوده مصداقا لخبرها. ومهيمنا عليه اي مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة وزيادة في المطالب الالهية والاخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب امر به وحث عليه واكثر من الطرق الموصلة اليه. وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين. وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة فاحكم بينهم بما انزل الله من الحكم الشرعي الذي انزله الله عليك. ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق اي لا تجعل اتباع اهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق فتستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير لكل جعلنا منكم ايها الامم جعلنا شرعة ومنهاجا اي سبيلا وسنة. وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الامم. هي التي تتغير بحسب تغير الازمنة والاحوال وكلها ترجع الى العدل في وقت شرعتها. واما الاصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان. فانها لا تختلف. فتشرع في جميع شرائع ولكن اليمن وكن فيما اتاكم فاستبقوا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة تبعا لشريعة واحدة. لا يختلف متأخرها ولا متقدمها. ولكن ليبلوكم فيما اتاكم سيختبركم وينظر كيف تعملون. ويبتلي كل امة بحسب ما تقتضيه حكمته. ويؤتي كل احد ما يليق به. وليحصل التنافس ان الامم فكل امة تحرص على سبق غيرها. ولهذا قال فاستبقوا الخيرات. اي بادروا اليها واكملوها. فان الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب من حقوق الله وحقوق عباده لا يصير فاعلها سابقا لغيره مستوليا على الامر الا بامرين اليها وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها. والاجتهاد في ادائها كاملة على الوجه المأمور به. ويستدل بهذه الاية على المبادرة لاداء الصلاة وغيرها في اول وقتها. وعلى انه ينبغي الا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الامور الواجبة بل ينبغي ان يأتي بالمستحبات التي يقدر عليها لتتم وتكمل ويحصل بها السبق فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. الى الله مرجعكم جميعا الامم السابقة واللاحقة كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون منه من الشرائع والاعمال فيثيب اهل الحق والعمل الصالح ويعاقب اهل الباطل والعمل السيء وان احكم بينهم بما انزل الله هذه الاية هي التي قيل انها ناسخة لقوله فاحكم بينهم او اعرض عنهم. والصحيح انها ليست بناسخة وان تلك الاية تدل على لانه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه. وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق. وهذه الاية تدل على انه اذا حكم فانه يحكم بينهم بما انزل الله من الكتاب والسنة. وهو القسط الذي تقدم ان الله قال وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ودل هذا على بيان القسط وان مادته هو ما شرعه الله من الاحكام. فانها المشتملة على غاية العدل والقسط. وما خالف ذلك فهو ثور وظلم ولا تتبع اهواءهم كرر النهي عن اتباع اهوائهم لشدة التحذير منها. ولان ذلك في مقام الحكم والفتوى وهو اوسع وهذا في مقام الحكم وحده. وكلاهما يلزم فيه الا يتبع اهواءهم المخالفة للحق. ولهذا قال قم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك. اياك والاغترار بهم وان يفتنوك فيصدوك عن بعض ما انزل الله اليك. فصار اتباع اهوائهم سببا موصلا الى ترك الحق الواجب. والفرض اتباعه فان تولوا عن اتباعك واتباع الحق فاعلم ان ذلك عقوبة عليهم. وان الله يريد ان يصيبهم ببعض ذنوبهم. فان للذنوب عقوبات عاجلة واجلة. ومن اعظم العقوبات ان يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول. وذلك لفسقه اي طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله اي افيون بتوليهم واعراضهم عنك حكم الجاهلية. وهو كل حكم خالف ما انزل الله على رسوله. فلا ثم الا الله ورسوله او حكم الجاهلية. فمن اعرض عن الاول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي. ولهذا اضافه الله للجنة واما حكم الله تعالى فمبني على العلم والعدل والقسط والنور والهدى فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز بايقانهما في بسم الله من الحسن والبهاء وانه يتعين عقلا وشرعا اتباعه. واليقين هو العلم التام الموجب للعمل