ومأواهم النار يخبر تعالى عن كفر النصارى بقولهم ان الله هو المسيح ابن مريم بشبهة انه خرج من ام بلا اب. وخالف المعهود من الخلقة الالهية. والحال انه عليه الصلاة والسلام قد كذبهم في هذه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن ان كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا. والغينا بينهم والبغضاء الى يوم القيامة. كلما اوقدوا نارا للحرب ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المحسنين يخبر تعالى عن مقالة اليهود الشنيعة وعقيدتهم الفظيعة. فقال وقالت اليهود يد الله مغلولة اي عن الخير والاحسان والبر. غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا. وهذا دعاء عليهم بجنس مقالتهم. فان كلامهم متضمن لوصف الله الكريم بالبخل وعدم الاحسان. فجزاهم بان كان هذا الوصف منطبقا عليهم. فكانوا ابخل الناس واقلهم احسانا. واسوأهم ظنا وابعدهم الله عن رحمته التي وسعت كل شيء. وملأت اقطار العالم العلوي والسفلي. ولهذا قال بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء لا حجر عليه ولا مانع ما يمنعه مما اراد فانه تعالى قد بسط فضله واحسانه الديني والدنيوي. وامر العباد ان يتعرضوا لنفحات جوده. والا يسدوا على انفسهم ابواب احسانه بمعاصيهم. فيداه سحاء الليل والنهار. وخيره في جميع الاوقات مدرار. يفرج كربا ويزيل اما ويغني فقيرا ويفك اسيرا ويجبر كسيرا. ويجيب سائلا ويعطي فقيرا عائلا. ويجيب المضطرين ويستجيب يقول السائلين وينعم على من لم يسأله. ويعافي من طلب العافية. ولا يحرم من خيره عاصيا. بل خيره يرتع فيه البر والفاجر تجود على اوليائه بالتوفيق لصالح الاعمال ثم يحمدهم عليها ويضيفها اليهم وهي من جوده ويثيبهم عليها من الثواب العاجل والاجل اجر ما لا يدركه الوصف. ولا يخطر على بال العبد ويلطف بهم في جميع امورهم. ويوصل اليهم من الاحسان. ويدفع عنهم من النقم ما لا يشعرون بكثير منه. فسبحان من كل النعم التي بالعباد فمنه. واليه يجأرون في دفع المكاره. وتبارك من لا يحصي احد ثناء عليه بل هو كما اثنى على نفسه وتعالى من لا يخلو العباد ومن كرمه طرفة عين. بل لا وجود لهم ولا بقاء الا بجوده. وقبح الله من استغنى جهله عن ربه ونسبه الى ما لا يليق بجلاله بل لو عامل الله اليهود القائلين تلك المقالة ونحوهم ممن حاله كحالهم ببعض قولهم لهلكوا وشقوا في دنياهم ولكنهم يقولون تلك الاقوال. وهو تعالى يحلم عنهم ويصفح. ويمهلهم ولا يهملهم وقوله تعالى وهذا اعظم العقوبات على العبد ان يكون الذكر الذي انزله الله على رسوله الذي فيه حياة القلب والروح سعادة الدنيا والاخرة وفلاح الدارين. الذي هو اكبر منة امتن الله بها على عباده. توجب عليهم المبادرة الى قبولها. والاستسلام الله بها وشكرا لله عليها ان تكون لمثل هذا زيادة غي الى غيه. وطغيان الى طغيانه وكفر الى كفره وذلك بسبب اعراضه عنها ورده لها ومعاندته اياها. ومعارضته لها بالشبه الباطلة والغينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. فلا يتآلفون ولا يتناصرون ولا يتفقون على حالة فيها مصلحتهم بل لم يزالوا متباغضين في قلوبهم متعادين بافعالهم الى يوم القيامة كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله كلما اوقدوا نارا الحرب ليكيدوا بها الاسلام واهله. وابدوا واعادوا واجلبوا بخيلهم ورجلهم. اطفأها الله بخذلانهم وتفرق وانتصار المسلمين عليهم ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المحسنين. ويسعون في الارض فسادا. اي يجتهدون ويجدون. ولكن بالفساد في الارض بعمل المعاصي والدعوة الى دينهم الباطل. والتعويق عن الدخول في الاسلام. والله لا يحب المفسدين بل يبغضهم اشد البغض وسيجازيهم على ذلك. ثم قال تعالى وهذا من كرمه وجوده. حيث ذكر قبائح اهل الكتاب ومعايبهم واقوالهم الباطلة. دعاهم الى التوبة. وانه لو امنوا بالله