ولكن تولاها الحكيم العليم فقسمها احسن قسم واعدله بحسب ما يعلمه تعالى من قرب النفع وحصول البر وايصال المعروف الى من ايصال المعروف اليه. ولذلك لما ذكر توزيعها قال لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله ان المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة في المواريث. السؤال السابع والسبعون ما اقرب طريق يعين على فهم المواريث وكيفية ذلك؟ الجواب ونسأله ان يعيننا على اصابة الصواب انه جواد كريم. اعلم ان احكام المواريث صنفت فيها التصانيف المستقلة من مختصرة ومطولة. وقد ذكر العلماء من فضلها والاهتمام بشأنها ما لا يتسع هذا الموضوع لذكره. وهي من الاحكام التي بينها الله مفصلة فيك كتابه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الحقوا الفرائض باهلها فما بقي لاولى رجل ذكر. ولما كانت على هذه الصفة فقل الخلاف فيها جدا بالنسبة الى غيرها. وحصل الاتفاق على احكامها ولله الحمد. لان الايات القرآنية المتعلقة بها مع الحديث المذكور تجمع مسائلها وتضم متفرقاتها. والحاق الفرائض باهلها ثم ما بقي يعطى اقرب العصبات هو الطريق فلا ابلغ في التعليم من سلوك الطرق التي نبه الشارع عليها لكمال علمه وسعة حكمته ورحمته ولننشر ذلك وننبه عليه تنبيها يحصل به المقصود. فاعلم ان احكام الفرائض كلها تنبني على معرفة ثلاثة امور. احدها في ذكر اهل الفروض والشروط لارث كل منهم فرضه المخصوص. والثاني في ذكر العصبات ودرجاتهم وكيفية تقديم بعضهم على بعض. الثالث في ذكر قد والعول. واما ارث ذوي الارحام فهو فرع عن ذلك. اما الامر الاول ففي ذكر اهل الفروض وشروط ارثهم لها. اما الفروض فهي نصف الربع والثمن والثلثان والثلث والسدس. فرضها الله للزوجين وللبنات وان نزلن. والاخوات مطلقا. والاخوة من الام اصولي مطلقة. فالزوج له حالتان يرث النصف اذا لم يكن لزوجته ولد صلب ولا ولد ابن لا ذكر ولا انثى. لا منه ولا من غيره وهذا هو المراد بالولد عند الاطلاق. وله الربع مع وجود احد من المذكورين. والزوجة واحدة او متعددة لها حالتان الربع مع عدم الولد والسمن مع وجوده. وللام ثلاث حالات. ترث السدس مع وجود الولد او اثنين فاكثر من الاخوة والاخوات وترث الثلث مع فقد المذكورين وترث ثلث الباقي في العمريتين وهما اب وام مع زوج او زوجة. اما الجدة او الجدة فليس لها الا حال واحدة حيث ورثت ترث السدس بكل حال. والاب يرث السدس مع وجود الاولاد ذكورا او اناثا. فمع الذكور لا يزيد عليه ومع الاناث ان بقي بعد الفروض شيء اخذه. ومع عدم الاولاد مطلقا يرث بلا تقدير. والجد عند عدمه حكمه حكمه الا في العمريتين فللام مع الجد فيها ثلث كامل. والصحيح ان حكمه حكم الاب مع الاخوة مطلقا. وانهم لا يرثون معه كما لا يرثون مع الاب وهو احدى الروايتين عن احمد اختارها الشيخ وهو اصح. بل هو الصواب لادلة كثيرة. وللبنت الواحدة النصف اذا لم يكن في درجتها احد وبنت لابنك ذلك بشرطين الا يكون بدرجتها احد ولا فوقها احد. وللاخت الشقيقة بثلاثة شروط عدد الفروع مطلقة وعدم الاصول الذكور والا يكون بدرجتها احد. وللاخت للاب بهذه الشروط وعدم الاشقاء. والثلثان لثنتين فاكثر من المذكورات بهذه الشروط. والا يكون بدرجتهن ذكر يعصبهن. فان كان بنت وبنت ابن فاكثر كان للبنت النصف ولبنت لابن السدس تكملة الثلثين. فان استغرقت العاليات الثلثين سقطت النازلات الا ان يكون بدرجتهن. او انزل منهن من اولاد الابن ذكر فيعصبهن ويسمى القريب المبارك. ومثلهن الاخوات مع الاب مع الشقيقات الا انه لا يعصبهن الا لا اخوهن واما ابن الاخ فلا يعصبهن بل يختص بالباقي تعصيبا لانه من غير جنسهن. واذا كانت بنات صلب او بنات ابن ان معهن اخوات شقيقات او لاب اخذت الاخوات ما فضل عن فرض البنات. واما الاخوة للام ذكورهم واناثهم فيرثون في الكلال وهو من لا له فروع ولا اصول ذكور. للواحد منهم السدس والاثنان فاكثر الثلث. يستوي فيه ذكرهم وانثاهم لانهم خالفوا باقي الورثة في مسائل منها هذه. ومنها ان كل ذكر يدلي بانثى فلا ارس له الا الاخوة للام. ومنها ان كل من ادلى وارث حجبه ذلك المدلى به الا الاخوة للام مع الام اجماعا. والا الجدة ام الاب وام الجد مع الاب. والجد في قول الجمهور اما اذا تقررت احوال اهل الفروض الامر الثاني في العصبات ودرجاتهم وكيفية ترتيبهم في الارث. وبما تقدم يعلم الحجب. فالعصر صبات حدهم هم الذين يرثون بلا نصيب مقدر فيترتب على هذا ان الواحد منهم اذا انفرد اخذ المال كله. واذا بقي بعد الفروض شيء ان اخذه قليلا كان او كثيرا. واذا استغرقت الفروض التركة. سقط العاصي حتى في المسألة التي يسميها الفرضيون الحمارية. وهي زوج له النصف وام لها السدس واخوة لام لهم الثلث. واخوة اشقاء عصبة يسقطون. كما هو مذهب الامام احمد وجمهور وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الحقوا الفرائض باهلها. فما بقي فلاولى رجل ذكر. مفهوم الحديث انه اذا يبقى شيء سقط العاصب من دون تفصيل فدخلت فيه هذه المسألة ولهذه المسألة ادلة ذكرت في غير هذا الموضع. واما درجات العصر فالذي عليه المعول النجهات العصبة خمس. واحد البنوة وان نزلوا اثنان والابوة وان علوا بمحض الذكور. ثلاثة الاخوة وابناؤهم وان نزلوا بمحض الذكور وان نزلوا. اربعة والاعمام لاب او لهما وابناؤهم وان نزلوا. خمسة والولاة فان وجد عاصب واحد من هذه الجهات الخمس ثبتت له احكام العاصي بالسابق يأخذ المال اذا انفرد او ما ابقت الفروض او يسقط قطب الاستغراق وان وجد اثنان فاكثر فلا يخلو اما ان يكون كل واحد في جهة او يكون في جهة واحدة. فان كان كل واحد في جهة دم الاقرب جهة كما تقدم. فان كانوا في جهة واحدة قدم الاقرب منزلة على الابعد ولو كان الابعد شقيقا. فان كانوا في المنزلة سواء قدم الاقوى وهو الشقيق على الذي لاب فتقديم الابن على باقي العصبات تقديم للجهة وتقديمه على ابن الابن من باب قرب المنزلة وتقديم الاخ الشقيق على الذي لاب من باب تقديم القوة فان تساووا في كل وجه اشتركوا. وهؤلاء العصبات مع اخواتهم قسمان. قسم للذكر مثل حظ الانثيين وهم البنون وبنوهم مع اخواتهم. والاخوة الاشقاء او لاب مع اخواتهم. وقسم ليس لاخته معه لكونها من ذوي الارحام وهم باقيهم فعلم مما تقدم ان الاخوات مع اخواتهم في المواريث ثلاثة اقسام هذان القسمان ثالث الذكر والانثى سواء وهم الاخوة لام. وقد علم ايضا من هذا ومما سبق ان العصبة ثلاثة انواع. عاصب بنفسه وهم جميعا الذكور الا الزوج والاخ لام والمعتقى. وعاصم بغيره. وهن البنات وبنات الابن والشقيقات. واللاتي لاب مع اخوتهن. لانهم عصبونهن ويمنعونهن الفرض وعاصب مع غيره وهن الاخوات الشقيقات او لاب مع البنات او بنات الابن. وقد علم ايضا مما سبق ان ابن الابن لا يسقط الا بالابن او باستغراق الفروض. وان الجد لا يسقط الا بالاب او بجد اقرب منه. وان الجدة تسقط بالام وكل جدة قريبة تسقط البعيد وان الابن وابن الابن والاب يسقطون جميع الاخوة والاخوات بالاجماع وكذلك الجد على الصحيح قيح وان الاخوة للام يسقطون بالفروع مطلقا ذكورا كانوا او اناثا وبالاصول الذكور لتصير المسألة كلالة. واما الاخوة الاب ذكورا كانوا او اناثا يسقطون مع ذلك بالاخوة الاشقاء الذكور وبالشقيقة اذا كانت عصبة مع البنات. لانها تقوم مقام وما الاخ وان بنات الابن يسقطن بالابن وباستكمال من فوقهن الثلثين ان لم يعصبهن من هو في درجتهن او انزل منهن الاخوات للاب مع الشقيقات الا ان الاخوات للاب لا يعصبهن الا اخوهن. وان بني الاخوة يسقطون بجهة البنوة كلها وبعصوبة الاخوة اشقاء او لاب. ويدخل في قولنا بعصوبة الاخوة الاخت شقيقة او لاب اذا كانت عصبة مع البنات او بنات وان النازل من بني الاخوة ولو شقيقا يسقط بمن فوقه ولو كان لاب وان الاعمام وان قربوا يسقطون ببني الاخوة وان وبعد والعم للاب مقدم على ابن العم الشقيق وهكذا على هذا الترتيب. وقد علم من ذكر الوارثين من الاقارب من اصحاب الفرض تعصيب ان من عاداهم من ذوي الارحام كاولاد البنات واولاد الاخوة للام واولاد الاخوات وبنات الاخوة وبنيهم والعمات وبنات العم الخالي والخالة والجد من جهة الام فكل هؤلاء من ذوي الارحام لا يرثون ما دام احد من اهل الفروض او العصبة لانه اذا وجد عاصم اخذ المال كله بجهة العصب وان كان صاحب فرض اخذ المال فرضا وردا. فان عدموا ورث ذوو الارحام ونزلوا منزلة من ادلوا به بفرض او تعصيب. ولذلك قلنا فيما سبق انهم متفرعون عنهم. وعلم ان الاب والام والابن والبنت والزوجين لا يسقط ابدا الا بالوصف. فالحاجب بالوصف هو ان يتصف الوارث بمانع كرق واختلاف دين وقتل يمنعه يمكن دخوله على جميع الورثة. وحجب النقصان ايضا يدخل على جميع الورثة. واما حجب الحرمان بالشخص فلا يدخل الا على الخمسة المذكورين. الامر الثالث العول والرد. اما العول فسببه ازدحام الفروض غير الساقطة حتى تزيد على اصل المسألة. فحينئذ يتعين التعويل وينقص كل ص بفرض بحسب ما دخل على المسألة من العول قلة وكثرة. وقد اتفق اهل العلم عليه اتباعا للصحابة رضي الله عنهم وسلوكا غاية ما يستطاع من العدل. وقد اشتهر خلاف ابن عباس رضي الله عنه. ولكنه لم يتابع على هذا القول. وان كان العول سببه ازدحام فروض فلا يتصور في اصل اثنين ولا اصل ثلاثة ولا اصل اربعة ولا اصل ثمانية. لانها اما ان تكون فروضها ناقصة واما ان تكون كون عادلا ولا يتصور ان تزيد فروضها عن اصلها. انما يكون العول في اصل ستة واثني عشرة واربعة وعشرين. فتعول الستة الى سبعة في زوج واختين لغير ام والى ثمانية ان كان معهم ام والى تسعة اذا كان مع الجميع اخ لام والى عشرة اذا كان اخوة الام اثنين فاكثر. وتعول الاثنى عشر الى ثلاثة عشر كزوج وبنتين وام والى خمسة عشر اذا كان معهم اب والى سبعة عشر في زوجة وام واختين لغير ام واختين لها. وتعول الاربعة والعشرون مرة واحدة الى سبعة وعشرين في زوجة وابوين وابنتين. فتبين ان العول سببه زيادة الفروض على اصل المسألة. حيث لا يمكن ان يكمل لكل واحد فرضه ولا اجب بعضهم بعضا. واما الرد فسببه ضد سبب العون بان تنقص الفروض عن اصل المسألة. ولابد من عدم العصبات كلهم. فيرد على اهل الفروع بقدر فروضهم وتؤخذ سهامهم من اصل مسألتهم. ويجعل المال على نسبة تلك السهام. فجدة واخ من ام من اثنين