المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثامن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق الله فاذا بلغه فليستعذ بالله ولينته وفي لفظ فليقل امنت بالله ورسله متفق عليه وفي لفظ لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا من خلق الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه احتوى هذا الحديث على انه لابد ان يلقي الشيطان هذا الايراد الباطل اما وسوسة محضة او على لسان شياطين الانس وملاحدتهم وقد وقع كما اخبر فان الامرين وقعا لا يزال الشيطان يدفع الى قلوب من ليست لهم بصيرة هذا السؤال الباطل ولا يزال اهل الالحاد يلقون هذه الشبهة التي هي ابطل الشبه ويتكلمون عن العلل وعن مواد العالم بكلام سخيف معروف وقد ارشد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث العظيم الى دفع هذا السؤال بامور ثلاثة بالانتهاء والتعوذ من الشيطان وبالايمان اما الانتهاء وهو الامر الاول فان الله تعالى جعل للافكار والعقول حدا تنتهي اليه ولا تتجاوزه ويستحيل لو حاولت مجاوزته ان تستطيع لانه محال ومحاولة المحال من الباطل والسفه ومن امحل المحال التسلسل في المؤثرين والفاعلين فان المخلوقات لها ابتداء ولها انتهاء وقد تتسلسل في كثير من امورها حتى تنتهي الى الله الذي اوجدها واوجد ما فيها من الصفات والمواد والعنان اصر وان الى ربك المنتهى فاذا وصلت العقول الى الله تعالى وقفت وانتهت فانه الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء فاوليته تعالى لا مبتدأ لها مهما فرضت الازمان والاحوال وهو الذي اوجد الازمان والاحوال والعقول التي هي بعض قوى الانسان فكيف يحاول العقل ان يتشبث في ايراد هذا السؤال الباطل فالفرض عليه المحتم في هذه الحال الوقوف والانتهاء الامر الثاني التعوذ بالله من الشيطان فان هذا من وساوسه والقائه في القلوب ليشكك الناس في الايمان بربهم فعلى العبد اذا وجد ذلك ان يستعيذ بالله منه فمن تعوذ بالله بصدق وقوة اعاذه الله وطرد عنه الشيطان واضمحلت وساوسه الباطلة الامر الثالث ان يدفعه بما يضاده من الايمان بالله ورسله فان الله ورسله اخبروا بانه تعالى الاول الذي ليس قبله شيء وانه تعالى المتفرد بالوحدانية وبالخلق والايجاد للموجودات السابقة واللاحقة فهذا الايمان الصحيح الصادق اليقيني يدفع جميع ما يضاده من الشبه له فان الحق يدفع الباطل والشكوك لا تعارض اليقين فهذه الامور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم تبطل هذه الشبه التي لا تزال على السنة الملاحدة يلقونها بعبارات متنوعة فامر بالانتهاء الذي يبطل التسلسل الباطل وبالتعوذ من الشيطان الذي هو الملقي لهذه الشبهة وبالايمان الصحيح الذي يدفع كل ما يضاده من الباطل والحمدلله فبالانتهاء قطع الشر مباشرة وبالاستعاذة قطع السبب الداعي الى الشر وبالايمان اللجأ والاعتصام بالاعتقاد الصحيح اليقيني الذي يدفع كل معارض وهذه الامور الثلاثة هي جماع الاسباب الدافعة لكل شبهة تعارض الايمان فينبغي العناية بها في كل ما عرض للايمان من شبهة واشتباه يدفعه العبد مباشرة بالبراهين الدالة على ابطاله وباثبات ضده وهو الحق الذي ليس بعده الا الضلال وبالتعوذ بالله من الشيطان الذي يدفع الى القلوب فتن الشبهات وفتن الشهوات ليزلزل ايمانهم ويوقعهم بانواع المعاصي فبالصبر واليقين ينال العبد السلامة من فتن الشهوات ومن فتن الشبهات والله هو الموفق الحافظ