وملائكته وجميع كتبه وجميع رسله واتقوا المعاصي لكفر عنهم سيئاتهم ولو كانت ما كانت ولا فلهم جنات النعيم التي فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين لا كلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليه من ربهم اي قاموا باوامرهما ونواهيهما كما ندبهم الله وحثهم ومن اقامتهما الايمان بما دعيا اليه. من الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن. فلو قاموا بهذه النعمة العظيمة التي انزلها ربهم اليهم اي لاجلهم وللاعتناء بهم. لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم. اي لادر الله عليهم الرزق ولامطر عليهم السماء وانبت لهم الارض. كما قال الله تعالى ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم كاتب من السماء والارض منهم اي من اهل الكتاب امة مقتصدة اي عاملة بالتوراة والانجيل عملا غير قوي ولا نشيط وكثير منهم سائل ما يعملون. ايها المسيء منهم الكثير واما السابقون منهم فقليل ما هم يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته هذا امر من الله لرسوله محمد صلى الله عليه باعظم الاوامر واجلها. وهو التبليغ لما انزل الله اليه. ويدخل في هذا كل امر تلقته الامة عنه صلى الله عليه وسلم. من والاعمال والاقوال والاحكام الشرعية والمطالب الالهية. فبلغ صلى الله عليه وسلم اكمل تبليغ. ودعا وانذر وبشر ويسر وعلم الجهال الاميين حتى صاروا من العلماء الربانيين. وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله. فلم يبقى خير الا دل امته عليه ولا شر الا حذرها عنه. وشهد له بالتبليغ افاضل الامة من الصحابة. فمن بعدهم من ائمة الدين ورجال المسلمين. وان لم تفعل اي لم تبلغ ما انزل اليك من ربك فما بلغت رسالته. اي فما امتثلت امره. والله يعصمك من الناس. هذه حماية وعصمة من الله لرسوله من الناس وانه ينبغي ان يكون حرصك على التعليم والتبليغ ولا يثنيك عنه خوف من المخلوقين فان نواصيهم بيد الله وقد بعصمتك فانت انما عليك البلاغ المبين. فمن اهتدى فلنفسه. واما الكافرون الذين لا قصد لهم الا اتباع اهوائهم. فان الله لا يهديهم ولا يوفقهم للخير بسبب كفرهم قل يا اهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من رب فلا اي قل لاهل الكتاب مناديا على ضلالهم ومعلنا بباطلهم لستم على شيء من الامور الدينية فانكم لا بالقرآن ومحمد امنتم ولا بنبيكم وكتابكم صدقتم. ولا بحق تمسكتم ولا على اصل اعتمدتم. حتى تقيم التوراة والانجيل. اي تجعلوهما قائمين بالايمان بهما واتباعهما. والتمسك بكل ما يدعوان اليه. وتقيم ما انزل اليكم من رب الذي رباكم وانعم عليكم وجعل اجل انعامه انزال الكتب اليكم فالواجب عليكم ان تقوموا بشكر الله التزموا احكام الله وتقوموا بما حملتم من امانة الله وعهده. وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا لا تأس على القوم الكافرين ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى والنصارى من امن بالله واليوم يخبر تعالى عن اهل الكتب من اهل القرآن والتوراة والانجيل ان سعادتهم ونجاتهم في طريق واحد واصل واحد وهو الايمان بالله واليوم الاخر والعمل الصالح فمن امن منهم بالله واليوم الاخر فله النجاة ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من الامور المخوفة. ولا هم يحزنون على ما خلفوا منها وهذا الحكم المذكور يشمل سائر الازمنة. لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا فريقا يقول يقول تعالى لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل اي عهدهم الثقيل بالايمان بالله والقيام بواجباته التي قدم الكلام عليها في قوله ولقد اخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا. وارسلنا اليهم رسلا يتوالون الدعوة ويتعاهدونهم بالارشاد. ولكن ذلك لم ينجح فيهم ولم يفد. كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم