بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فلا يزال الحديث عن الاذكار الطاردة للشيطان عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول اعوذ بالله منك ثم قال العنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كانه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك قال ان عدو الله ابليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي اكنت اعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت العنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم اردت اخذه والله لولا دعوة اخينا سليمان لاصبح موثقا يلعب به ولدان اهل المدينة رواه مسلم قوله قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول اعوذ بالله منك اي في اثناء صلاته يستعيذ بالله من شيء رآه وهذا خلاف ما يعهده الصحابة رضي الله عنهم من صلاة النبي عليه الصلاة والسلام ولا يدرون ما الخبر وما الامر ثم قال العنك بلعنة الله ثلاثا اي لعنه ثلاث مرات بلعنة الله واللعن هو الطرد والابعاد من رحمة الله وبسط يده اي مدها الى جهة الامام كانه يتناول شيئا اي كأنه يريد ان يمسك بشيء فلما فرغ من صلاته قلنا له يا رسول الله سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك. اي التعود لعن ورأيناك بسطت يدك اي مددتها. وهذا القول والعمل لم يعهدوه من صلاته عليه الصلاة والسلام قال ان عدو الله ابليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت اعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت العنك بلعنة الله التامة ثلاث مرات فلم يستأخر ثم اردت اخذه اي اردت ان امسك به ليوثقه ويقيده لكنه قال عليه الصلاة والسلام والله لولا دعوة اخينا سليمان اي نبي الله عليه السلام ودعوته ذكرها الله في قوله تعالى قال ربي اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب لاصبح موثقا اي مقيدا مربوطا يلعب به ولدان اهل المدينة قال ابن تيمية رحمه الله وفي هذا الحديث الاستعاذة منه ولعنته بلعنة الله ولم يستأخر بذلك فمد يده اليه وفي الصحيحين عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فامكنني الله منه فذعته ولقد هممت ان اوثقه الى سارية حتى تصبحوا فتنظروا اليه فذكرت قول اخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي رده الله خاسئا فهذا الحديث يوافق الاول ويفسره وقوله دعته اي خنقته فبين ان مد اليد كان لخنقه وهذا دفع لعدوانه بالفعل وهو الخنق وبه اندفع عدوانه فرده الله خاسئا واما الزيادة وهو ربطه الى سارية فهو من باب التصرف الملكي الذي تركه لسليمان فان نبينا صلى الله عليه وسلم كان يتصرف في الجن كتصرفه في الانس تصرف عبد الرسول يأمرهم بعبادة الله وطاعته لا يتصرف لامر يرجع اليه هو وهو التصرف الملكي فانه كان عبدا رسولا وسليمان نبي ملك هو العبد الرسول افضل من النبي الملك كما ان السابقين المقربين افضل من عموم الابرار اصحاب اليمين وقد روى النسائي على شرط البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فاتاه شيطان فاخذه فصرعه فخنقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وجدت برد لسانه على يدي ولولا دعوة سليمان لاصبح موثقا حتى يراه الناس ورواه احمد وابو داوود من حديث ابي سعيد وفيه فاهويت بيدي فما زلت اخنقه حتى وجدت برد لعابه بين اصبعي هاتين الابهام والتي تليها انتهى كلامه رحمه الله وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك فاذا بلغه فليستعذ بالله ولينته رواه البخاري ومسلم هذا الحديث عن وسوسة الشيطان للانسان وتشكيكه له في عقيدته في الله وايمانه به سبحانه وتعالى قال يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك وهذا السؤال باطل من اساسه لا يقوله الا من لم يعرف ربه سبحانه وتعالى الله عز وجل خالق الخلق اجمعين. وموجدهم من العدم الاول الذي ليس قبله شيء لكن الشيطان يدخل من خلال هذا المدخل على رقيق الدين ضعيف الاعتقاد حتى يخلخل بمثل هذا ايمانه ويدخل عليه الشبهات فارشد عليه الصلاة والسلام الى امرين الاول عدم الاسترسال معه قال ولينته والثاني الاستعاذة فبالانتهاء وبالاستعاذة ينقطع هذا الوسواس باذن الله فامره بالاستعاذة منه ليقطع عنه الوساوس الفاسدة التي يلقيها الشيطان بغير اختياره ويؤذيه بها حتى قد يتمنى الموت او حتى يختار ان يحترق ولا يجدها وهي الوسوسة التي سأله عنها الصحابة فقالوا يا رسول الله ان احدنا ليجد في نفسه ما لان احترقوا حتى يصير حمة او يخر من السماء الى الارض خيرا له من ان يتكلم به فقال ذلك صريح الايمان وفي رواية ما يتعاظم احدنا ان يتكلم به فقال الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة واراد بذلك ان كراهته هذه الوسوسة ونفيها ومحض الايمان وصريحه وعن عثمان بن ابي العاص الثقفي رضي الله عنه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب فاذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فاذهبه الله عني رواه مسلم قوله ان الشيطان حال بيني وبين صلاتي اي شغلني عنها وعن الطمأنينة فيها والخشوع وبين قراءة اي للقرآن الكريم وحسن تدبره. يلبسها علي اي فلا يجعله يتدبر ويلبس عليه القراءة فقال صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب اي هذا شيطان مختص في هذا الامر الذي هو الحيلولة بين الانسان وبين صلاته وبينه وبين قراءته حتى لا يطمئن في صلاته ولا يخشع ولا يتدبر في قراءته للقرآن الكريم يلبس عليه القراءة ويشوش عليه في الصلاة وله في ذلك حيل ووسائل واساليب متنوعة للحيلولة بين المرء وبين صلاته وقراءته ثم وجه عليه الصلاة والسلام الى ماذا يفعل قال فاذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا اي اذا سوس عليه وحال بينه وبين صلاته وحال بينه وبين قراءته والبسها عليه فاصبح ليس مطمئنا ولا خاشعا ولا متدبرا والتبست عليه القراءة فليتعود بالله من الشيطان وينفث عن يساره ثلاثا. قال ففعلت ذلك فاذهبه الله عني وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا استجنح الليل او قال جنح الليل فكفوا صبيانكم فان الشياطين تنتشر حينئذ فاذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم واغلق بابك واذكر اسم الله. واطفئ مصباحك واذكر اسم الله واوكئ سقاءك واذكر اسم الله. وخمر اناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئا رواه البخاري ومسلم قوله اذا استجنح الليل او كان جنح الليل اي اقبل ظلامه فكفوا صبيانكم اي امنعوهم من الخروج فان الشياطين تنتشر حينئذ اي في تلك الساعة فاذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم فهذا وقت يحتاط فيه للاولاد ويكفون عن الخروج في ذلك الوقت حفظا لهم لكثرة انتشار الشياطين فيه قوله واغلق بابك واذكر اسم الله واطفئ مصباحك واذكر اسم الله واوكئ سقاءك واذكر اسم الله وخمر اناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئا فامر بتكرار التسمية عند اغلاق الباب وعند اطفاء المصباح وعند ايكاء السقاء فلا تترك مفتوحا ومثله ايضا اغطية اوعية الماء كزجاجة الماء او الزير او غير ذلك كله يغطى ولا يترك مفتوحا. وكذلك عند تخمير الاناء واذا لم يكن ثمة طاء يعرض عليه شيئا ولو عودا وهذا الطلب المتكرر للذكر فيه ان ذكر الله عز وجل على هذه الاشياء حصن لها وواق من الشيطان كذلك اذا دخل المرء بيته وقال بسم الله وتناول طعامه وقال بسم الله يوقى من الشيطان كما جاء في الحديث يقول الشيطان فاتكم العشاء وفاتكم المبيت واذا تركت التسمية قال الشيطان لرفقائه ادركتم العشاء وادركتم المبيت فاذا غفل الانسان عن الذكر فاذا غفل الانسان عن الذكر عند دخوله وعند طعامه كأنه هيأ بيته وطعامه للشياطين تدخل وتأكل والله عز وجل يقول واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا ان عبادي ليس لك عليهم سلطان قيل في معناها اي الذين يذكرون الله فالذاكر لله في حصن حصين وحرز متين يقيه باذن الله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم واسأل الله ان يوفقنا اجمعين لكل خير بمنه وكرمه. والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته