اولياء فانهم الاعداء على الحقيقة. ولا يبالون بضركم بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا على اضلالكم. فلا يتولاهم الا من هو ولهذا قال ومن يتولهم منكم لان التولي التام يوجب الانتقال المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بعضهم اولياء بعض. ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله الا يهدي القوم الظالمين. يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بين لهم احوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة الا يتخذوهم اولياء. فان بعضهم اولياء بعض يتناصرون فيما بينهم. ويكونون يدا على من سواهم. فانتم لا تتخذوهم الى دينهم والتولي القليل يدعو الى الكثير. ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يكون العبد منهم اي الذين وصفهم الظلم واليه يرجعون وعليه يعولون. فلو جئتهم بكل اية ما اتبعوك ولا انقادوا لك. ولما نهى الله المؤمنين عن توليهم اخبر ان ممن يدعي الايمان طائفة تواليهم. فقال اترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة عسى الله ان يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في انفسهم فترى الذين في قلوبهم مرض اي شك ونفاق وضعف ايمان يقولون ان تولينا اياهم للحاجة فان اننا نخشى ان تصيبنا دائرة اي تكون الدائرة لليهود والنصارى فاذا كانت الدائرة لهم فاذا لنا معهم يد يكافئوننا عنها وهذا سوء منهم بالاسلام. قال الله تعالى رادا لظنهم السيء. فعسى الله ان يأتي بالفتح الذي يعز الله به الاسلام على اليهود النصارى ويقهرهم المسلمون. او امر من عنده ييأس به المنافقون من ظفر الكافرين من اليهود وغيرهم. فيصبحوا على ما اسروا اي اضمروا في انفسهم نادمين على ما كان منهم مضرهم بلا نفع حصل لهم. فحصل بالفتح الذي نصر الله به الاسلام والمسلمين وادل به الكفر والكافرين فندموا وحصل لهم من الغم ما الله به عليم حبطت اعمالهم خاسرين. ويقول الذين امنوا متعجبين من حال هؤلاء الذين في قلوبهم مرض. اهؤلاء الذين اقسموا وبالله جهد ايمانهم انهم لمعكم. اي حلفوا واكدوا حلفهم وغلظوه بانواع التأكيدات. انهم لمعكم في الايمان ما يلزمه من النصرة والمحبة والموالاة. ظهر ما اضمروه وتبين ما اسروه. وصار كيدهم الذي كادوه. وظنهم الذي ظنوه بالاسلام واهله باطلا. فبطل كيدهم وبطلت اعمالهم في الدنيا. فاصبحوا خاسرين. حيث فاتهم مقصودهم. وحضرهم الشقاء والعين عذاب اذلة ان على المؤمنين عزة على الكافرين يجاهدون يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء يخبر تعالى انه الغني عن العالمين انه من يرتد عن دينه فلن يضر الله شيئا. وانما يضر نفسه وان لله عبادا مخلصين. ورجالا صادقين. قد تكفل الرحمن الرحيم بهدايتهم ووعد بالاتيان بهم. وانهم اكملوا الخلق اوصافا واقواهم نفوسا. واحسنهم اخلاقا. اجل صفاتهم ان الله يحبهم ويحبونه. فان محبة الله للعبد هي اجل نعمة انعم بها عليه. وافضل فضيلة تفضل الله بها عليه. واذا احب الله عبدا له الاسباب وهون عليه كل عسير. ووفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات. واقبل بقلوب عباده اليه بالمحبة والوداد ومن لوازم محبة العبد لربه انه لابد ان يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا. في اقواله وافعاله وجميع كما قال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. كما ان من لازم محبة الله للعبد ان يكثر العبد من التقرب الى الله بالفرائض والنوافل. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن الله وما تقرب الي عبدي بشيء احبني الي مما افترضت عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. ولئن سألني لاعطينه. ولئن استعاذني لاعيذنه. ومن لوازم من محبة الله معرفته تعالى والاكثار من ذكره. فان المحبة بدون معرفة بالله ناقصة جدا. بل غير موجودة. وان وجدت ومن احب الله اكثر من ذكره. واذا احب الله عبدا قبل منه اليسير من العمل. وغفر له الكثير من الزلل. ومن صفاتهم انهم فهم للمؤمنين اذلة من محبتهم لهم ونصحهم لهم ولينهم ورفقهم ورأفتهم ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم واقرب الشيء الذي يطلب منهم وعلى الكافرين بالله المعاندين لاياته المكذبين لرسله اعزة. قد اجتمعت هممهم وعزائمهم على معاداتهم. وبذلوا جهدهم في كل سبب يحصل بهم الانتصار عليهم قال الله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم. وقال الله تعالى اشداء على الكفار رحماء بينهم. فالغلظة والشدة على اعداء الله مما يقرب العبد الى الله. ويوافق العبد ربه في في سخطه عليهم ولا تمنعوا الغلظة عليهم الشدة دعوتهم الى الدين الاسلامي بالتي هي احسن. فتجتمع الغلظة عليهم واللين في دعوتهم وكلا الامرين من مصلحتهم ونفعه عائد اليهم يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة يجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم باقوالهم وافعالهم. ولا يخافون لومة لائم. بل يقدمون رضا ربهم والخوف من لومه على لوم المخلوق وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم. فان ضعيف القلب ضعيف الهمة تنتقد عزيمته عند لوم اللائمين. وتفتر قوته عند عدل العادلين. وفي قلوبهم تعبد لغير الله بحسب ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم رضاهم ولومهم على امر الله. فلا يسلم القدر من التعبد لغير الله حتى لا يخاف في الله لومة لائم. ولما مدحهم تعالى بما من به عليه من الصفات الجليلة والمناقب العالية المستلزمة لما لم يذكر من افعال الخير اخبر ان هذا من فضله عليهم واحسانه. لئلا يعجبوا بانفسهم وليشكروا الذي من عليهم بذلك ليزيدهم من فضله وليعلم غيرهم ان فضل الله تعالى ليس عليه حجاب فقال والله واسع عليم اي واسع الفضل الاحسان جزيل المنن قد عمت رحمته كل شيء. ويوسع على اوليائه من فضله ما لا يكون لغيرهم. ولكنه عليم بمن يستحق الفضل فيعطيه فالله تعالى حيث يجعل رسالته اصلا وفرعا انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون لما نهى عن ولاية الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم وذكر مآل توليهم انه الخسران المبين. اخبر تعالى من يجب ويتعين توليه. وذكر فائدة ذلك ومصلحته فقال انما وليكم الله ورسوله. فولاية الله تدرك بالايمان والتقوى. فكل من كان مؤمنا تقيا. كان لله وليا. ومن كان وليا لله فهو ولي لرسوله. ومن تولى الله ورسوله كان تمام ذلك تولي من تولاه. وهم المؤمنون الذين قاموا بالايمان ظاهرا وباطنا واخلصوا للمعبود باقامتهم الصلاة بشروطها وفروضها ومكملاتها. واحسنوا للخلق وبذلوا الزكاة من اموالهم لمستحقين فيها منهم وقوله وهم راكعون اي خاضعون لله ذليلون. فاداة الحصر في قوله انما وليكم الله ورسوله هو الذي امنوا تدل على انه يجب قصر الولاية على المذكورين والتبري من ولاية غيرهم. ثم ذكر فائدة هذه الولاية فقال ومن يتولى الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله فان ومن يتولى الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون. اي فانه من الحزب المضافين الى الله اضافة عبودية وولاية. وحزبه هم الغالبون الذين لهم العاقبة في الدنيا والاخرة. كما قال الله تعالى وان جندنا لهم الغالبون. وهذه بشارة عظيمة لمن قام بامر الله صار من حزبه وجنده ان له الغلبة وان ادل عليه في بعض الاحيان لحكمة يريدها الله تعالى فاخر امره الغلبة والانتصار ومن اصدق من الله قيلا واتقوا الله واذا ناديتم الى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك ينهى عباده المؤمنين عن اتخاذ اهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن سائر الكفار لاولياء يحبونهم ويتولونهم ويبدون لهم اسرار المؤمنين. ويعاونونهم على بعض امورهم التي تضر الاسلام والمسلمين وان ما معه من الايمان يوجب عليهم ترك موالاتهم. ويحثهم على معاداتهم. وكذلك التزامهم لتقوى الله التي هي امتثال اوامرهم به واجتناب زواجره مما تدعوهم الى معاداتهم. وكذلك ما كان عليه المشركون والكفار المخالفون للمسلمين. من قدحهم في دين واتخاذهم اياه هزوا ولعبا واحتقاره واستصغاره. خصوصا الصلاة التي هي اظهر شعائر المسلمين. واجل عباداتهم انهم اذا نادوا اليها اتخذوها هزوا ولعبا. وذلك لعدم عقلهم ولجهلهم العظيم. والا فلو كان لهم عقول لخضعوا لها ولعلموا انها اكبر من جميع الفضائل التي تتصف بها النفوس. فاذا علمتم ايها المؤمنون حال الكفار وشدة معاداتهم لكم ولدينكم فمن لم يعادهم بعد هذا دل على ان الاسلام عنده رخيص. وانه لا يبالي بمن قدح فيه او قدح بالكفر والضلال. وانه ليس عنده من والانسانية شيء. فكيف تدعي لنفسك دينا قيما؟ وانه الدين الحق وما سواه باطل. وترضى بموالاة من اتخذه هزوا ولعبا وسخر به وباهله من اهل الجهل والحمق. وهذا فيه من التهييج على عداوتهم. ما هو معلوم لكل من له ادنى مفهوم قل يا اهل الكتاب هل تنقمون منا الا ان امنا بالله وما انزل الينا وما اي قل يا ايها الرسول يا اهل الكتاب ملزما لهم ان دين الاسلام هو الدين الحق. وان قدحهم فيه قدحهم بامر ينبغي المدح عليه. هل تنقمون منا الا ان امنا بالله وما انزل الينا وما انزل من قبل وان اكثركم فاسقون. اي هل لنا عندكم من العيب الا ايماننا بالله؟ وبكتبه السابقة واللاحقة وبانبيائه المتقدمين والمتأخرين. وباننا نجزم ان من لم يؤمن كهذا الايمان فانه كافر فاسق. فهل تنقمون منا بهذا الذي هو اوجب الواجبات على جميع المكلفين. ومع هذا فاكثركم فاسقون. اي خارجون عن طاعة الله. متجرؤون على معاصيه. فاولى لكم ايها ايها الفاسقون فلو كان عيبكم وانتم سالمون من الفسق. وهيهات ذلك لكان شر اخف من قدحكم فينا مع فسقكم. ولما كان قد هم في المؤمنين يقتضي انهم يعتقدون انهم على شر. قال تعالى قل لهم مخبرا عن شناعة ما كانوا عليه. هل انبئكم بشر من ذلك الذين اقمتم فيه علينا مع التنزل معكم من لعنه الله اي ابعده عن رحمته. وغضب عليه وعاقبه في الدنيا والاخرة. وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت وهو الشيطان. وكل ما عبد من دون الله فهو طاغوت. اولئك المذكورون بهذه الخصال القبيحة شر مكانا من المؤمنين الذين رحمة الله قريب منهم. ورضي الله عنهم واثابهم في الدنيا والاخرة. لانهم اخلصوا له الدين هذا النوع من باب استعمال افعال التفضيل في غير بابه. وكذلك قوله واضل عن سواء السبيل. اي وابعد عن قصد السبيل واذا جاءوكم قالوا امنا نفاقا ومكرا وهم قد دخلوا مشتملين على الكفر وهم قد خرجوا به فمدخلهم ومخرجهم بالكفر. وهم يزعمون انهم مؤمنون. فهل اشر من هؤلاء واقبح حالا منهم؟ والله اعلم بما كانوا تكتمون فيجازيهم باعمالهم خيرها وشرها. ثم استمر تعالى يعدد معايبهم انتصارا لقدحهم في عباده المؤمنين فقال وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان واكلهم السحت. لبئس ما كانوا يعملون وترى كثيرا منهم اي من اليهود يسارعون في الاثم والعدوان. اي يحرصون ويبادرون المعاصي المتعلقة في حق الخالق والعدوان على المخلوقين واكلهم السحت الذي هو الحرام فلم يكتفي بمجرد الاخبار انهم يفعلون ذلك. حتى اخبر انهم يسارعون فيه وهذا يدل على خبثهم وشرهم. وان انفسهم مجبولة على حب المعاصي والظلم. هذا وهم يدعون لانفسهم المقامات العالية لبئس ما كانوا يعملون. وهذا في غاية الذم لهم والقدح فيهم لبئس ما كانوا يصنعون. اي هل لا فهم العلماء المتصدون لنفع الناس الذين من الله عليهم بالعلم والحكمة عن المعاصي التي تصدر منهم ليزول ما عندهم من الجهل. وتقوم حجة الله عليهم فان العلماء عليهم امر الناس ونهيهم وان يبينوا لهم الطريق الشرعي ويرغبونهم في الخير ويرهبونهم من الشر لا بأس ما كانوا يصنعون