المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ولله على الناس حج البيت. قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. هذه الاية هي التي صرح الله فيها بفرض الحج على الناس فهو فرض في رقاب الناس المكلفين كلهم. فرض عليهم جميعا التزامه واعتقاد فرضيته واداءه ومع القدرة والاستطاعة. فكما ان المستطيع اليه سبيلا فرض عليه هذه الامور فسائر المكلفين يجب عليهم ذلك. وان يعتبروا ومن اعظم حقوق الله عليهم. ولكن الفعل والاداء يختص بالقادرين المستطيعين. وهذا المعنى من اعظم فوائد البدل في قوله من استطاع اليه سبيلا. فالمستطيع عليه الاعتقاد والالتزام والاداء بالفعل. وغير المستطيع من المكلفين عليهم الامر عمران الاولان الاعتقاد والالتزام. وهذا من بلاغة القرآن فانه لو قال ولله على المستطيعين من الناس حج البيت لم يفد هذا المعنى الجليل فهذا الحق الذي لله على الناس متعلق برقابهم لا يقوم ايمانهم ودينهم حتى ويلتزموه ويؤديه المستطيع منهم. وهو ولله الحمد مرة واحدة في العمر. فمن زاد على ذلك فهو متطوع ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم. وتأمل ما افاده هذا العموم وهو قوله من استطاع اليه سبيلا. وان ذلك كامل لاستطاعة السبيل في كل وقت بما يناسبه من المركوبات. وشامل لما يحصل في هذا السبيل من التسهيلات او الصعوبات في وقت التنزيل وبعده باوقات كثيرة يكون السبيل فيه المركوبات المعتادة في ذلك الوقت. والزاد المناسب لاحواله لهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا السبيل فسره بالزاد والراحلة. اي من الابل. وبعد ذلك لما ترقت الصناعات وظهرت المخترعات يفسر استطاعة السبيل للحج القدرة على تحصيل مركوب منها لا فرق بين المراكب البحرية والسيارة والقطارات البرية والطائرات الهوائية فكلها يشملها قوله تعالى من استطاع اليه سبيلا. وهذا من البراهين التي على ان عمومات القرآن وارشاداته واصوله العامة صالحة لكل زمان ومكان. فاي شيء يوصل الى البيت الحرام رامي لا يدخل في هذا العموم والشمول. كما ان قوله تعالى في اية الجهاد واعدوا لهم ما استطعتم من قوة تشمل كل طاع مقدور عليه من انواع الاسلحة الحديثة والمخترعات النافعة وتنظيمات الجيوش الوحيدة وغير ذلك من القوة المادية المعنوية وكم في كتاب الله من الايات التي على هذا النسق الشاملة للحوادث السابقة واللاحقة ولما حدث ويحدث. وكما ان امر الشارع بالتبليغ عنه وتبليغ العلوم النافعة وتبليغ الاخبار والاذان والقراءة ونحوها. يشمل كل طريق يحصل به كمال تبليغ وعمومه كالبرقيات والاذاعات والتليفونات ونحوها مما يدفع الاصوات ويوصلها الى الامكنة البعيدة كلها داخل في امر الله وامر رسوله لهذه الامة بتبليغ كل امر نافع يقصد غنمه او حصوله وتبليغهم كل امر صار يقصد منهم معرفة واخذ الحذر منه. فمن انكر شيئا من ذلك فلجهله وسوء فهمه. وهذا امر ظاهر لا يحتاج في بيان فائدته بل فوائده الى اقامة الدليل والبرهان. فالدليل الحسي والدليل الشرعي قد تطابق على ذلك. والمقصود ان قوله تعالى من استطاع اليه سبيلا يشمل جميع المركوبات الموجودة والتي ستوجد الموصلة الى البيت الحرام. ومن نعم الله على العباد وجود مركوبات تسهل لهم الوصول الى بيته باقرب وقت واسرع زمان. ولا يظن الانسان ان هذه التسهيلات تنقص من اجر الحاج شيئا. فان تسهيل من لطف الله واحسانه ومن الامور المرغبة في الخيرات وحصول كثير من العبادات. فالواجب على العباد شكرها. العباد ان تصعبت شقت واعترضت دونها العقبات فالاجر على قدر المشقة وان تسهلت لم ينقص من اجر صاحبها شيء. واعلم ان التسهيلات المتعلقة بالاستطاعة نوعان احدهما في المركوبات كما ذكرنا. والنوع الثاني وهو من الامور المهمة التسهيلات للحجاج في والتسهيلات لهم بعد وصولهم الى تلك البقاع الشريفة. فاذا وفق ولاة الامور للعناية التامة والسعي في راحة الحجاج من من كل وجه وفي ازالة جميع العقبات المعترضة لهم. كان هذا اكبر دعوة ودعاية للمسلمين الى حج البيت الحرام. واقبل الناس على الوفود الى بيت الله افواجا بعد افواج. وكان لولاة الامور المعنيين بهذه التسهيلات من الاجر والثواب. مثل اجور العاملين من غير ان ينقص من اجورهم شيء. وهذا شيء لا يعلم فضله الا الله. وعكس هذا اذا سعى الولاة في وضع العراقيل الصعوبات والضرائب الفادحة وعدم العناية بالحجاج فان عليهم من الجرائم والاثام والعقاب العاجل والاجل ما لا يحد ولا لا يوصف فيدخلون في قوله تعالى ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها آآ كما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين. لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة فعذاب عظيم. وبهذا تتفاوت الاستطاعة تفاوتا كبيرا. فانظر الى الحكومة الحاضرة. لما كانت ساعية ومهتمة اشد الاهتمام بكل ما فيه راحة للحجاج من التسهيلات المتعددة. وهم ولله الحمد في كل وقت يزدادون منها. كيف عند هذا بل الناس اقبالا كبيرا على حج بيت الله. وكل عام يزيدون عما قبله. ويأملوا اذا تمت التسهيلات كلها هي السعي في كل لما ينفع الناس في دينهم ودنياهم وفي ازالة ما يضرهم في ذلك. اذا تمت على هذا الوجه حصلت الراحة التامة والارتياح وتم النجاح الكامل والفلاح. وكان موسم الحج مضرب المثل في حصول الخيرات والثمرات الطيبة النافعة في الدين والدنيا وبذلك تتحقق المنافع الدينية والدنيوية التي قال الله عنها ليشهدوا منافع لهم. وقد مر في المقال السابق الاشارة في بيان هذه المنافع. والله المسؤول المرجو الاجابة ان يهيئ للمسلمين كل خير يرجونه. ويدفع عنهم كل شر يحذرون انه جواد رؤوف رحيم. وصلى الله على محمد وسلم