من الحق. كذبوه قوموا وعاندوه وعملوه اقبح المعاملة. فريقا كذبوا وفريقا يقتلون وحسبوا الا تكون فتنة ثم تاب الله عليهم ثم معهم وحسبوا الا تكون فتنة ايضا ان معصيتهم وتكذيبهم لا يجر عليهم عذابا ولا عقوبة. فاستمروا على باطلهم فعموا وصموا عن الحق. ثم نعشهم وتاب الله عليهم حين تابوا اليه وانابوا. ثم لم يستمروا على ذلك حتى انقلب اكثرهم الى الحال القبيحة. فعموا وصموا كثير منهم بهذا الوصف والقليل استمروا على توبتهم وايمانهم. والله بصير بما يعملون. فيجازي كل عامل بعمله ان خيرا فخير. وان شرا لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم. وقال المسيح يا بني الدعوة وقال لهم يا بني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم فاثبت لنفسه العبودية التامة ولربه الربوبية الشاملة لكل مخلوق انه من يشرك بالله احدا من المخلوقين لا عيسى ولا غيره. فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. وذلك لانه سوى الخلق بالخالق وصرف ما خلقه الله له وهو العبادة الخالصة لغير من هي له. فاستحق ان يخلد في النار. وما للظالمين من انصار انقذونهم من عذاب الله او يدفعون عنهم بعض ما نزل بهم لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة. وهذا من اقوال النصارى المنصورة عندهم زعموا ان الله ثالث ثلاثة. الله وعيسى ومريم. تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وهذا اكبر دليل على قلة عقول كيف قبلوا هذه المقالة الشنعاء والعقيدة القبيحة؟ كيف اشتبه عليهم الخالق بالمخلوقين؟ كيف خفي عليهم رب العالمين قال تعالى رادا عليهم وعلى اشباههم. وما من اله الا اله واحد. متصف بكل صفة كمال. منزه عن كل نقص. منفرد بالخلق والتدبير. ما بالخلق من نعمة الا منة فكيف يجعل معه اله غيره؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. ثم توعدهم بقوله الذين كفروا منهم عذاب اليم. ثم دعاهم الى عما صدر منهم وبين انه يقبل التوبة عن عباده. فقال افلا يتوبون الى الله افلا يتوبون الى الله ايرجعون الى ما يحبون ويرضاه من الاقرار لله بالتوحيد. وبان عيسى عبد الله ورسوله عما كانوا يقولونه ويستغفرونه عما صدر منهم. والله هو غفور رحيم. اي يغفر ذنوب التائبين ولو بلغت عنان السماء. ويرحمهم بقبول توبتهم. وتبديل سيئاتهم حسنات صدر دعوتهم الى التوبة بالعرض الذي هو في غاية اللطف واللين. في قوله افلا يتوبون الى الله؟ ثم ذكر حقيقة المسيح وامه الذي هو الحق فقال صديقة كانا يأكلان كيف نبين له ثم انظر انا يؤفكون. ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل. اي هذا غايته ومنتهى امره انه من عباد الله المرسلين الذين ليس لهم من الامر ولا من التشريع الا ما ارسلهم الله به وهو من جنس الرسل قبله لا مزية له عليهم. تخرجه عن البشرية الى مرتبة الربوبية. وامه مريم صديقة اي هذا ايضا غايتها ان كانت من الصديقين الذين هم اعلى الخلق رتبة بعد الانبياء. والصديقية هي العلم النافع المثمر لليقين والعمل الصالح. وهذا دليل على ان مريم الم تكن نبيا بل اعلى احوالها الصديقية وكفى بذلك فضلا وشرفا وكذلك سائر النساء لم يكن منهن نبيا لان الله تعالى قال جعل النبوة في اكمل الصنفين في الرجال. كما قال تعالى وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم. فاذا كان عيسى عليه السلام من جنس الانبياء والرسل من قبله وامه صديقة فلاي شيء اتخذهما النصارى الهين مع الله؟ وقوله دليل ظاهر على انهما عبدان فقيران. محتاجان كما يحتاج بنو ادم الى الطعام والشراب فلو كان الهين لاستغنيا عن الطعام والشراب ولم يحتاجا الى شيء. فان الاله هو الغني الحميد. ولما بين تعالى البرهان قال انظر كيف نبين لهم الايات الموضحة للحق الكاشفة لليقين. ومع هذا لا تفيد فيهم شيئا. بل لا يزالون على افكهم وكذبهم وافترائهم وذلك ظلم وعناد منهم