المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث التاسع عن عبدالله بن عمر انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كل شيء بقدر حتى العجز والكيس رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث متضمن لاصل عظيم من اصول الايمان الستة وهو الايمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره عامه وخاصه سابقه ولاحقه بان يعترف العبد ان علم الله محيط بكل شيء وانه علم اعمال العباد خيرها وشرها وعلم جميع امورهم واحوالهم وكتب ذلك في اللوح المحفوظ كما قال تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير ثم ان الله ينفذ هذه الاقدار في اوقاتها بحسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته الشاملتان لكل ما كان وما يكون الشاملتان للخلق والامر وانه مع ذلك ومع خلقه للعباد وافعالهم وصفاتهم فقد اعطاهم قدرة وارادة تقع بها افعالهم بحسب اختيارهم لم يجبرهم عليها وهو الذي خلق قدرتهم ومشيئتهم وخالق السبب التام خالق للمسبب فافعالهم واقوالهم تقع بقدرتهم ومشيئتهم اللتين خلقهما الله فيهم كما خلق بقية قواهم الظاهرة والباطنة ولكنه تعالى يسر كلا لما خلق له فمن وجه وجهه وقصده لربه حبب اليه الايمان وزينه في قلبه وكره اليه الكفر والفسوق والعصيان وجعله من الراشدين فتمت عليه نعم الله من كل وجه ومن وجه وجهه لغير الله بل تولى عدوه الشيطان لم ييسره لهذه الامور بل ولاه الله ما تولى وخذله ووكله الى نفسه فضل وغوى وليس له على ربه حجة فان الله اعطاه جميع الاسباب التي يقدر بها على الهداية ولكنه اختار الضلالة على الهدى فلا يلومن الا نفسه قال تعالى طريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة اولياء من دون الله وقال يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديه ان ويهديهم الى صراط مستقيم وهذا القدر يأتي على جميع احوال العبد افعاله وصفاته حتى العجز والكيس وهما الوصفان المتضادان اللذان ينال بالاول منهما وهو العجز الخيبة والخسر وبالثاني وهو الكيس الجد في طاعة الرحمن والمراد هنا العجز الذي يلام عليه العبد وهو عدم الارادة وهو الكسل لا العجز الذي هو عدم القدرة وهذا هو معنى الحديث الاخر اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما اهل السعادة فيسرون لعمل السعادة وذلك بكيسهم وتوفيقهم ولطف الله بهم والكيس والعاجز هما المذكوران في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني