المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثامن ومن فوائد القصة الارشاد الى طريق نافع من طريق الجدال والمقابلة بين الحق والباطل. وهو بيان ما في الحق من الخير والمنافع العاجلة والاجلة. وما في الباطل من ضد ذلك. قال تعالى في دعوة يوسف للتوحيد يا صاحبي السجن اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار؟ فذكر ما في الشرك من القبح وسوء الحال واتباع الظنون الباطلة. وان كل طائفة من المشركين لهم معبود. اما نار او صنم او قبر او ملك او ميت او غير ذلك من المعبودات المتفرقة التي لا تملك لنفسها ولا لاهلها نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا وكل طائفة تضلل الاخرى. وكلهم ضالون هالكون فيها. هذه الارباب والمعبودات خير امير اله الواحد القهار. فذكر له ثلاثة اوصاف عامة عظيمة انه الله الذي له الاسماء والصفات العليا ومنه النعم كلها. وبذلك استحق ان يكون الله المألوه اله اهل الارض واهل السماء. وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله. وانه الواحد المتفرد بكل صفة كمال. المتوحد بنعوت الجلال والجمال. الذي لا شريك له في شيء من الافعال وانه القهار لكل شيء. فجميع العالم العلوي والسفلي كلهم مقهورون بقدرته لعظمته متذللون لعزته وجبروته. فمن هذه صفاته العظيمة هو الذي لا تنبغي العبادة الا له وحده لا لا شريك له. ومنها ان الدين المستقيم الذي عليه جميع الرسل واتباعهم هو عبادة الله وحده لا شريك له. بقوله ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا اياه. ذلك الدين القيم. فهو الدين المستقيم المقيم للعقائد والاخلاق والاعمال. الذي لا تستقيم امور الدين والدنيا الا به. ومنها وجوب الاعتراف بنعم الله بنية والدنيوية لقوله ذلك من فضل الله علينا. فهو الذي من بالعافية والرزق وتوابع ذلك وهو الذي من بنعمة الاسلام والايمان والطاعة وتوابع ذلك. فعلى العبد ان يعترف بها قلبه. ويتحدث بها استعين بها على طاعة المنعم. ومنها ان الاحسان في عبادة الله والاحسان الى العباد سبب ينال به العلم. وتنال به بخيرات الدنيا والاخرة. لقوله ولما بلغ اشده اتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين. وقوله نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين. ولاجر الاخرة خير للذين امنوا امنوا وكانوا يتقون. فجعل الله الاحسان سببا لنيل هذه المراتب العالية. ومنها ان النظر الى الغايات المحبوبة يهون المشاق المعترضة في وسائلها. فمتى علم العبد عاقبة الامر وما يؤول اليه من خير الدنيا والاخرة؟ هان عليه المشقة وتسلى بالغاية لقوله تعالى واوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا فيشعرون فاوحى الى يوسف في هذه الحال المزعجة ان الامر سيكون في خير وسعة. وبعد هذه الاهانة الصادرة من اخوتك لك ستكون لك الاثرة عليهم والعاقبة الحميدة. وفي هذا من اللطف والتسلية وتخفيف البلاء. ما هو من اعظم نعم الله على العبد ولهذا المعنى الجليل يذكر الله عباده عند المشاق والامور المزعجة ما يترتب على ذلك من الثواب والخير والطمع في فضله. قال تعالى ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون. وترجون من من الله ما لا يرجون. وقوله تعالى واجمعوا ان يجعلوه في غيابة الجب. دليل على رجوعهم كلهم الى رأي من قال لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابة الجب. كما ان قوله والا تصرف عني كيدهن ان اصب اليهن واكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن. دليل على ان النسوة ساعدن ان امرأة العزيز على يوسف وجعلنا يغرينه بهذا العمل. فبعدما رأينا من جمال يوسف الباهر ما رأين. اصبحنا العزيز مساعدات بعد ان كن قبل ذلك عاتبات عليها بقولهن. امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنراها في ضلال مبين. ومنها ان العقود تنعقد بما يدل عليها من قول وفعل لا فرق بين عقود التبرعات وعقود المعاوضات. لان يوسف صلى الله عليه وسلم ملك اخوته بضاعتهم التي اشتروا بها ميرتهم من حيث لا يشعرون. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت اليهم. الاية ذلك من دون ايجاب وقبول قولي. لان الفعل والرضا يدل على ذلك