اي اشتكته عليه فقال ليس لك عليه نفقة. وفي لفظ ولا سكنى اي لانها بائنة. فلما ذكر انه لا سكنى لها وكانت بالاول في بيت زوجها امرها ان تعتد في بيت ام علي ثيابي حين امسيت. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسألته عن ذلك. فافتاني باني قد حللت حين وضعت حمله وامرني بالتزويج ان بدا لي. قال ابن شهاب ولا ارى بأسا ان تتزوج حين وضعت. وان كانت في دمها. غير انه لا يقربها زوجها حتى تطهر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ولو مات وهو غائب. فلم تعلم بموته الا بعد مضي هذه المدة فقد تمت العدة. ولا احداد لمضي مدته. وقول ولا تلبس ثوبا مصبوغا. اي اذا كان يقصد للزينة. ولهذا قال المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الطلاق. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الطلاق. وهو حل قيد النكاح او بعضه بالفاظ مخصوصة فقولنا حل قيد النكاح. ويحصل باربع صور كما تقدم احداها استكمال الثلاث. الثانية اذا طلق قبل الدخول الثالثة اذا كان على عوض. الرابعة اذا طلق في نكاح فاسد وقولنا او بعضه اي اذا كان رجعيا. وهو من نعمة الله تعالى انا كما ان النكاح نعمة ايضا. فاذا كره الانسان المرأة فقد جعل الله له هذا الطريق الى فراقها. ولم يجعلها غلا في عنقه كحالة النصارى. فان هذه الامة وسط بين الامم في الاحكام فكان النصارى ليس عندهم طلاق. فتكون المرأة اذا كرهها غلا في عنقه وحسرة عليه. واليهود والمشركون يطلقون ويراجعون متى شاءوا. وليس لهم حد ينتهون اليه فيحصل في ذلك من الاضرار بالمرأة شيء كثير. فشرع الله الطلاق لهذا هذه الامة الى ثلاث. ثم بعد ذلك لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره واما حكمه فالاصل فيه الكراهة. ويباح للحاجة ويستحب للضرر. ويجب للايلاء. واذا فسد دين المرأة ولم يقدر على اصلاحه. ويحرم للبدعة. وهو الطلاق في الحي او في طهر قد جامع فيه. او تعقب حيضة طلق فيها الا ان تكون حاملا او صغيرة لم تحض او ايسة. ومن طلاق البدعة ايقاع الثلاث دفعة واحدة. الحادي عشر والثلاثمائة الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما انه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. فتغيظ منه رسول الله صلى الله عليه على اله وسلم ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر. فان بدا له ان يطلقها فليطلقها قبل ان مسها فتلك العدة كما امر الله عز وجل وفي لفظ ثم تحيض حيضة مستقبلة. سوى حيضتها التي طلقها فيها وفي لفظ فحسبت من طلاقها. وراجعها عبد الله كما امر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومما على تحريم طلاق الحائض. ما ذكره في حديث ابن عمر. انه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتغيظ منه. اي كره ثم نهاه عن ذلك فقال قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر. ثم ان بدا له ان يطلقها فليطلقها قبل ان يمسها. ففي هذا من والرحمة شيء عظيم. فانه لا يطلقها الا وليس في نفسه شيء شيء من الرغبة فيها. فانه اذا غضب واراد طلاقها وقد وطئها ثم تركها حتى تحيض ثم تطهر ثم يطلقها قبل ان يمسها فانه لو ابيح له ان يطلقها متى شاء لطلقها في حال الغضب ثم اذا زال غضبه ربما ندم ندامة شديدة. فالشارع لطيف حكيم وقوله فتلك العدة التي امر الله عز وجل. اي في قوله فطلقوهن لعدتهن. اي انه من حين ان يطلقها تشرع في عدتها. فلا تطول عليها العدة. ولا يجوز ان يطلقها في الطهر الذي تعقب الحيضة التي قد طلق فيها. قيل الحكمة في ذلك انه عقوبة له. وفي هذا نظر. فالله اعلم بالحكمة في ذلك وقوله في اللفظ الاخر فحسبت من طلاقها راجعها عبد الله كما امر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذا اصح قولي العلماء. فانهم اختلفوا في ذلك هل يقع الطلاق في الحي يابا وتحسب من طلاقه ام لا. الصحيح انه يقع وتحسب عليه ويؤمر برجعتها كما هو صريح هذا الحديث الثاني عشر والثلاثمائة. الحديث الثاني. عن فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب. وفي رواية طلقها ثلاثة فارسل اليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فذكرت ذلك له فقال ليس لك علي فيه نفقة وفي لفظ ولا سكنى. فامرها ان تعتد في بيت امك شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها اصحابي. اعتدي عند ابن ام مكتوم. فانه رجل اعمى تضعين ثيابك. فاذا حللت قالت فلما حللت ذكرت له ان معاوية ابن ابي سفيان من خطبان فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. واما معاوية فصعلوك لا مال له. انكحي اسامة ابن زيد كرهته ثم قال انكحي اسامة. فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو ابن حفص طلقها البتة. الى اخره. وفي الرواية الاخرى اخرى طلقها ثلاثا. ويفسر هاتين الروايتين رواية اخرى. انه ارسل اليها بتطليقة بقيت من اخر ثلاث تطليقات اي انه طلقها واحدة. وقد سبق لها منه طلقتان قال قبل ذلك فبانت منه بهذه الاخيرة. لانه كما تقدم انها تبين باستكمال الثلاث. والبت القطع. اي انه لا رجعة له عليها وليس معنى قولها طلقها ثلاثا انه اوقعها جميعا بدليل الرواية الاخرى. ولانه يحرم ايقاع الثلاث معا ولما فعل ذلك رجل في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قام غضبان وقال ايلعب بكتاب الله وانا بين اظهركم ولانه من اتخاذ ايات الله هزوا. وقوله فارسل اليها وكيله بشعير. اي نفقة لها مدة العدة هذا تبرع منه. وكان قد تقرر عندهم ان المطلقة الرجعية لها النفقة والسكنى. لانها في حكم الزوجات. ما لم يأمرها بالا اقامة عنده مدة العدة فتمتنع فانها تسقط. لانها ناشز واذا نشزت الزوجة اي عصت زوجها سقطت نفقتها. فالرجعية اولى وان لم يأمرها بالعدة في بيته. فانها تجب عليه مدة العدة فان لم ينفق عليها بقيت دينا في ذمته. واما اما البائن فان كانت حامل فلها النفقة لاجل الحمل. وان لم تكن حاملا فلا نفقة لها. لانها اجنبية منه. وكان هذا حكم خفي على كثير من الصحابة. ولولا ان الله تعالى يسر وقوعه وبسبب فاطمة بنت قيس لخفي هذا الحكم. وكانت رضي الله عنها من النساء العالمات. وخفي هذا الحكم حتى على عمر رضي الله عنه فكان يرى ان لها النفقة مطلقا. ولكن هذا الحديث صحيح صريح في التفريق بين البائن والرجعية. ولما ظنت فاطمة ان لها النفقة سخطت الشعير. لما بعث به وكيله اليها وقوله سخطته اي اما ردته. واما اخذته وتكلمت به على وجهه التكره وكان قد علم انه لا حق لها عليه ولهذا قال والله ما لك علينا من شيء. فاقسم على ذلك. فجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فذكرت له ذلك ثم ذكر المانع فرجع فقال تلك امرأة يغشاها اصحابي ان يكثرون الدخول عليها. اعتدي عند ابن ام مكتوم ثم ذكر الداعي لذلك فقال فانه رجل اعمى تضعين ثيابك اي ولا يراك وكان ابن عمها. ثم قال فاذا حللت اي فرغت عدتك. فاذنيني اي اخبريني. ولعله ارى بعد ان يشير عليها بنكاح اسامة بدليل اخر الحديث. وعدتها ان كانت حاملا بوضع الحمل. ولكن في هذه المسألة لم تكن حاملا الحائض ثلاث حيض. وان لم تكن تحيض بان كانت صغيرة او ايسة فعدتها ثلاثة اشهر. وان كانت تحيض وارتفع حيضها بسبب رضاعة او مرض فعدتها ثلاث حيض. ولو استمر السبب ولم يأت الحيض سنة او سنتين او اكثر. وقولها فلما حللت اي فرغت العدة. ذكرت له ان معاوية بن ابي سفيان وابا جهم كلاهما من قريش من بني عمها. فلما استشارته بذلت فلها النصح. وهكذا يلزم من استشير ان ينصح. فان المستشار مؤتمن فقال اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. اي انه ضراب للنساء سيء الخلق. واما معاوية فصعلوك. اي فقير لا مال له. وهو الذي تولى امرة المؤمنين رضي الله عنه فانظر كيف انتقل من حالته الاولى الى حالته هذه ثم لما بين لها انها هذين لا يصلحان لها. اشار عليها بنكاح اسامة فقال انكحي اسامة بن زيد. اي ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قالت فكرهته اي لانه مولى وهي من اشراف قريش. وهو ايضا عربي. لان انه من بني كلب. ولكنه مسه الرق. وهذا عندهم يقدح في الانسان فلما رآها تلكأت وكرهته. اعاد عليها مرة اخرى قال اسامة قالت فنكحته اي قبولا لنصحه وامتثالا لامره والا فهي كارهة له. ولكن صار الخير بما ارشدها اليه وقد يكون المكروه سببا للامر المحمود. كما قال تعالى عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وفي الاخرة اية اخرى فقالت فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به. اي انها اصابت منه خيرا كثيرا من الدين والدنيا. واحبته محبة شديدة. ففي هذا في الحديث فوائد عديدة. منها ان المرأة تبين في تطليقات. ومنها ان البائن لا نفقة لها ولا سكنى اذا لم تكن حاملا. ومنها وجوب العدة. ومنها انه يجب النصح للمستشير. ومنها ان القدح في الشخص المستشار فيه اذا اكان للنصح لا يكون غيبة. كالمستفتى فيه ولو كان يكره ذلك ولهذا قال بعضهم في بيان الاشياء التي لا يكون الذم فيها غيبة الذم ليس بغيبة في ستة. متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسقا ومستفت ومن. طلب الاعانة في ازالة تيم كري. ومنها ان امتثال امر الرسول صلى الله عليه وعلى اله سلم خير كله. سواء احب الانسان ام كره باب العدة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب العدة وهي تربص الزوجة المفارقة بحياة او موت. سواء كان الفراق بطلاق او فسخ او غيرهما. واما الاستبراء فهو للسرية والقصد منه العلم ببراءة الرحم. وللعدة فوائد. منها ان انها حق للزوج وحريم لنكاحه. وهو واضح في الرجعية. فانه رجعتها ما دامت في العدة. وليعلم براءة رحمها. فهو حق ونادي لي الا يضيع نسبه او ينسب الى غير ابيه. ومنها انه حق لله تعالى ومنها انه حق للزوج المتأخر. لان لا مختلط ماؤه بماء غيره. والعدة اقسام. فان كانت حاملا فعدتها وضع الحمل. سواء كانت متوفا عنها او مفارقة في الحياة وهذه ام العدات. الثانية المفارقة في الحياة وهي خير حامل. فعدتها ان كانت تحيض ثلاث حيض. ولو ارتفع حيضها لمرض او رضاع ونحوهما. ومكثت على ذلك سنين انها تنتظر حتى يعود ثم تعتد به. وان كانت صغيرة او كويسة فعدتها ثلاثة اشهر. الثالثة المتوفى عنها فعدتها ان لم تكن حاملا اربعة اشهر وعشر. الثالث اثنى عشر والثلاثمائة. الحديث الاول. عن سبيعة الاسلمية انها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا. فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب ان وضعت حملها بعد وفاته. فلما تعلت من نفاقه تجملت للخطاب. فدخل عليها ابو السنابل ابن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي اراك متجملة؟ لعل التي تريدين النكاح. والله ما انت بناكح حتى تمر عليك اربعة اشهر وعشرة قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت سبيعة الاسلمية. انها كانت تحت سعد بن خولة. الى اخره تقدمت قصته وانه من المهاجرين. فمات بمكة في حجة الوداع فتعزز له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ورث له وقوله فلم تنشب ان وضعت حملها اي انها لم تستكمل اربعة اشهر اشهر وعشرا. وورد في بعض الروايات انها ولدت بعد وفاته شهر فلما تعلت من نفاسها اي ارتفع واغتسلت من نفاسها تجملت للخطاب. اي انها فهمت ان قوله تعالى واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن عام لكل معتدة. ولكنها لم تكن متيقنة فلهذا قال فدخل عليها ابو السنابل ابن بعكك. رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي اراك متجملة؟ لعلك تريدين النكاح والله ما انت بناكح الى اخره. لانه غلب على ظنه ان قوله تعالى ازواجا يتربصن بانفسهن. يتربصن عام لكل متوف عنها حاملا كانت اولى. فلما قال لها ذلك واقسم على ذلك دخل عليها الشك. لانها ليست على يقين تام فلهذا قالت فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين امسيت فأتيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الى اخره فكان ما فهمته هو الصواب. وقوله قال ابن شهاب اي الزهد احد رجال سند هذا الحديث. ولا ارى بأسا ان تتزوج حين وضعت ان كانت في دمها اي لانه افتاها بفراغ عدتها من حين الوضع ولكن لا يقربها زوجها حتى تطهر. وهو كما قال رحمه الله ففي هذا الحديث ان عموم قوله مقدم على قوله والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا الاية فهو مقدم عليه ومخصوص به. وفيه وجوب العدة الرابع عشر والثلاثمائة. الحديث الثاني عن زينب بنت ام سلمة انها قالت توفي حميم لام حبيبة. فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها فقالت انما اصنع هذا لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحل تؤمن بالله واليوم الاخر. ان تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله وهو في تعليقاته. قوله في حديث زينب بنت ام سلمة. توفي حميم اي قريب لام حبيبة. فدعت بصفرة فمسحت ذراعيها اي ولم يكن بها حاجة الى التجمل. لانها لا يحل لها النكاح بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كسائر امهات المؤمنين لانهن ازواجه في الدنيا والاخرة. ولهذا بينت الداعية يا لها الى فعل ذلك. فقالت انما اصنع هذا لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحل لامرأة تؤمن واليوم الاخر. الى اخره. اي ان الايمان بالله واليوم الاخر مانع لها من الاحداد على ميت فوق ثلاث. سواء الاب هو الاخ والابن وغيره. واما الثلاثة فيعفى عنها. لانه لابد من وجود المصيبة. ويستثنى من ذلك الزوج. فيجب ان تحد عليه اربعة اشهر وعشرا في مدة العدة. والحج هو المنع. والاحداث هو الامتناع من الطيب ونحوه. والملابس الحسنة التي تدعو الى نكاحها وترغب فيها. كما ياتي قريبا ان شاء الله تعالى. فيجب عليه اجتناب ذلك في العدة. وهو واجب في العدة. وليس شرطا من شروطها فانها لو تركته حتى مضت العدة فقد تمت عدتها. وتأثم ان ذلك. وهو من حقوق الزوج. ففيه عظم حق الزوج. وانه واعظم من حقوق جميع الاقارب. فلو امرها ابواها بفعل شيء وامرها زوجها بعدم فعله فان امكنها ارضاء الجميع والتلطف لهم فبها ونعمة وان لم يمكنها ذلك وكان لابد من مخالفة احد الامرين وجب عليها تقديم امر زوجها ولو خالف امرهما. وهذا من عظم حقه ولهذا ورد لو كنت امرا احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها. من عظم حقه عليها. وفيه وجوب الاحداد على الزوج. وفيه تحريم الاحداد فوق ثلاث على غيره الخامس عشر والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن ام عطية رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث. الا على زوج اربعة اشهر وعشرا. ولا تلبس ثوبا مصبوغا الا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا الا اذا طهرت. نبذة من قسط او اظفار. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله قوله في حديث ام عطية لا تحد امرأة على ميت فور ثلاث الا على زوج اربعة اشهر وعشرا. اي في مدة قال الا ثوب عصب. وهو نوع من الثياب يأتي من اليمن. فانه مصبوغ لغير الزينة. فالمقصود انه يحرم المصبوغ لاجل الزينة. واما ما صبغ للمهنة ونحو ذلك فلا يحرم. ويختلف باختلاف الازمنة والامكنة ويحرم لبس جميع الحلي. لانه مما يدعو الى نكاحها فيحرم عليها بجميع انواعه. الذي يجعل على الرأس والذي يجعل على الصدر والرقبة. وما يجعل في اليدين والرجلين. ويدخل في ذلك المجاول ونحوها. وقال بعض العلماء ويباح من الثياب كل ما لم يصبغ ولو كان حريرا. وهو المشهور من مذهب احمد. والصحيح الرواية الثانية عنه. انه يحرم جميع ما يستعمل للزينة. سواء او كان على خلقته ابيض. وليس العلة صبغه. وانما العلة التجمل بل ربما كان بعض الثياب البيض احسن واجمل من كثير من الثياب باب المصبوغة. واختار هذا القول شيخ الاسلام وابن القيم. قال في صافي وهو الصواب. ومما يحرم عليها الحناء. اذا استعملته على وجه الزينة كما يجعل في اليدين والرجلين. واما لو استعملته على الم كقروح ونحوها فلا بأس به. وقوله ولا تكتحل اي في الاثم والكل كحلي الاسود ونحوه من الاكحال. التي يتجمل بها. وهي الكحل الذي لا يبقى له اثر في العين كالدواء. وقوله ولا تمس طيبه اي جميع انواع الطيب. لانه يرغب فيها. ويدعو الى نكاحها سواء كان مائيا او مسحوقا او عود بخور او غير ذلك ثم استثنى من ذلك فقال الا اذا طهرت اي من حيضها نبذة اي قطعة. من قسط هو نوع من الطيب. او اظفار ايضا من الطيب. اي تجعلها في محل الخارج ليذهب ريحه وزهومته كيف يباح ذلك؟ ولانه ايضا لا يعد تجملا. ولا يباح استعمال الطفل ولو احتيج اليه. السادس عشر والثلاثمائة. الحديث الرابع عن ام سلمة رضي الله عنها انها قالت جاءت امرأة الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفي عنها زوجها. وقد اشتكت عينها افنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا مرتين او ثلاثة ثم قال انما هي اربعة اشهر وعشر وقد كانت احداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة اذا عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها. ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر عليها سنة ثم تؤتى بدابة حمار او طير او شاة فتفتض به فقلما تفتض بشيء الا مات. ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب او غيره. رواه البخاري ومسلم. الحفش البيت الصغير. وتفتض وتدلك به جسدها. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال في حديث ام سلمة جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه على آله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفي عنها زوجوها وقد اشتكت عينها اي وجعت افنكحلها فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا. مرتين او ثلاثة الى اخره. اي ترد عليه ذلك ويقول لا. فلما رأى استثقالها لهذا الامر ذكر رحمة الله تعالى بهم. ونعمته فقال انما هي اربعة اشهر وعشر. اي انها مدة قليلة وقد كانت احداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول اي من خفة ذلك عندكن. مع ان الله خفف ذلك بالعدد والصفة فكيف تستثقلون هذه المدة القليلة؟ وفسرت ذلك زينب بنت ام سلمة فقالت كانت المرأة اي في الجاهلية. اذا توفي عنها زوجها قالت حفشا اي ما يقطع في بيت الشعر يكون ضيقا. وهو عبارة عن بيت ضيق جدا. ولبست شر ثيابها اي اقبحها. ولم تمس طيبا ولا شيئا. اي لا ماء ولا غيره ولا تتنظف. فتتراكم عليه ايها الاوساخ والعرق. حتى تمر عليها سنة. اي وهي في هذه الحالة القبيحة ثم تؤتى بدابة حمار او طير او شاة فتفتض به. اي به وسخها. ومن شدة رائحتها ونتنها. قلما تفتض بشيء الا مات. ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها. اي اشارة الى ان انما مضى عليها هذه المدة الطويلة في هذه الحالة الشنيعة بالنسبة الى موت زوجها اخف عندها من رمي هذه البعرة. ثم تراجع بعد اي بعد هذه ما شاءت من طيب او غيره. فانظر الى رحمة الله بهذا الامة وتخفيفه عليهم. حيث بدل السنة باربعة اشهر وعشر اباح لها ان تنظف وتزيل وسخها. وتلبس ما شاءت من الثياب غير ما يقصد للجمال وتذهب الى حيث شاءت من بيتها. الى اعلاه او اسفله او اوسطه غير انها لا تخرج منه. وان احتاجت للخروج شراء طعام ونحوه. وليس لها احد يقضي حاجتها. خرجت لذلك نهارا فقط. ويحرم عليها الخروج بالليل مطلقا. ولا تعود مريضا ولا قريبا. ومثله لو احتاجت للخروج للتكسب كخدمة ونحوها فتخرج نهارا بقدر الحاجة. واما تكليم الناس فمن يباح لها مكالمته قبل الاحداد. فانه يباح لها بعده ومن لا باب اللعان. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله باب اللعان. وهو ايمان مكررة من الجانبين مقرونة بلعنة او غضب. ولا يكون الا بين زوجين. والاصل فيه قول تعالى والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء. الاية. واشترط العلماء فيها شروطا كلها مستفادة من الاية. كاشتراط انه بين زوجين وان الزوجة تنكر وان يبدأ بالرجل. وان يقرر كل منهما الايمان تمرات وان يقرنه في الخامسة لفظة اللعنة ان كان من الكاذبين. وهي لفظة الغضب ان كان من الصادقين. واذا تم اللعان ترتب عليه اربعة امور احدها سقوط الحد عنه. الثاني سقوط الحد عنها. الثالث الفرقة المؤبدة. الرابع انتفاء الولد اذا نفاه فلا يلحقه نسبه ولا خفاء في حكمة الله تعالى في شرعه. فانه ذكر قبله وجوب تحدي القذف على من رمى المحصنات. ومثله من رمى المحصنين. فلما فكان من رمى زوجته ليس كمن رمى الاجنبية. فرق الشارع بينهما فانه لا يقدم على رميها الا بما يتيقنه. ولا صبر له عليه فان عليه في ذلك عارا وضررا. السابع عشر والثلاثمائة الحديث الاول. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان فلان ابن فلان فلان قال يا رسول الله ارأيت لو وجد احدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ ان تكلم تكلم بامر عظيم. وان سكت سكت على مثل ذلك ذلك قال فسكت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلم يجبه فلما كان بعد ذلك اتاه فقال ان الذي سألتك عنه قد ابتليت به فانزل الله عز وجل هؤلاء الايات في سورة النور والذين يرمون ازواجهم فتلاهن عليه ووعظه وذكره واخبره ان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة. فقال لا والذي ان بعثك بالحق نبيا. ما كذبت عليها. ثم دعاها ووعظها وذكرها واخبرها ان عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة. فقالت لا والذي بعثك بالحق انه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهد اربع شهادات بالله انه لمن الصادقين. والخامسة ان لعنة الله عليه ان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت اربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين. والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين ثم فرق بينهما. ثم قال الله يعلم ان احدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثلاثة وفي لفظ لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله ما لي؟ قال لا مال لك. ان كنت صدقت عليها فهو بما استحللت منها فرجها. وان كنت كذبت فهو ابعد لك منها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال في حديث ابن عمر ان فلان ابن فلان قال يا رسول الله ارأيت لو وجد احدنا رأته على فاحشة كيف يصنع؟ ان تكلم تكلم بامر عظيم. وان ان سكت سكت على مثل ذلك. وفي بعض الروايات ان تكلم جلدتموه. اي حد وعليه في ذلك عار ان يكون زوج بغي. وان سكت فعليه ضرر. وربما ما اتصف بالدياثة. فان الديوث من يقر الفاحشة في اهله. وقوله فسكت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلم يجبه. لكراهته هذا السؤال ولانه لم ينزل عليه في ذلك شيء. وكان الرجل قد شعر من امرأته بشيء من ذلك فلهذا قال فلما كان بعد ذلك اتاه فقال ان الذي سألتك عنه قد ابتليت به الى اخره. وفي بعض الروايات ان جعل يقول له البينة. والا حد في ظهرك. فانزل الله هذه الاية ايات من سورة النور. والذين يرمون ازواجهم فتلاهن عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ووعظه وذكره الى اخره. ففيه انه يشرع ان يوعظ الرجل لعله يرتدع ولا يلاعن. ويقال له ان عذاب الدنيا الذي هو حد القذف اهون من عذاب الاخرة. فاذا ابى الا ان يلاعن امر باللعان. ثم هي وتذكر مثله. فان رجعت ولم تلاعن. فان اقرت حدت. وان ان تقر ولم تلاعن فتحبس حتى تقر او تلاعن. على المشهور من مذهب احمد وعنه انها تحد اذا نكلت ولو لم تقر. وهذا هو الصحيح وقوله الله يعلم ان احدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثلاثة اي انه لابد ان احدهما كاذب. وفيه عرض التوبة عليهما. لعل احدهم يندم ويرجع. وقوله لا سبيل لك عليها. اي دائما وابدا فان هذه فرقة مؤبدة. فلا تحل له ولو بعد ازواج كثيرين وقوله فقال يا رسول الله مالي اي صداقه فقال لا مال لك الى اخره. اي لا تستحق عليها شيئا. لانك ان كنت انت صادقا فهو بما استحللت من فرجها. لانه يتقرر لها بالدخول فلا يجمع له بين الصداق وقد استباح فرجها. وان كان كذب عليها فهو ابعد ففيه مشروعية اللعان. وقد خالف غيره في امور كثيرة. منها ان الايمان تكون من الجانبين كالقسامة. ومنها انه لابد ان يقرن مع اليمين لفظ الشهادة. ومنها انه لابد ان يقرن بالخامسة لفظة اللعنة فيلعن نفسه ان كان كاذبا. ولابد هي ان تقرن بها لفظة الغضب وتضيفه الى نفسها ان كان من الصادقين. ومنها انه ايمان مكررة ويشاركه في هذا القسامة ايضا. ومنها ان الاصل البينة على المدعي. واليمين على من انكر. وفي هذه كلها ايمان وفيه انه يوعظ كل منهما. وفيه انه يبدأ بالرجل وفيه ان يكون بحضرة الامام او نائبه. وفيه انه تعرض عليه فيهما التوبة. وفيه انه يفرق بينهما فرقة مؤبدة. وفيه انه لا يرجع عليها بشيء مما اعطاها. وفيه انه خاص بين الزوجين الثامن عشر والثلاثمائة. الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رجلا رمى امرأته وانتفى من بلدها في زمان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فامرهما رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فتلاعنا كما قال الله تعالى ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعنين. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رجلا رمى امرأته الى اخره. اصل الرمي في اللغة القذف بالشيء. والرمي الكلام القبيح. وفي الاصطلاح هو القذف بالزنا خاصة. اي انه قذفها بالزنا. وقال ان الولد ليس منه فتبى برأ منه وقوله فامرهما رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتلاعنا كما قال تعالى. اي كما تقدم موضحا في الحديث السابق فان هذا الحديث عبارة مختصرة من الحديث الاول وقوله ثم قضى بالولد للمرأة اي كان ينسب الى امه. وانقطع من جهة الاب. لان الزوج نفاه ولاعن عليه. ولا يلحق بالزاني لقوله وللعاهر الحجر. ولا ينافي هذا ما يأتي من قوله الولد للفراش. فان المراد بذلك اذا لم ينفه. ففي قوله وفرق بين المتلاعنين اي فرقة مؤبدة كما تقدم. ففي في هذا الحديث انه اذا انتفى من الولد ولاعن عليه. فانه لا يلحقه والا لم يلاعن بل قال ليس هذا الولد مني. وابى ان يلاعن لحقه وفيه انه لا يشترط لنفيه الوضع. فلو نفاه وهو حمل ولاعن عليه انتفى بذلك. ولا يحتاج الى اعادة اللعان بعد الولادة هذا اصح قولي العلماء. لانه يحصل بذلك المقصود. واذا تيقن وان الولد ليس منه وجب عليه اللعان. ونفي الولد لان لا يلحقه نسبه. وهو اجنبي منه. ويجوز نفيه اذا غلب على الظن انه ليس منه مع تحققه زناها. وفيه ان الولد يقضى به لامه واختلف العلماء هل عصبته امه؟ لان جهة الابوة والامومة انحصرت فيها. وبعدها عصبته عصبتها. ولانه ورد في السنن تحوز المرأة ثلاثة مواريث. لقيتها وعتيقها وولدها الذي لعنت عليه. وهذا اختيار شيخ الاسلام. وهو رواية عن احمد والمشهور من المذهب. ان عصبته عصبة امه. لا هي بنفسها والمذهب اصح. الا ان ثبت الحديث الذي في السنن اختيار الشيخ اصح. فان الحديث ضعفه بعضهم وثبته اخرون وفيه التفريق بين المتلاعنين. التاسع عشر والثلاثمائة الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان امرأة ولدت غلاما اسود. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل لك ابل؟ قال نعم. قال فما الوانها قال حمر. قال فهل يكون فيها من اورق؟ قال ان فيها لورقى قال فانى اتاها ذلك. قال عسى ان يكون نزعه عرق. قال قال وهذا عسى ان يكون نزعه عرق. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابي هريرة جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال لا ان امرأتي ولدت غلاما اسود. اي وهو وزوجته مخالفة للونه. وكان يعرض بقذفها ويسأله هل له ذلك فلما فهم منه المرشد عليه الصلاة والسلام فهمه بعبارة تقرب اليه فقال هل لك من ابل؟ وخصها لانه من اهل البادية قال نعم. قال فما الوانها؟ قال حمر اي كلها على هذا اللون. قال فهل يكون فيها من اورق وهو لون معروف. قال ان فيها لورقى. اي واحدة على يا هذا اللون قال فانى اتاها ذلك؟ اي من اين لها هذا اللون مع ان سائر الابل مخالف للون هذه. وهي مولودة من هذه الابل. فقال عسى ان يكون نزعه عرق. اي لعنة من اجداده او شيء على هذا اللون. فجاء لون الولد عليه فلما قال له ذلك واجاب سؤاله بنفسه. قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا عسى ان يكون عرق. اي ان الجواب عنهما واحد. فلعل من او جداتك احدا اسود. فجاء هذا الغلام بصفته. فقنع بهذا الجواب الشافي. الذي بين له الحال اتم بيان. ففيه ان انه لا يجوز القذف بمجرد الظن. بل لابد من اليقين. فلو رأى مثل هذه القرينة لم يرخص له في القذف. وفيه ان التعريض اذا اكان على وجه السؤال والاسترشاد. ولو فهم منه معنى القذف. فلا يعد قذفا ولا حد عليه فيه. وانما الحد في التصريح والتعريض. اذا قصد به القذف والقدح به بالمقذوف. لا لاجل الاسترشاد. وفي فيه حسن تعليمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وارشاده. فانه قد امتثل ما امره به ربه بقوله حكمة والموعظة الحسنة. الى غير ذلك من الاداب التي ادبه بها ربه. ولو قال له انه لا يجوز لك رميها بهذا الظن والولد ولدك ونحو ذلك. لكفى في الجواب. وامتثل الرجل امره ولكن اراد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يقنع ويتضح له حقا الامر. وفيه انه ينبغي مع تبيين الحكم تبيين حكمة الشيء ومأخذه من الكتاب والسنة. فهذا اعلى درجات علم فان صاحبه يكون على يقين واطمئنان قلب. وراحة تامة من كل وجه. فلا يزيل علمه شك ولا شبهة. لانه بلغ به اليقين التام. العشرون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها انها قالت اختصم سعد ابن ابي وقاص وعبد ابن زمعة في غلام. فقال سعد يا رسول الله هذا ابن اخي عتبة ابن ابي وقاص. عهد الي انه ابنه انظر الى شبهه. وقال عبد بن زمعة هذا اخي يا رسول الله. ولد جعل فراش ابي من وليدته. فنظر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة. فقال هو لك يا الولد للفراش وللعاهر الحجر. واحتجبي منه يا فلم يرى سودة قط. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة اختصم سعد بن ابي وقاص هو احد العشرة المبشرة بالجنة وعبد ابن زمعة في غلام. فقال سعد يا رسول الله. هذا ابن اخي في عتبة عهد الي انه ابنه. انظر الى شبهه. وكان رتبتك كافرا. وقد عاهر بامة زمعة فحملت. فاوصى اخاه سعد بانه ابنه وكانت هذه عادتهم في الجاهلية. فادلى انه عهد اليه اخوه به. وبان شبهه كشبه عتبة. وقال هذا اخي ولد على فراش ابي من وليدته. اي من سرية فان الفراش الزوجة اذا دخل بها. والامة اذا تسراها واما مجرد الملك فلا تكون به فراشا. فادلى بالفراش فنظر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى شبهه. فرأى شبها بينا بعتبة. ولكنه رجح الفراش فقال هو ولك يا عبد لقوة الفراش. ثم ذكر الحكمة ودليل الحكم فقال الولد للفراش وللعاهر اي الزاني الحجر. ق الى المراد الرجم. وقيل المراد الخيبة. كما يقولون بغية الحجر. اي ان انه لم يحصل له شيء. بل حصل الخيبة والخسار. وهذا اظهر لانه ليس للزاني الحجر مطلقا. فانه لا يرجم الا المحصن واما غيره فيجلد. فلما قضى به لعبد وكان الاصل انه يكون لاحقا به من كل وجه. فلهذا قال واحتجبي انه يا سودة الى اخره. اختلف في ذلك. فقيل هو على وجه الاله فلا يحل له ان ينظر اليها. وقيل انه على وجه الورع لان نسائه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ينبغي ان فكنا اورع من غيرهن. وهذا اصح. لانه لو كان على وجه لامر جميع محارم عبد ابن زمعة ان يحتجبن منه. ولا لا فرق بينها وبين سائر نسائه في ذلك. ولكنه لما رأى شبهه في عتبة وكان الحكم في الظاهر انه لعبد احب التورع والا ينظر الى سودة ولان الاصل انه اذا الحق به في النسب ترتب على كذلك جميع ما يترتب على النسب. ففي هذا الحديث مسائل كثيرة منها انه لا بأس بالتوكيل في استلحاق النسب. ولهذا اقر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سعدا على دعواه. ومنها انه اذا مات انسان وترك حقوقا مالية او غير مالية فان وارثه تقوم مقامه في المطالبة بها. ولو لم يوكله في ذلك تلف في ثلاثة حقوق. احدها حق القذف. الثاني الشفعة الثالث خيار الشرط. فالمشهور من المذهب ان هذه ثلاثة لا يطالب بها بعد موت المورث. الا اذا طالب بها. ولهذا قال الامام احمد رحمه الله ثلاثة تسقط بموت اصحابها. حق الشفعة وحق القذف وخيار الشرط. وعنه انها تورث كغيرها من الحقوق وهذا هو الصحيح لادلة كثيرة. ومنها ان الفراش مقدم على الشبه فلا يلحقها حكم للشبه مع الفراش. ولا عن صاحب الفراش الا اذا نفاه ولاعن على ذلك كما تقدم وفيه ان الزنا لا يكون سببا لثبوت النسب. وفيه انه قد اعظم الاحكام في المسألة الواحدة. فيحكم به من جهة دون جهة. كما الشهادات. فاذا شهد مثلا رجل وامرأتان بسرقة. ثبت المال دون القصر وكما في البيع فلو باع عبدا وحرا او مجهولا ومعلوما او وخمرا صفقة واحدة. صحفي العبد والمعلوم والخل. وبطل في الحر مجهول والخمر. وفيه اعتبار الشبه مع عدم الفراش. فلو وطأ اثنان امرأة بشبهة فولدت ولدا ودعاه كل منهما ولا فراش. فان انه يعرض على القافة. فمن الحقته به فهو له. وان الحقته بهما فهو لهما. الحادي والعشرون والثلاثمائة. الحديث الخامس عن عائشة رضي الله عنها انها قالت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل علي مسرورا. تبرق اسارير وجهه فقط قال الم تر ان مجزز النظر انفا الى زيد ابن حارثة واسامة ابن عيد فقال ان بعض هذه الاقدام لمن بعض. وفي لفظ كان مجزز طائفا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل علي مسرورا. تبرق اساري وجهه وكانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا سر عرف ذلك في وجهه. وقوله الم تر ان مجززا الى زيد ابن حارثة واسامة ابن زيد. اي وكان لقد غطيا رؤوسهما بقطيفة. وقد بدت ارجلهما كما في بعض الروايات فقال ان بعض هذه الاقدام لمن بعض. وفي لفظ كان مجزز طائفا. والقيافة هي معرفة الشبه. وسبب سروره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لان اسامة اسمر اللون وزيد ابيض. فكان بعض الناس تكلم فيه. وانه ليس ابنا لزيد فلما رآهما مجزز وهو لا يعرفهما. وقال ذلك سر والنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذلك. لانه وافق الحق وانتفت الشبهة التي ظنها بعض الناس عن حب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابن حبه. ففيه ان القيافة حق. وانه يلحق بها الانساب مع عدم الفراش. الثاني والعشرون والثلاثمائة الحديث السادس عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال ذكر العزل لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ولم يفعل احدكم ذلك ولم يقل فلا يفعل احدكم ذلك فانه ليست نفس مخلوقة الا الله خالقها. رواه البخاري مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي سعيد ذكر العزل لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ولم يفعل احدكم ذلك؟ اي لاي شيء يفعله؟ وما املوا له عليه. وقوله ولم يقل فلا يفعل احدكم ذلك. اي انه لم ينهى عنه. وانما سأل عن سبب الفعل والحامل عليه. ثم ذكر الدار الى تركه فقال فانه ما من نفس مخلوقة الا الله خالقها اي ان كل شيء بقضاء وقدر. فما شاء الله كان وما ولم يشأ لم يكن. ولم يكن هذا نفيا للسبب. وانما المراد انه لا يتكل على السبب. بل لابد مع وجود السبب من موافقة القدر فانه اذا تسبب الانسان بالعزل لاجل عدم الحمل فقد اراد الله وجوده. فانه لابد ان يسبق من الماء شيء لا يحس به يحصل منه وجود الولد. والعزل هو الانزال خارج الفرج وغالبا ما يفعلونه مع الاماء اذا احب الا تحمل. وكذلك ففي مثل المرضع اذا اراد الا تحمل. فارشد صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم الى انه ان قدر الله الحمل فلا ينفعه ذلك. ففي فيه وجوب الايمان بالقدر. قال الامام احمد القدر هو قدرة الله تعالى اي تعلم ان الله قادر على كل شيء. فهو الخالق الرازق المدبر لجميع الامور. فلا بد في وجود الشيء من السبب والقدر فمن اعتقد عدم التأثير لاحدهما كوجود امر بدون القدر او انه يوجد بمجرد القضاء والقدر. وانه لا تأثير للاسباب فقد ضل ووافق مذهب اهل البدع. الثالث والعشرون والثلاثمائة الحديث السابع عن جابر رضي الله عنه انه قال كنا نعزل والقرآن ينزل. لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. هذا الحديث في حكم المرفوع فان قيل كيف يكون مرفوعا؟ وجابر لم يرفعه الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قيل لان الشرع قوله في علوه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتقريره. وهذا من تقريره فانهم اذا فعلوا شيئا وعلم به واقرهم عليه فهو جائز فان قيل لعله لم يعلم بذلك. قيل هذا احتمال بعيد. وعلى تقدير ذلك فقد اجاب عنه هنا جابر. كنا نعزل والقرآن ينزل. الى اخره اي انا نفعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما بين اظهرنا ولم يستكمل انسان القرآن ومحال ان يتركهم الله تعالى على فعل محرم. لم يبينه لهم على لسان رسوله. وقد اخبر انه اكمل لهم الدين. فعلى تقديري ان الرسول لم يعلم. فالجواب عنه ان الله تعالى يعلم. ولو كان محرما لبينه على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد اختلف العلماء في هذه المسألة. فالمشهور من مذهب احمد انه يجوز في السرية مطلقا. لانه لا حق لها في الوطء. واما الزوجة فان ان كانت حرة لم يجز الا باذنها. لان لها حقا في الوطء. وان كانت امة فباذن سيدها لان الحق له. واطلقوا الكلام هنا في الحرة فقالوا لا يجوز الا باذنها. لان الحق لها في عشرة النساء. قالوا لا يجب عليه الوطؤ الا في السنة ثلاث مرات. ومقتضاها هذا ان ما زاد فلاح حق لها فيه. وفي هذا من التناقض ما فيه. وعنه رواية ثانية انه لا يجوز العزل مطلقا. وعنه رواية ثالثة انه يجوز مطلقا ولعل هذه الرواية اقوى من غيرها. لحديث ابي سعيد وحديث جابر الرابع والعشرون والثلاثمائة. الحديث الثامن عن ابي في ذر رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ليس من رجل ادعى لغير ابيه وهو يعلمه الا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا. وليتبوأ مقعده من النار من دعا رجلا بالكفر او قال يا عدو الله وليس كذلك الا حار عليه كذا عند مسلم. وللبخاري نحوه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي ذر رضي الله عنه ليس من رجل ادعى لغير ابيه وهو يعلمه الا كفر. الى اخره فهذه ثلاثة اشياء نهى الشارع عنها نهيا شديدا فيجب على كل مسلم اجتنابها. الاولى من ادعى لغير ابيه وهو يعلمه اي انه يقول فلان ابي وينتسب اليه. وهو يعلم ان اباه غيره وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية. لاجل الشرف فينسب الى قبيلة اشرف من قبيلته. ويقصد بذلك الفخر. وفي ذلك من اختلاط الانساب وضياعها شيء كثير. فلهذا حذر عنه اتم تحذير الثانية قال ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ اي وليبشر بمقعده من النار. وهذا عام في كل شيء. في الاموال وجميع الحقوق والمراتب وغيرها. فيدخل فيه من ادعى مال غيره او حقا من الحقوق التي ليست له وهو كاذب في ذلك. واعظم من ذلك من يحلف على ذلك ويدخل فيه من ادعى مرتبة ليست له. كمن ادعى العلم ليستفتيه الناس وليس بعالم. ومن ادعى الطب وليس بطبيب نحو ذلك. ففي ذلك من اكل اموال الناس ومنعهم حقوقهم. وفيه الله لهم وافساد دينهم ودنياهم. فلهذا توعده الشارع بهذا الوعيد الشديد الثالثة قال ومن دعا رجلا بالكفر. او قال يا عدو الله وهي وليس كذلك الا حار. اي رجع عليه. اي من شتم انسانا وليس كما قال ومثله لو قال يا يهودي او يا نصراني وليس كذلك