بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد قال المؤلف وفقه الله تعالى اقتران اسماء الله تعالى بعضها ببعض ان من الامور المفيد ملاحظتها في فقه الاسماء الحسنى اقتران اسماء الله في مواضع عديدة من القرآن والسنة بعضها ببعض نحو السميع البصير والغفور الرحيم والغني الحميد والخبير البصير والرؤوف الرحيم والحكيم العليم والحميد المجيد والعزيز الحكيم والعلي العظيم والفتاح العليم واللطيف الخبير والشكور الحليم والعفو الغفور والغني الكريم والامثلة كثيرة جدا لهذه الاسماء المقترنة ولا ريب ان هذا الاقتران فيه من الحكم العظيمة والفوائد الجليلة والمنافع الكبيرة ما يدل على كمال الرب سبحانه وتعالى مع حسن الثناء وكمال التمجيد اذ كل اسم من اسمائه متضمن صفة كمال لله عز وجل فاذا اقترن باسم اخر كان له سبحانه ثناء من كل اسم منهما باعتبار انفراده وثناء من اجتماعهما وذلك قدر زائد على مفرديهما وفيما يلي امثلة عديدة يتضح بها المقصود واحد كثيرا ما يرد في القرآن مجيء العزيز الحكيم مقترنين ويكون كل منهما دالا على الكمال الخاص الذي يقتضيه. وهو العزة في العزيز والحكم والحكمة في الحكيم والجمع بينهما دال على كمال اخر وهو ان عزته تعالى مقرونة بالحكمة فعزته لا تقتضي ظلما وجورا وسوء فعل كما قد يكون من اعزاء من اعزاء المخلوقين فان العزيز منهم قد تأخذه العزة بالاثم ويظلم ويجور ويسيء التصرف وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فانهما يعتريهما الذل اثنين وتكرر في القرآن اقتران الغني الحميد قال تعالى لله ما في السماوات والارض ان الله هو الغني الحميد وقال تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد وقال تعالى وقال موسى ان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغني حميد والغنى صفة كمال والحمد صفة كمال كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال اخر فله ثناء من غناه وله ثناء من حمده وثناء من اجتماعهما فمثلا من شكر الله على نعمائه وحمده سبحانه على فضله وعطائه فانه سبحانه اهل الحمد والثناء له الحمد كله في الاولى والاخرة وحمد الحامدين وشكر الشاكرين لا يزيد ملكه شيئا لانه سبحانه الغني فلا تنفعه طاعة من اطاعه ولا تضره معصية من من عصى ومن يشكر فانما يشكر لنفسه. ومن كفر فان الله غني حميد ثلاثة وتكرر في سورة الشعراء ختم قصص الانبياء مع اممهم بقوله وان ربك لهو العزيز الرحيم وبه دلالة ان ما قدره الله لانبيائه من النصر والتأييد والرفعة هو من اثار رحمته التي اختصهم بها كان لهم حافظا ومؤيدا وناصرا ومعينا وما قدره لاعدائه من الخذلان والحرمان والعقوبة والنكال من اثار عزته فنصر رسله برحمته وانتقم من اعدائهم وخذلهم بعزته فكان ذكر الاسمين مقرونين في هذا في غاية الحكمة والمناسبة اربعة وتكرر في القرآن الجمع بين العزيز العليم وذلك في سياق ذكره سبحانه للاجرام في سياق ذكره نعم. وذلك في سياق ذكره سبحانه للاجرام العلوية وما تضمنته من فلق الاصباح. وجعل الليل واجراء الشمس والقمر بحساب لا يعدوانه وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وحراستها لقوله تعالى فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم وقوله والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم وقوله تعالى وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم فافاد هذا الختم المشتمل على الجمع بين هذين الاسمين ان هذا التقدير المحكم المتقن صادر عن عزة الله وعلمه ليس امر الاتفاقية لا يمدح به فاعله ولا يثنى عليه به كسائر الامور باتفاقية خمسة وختم سبحانه امره بالاستعاذة من الشيطان بالجمع بين السميع العليم في موضعين من القرآن في قوله تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم وقوله واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم بينما جاء الامر بالاستعاذة من شر الانس مختوما بالسميع البصير في قوله تعالى ان الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم ان في صدورهم الا كبر ان في صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه. فاستعذ بالله انه هو السميع البصير فختم الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بالسميع العليم. وختم الاستعاذة من شر الانس الذين يرون بالسميع البصير. لان افعال هؤلاء معاينة ترى بالابصار. واما نزغ الشيطان فوسواس فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم سادسا وجاء في بعض الايات الختم بقوله والله واسع عليم ومن ذلك قوله تعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم وهو مطابق للسياق ومن الفوائد انه على العبد الا يستبعد هذه المضاعفة فان المضاعف واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل ومع ذلك فلا يظن ان سعة عطائه تقتضي حصولها لكل احد فانه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو اهل لها من غيره ممن ليس هو اهلا لذلك ومثله قوله تعالى والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم. وقوله والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم سابعا وختمت ايات كثيرة في القرآن باسميه سبحانه التواب الرحيم لقوله تعالى فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم. وقوله ثم تاب عليه ثم تاب عليهم ليتوبوا. ان الله هو التواب الرحيم. وقوله واتقوا الله ان الله تواب رحيم وذلك في سياق ذكر رحمته ومغفرته وتوفيقه وحلمه. وانه لما كان هو التواب الرحيم اقبل بقلوب التائبين اليه ووفقهم لفعل الاسباب التي يتوب عليهم ويرحمهم بها ثم غفر لهم ورحمهم فتاب عليهم اولا. فتاب عليهم اولا بتوفيقهم للتوبة والاسباب وتاب عليهم ثانيا حين قبل متابهم واجاب سؤالهم لطفا منه بهم ورحمة ثامنا ولهذا توبة العبد تسبقها توبة من الرب وهي توفيقه للعبد للتوبة وايضا يأتي بعدها توبة من الرب قبول توبة العبد فهو تواب يوفق من شاء للتوبة وتواب يقبل توبة التائبين. نعم ثامنا وجاء في القرآن ختم بعض الايات المشتملة على اسباب الرحمة واسباب العقوبة بالجمع بين اسميه الغفور الرحيم وفي هذا دلالة على عظيم منه سبحانه وان رحمته سبقت غضبه وصار لها الظهور واليها ينتهي كل من وجد فيه ادنى سبب من اسباب الرحمة وهذا باب واسع للمتدبر والمتأمل وبالله وحده التوفيق. نسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما. وتوفيقا وتسديدا وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين انه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو اهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خير