لان لكل واحد منهما سدسا وهو واحد من ستة ومجموعهما اثنان فلكل منهما نصف المال وبنت وبنت ابن من اربعة وزوج وبنت ان من ثلاثة وزوجة وام من سبعة فعلم من هذا ان الرد يشمل جميع اهل الفروض حتى الزوجين على القول الصحيح لانه كما اجمع على دخول العول في فروضهم فالرد الذي دليله من جنس دليل العول كذلك. والرد عليهم مروي عن امير المؤمنين عثمان وبه قال شيخ الاسلام ولا دليل يدل على التفريق بينهم وبين سائر الفروض. خصوصا اذا فهمت اصل الحكمة في توزيع المال على الورثة فانها لو وكلت قسمة المواريث الى اختيار المورثين او الوارثين او غيرهم لدخل فيها من الجور والضرر والامراض النفسية ما يخرجها عن العدل والحكمة ان الله كان عليما حكيما. فدل على وقوعها في غاية العدل والحكمة التي يحمد عليها. فكما دخل العول على الزوجين ونقصت مع سائر من معهم فليدخل الرد عليهم فتزيد فروضهم مع من زادت. والله اعلم. وقد علم مما سبق في ذكر الوارثين ان اسباب الارث ثلاثة. النسب ويدخل فيهم جميع القرابة قربوا او بعدوا. ونكاح صحيح وولاء. والمراد بالولاء من تولى عتاقه رقبة بمباشرته للعتق او عتق جزء منه فيسري الى بقيته. او يمتلك ذا رحم محرم فيعتق عليه بالملك او تمثل برقيقه فيعتق عليه. فالمباشر لذلك او المتسبب له يثبت له ولاء الميراث. ولو كان المعتق انثى. فان لم يوجد المعتق صار ولاؤه لعصبته من النسب المتعصبين بانفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم. ويترتبون ترتيب عصبة النسب فاذا عدمت هذه الاسباب الثلاثة كلها فالمشهور من المذهب ان تركته تكون لبيت المال. والمشهور من المذهب ان التعصيب فقط لعصبة الملاعنة وعنه رواية ان الملاعنة عصبة لولدها. وكذلك الملتقى ومن اسلم على يده ومن بينه وبينه ومعاقبة واختاره الشيخ تقي الدين وهو الصحيح. واما موانع الارث فثلاثة. القتل بغير حق عمدا او خطأ. والرق الكامل فان كان مبعضا تباعدت احكامه. فاختلاف الدين وحكمتها ظاهرة. وشروط الارث ثلاثة. العلم بالجهة المقتضية للارث لان انه لابد من تحقق السبب الذي ينال به الارث وتحقق موت المورث او الحاقه بالاموات. كالمفقود بعد مدة الانتظار وتحقق وجود الوارث او الحاقه بذلك. الحمل يرث اذا امتنع الزوج من وطئها قبل الموت. وولدت ما يمكن ان يكون موجودا وقت الموت ان لم يمتنع فذكر اصحابنا انه اذا ولدته لاقل من ستة اشهر وعاش فانا نعلم وجوده قبل الموت. ويوقف للحمل ان اختار ورثة قسمتها قبل الولادة فان ولد حيا حياة مستقرة ورثة. ومما يلحق بالورثة الموجودين المطلقة في مرض الموت اذا انقضت عدتها فانها وان كانت الان غير زوجة لكنها تلحق بالزوجات لانه متهم بطلاقها في مرضه المخوف لاجل الميراث فلا تحرم منه. ومما يلحق بالورثة المفقود في مدة الانتظار. حكمه حكم الاحياء وبعد مضيها حكمه حكم الاموات في ارثه والارث منه. الصحيح ان الانتظار لا يقدر بمدة معينة لشخص لا مرجو السلامة ولا مرجو الهلاك. بل يضرب له مدة بحسب حاله وحال الوقت الذي هو فيه. اذا لم يغلب على الظن هلاكه. لانه لما تعذر الوصول الى اليقين وجب الاجتهاد في الوصول الى ذلك فما دام فيه نوع رجاء فلا يحكم بموته. فاذا انقطع الرجاء فيه الحق بالاموات. واما المشهور من المذهب في قدر لمن كان طاهر غيبته الهلاك مدة اربع سنين. ولمن ظاهرها السلامة تتمة تسعين سنة منذ ولد. وهذا التحديد بعيد من الصواب ومن العلل الشرعية